هل أنا مثلية؟

أنا فتاة عمري عشرون سنة، ومشكلتي هي أن رؤية الشباب جميلي المظهر معا في علاقة مثلية تثيرني. أنا لي ثلاثة إخوة ذكور يكبرونني سنًا، وأنا الفتاة الوحيدة، في بداية مرحلة المراهقة كانت علاقتي مع والدي سيئة، فهو ذو شخصية غريبة يجب أن تعايشه لتفهمه، لكن أنا لم أستطع فهمه لصغر سني في ذلك الوقت. كان كثيرًا ما يسيء الظن بي، ويفهمني بشكل غير صحيح، فيغضب ويصرخ عليّ ويشتمني. كانت ردة فعلي البكاء وكرهه بشدة، فقد كان المشكلة المحورية في حياتي. الحمد لله الآن أفهم والدي بشكل أفضل، ولم تعد تلك المواقف تحدث إلا نادرًا، ولم أعد أكرهه بل أدعو له لكن ما زلت لا أحبه. فهو غير متدين ولا يؤدي دور الأب الناصح المرشد القائد للأسرة، حتى إنني لطالما أحسست بأن ليس لي أب. بالنسبة لأمي فهي قمة في الحنان والرعاية، إلا أنها لطالما قللت من احترام والدي أمامنا؛ لأنه لا يعمل منذ حوالي عشر سنوات، وهي القائمة بشؤون المنزل.. عند بداية بلوغي أحسست بمشاعر باتجاه الشباب، لكن في المرحلة الإعدادية والثانوية كنت أعجب ببعض الفتيات، لكن كل مشاعري لم تكن جنسية على الإطلاق، كنا نتحدث ونتبادل الكتابات لكن لم يحدث أن كان المحتوى جنسيًا، ولم يحدث تلامس جنسي، وحتى تخيلاتي لم تكن جنسية. بالنسبة لمشكلتي فهي لم تبدأ في إطار جنسي إنما كانت تتمحور حول علاقات الأبوة والأخوة والصداقة بين الشباب. فأنا كنت ومازلت أحب مشاهدة الأفلام أو قراءة الروايات التي تتحدث عن هذه العلاقات، لكن إذا كانت بين النساء فلا تهمني. بدأ الأمر يتطور إلى مشاعر الحب بين الشباب، فبدأت بمشاهدة الفيديوهات والمسلسلات التي فيها مثليون من الشباب، فهناك مسلسلات غربية عائلية بها شخصيات مثلية. ما يجذبني في هذه الأمور هو تعبير الشباب عن مشاعرهم لبعض بالكلام والنظرات والقبل والتلامس، لكن لم أشاهد أفلامًا إباحية عن مثليين، فعلى الرغم من رغبتي الشديدة في مشاهدة مقدمات الجماع بينهم إلا إني أنفر من مشاهدة الجماع كاملاً. لم أشاهد مثل هذه الأمور عن مثليات من النساء وليس لي رغبة في ذلك. الحمد لله تبت عن هذه المشاهدات الحرام. أنا لي مخيلة واسعة، وتلك الشخصيات المثلية في المسلسلات التي كنت أشاهدها أثرت مخيلتي، لكني أيضًا أنفر من تخيل الجماع، فقط أحب تخيل التعبير عن المشاعر والمقدمات. كثرة خيالي تجعلني أحيانًا أحلم بأني أحد تلك الشخصيات الخيالية، أي أنني رجل، في الحلم يكون شعورًا رائعًا، لكن بعد أن أستيقظ أستغرب ما حدث. أنا أتخيل نفسي مع زوج المستقبل، ليس هناك أحد بعينه لذا ليس هناك ملامح للشخصية الخيالية إلا أنه رجل طبيعي، أي أنه ليس مثليا ولا يتصرف مثلهم، وأنا أكون في دور الزوجة، أي أن خيالي هذا طبيعي مثل أي فتاه في عمري، قرأت كتب عن المثليين من الشباب، وعن المتحولين من شباب إلى نساء، لكن كثيرًا ما أضعف وأقرأ مدونات المثليين التي يكتبون بها عن قصصهم الغرامية. أحيانًا تدخل فكرة في عقلي بأني لابد من أن أكون مثلية لكي أحب المثليين من الشباب، لكن أحس بأن هذه الفكرة ليست طبيعتي بل إنها من الشيطان لكي يجعلني أشاهد عن النساء ما كنت أشاهده عن الرجال بحجة التأكد من هويتي الجنسية. أفيدوني وفقكم الله، ماذا بي؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يبدو لي بعد قراءتي لرسالتك أنك فصلت المشكلة بشكل واضح، لدرجة أنك لو قرأتها لوحدك لعرفت أسباب هذا النوع من الشذوذ الذي تشعرين به، والذي يكمن في تربيتك وسط ثلاث شباب من دون وجود عنصر أنثوي. حتى أمك التي وصفتها بأنها كثيرة الحنان، فإنها تتمتع -بسبب الظروف التي مرت بها- ببعض الصفات الذكورية. أما والدك فبطالته وعدم قيامه بأي عمل، إضافة إلى قسوته عليك في البداية.. كل هذه الأمور مجتمعة جعلتك ترسمين في ذهنك صورة خاصة عن الرجل القوي، ودفعتك إلى البحث عن هذا الرجل الصورة بين الشاذين جنسياً.

