شهوة الجنس
العلاقة بين الرجل والأنثى وفق منهج الله لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس السادس والعشرين من دروس العقيدة والإعجاز، وكما تعلمون محور هذه الدروس مقومات التكليف، ومن مقومات التكليف الكون، وتحدثنا عنه ملياً، والعقل وهو أداة معرفة الله، والفطرة وهي أداة معرفة الخطأ والصواب، ثم تحدثنا عن الشهوة، وأمضينا حلقات كثيرة في الحديث عن شهوة المال، وننتقل اليوم إلى الشهوة الثانية، إن صح التعبير، وهي شهوة الجنس.
1 – الإنسان كائن متحرك:
بادئ ذي بدء الإنسان كائن متحرك، لماذا هو متحرك ؟ لأن الله أودع فيه الشهوات، هذه الأدوات التي أمامي كائنات جامدة، لا تتحرك، لماذا ؟ ليس فيها دوافع، ولا حاجات، لو بقيت هذه الطاولة آلاف السنين فهي هي، أما الإنسان فهو كائن متحرك.
2 – الشهوات سبب حركة الإنسان:
ما الذي يحركه ؟ شهواته.
أول شهوة، شهوة الطعام والشراب حفاظاً على وجوده، والشهوة الثانية شهوة الجنس، المرأة حفاظاً على النوع، لولا هذه الشهوة لانقرض النوع البشري، وهذه الشهوة متغلغلة في أعماق الإنسان، هذا التغلغل يشير إليه الحديث الشريف:
(( إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كبير ))
لو أقمتم عقبات كأداء أمام زواج الشباب ماذا يحدث ؟ يحدث الفساد:
((… إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كبير ))
ثمة أشياء إذا منعتها يمتنع الإنسان عنها، لكن هناك أشياء متغلغلة في أعماق النفس، فلذلك لا بد من ترشيدها
3 – الإنسان مخيَّر:
ومرة ثانية أؤكد لكم أن الإنسان لأنه المخلوق المكرَّم، ومن خصائص هذا المخلوق أنه مخيّر، ما دام الإنسان مخيراً فكلّ شهواته حيادية، يمكن أن تكون سلماً يرقى بها إلى أعلى عليين، ويمكن أن تكون دركات يهوي بها إلى أسفل سافلين.
للتوضيح بمفارقة عجيبة: في لقاء يتم بين الذكر والأنثى، لو أن هذا اللقاء وفق منهج الله، وفق شرع الله، بخطبة، وعقد نكاح، وإيجاب وقبول، وولي وشاهدين، ومهر، ماذا ينتج عنه ؟ ينتج عنه أسرة، ولو تصورنا الأب عالما، والزوجة صالحة، تم هذا الزواج، أنجبوا أولادا.
قلت لكم مرة: حدثني أحد علماء القرآن قال لي: أنا عندي ثمانية وثلاثون حفيدًا، منهم ما يزيد على ثلاثة عشر طبيباً، كلهم حفظة لكتاب الله، تصور إنسانا تم لقاء زوجي بينه وبين زوجته فكان بعد عدد من الأعوام ثمانية وثلاثون حفيدا شبابا مؤمنين، وفتيات صالحات، وأصهارا، الأحفاد حفاظ كتاب الله، أطباء، ومهندسون، كل هذا الخير من لقاء زوجي، بالتعبير الآخر من علاقة جنسية بين الزوجين، أليس كذلك ؟
كلكم جميعاً آباء أبناء وأمهات صالحون، أنتم ثمرة هذا الزواج، أليس كذلك ؟ فهذا عالم، هذا خطيب، هذا داعية، هذا طبيب، هذا مهندس، أرأيت إلى العلاقة الجنسية، لو أنها وفق منهج الله ؟
أنا أذكر لي صديق أخبرني أنه طرق بابه الساعة الرابعة صباحاً، فتح الباب فلم يجد أحدًا، فحانت منه التفاته إلى الأسفل، فإذا بمحفظة تتحرك، فتحها فوجد طفلا وُلد لتوّه، أغلب الظن أنه ابن زنا، وحينما خرج إلى الدنيا وضع أمام هذا الباب، والرجل صالح، أخذه إلى المستشفى، وإلى حاضنة… لكن أنا وازنت بين طفل تنجبه أمه من زوج، حينما حملت الأخبار انتشرت أن ابنتنا حاملة، الحمد لله، الأخبار طارت بين الأقارب، وجاءت التهاني الهدايا، وخلال هذه الأشهر التسعة الأم تهيئ نفسها، تهيئ السرير، تهيئ حاجات الطفل، وحينما أنجبت هذا الطفل، جاءت التهاني، كأنه عرس بالتقاليد الشامية، كيف جاء هذا الطفل ؟ جاء مع احتفالات والتهاني والهدايا والفرح والولائم، والعقيقة.
