لواط.. وإحباط !
أن أشكو من المثلية (اللواط)، وأحاول بقدر الإمكان الابتعاد عن هذا الفعل لكني لا أستطيع، وتأنيب الضمير من هذا الفعل أصبح يؤثر فيّ بشكل سلبي، وعلى حياتي العلمية والاجتماعية، وأصبح لدي اكتئاب فظيع أثر سلباً في دراستي.
أرجو المساعدة والدعاء بظهر الغيب.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
ابني العزيز: من دلائل قوتك أنك استطعت أن تكتب لنا وتبحث عن الحل، وهذا -بلا شك- مؤشر جيد على حرصك على نفسك، وحبك للخير، ورغبتك في التخلص من هذه العادة القبيحة، بل هذا الجريمة المنكرة.
واضح من كلامك أنك لا تجهل الحكم الشرعي لهذه الفعلة النكراء، وكم أني أظن أنه لا تخفى عليك آثارها الصحية السيئة، عليك وعلى من معك، بالإضافة إلى آثارها النفسية والتي تستمر إلى ما شاء الله مع آثارها الاجتماعية، وأظن أنك تعلم أن الله أرسل نبياً كريماً هو لوط –عليه السلام- إلى قومه، وكانت جريمتهم الكبرى بعد الشرك هي هذه الفعلة النكراء، ولما لم يستجيبوا لأمر رسولهم عذبهم الله بما لم يعذب به أقواماً آخرين، كما قال تعالى “فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ” [الحجر:73-75] ذكر البغوي في تفسيره ما نصه” وذلك أن جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت قرى قوم لوط (المؤتفكات) وهي خمس مدائن، وفيها أربعمائة ألف. وقيل: أربعة آلاف ألف، فرفع المدائن كلها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة، ونباح الكلاب، فلم يكفأ لهم إناء ولم ينتبه نائم، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها.
ويقول ابن سعدي في تفسيره “وأمطرنا عليها حجارة من سجيل أي: من حجارة النار الشديدة الحرارة “منضود” أي متتابعة، تتبع من شذ عن القرية. “مسومة عند ربك” أي: معلمة، عليها علامة العذاب والغضب، “وما هي من الظالمين “الذين يشابهون لفعل قوم لوط “ببعيد”، فليحذر العباد أن يفعلوا كفعلهم لئلا يصيبهم ما أصابهم.
ابني العزيز : أخطر ما ذكرته في رسالتك هو “لا أستطيع” فهذه بداية النهاية، وهي أكثر ما يسعى إليه عدوك الأول (الشيطان) وهو الاستسلام، فالأولى أن تقول إني سأستطيع بعد الاستعانة بالله، ثم بالأخذ بالأسباب وما ذلك على الله بعزيز، وإليك خطوات مقترحة:
* ابحث عن كل ما يحرك فيك هذا الموضوع (المثلية) أو يساعدك عليه من قريب أو بعيد، وتخلص منه أو ابتعد عنه بقدر ما تستطيع، فإن كانت صداقات فابتعد عنهم واستبدلهم بأفضل منهم، وإن كانت مواقع فلا تقرب الحاسب لفترة حتى تتعود على عدم الدخول في هذا الموضوع، وإن كانت أشرطة فتخلص منها مباشرة، قد يكون قراراً صعباً في البداية ولكنه أسهل مما ستدفعه ثمنأ لاستمرارك على حالك، ودائما البداية صعبة وكما يقولون: من كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة -بإذن الله-. إني على يقين أنك تستطيع لأنك صاحب إرادة كما أن لديك ضميراً حيًّا يعينك بعد الله فابدأ الآن ولا تتردد.
* حاور نفسك داخلياً عن خطورة هذا الموضوع، ولو قارنت بين وقوعك في هذه الرذيلة وبين نجاتك منها من حيث النتائج النفسية والإيمانية والاجتماعية، ثم صور نفسك على هذا الحال، وقد اطلع عليك من تحب من والديك أو أقاربك أو أخواتك أو إخوانك كيف ستكون صورتك، وفي المقابل هل ترضى هذا الفعل لإخوانك أو لوالدك أو لعمك أو… إذن فكيف ترضاه لنفسك؟!
* أنت شاب –أسأل الله أن يطيل عمرك على طاعته– والحياة أمامك فرص فهلا أشغلت نفسك بما يعود عليك بالنفع والفائدة ويوافق رغباتك وهواياتك، وبمعنى آخر حاول إشغال نفسك بما تحب دون أن تكون فيه معصية، فالعمل والرياضة والقراءة وغيرها كثير، فأكبر مدخل للشيطان على الشباب هو الفراغ، فلا تعطِ فرصة للشيطان أن يدخل لك من هذا الباب.
* حبذا أن تضع لنفسك برنامجاً إيمانيًّا تزيد فيه من علاقتك مع الله، وتتقرب إليه أكثر فهو المعين سبحانه، واسمح لي أن أقترح عليك برنامجاً بسيطاً:
1- المحافظة على الصلوات الخمس في المسجد.
2- المحافظة على السنن الرواتب (2 قبل الفجر + 4 قبل الظهر + 2 بعد الظهر + 2 بعد المغرب + 2 بعد العشاء).
3- الجلوس لذكر الله وقراءة القرآن بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ثم ارتفاعها (15 بعد طلوعها) ثم صلاة ركعتين، اعمل هذا لو مرة في الشهر.
4- تصدق ولو بريال.
5- المداومة على أذكار الصباح والمساء.
6- قراءة صفحة من المصحف يومياً.
7-الاستماع إلى بعض الأشرطة المفيدة.
ويمكن الزيادة والتغيير بين فترة وأخرى، والمهم هو زيادة صلتك بالله.
*لم تتطرق في راسلتك إلى مستواك الدراسي، وأظنك من المتفوقين –والله أعلم-، وعليه فإني أقترح عليك أن تضع هدفاً دراسياً وهو أن تكون الأول على دفعتك من خلال برنامج تضعه لنفسك.
* استشر من تثق به من الأقارب أو الأساتذة، واجعله معيناً لك –بعد الله– وملاحظاً لك –بعد رقابة الله.
*أكثر من الدعاء لله بأن يرزقك التوبة النصوح، ويبدل سيئاتك حسنات، وتخير الأوقات الفاضلة وأوقات تحري الإجابة، مثل ما بين الأذان والإقامة والثلث الأخير من الليل، وأوضاع الإجابة مثل السجود، حيث قال الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم-: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد” وآداب الدعاء، مثل الوضوء واستقبال القبلة ورفع اليدين وغيرها.
وقبل الختام أذكرك بقاعدة ربانية مهمة جداً وهي قوله تعالى “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا” فما عليك إلا المجاهدة بإخلاص وعلى الله الهداية إلى سبيله.
وفي الختام: ابني العزيز إني على ثقة كبيرة من قدرتك على تجاوز هذه المشكلة، والخروج منها بل استبدالها بخير منها.
أسأل الله لك التوبة النصوح، والهداية إلى الرشاد والثبات على الصراط، والنجاة يوم الحساب، ولا تنسنا من دعائك.
المصدر: موقع الاستشارات