أنا رجل أم امرأة؟!

مشكلتي بدأت منذ نعومة أظافري، فمنذ أن عهدت نفسي وأنا لا أشعر بأي انتماء لبني جنسي، بل أشعر بأني رجل، وجميع ميولي ذكرية, ظن أهلي أنها مشكلة بسيطة وعندما أكبر ستزول ولكنها لم تزل بل تفاقمت، وعندما وصلت لسن البلوغ لم يأتِ الطمث مباشرة بل تأخر، ففرحت واستبشرت، ولكن عندما ذهبت للمستشفى وجدت أن كل شيء سليم، وبعدها بمدة ليست ببعيدة أتاني الطمث,تكلمت مع والدتي وإخوتي حيال ما أشعر وقالوا لي بأن السبب يعود لفترة البلوغ، وهذه أحاسيسالجواب

الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
من الأخطاء الشائعة في مجتمعاتنا تصورنا عن مراحل العلاج النفسي أنها ستسير مثل أنواع العلاج الأخرى، من حيث كونها زيارة مرة أو مرتين للطبيب، و تناول الدواء بانتظام و ينتهي الأمر بسلام ، في حين أن العلاج النفسي قد يستغرق أسابيع و شهوراً طويلة، و يلزمه التحلي بالصبر إلى أقصى درجة ممكنة من المريض قبل الطبيب، و الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم .
حياكِ الله أختي الكريمة
و أحمد الله الذي هداكِ للعمل بقوله تعالى: ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”[النحل:43] ، فكانت المبادرة منكِ بالتحليل و الفحوصات للتأكد من خلوك من أي أمراض أو تشوهات في جهازك التناسلي ، ثم ذهابك و في سن مبكرة إلى الطبيب النفسي مما يدل على ارتفاع الوعي لديكِ و لدى أسرتك، حيث لم تجد حرجاً في ذلك مما يبشر ببيئة تستوعب حالتك و تعينك إن شاء الله على استئناف العلاج مرة أخرى . أقول استئناف العلاج، نعم ، فلقد استوقفني طويلاً قولك ” عندما بلغت ستة عشر عاما قررت أن أقصد طبيبا نفسيًّا علِّي أجد لديه الحل، واستمريت مع الفريق الطبي لفترة وجيزة، وعندما أيقنت بأنني لن أطال شيئا انسحبت”.
ستة عشر سنة و تقرري إيقاف العلاج لوصولك إلى مرحلة اليقين أنكِ لن تحصلي و لن تحققي أي تقدم في حالتك ، و بعد مرور ست سنوات ، فإذا بمحاولة أخرى ، و أتساءل: هل كانت تلك المحاولة هي الأخرى لفترة وجيزة أيضاً ؟
محاولتك للانتحار- و احمدي الله كثيراً الذي نجاكِ منها، و إلا فعاقبة من يعجل بنفسه إلى الله تعالى هي النار عياذا بالله تعالى- تجعلني لا أتردد كثيراً حين أقول إنكِ – و لأسباب نفسية وعميقة بالفعل- ترفضين الأنثى بداخلك، و تكرهين انتماءك لهذا الجنس لأسباب و مواقف لم تتمكني أنتِ من الوقوف عليها بمفردك سواء كونها وقعت في مرحلة الطفولة التي لا يمكنك أن تتذكري منها شيئا، أو أنكِ تعرفين هذه الأسباب جيداً، و لكنكِ ترفضين مواجهة نفسك، و تفضلين الحل الأيسر من وجهة نظرك بالهروب من هذا الواقع الذي تمكنتِ من إيجاد مبرر له معقول نسبياً في زمن شهد بعض عمليات تحول الجنس، فربما راق لكِ ذلك دون أن تقفي على طبيعة و حقيقة تلك الحالات التي تقع في نطاق النادر الذي لا حكم له.
أنتِ لستِ راضية عن كونك أنثى ، و الرضا عن الذات و تقبلها أول مراحل العلاج النفسي، فلو اجتمع عليكِ أطباء النفس من العالم كله، و أنت غير راغبة في التصالح مع ذاتك و تقبلها و الرضا بما قسمه الله تعالى لكِ ، فلن يوجد أحد على وجه الأرض يمكنه مساعدتك طالما أنكِ لم تتخذي قراراً بعد بوجوب البدء بهذا التغيير .
قوي صلتك بالله تعالى، اجلسي مع والدتك جلسة مصارحة، و أشعريها فيها بحبك، و اطلبي منها أن تحكي لكِ مراحل طفولتك، لا ترتبطي بأحد في الوقت الحالي، واصلي العلاج النفسي و اصبري عليه صبراً جميلاً، و استعيني بالله و لا تعجزي. واعلمي أن القوة الحقيقة قوة الإيمان و الإرادة، و سلامة العقل و التفكير، و هذا لا يختص به الرجل وحده، بل كم من النساء فاقت الرجال في هذا.أتمنى أن تتواصلي معنا و تتابعينا بأخبارك. وفقكِ الله تعالى لخيري الدنيا و الآخرة.
المصدر: موقع الاستشارات