قلت: سبحان الله ! طفل يأتي في الحاوية أحياناً، أو أمام باب، وطفل يأتي من أبوين، الشهوة هيَ هي، اللقاء بين الذكر والأنثى هوَ هو، فإذا كان وفق منهج الله أنجب أسرة وأولاداً، وأحفاداً وأصهاراً، صارت الأسرة، وأكثر الأجداد له من خمسة وعشرين إلى خمسة وثلاثين حفيدا، إذا كان عنده خمس بنات، كل بنت أنجبت خمسة أولاد، المجموع : خمسة وعشرون، كل هذه المجموعة الطاهرة أساسها علاقة زوجية، أساسها علاقة جنسية.
هذه الشهوة أول شيء حيادية، يمكن أن تكون سلماً ترقى به إلى أعلى عليين، ويمكن أن تكون دركات تهوي بها إلى أسفل سافلين، وفي بكل بلد دُور دعارة، وزنا، والزانية امرأة ساقطة، تخجل من نفسها، أقسم لكم بالله لو أن امرأة سقطت في الزنا إن رأت امرأة محجبة تحمل ابنها تذوب أسفاً على حالها.
أيها الإخوة الكرام، للمرأة جمال الحشمة، جمال العفة، تشعر المرأة العفيفة الشريفة الحرة أنها ملكة، والمرأة الساقطة شيء مبتذل، شيء ساقط شيء، لا أحد يأبه له.
على كلٍّ، عافنا الله وإياكم وعافى أولادنا وأحفادنا وبناتنا من كل زلل، وهو شيء صعب جداً.
أول نقطة أن الإنسان كائن متحرك، ما الذي حركه ؟ شهوة الطعام حفاظاً على وجوده، وشهوة الجنس حفاظاً على النوع، هذه الشهوة حيادية.
كنت أذكر هذا المثل كثيراً، لأنه واضح جداً، الوقود السائل في المركبة إن وضع في المستودعات المحكَمة، وسال في الأنابيب المحكَمة، وانفجر في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب ولَّدَ حركة نافعة، تقلُّك أنت وأهلك إلى مكان جميل، وإذا صبَّ هذا الوقود على المركبة، وأصابها شرارة أحرق المركبة ومَن فيها، الوقود هُوهو، قوة نافعة، قوة مهلكة مدمرة.
4 – الزنا سقوط من كل الجوانب:
ترى إنسانا يتزوج، ويحب زوجته، تنجب له أولادا يملؤون البيت سروراً، أسعد لحظات الزوج إذا جلس مع أهله وأولاده البريئين الطاهرين، لهم كلام لطيف جداً، لهم حركات لطيفة، والأم امرأة جميلة متزينة أمام زوجها
هكذا ترتيب الله عز وجل، إذا صح التعبير: التصميم إلهي الذكر والأنثى صُمِّما في الأصل ليكونا زوجين، نحن في العالم الإسلامي عندنا الفتاة إما أنها أم، أو أنها أخت، أو أنها بنت ما عندنا خليلة ما عندنا عشيقة، ما عندنا امرأة تمتهن الزنا، معها بطاقة، معها شهادة صحية، لها نقابة، والعياذ بالله، هذا الشيء ليس عندنا ليس، نحن في بلاد المسلمين لا نشرع المعصية ببطاقات ونقابات وشهادة صحية.