إن من إيجابيات مشكلتك أنها تبقى في إطار التخيل، وإنها لم تنتقل إلى الفعل، بمعنى أنك تنظرين إلى مقدمات العلاقة الشاذة دون أن تكملي النظر إلى العلاقة بالكامل. وهذا الأمر، وإن كان مقززا بعض الشيء إلا أنه دليل على وجود الفطرة السليمة لديك، التي تجعلك تنفرين من الفعل نفسه. وهذا لا يعني بأنك لست مخطئة بما تفعلينه، وإن كنت إلى الآن لم تقعي في الفاحشة، إلا أن استمرارك في رؤية الأفلام وقراءة المدونات تقوي من احتمال تحولك إلى الشذوذ من غير إرادة وشعور منك.. لذلك أنصحك يا صديقتي بما يلي:

1- الامتناع عن هذا الفعل فورا، ومما يعينك على هذا الأمر التفكر بهذه المعصية وما يمكن أن تجره عليك. وتذكري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “العين تزني والقلب يزني، فزنا العين النظر وزنا القلب التمني، والفرج يصدق ما هنالك أو يكذبه”، وتذكري أيضا أن الله يراك ويرى ما تفعلينه، وهو “يمهل ولا يهمل”. فهل تأمنين على نفسك إن لم تتوبي من فعلتك وتعزمي عزما قويا على عدم العودة إليها، بأن تنجي من عقابه سبحانه وتعالى في الدنيا قبل الآخرة.

2- ملء الوقت بالمفيد والنافع من الأعمال، ويمكنك أن تستفيدي من حبك للعلم لكي تقرئي وتتعلمي عن أضرار الشذوذ وعن الوسائل الكفيلة بالتخلص منه.

3- تغيير عاداتك التي اعتدت عليها، ومن بينها الدخول على المواقع الإباحية، والنظر إلى الأفلام الجنسية، والتخيل الجنسي الذي يمكن أن تنتهي منه بوسائل عديدة، منها إلزام نفسك بالعودة إلى الواقع مباشرة بعد دخولك في القصة التي تتخيلينها.

4- توثيق الصلة بإخوتك ووالدك والتقرب منهم أكثر، ومحاولة الدخول إلى عالمهم لتتعرفي عليه من كل جوانبه من جهة، ولكي تأخذي من قربهم الحب والحنان الذي تفتقدينه من جهة أخرى.

أخيرا عزيزتي، إذا شعرت بالعجز عن التخلص من هذه الآفة لوحدك، لا بد عندها من الاستعانة بأخصائية نفسية تساعدك على تفهم مشكلتك، وتحدد لك الخطوات التي يجب أن تتبعيها للخلاص مما أنت فيه… وفقك الله.
المصدر: موقع استشارات