أخي والانحراف للشذوذ!

قبل مدة اكتشفت أن أخي الذي يدرس بالسنة الأولى بالجامعة له علاقة مع شباب، لا أدري إذا كانت لواطاً أم لا؟ وقد عرفت ذلك عندما قرأت سجل محادثاته في الماسنجر مع أحد أصحابه، حاولت نصحه لكن لا أعرف كيف؟! أرسلت له عقوبة اللواط وعقوبة العادة السرية على بريده الإلكتروني لكن لا أدري هل استفاد أم لا؟ وغالباً أرى في الكمبيوتر الذي يستخدمه مقاطع إباحية، وأقوم بمسحها.. أرشدونا ماذا نفعل؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

أختي الفاضلة..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الإسلام اليوم، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجزيك عن أخيك خيرًا، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم.

كما نسأله تعالى أن يُصلح أخاك، وأن يمنّ عليه بالتوبة والمغفرة، وأن يحبب إليه الإيمان وأن يزينه في قلبه، وأن يكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلنا وإياه وإياك وسائر المسلمين من عباده الراشدين.

وبخصوص ما ورد برسالتك –أختي الكريمة الفاضلة– فإنه مما لا يخفى عليك فعلاً أن قضية فساد أحد أعضاء الأسرة تنعكس على الأسرة كلها، وتُشعر الأسرة بنوع من التحدي، لأن الفساد والمعاصي والبعد عن الله تعالى عامل من عوامل الدمار، وعامل من عوامل نسف الاستقرار.

فإن الله تبارك وتعالى جل جلاله ما عاقب أمَّة، ولا عاقب جماعة، ولا عاقب فردًا إلا بسبب المعاصي، ولذلك عاقب قوم نوح عليه السلام جميعًا بأن أغرقهم لإجابة دعوة نوح عليه السلام، وأيضًا قوم هود (وإلى عاد أخاهم هودًا)، عاقبهم الله جميعًا، وكذلك قوم صالح (وإلى ثمود أخاهم صالحًا) عاقبهم جميعًا، وكذلك قوم لوط أيضًا، وكذلك عاقب الله تبارك وتعالى فرعون، وعاقب الله تبارك وتعالى هامان، وعاقب الله تبارك وتعالى قارون.

فإذا كان الذنب عامًا عاقب الله الناس جميعًا إذا استمرؤوا الذنب وأصروا عليه جميعًا، وإذا كان الذنب خاصًا عاقب صاحبه، ولذلك فعلاً وجود فرد من أفراد الأسرة به خلل سلوكي أو سوء علاقة مع الله تبارك وتعالى يُعرض السفينة كلها للغرق، فمن حقك -بارك الله فيك- أن تتأثري فعلاً وأن تتأملي لهذا الانحراف، ولكن بارك الله فيك: ما الحل؟

هذا الرجل الآن في ريعان الشباب تسعة عشر عامًا بمعنى أنه رجل منذ سنوات، ومع الأسف الشديد أنه أصبح في قوة.. لا أعتقد أن هناك حلاً أمامكم أكثر من الدعاء والصبر، لماذا؟ لأنه شاب كما ذكرت في ريعان الشباب، ومن الممكن أن يستعمل أسلوب القوة أو العنف مع أي واحد من أطراف الأسرة، فتتحول الأسرة كلها إلى جحيم لا يُطاق، وإلى كراهية لا تُحتمل نتيجة هذه الإهانة التي في الغالب هي غير متوقعة.

ولذلك أنا أقول بارك الله فيك: ليس حقيقة أمامكم من حل إلا مواصلة النصح والدعاء له خاصة من الوالدين. فهي مرحلة انحراف على اعتبار أنها مرحلة انتقالية ما بين مراحل سنية معينة، وبإذن الله تعالى ببركة الدعاء وببركة الدعوة وببركة القرآن الموجود في البيت سوف يرده الله تبارك وتعالى مردًّا جميلاً، ويعيد إليه صوابه ورشده وعقله، وستتحسن أحواله بإذن الله تعالى، ولكن متى؟ هذا وفق تقدير الله تعالى.

ولكن أنصحك -بارك الله فيك- بنصيحة قد تكون أحيانًا غير مقبولة ولكنها الواقع، فهو يحتاج إلى من ينتشله من هذه البيئة، لأن هذه البيئة التي يعيش فيها مهما استمع من مواعظ أو نصائح فإنها في الغالب لا تساعده على التغير، ومن هنا فإني أنصح والدك – حفظه الله – أو أحد إخوتك أن يستعينوا بإخواننا من جماعة دعوة التبليغ في عملية إصلاحه، لأنهم عبارة عن مستشفى متنقل، فمن الممكن أن يأخذوه معهم وأن يتكلموا معه وأن يعزلوه عن هذه البيئة الفاسدة، لفترة معينة من الزمن، ثم يردوه بعد ذلك إلى الواقع ليُصبح إنسانًا مختلفًا نهائيًا.

فإن كثيرًا من أهل المعاصي والفجور والكبر والجرائم العظمى لما خرجوا مع الجماعة تحسنت أحوالهم، واستقام سلوكهم وزاد إيمانهم، وعرفوا ربهم وأصبحوا من صالح المؤمنين.

فأنا أقول هذا حقيقة هو العلاج الأمثل في مثل هذه الحالة، مع الدعاء والدعوة والتذكير، فإن ضرورة تغيير البيئة مهم جدًّا، وهو عامل أساس من عوامل تغيير أنماط السلوك، لأنه كما قالوا (الصاحب ساحب)، وكما ورد في كلام النبي عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، والقرآن الكريم مليء ببيان آثار البيئة على المدعوين وأثر ذلك في قبول الدعوة.

فأنا أقول -بارك الله فيك- الآن أنتم تجدون كل الجد في مسألة إخراجه من هذه البيئة، ودفعه إلى بيئة أخرى مغايرة وأعضاؤها أهل صلاح واستقامة ودين، وإن شاء الله تعالى عما قريب سوف يستقيم وتتحسن أحواله، وتجدين فيه خيرًا كثيرًا بإذن الله تعالى.

أسأل الله أن يوفقه، وأن يأخذ بناصيته إلى الخير، وأن يعيننا وإياه وإياك وسائر المسلمين على ذكره وشكره وحسن عبادته.
المصدر: موقع استشارات