عندنا الفتاة إما أنها أم أو أنها أخت أو أنها بنت، عندنا زوجة، وخالة وعمة، وبنت أخت، وبنت أخ، وبنت ابن، وبنت بنت، المرأة مقدَّسة، هل تصدقون أن الرجل إذا قاتل دون عرضه فهو شهيد، الذي يدافع عن زوجته، أو عن ابنته، أو عن أخته يعدُّ عند الله شهيداً.
ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب:
على كلٍّ، أيها الإخوة، أنا أقول لكم أيها الشباب: الله عز وجل لا ينسى من فضله أحدا، لك حق عليه، وأذكِّركم حينما أرى أن معظم الذين يحضرون هذا الدرس من الشباب الأطهار بهذا الحديث الشريف:
(( ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب ))[ أخرجه أبو المظفر السمعاني عن سلمان بسند ضعيف، كما هو في الجامع الصغير]
والله كنت في عقد قران، أحد الخطباء ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب معاذاً فقال له:
(( يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ )) سنن أبي داود ]
والله الذي لا إله إلا هو لو أن شاباً شعر أن الله يحبه، وخالق السماوات والأرض يحبه، والله ما في الأرض أعلى من هذه المرتبة.
ما من شيء أحب على الله من شاب تائب، يقول: انظروا عبدي، ترك شهوته من أجلي.
لا يستويان مثلا:
لكن بمحاكمة منطقية معقول لشاب في ريعان الشباب، شهوته متأججة، يغض بصره عن محارم الله، ويرتاد بيوت الله، وبعيد عن كل المعاصي والآثام، هذا الشاب الذي عف عن الحرام، ومنع نفسه عن كل إثم، وخاف من الله عز وجل، معقول أن يعامل هذا الشاب في زواجه كما يعامل شاب منحرف له خبرات مع النساء قبل الزواج ؟ ذوّاق.
ورد في بعض الأحاديث: لعن الله الذواقين والذواقات، يعبَّر عنها الآن بتعبير آخر، عنده خبرة .
الشاب المؤمن طاهر مطهر، عفته وسام شرف له، غض بصره وسام شرف له.(( ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب ))
يقول الله عز وجل للملائكة: ” انظروا عبدي، ترك شهوته من أجلي “.
السؤال: هل تعتقد أنه يمكن أن تعامَل أيها الشاب التائب، أيها الشاب الغاض للبصر ؛ أن تعامَل عند زواجك كما يعامَل شاب متفلت ؟ يملأ عينيه من الحرام، يمشي مع رفقاء السوء، يسهر إلى ساعة متأخرة على موقع في الإنترنت، أو على فيلم إباحي، هذا الشاب الثاني أيعقل أن يعامَل كما يعامل مؤمن طاهر ؟ الدليل واحفظوا هذه الآية:
﴿ أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ﴾( سورة الجاثية الآية: 21 )في الآخرة شيء بديهي، الآية تشير إلى الحياة الدنيا:
﴿ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ﴾في الدنيا.
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) ﴾( سورة السجدة)
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) ﴾( سورة القلم )
﴿ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) ﴾ ( سورة سبأ )
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) ﴾( سورة الزلزلة )
لا يضيع عملٌ عند الله:
لي صديق زار دمشق، هو من لبنان، يبدو أنه وقع له خطأ في القيادة سبَّب ضررا لسيارة أخرى، والسيارة صاحبها يرتزق منها، سيارة عامة، والمألوف أن الإنسان إذا أصاب مركبته ضررٌ يصيح ويعلو صوته، والرجل غني يدفع له ما يريد، فإذا بهذا الأخ ينظر إلى الذي سبَّب له الحادث، هذا في أثناء أحداث لبنان، بابتسامة راضية، ويقول له: لا شيء عليك، سامحتك، كان سيدفع بضعة آلاف من الليرات لإصلاح سيارته، شيء عجيب، بلا تعقيدات، بلا تشنج، بلا رفع صوت، فهذا الصديق الذي معي لبناني، وجدت منه دمعة تسيل على خده، هذه الدمعة حيرتني، إنسان غني، لو طلب منه خمسة آلاف فهي لا شيء أمام غناه، فلماذا دمعت عينه ؟
سألته: ما الذي أبكاك ؟ قال لي: قبل سنتين كان إنسان راكب سيارة سورية في بيروت، كل نسائه محجبات، وأصابني بأذى في مركبتي، أردت ألا أفسد عليه نزهته، قلت له: سامحتُك، ما الذي دعاه للبكاء ؟ أن الله ما ضيع له هذا الموقف.
والله الذي لا إله إلا هو لو أنقذت نملة في أثناء الوضوء فهذا العمل عند الله لا يضيع، لو أطعمت هرة فهذا العمل لا يضيع.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ ))[ متفق عليه ]
امرأة بغي رأت كلباً يكاد يموت من العطش، نزلت البئر وملأت خفها ماءً، وارتقت، وسقت الكلب، فشكر الله لها فغفر لها، هي في الصحراء لا ترجو سمعة، ولا مديحاً، لكنها أرادت إنقاذ هذا الحيوان.
والله الذي لا إله إلا هو سأسمعكم هذا النص وأنا مؤمن به: ما أحسن عبدٌ من مسلم أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أم في الآخرة.
تعمل عملا طيبا، ترحم إنسانا، تكرم إنسانا، تعالج إنسانا، تطعم إنسانا، تستر إنسانا، تعين إنسانا، ويضيع هذا العمل ؟!
الكفار لا يرحمون أحدًا:
ماذا يعاني المسلمون اليوم من أعداء أشداء أقوياء ؟ في غفلة من الدهر بنوا قوتهم العملاقة، وفرضوا ثقافتهم على العالم كله:
﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ﴾( سورة الفجر )
لم يقل: طغوا في بلدهم، بل:﴿ فِي الْبِلَادِ ﴾ ﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾( سورة الفجر )
في مكان يقصفون، وفي مكان يفسدون بأفلامهم، هؤلاء مستكبرون متغطرسون، قالوا: مَن أشد منا قوة ؟
يقول بعض زعماء هذه البلاد العملاقة: سياستنا الخارجية كالداخلية، في الأساس السياسة الداخلية أوامر للوزراء أما الخارجية فمفاوضات، الخارجية أيضاً أوامر، وتعليمات، وإملاءات، وضغوط.
﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ﴾
تغطرسوا.
﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾ ( سورة فصلت الآية: 15 )
تفوقوا في العمران :
﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾ ( سورة الشعراء )
تفوقٌ عمراني، وتفوق صناعي، وتفوق عسكري، وتفوق علمي، و:
﴿ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾ ( سورة العنكبوت )
وغطرسة.
وما أهلك الله قوماً إلا ذكرهم أنه أهلك من هو أشد منهم قوة، إلا عاداً حينما أهلكها قال:
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً (15) ﴾ ( سورة فصلت الآية: 15 )
يعني ما كان فوقها إلا الله ومع ذلك:
﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ ( سورة الفجر )
الله عز وجل لا تضيع عنده مثقال ذرة:
﴿فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)﴾ ( سورة الأنبياء)
﴿ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) ﴾ ( سورة الإسراء)
خيط بين فلقتي النواة، هذا هو الفتيل:
﴿ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124) ﴾( سورة النساء)
والنواة أحد رأسيها مؤنف كالإبرة، هذا النقير، ولا تظلمون مقدار قطمير، غشاء رقيق يلف النواة، ولا حبة من خردل.
حينما يستقيم الشاب قبل الزواج أول مكافأة له زوجة تسره إن نظر إليها، وتطيعه إن أمرها، وتحفظه إن غاب عنها.
الزوجة الصالحة حسنةُ الدنيا:
مرة كنت في دعوة في استنبول، أوصلني سائق إلى المطار، هو لا يتكلم العربية، صديقه يتكلم العربية، لأنه تبرع بإيصالي، أردت أن أشكره، قلت له: أنت متزوج ؟ قال: لا، قلت له: أدعو لك بزوجة صالحة تسرك إن نظرت إليها، وتحفظك إذا غبت عنها، وتطيعك إن أمرتها، قال لي: والله أتمنى أن أوصلك إلى دمشق، من شدة فرحه بهذا الدعاء، لذلك قال تعالى:
﴿ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) ﴾( سورة البقرة )
قال علماء التفسير: المرأة الصالحة حسنة الدنيا، ستيرة عفيفة قنوعة:
(( أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً ))[ أحمد ]
أعظم النساء بركة أقلُّهن مهراً.
هناك صحابي طلبت منه زوجته حاجات لا يملك ثمنها، بالتعبير المعاصر ضغطت عليه، فقال: << اعلمي أيتها المرأة، أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداها على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلأَن أضحي بكِ من أجلهن أهون من أن أضحي بهن من أجلك >>.
الصحابية الجليلة التي كانت تودِّع زوجها، وتقول: << اتقِ الله فينا، نصبر على الجوع، ولا نصبر على الحرام >>.
في عصور التخلف الإيماني تضغط المرأة على الرجل إلى أن يأكل المال الحرام، فإذا أكل المال الحرام سقط من عين الله، ومن عين الناس، وهذا المال الذي جمعه بالحرام يتلفه الله عز وجل.
إذاً: شهوة الجنس شهوة حيادية، ويمكن أن تصل بها إلى أعلى عليين، فلو تزوجت امرأة صالحة، وأدعو لكل الشباب بزوجة صالحة، وأنجبت منها غلاماً، هذا الغلام ربيته تربية إيمانية، أحد الإخوة خطباء المساجد استيقظ مرة متأخرا، فهيأ لابنه شطيرة، قال له: كلها في الطريق، لا يوجد وقت، وقف الطفل، وقال: قال عليه الصلاة والسلام: الأكل في الطريق دناءة، أعطى درسا لأبيه، هذا هو الطفل المربى الذي ينشأ على طاعة الله، على حفظ كتاب الله، والله أحياناً يكاد يخلع قلبك محبة له إذا تكلم طفل صغير.
مرة دخل على سيدنا عمر بن عبد العزيز وفدٌ من الحجاز، تقدَّمهم غلام صغير، غضب سيدنا عمر، وقال: ” اجلس أيها الغلام، وليَقُم مَن هو أكبر منك سناً، قال له: أصلح الله الأمير، المرء بأصغريه ؛ قلبه ولسانه، فإذا وهب الله العبد لساناً ذاكراً، وقلباً حافظاً فقد استحق الكلام، ولو أن الأمر كما تقول لكان في الأمة من هو أحق منك بهذا المجلس “، إنها فصاحة ما بعدها فصاحة.
كل شهوة لها سبيل شرعيٌّ لإروائها:
أيها الأخوة، ننتقل إلى فكرة دقيقة جداً، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، فلا حرمان في الإسلام:
((… إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )) [ البخاري ]
ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل اللهُ لها قناة نظيفة تسري خلالها، فيمكن أن تتحرك فيها مئة وثمانين درجة، لكن المؤمن يوقع حركته بدافع شهوته في الحيز الذي سمح الله به، هذا يكون بالصبر، الإيمان نصفه صبر، ونصفه شكر، الصبر إيقاع الحركة بدافع الشهوة في الحيز الذي سمح الله به، ولعل بعضهم فسر قوله تعالى:
﴿ بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾( سورة هود الآية: 86 )
مسموح لك أن تتزوج، وأن ترى من النساء أمك وأختك، وابنتك وعمتك، وخالتك وبنت أخيك، وبنت أختك، هذه المحارم، لذلك الآية الكريمة:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾( سورة القصص الآية: 50 )
المعنى المعاكس أو المخالف في أصول الفقه: الذي يتبع هواه وفق هدى الله عز وجل لا شيء عليه، فمن الممكن أن تتزوج، ويصير لقاء، وأن تستيقظ لقيام الليل، وأن تبكي في الصلاة، لأنك ما فعلت شيئاً، فعلت شيئاً وفق منهج الله، وفق أمر الله ونهيه، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة ))[ ورد في الأثر ]
أقول لكم ولا أبالغ: الأصل أن تحب الله، وأن تحب رسوله من فروع محبة الله، وأن تحب صحابته الكرام جميعاً، وأن تحب المؤمنين، وأن تحب الصالحين، وأن تحب العلماء العاملين، والعلماء الربانيين، وأن تحب بيوت الله، وأن تحب كتاب الله، ومن فروع محبة الله أن تحب زوجتك، لأنها حليلتك، لأن الله أمرك أن تحبها، والنبي علمنا ذلك:
(( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة )) والحب تصنعه أنت بيدك، يدخل الرجل إلى البيت فيسلم، ويبتسم، إذا رأى إنجازًا يثني عليه، وبعضهم يجد البيت مرتبا، والطبخ جاهزا، الزوجة مرتدية أجمل ثيابها، لا تسمع الزوجةُ منه: السلام عليكم، فلذلك قل: الله يرضى عليكِ، أنا سعيد جداً بهذا الزواج، أنت أمل حياتي، كلام لطيف، كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته بساماً ضحاكاً، كان يقول:
(( فإنهن المؤنسات الغاليات ))[ الحاكم والطبراني عن عقبة بن عامر بسند ضعيف ]
أكثر المشكلات التي أطلع عليها من خلال الهاتف أن الزوج لا يتكلم كلمة في البيت، ومرة أحصيت على خطيب قال لي: المكالمة مع خطيبتي استمرت ثلاث عشر ساعة، بعدها بسنتين لا يتكلم كلمة في البيت، ثلاثة عشر ساعة بعد سنتين تجر منه الكلام جرًّا، الحب يستمر ويتنامى بالبسمة، بالكلمة الطيبة، بالشكر، بالاعتذار أحياناً، والبطولة أن تنجح مع ربك، ومع أهلك، ومع أولادك، وفي عملك، ومع صحتك، احفظ هذه الرباعية، أن تنجح مع الله، ومع أهلك، وأولادك، ومع عملك، ومع صحتك، وليس هناك نجاح جزئي، النجاح شمولي.
ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، هذا من فضل الله علينا جميعاً فلا حرمان في الإسلام، ولا قيود، ولا حواجز بين الزوجين، فإذا كان الزوج معلوماته ضعيفة منع زوجته من أشياء هي مباحة لها، مباح لها أن تتزين له كما يبدو لها، لأنها حلال له، بلا في قيد ولا في شرط، إلا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(( اتقوا الحيضة والدبر )) [ ورد في الأثر ]
والباقي لا داعي للتفاصيل المحرجة، هذان شيئان محرمان فقط، والباقي مسموح، الزواج سنة رسول الله، والزوجة الصالحة حسنة الدنيا، ومحبة الزوجة من فروع محبة الله، لأنها أم أولادك، ولأن حبك لزوجتك يرفع من قدرك عند الله.
الفكرة الدقيقة أن الشيطان له نشاطات كثيرة، من يقول لي أخطر نشاط له، وأكبر نشاط ؟ هو التفريق بين الزوجين.
﴿ مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ (102) ﴾( سورة البقرة )
لذلك عمل الشيطان أن يكرِّهك بزوجتك، بينما الإيمان يدعوك أن تحب زوجتك، أنا أرفض أشد الرفض مقولة يتداولها العامة: أن بعد فترة يألف الزوجين بعضهما، هذا كلام ليس صحيحا، إن كان كذلك فهناك خطأ استراتيجي في العلاقة بينهما، الحب الزوجي يتنامى، وفي كل سن المرأة لها جمال، وهي عروس لها جمال، وهي أم، وهي جدة، وهي أكبر امرأة في الأسرة يسمونها عميدة الأسرة، لها جمال من نوع آخر.
عقدُ الزواج أقدس العقود:
فلذلك المرأة بالزواج لها مستقبل، لكن بالزنا ما دام فيها مسحة جمال حينما يزوي جمالها تلقى في الطريق، فلا مستقبل للمرأة من دون زواج
وأنا أقول: إنسان يفكر أن يتزوج زواجا مؤقتا الإمام الأوزاعي يرى أنك إذا عقدت عقداً، وفي نيتك التطليق بعد حين لقيتَ الله وأنت زان، عقد الزواج على التأبيد، هل ترضى بنت في الأرض أن تتزوج لأمد بسيط ؟ لا تقبل، هل يقبل أب ؟ لذلك عقد الزواج على التأبيد، بل إن عقد الزواج أقدس عقد على الإطلاق، قال تعالى:
﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)﴾ (سورة النساء)
أقدس عقد على الإطلاق في الأرض عقد الزواج، لأن هذا عقد ينتج عنه أولاد وأحفاد، وتنشأ عنه ذرية، وأكثر مكافأة للزوجين:
﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) ﴾ ( سورة الطور)
فلذلك الحديث الذي تقشعر منه جلود الإنسان: أن الله عز وجل فيما يروي النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث في الجامع الصغير:
(( ومن تزوج ثقة بالله، واحتسابا كان حقا على الله تعالى أن يعينه، وأن يبارك له )) [ الجامع الصغير عن جابر بسند ضعيف ]
شاب يطلب العفاف الأمر ميسر من قِبل الله عز وجل، لا تقلق ما دمت تطلب العفاف، فالأمر ميسَّر، وهناك قصص لا تعد ولا تحصى عن شباب خطبوا، وليس في يدهم شيء، والله عز جل أكرمهم، وتفضل عليهم بزوجة صالحة، سعدوا بها وسعدت بهم.
على كلٍّ شهوة المرأة يمكن أن نرقى بها إلى أعلى عليين، ويمكن أن يكون لنا أولاد طاهرون.
(( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ )) [ مسلم عن أبي هريرة ]
حتى إن سيدنا عمر يقول فيما تروي الروايات: << أقوم إلى زوجتي، وما بي من شهوة إلا ابتغاء ولد صالح ينفع الناس من بعدي >>.
والولد استمرار لك.
الموضوع العلمي: معامل كُريًات الدم الحمراء:
أيها الإخوة، الموضوع العلمي:
1 – معامل كُريًات الدم الحمراء أخطرُ المعامل في الجسم:
في نِقْيِ العظام معامل من أخطر المعامل، إذا أكل الإنسان لحما مطبوخا بعظمه، فالعظمة لو هزها كثيراً ينزل ماسورة سمراء منها، هذه هي معامل كريات الدم الحمراء، هذه أخطر معامل في الجسم البشري.
2 – نقيُ العظام مكان معامل كُريًات الدم الحمراء:
أين وضعها الله ؟ ضمن العظام، الدماغ ضمن الجمجمة في حصن حصين، والقلب ضمن القفص الصدري، والعين ضمن المحجر، والنخاع الشوكي ضمن العمود الفقري، ومعامل الكريات الحمراء ضمن العظام.
3 – كم تنتج معامل كُريًات الدم الحمراء في الثانية ؟
هذه المعامل تنتج في الثانية الواحدة مليونين ونصف مليون كرية، ويموت في الثانية الواحد مليونان ونصف مليون كرية حمراء.
4 – أين تذهب الكريات الحمراء الميتة ؟
هناك ملمح اقتصادي: هذه الكريات الحمراء الميتة من الممكن أن تطرح خارج الجسم بسهولة
لكن ربنا عز وجل يعلمنا درساً في الاقتصاد، هذه الكريات الحمراء الميتة تذهب إلى الطحال، الطحال مقبرة الكريات الحمراء، تحلَّل إلى عواملها الأولية، فيها حديد وفيها هيموغلوبين، الحديد يفرز عن هيموغلوبين، الحديد يعاد شحنه إلى معامل كريات الدم الحمراء، ليعاد تصنيعه ثانية، و الهيموغلوبين يذهب إلى الكبد ليكون المادة الصفراء، ربما عز وجل كن فيكون، لكن علَّمنا أن نستفيد من كل شيء، فهذه الكريات الحمراء الميتة، وفي الطحال مقبرتها، الطحال يحللها إلى عواملها الأساسية، ويعيد شحن الحديد إلى معامل كريات الدم الحمراء داخل العظام، ويشحن هيموغلوبين إلى الكبد ليكون الصفراء، والصفراء مادة فعالة جداً في هضم الدهون والشحوم، إذا استأصلت الصفراء لا يستطيع الإنسان يأكل دهنا، لأن الدهن يتعطل هضمه باستئصال الصفراء.
5 –ماذا لو كفَّت هذه المصانع عن تصنيع الكريات الحمراء ؟
عندنا مرض خطير اسمه فقر دم لا مصنع، هذه المعامل حين تكفُّ عن تصنيع الكريات الحمراء حتى الآن لا يعرف السبب، هذا مرض خطير جداً، اسمه ابيضاض الدم، أو فقر الدم اللامصنع، معامل كريات الدم الحمراء تكف عن تصنيع الكريات، ما علاقة هذا الكلام بموضوع هذا اللقاء ؟
6 – نقص الدم المنتظمُ بالحجامة تنشيط لمعامل الكريات الحمراء
النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالحجامة، ويجب أن يعلم لديكم أن توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم لا علاقة لها بثقافة العصر، ولا علاقة لها باجتهاد النبي، ولا علاقة لها بمعطيات العصر، ولا علاقة لها بأي شيء
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
يجب أن تعتقد أن توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن تكون من بيئة العصر، يقول لك: بيئة بسيطة جداً، العلاج كان بالحجامة، العمل أكبر من هذا، ما دام النبي أمر بالحجامة فالحجامة ليست من معطيات العصر، ولا من خصائص البيئة، ولا من ثقافة النبي، ولا من اجتهاد النبي.
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ ( سورة النجم)
الحكمة لا أحد يعلم، ثم اكتشف أن معامل الكريات الدم الحمراء صيانتها الوحيدة في نقص الدم المنتظم، صيانتها الوحيدة في نقص الدم المنتظم، فحينما تأخذ الدم ينقص الدم في الجسم، وهذه المعامل تنشط، فتنشيط هذه المعامل بشكل مستمر يتم عن طريق نقص الدم المنتظم، هذا الذي قال هذا الكلام ليس مسلماً، ولا يعرف عن الإسلام شيئاً، بل لا يعرف عن الحجامة شيئاً، إلا أنه اكتشف أن نقص الدم المنتظم يصون المعمل الذي إذا توقف كان الموت المحقق، فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نحتجم.
7 – فصدُ الدم من الوريد ليس كالحجامة:
بعضهم يقول: لو أخذنا الدم من الوريد، يمكن، لكن يبدو أن الحجامة تأخذ الدم من سطح راكد، المفصل فيه دم، لكن مع الحركة الدورة الدموية هنا نشطة، من أين أخذت هذا ؟ الذي عنده شعر ضعيف ينصح بفرشاة لها رؤوس حادة حتى تحرك فروة الرأس، و بالتحريك تنشط الدورة الدموية
فلو فركت يديك تحمر يديك، فالدورة الدموية تنشطت بالحركة، فأي مكان فيه حركة فيه دورة دموية نشطة، أما الظهر فهو سطح ما فيه حركة، فلذلك حينما يؤخذ الدم من الظهر تتنشط الأوعية الدموية وتتجدد، لأن نقص الدم المنتظم يسهم بشكل أو بآخر في صيانة هذا الجهاز الخطير الذي يعاني منه العالم ما يعاني، والمرض الخطير اسمه ابيضاض الدم، فحينما تكف هذه المعامل عن تصنيع الكريات الحمراء لا تبقى إلا البيضاء، فيصبح الدم أبيض، وهو مرض اسمه ابيضاض الدم.
سبحان الله ! اكتشفوا الآن أن الدم الذي في حبل السرر هذا الدم في أي مكان يوضع في الجسم تتشكل منه خلايا كالخلايا المجاورة، فهناك بنوك، هذه اسمها الخلايا الجذعية، دم حبل السرر يؤخذ، ويوضع في بنك، وأي إنسان أصابه ورم خبيث لا بد من استئصال هذا النسيج، لو وضع مكان الاستئصال دم من حبل السرر تتشكل منه خلايا مماثلة للخلايا المجاورة، ولا زال الإنسان يكتشف حقائق في الجسم مذهلة
﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ( سورة الإسراء )
أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
حدثني طبيب قلب قال: حينما يسد شريان في القلب يتخلق لهذا المريض عشرة شريانات، مجموع أقطارها يساوي قطر الشريان المسدود، صيانة ذاتية، هذا من فضل الله علينا.
﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) ﴾ ( سورة الذرايات )
والحمد لله رب العالمين
المصدر: موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية