العلاج الديني للشذوذ الجنسي
بقلم د. حسين بن محمد بن عبد الله آل الشيخ
الشذوذ الجنسي مرض نفسي وابتلاء من الله له أسبابه ويمكن علاجه بإذن الله.
أولاً: يجب أن نعلم أن الشذوذ الجنسي مرض نفسي وعضوي وابتلاء من الله، لكي نسعى إلى علاجه والتوبة منه، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء”، يقول الأستاذ محمد رفعت: فقد رأينا أنه قل أن يوجد شذوذ جنسي بغير مرض عصبي نفساني، ولا يسبب النزاع بين مركب الشذوذ وغريزة الاجتماع إلا مرض إذا قدر للشاذ أن يكون في مركز يتحكم بوساطته في إشعال نار الحرب أو إطفائها وقد يتمخض (ذلك) عن جنون اه. وقالوا: بأن للشذوذ الجنسي أسباباً عصوية يريدون بذلك تغييرات في المواد الكيميائية التي تنتقل بين مراكز وخلايا المخ والجهاز العصبي، وقال آخرون إنه نوع من الاستعداد الخلقي والوراثي، وكل ذلك وارد.
فكونه ابتلاء: فالحياة كلها ابتلاء يقول الله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) الملك الآية 2، وقوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) الأنبياء الآية 35، فكل مرض تصاب به الإنسانية من مؤمن وغيره هو ابتلاء من الله ، والله أعلم. يقول الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام الآية 42، 43.
ثانياً: الأسباب، إن معرفة الأسباب تساعد على التعامل مع المرض ومعالجته والخلاص منه، ولعل الله يرفعه. فكثيراً ما ينتج الابتلاء بنزغ من الشيطان والله تعالى يقول: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) الأعراف الآية 200، أو يكون بذنب أصابه (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) الشورى الآية 30، أو بسخرية من مبتلى والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ..) الحجرات الآية 11. أو مظلمة ففي الصحيح “اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب” أو زلة نفس (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) يوسف الآية 53، أو اتباع هوى والله تعالى يقول: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى) النجم الآية 23، أو انحراف بإشاعة المفاسد بين خلق الله بالدعاية لها ونشرها بوسائل الإعلام وغيرها سواء كانت حقيقة أم لا (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النور الآية 19، وقوله تعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) البقرة الآية 206، أو غفلة عن حق أو واجب (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) يونس الآية 7، 8.
ومن الأسباب ما أورده الذهبي في الكبائر عن علي رضي الله عنه قال: “من أمكن من نفسه طائعاً حتى يُنكح ألقى الله عليه شهوة النساء وجعله شيطاناً رجيماً” هذه المعصية. ثم الاستئناس بها.. ثم الائتلاف معها.. والحب لها.. ثم الابتلاء بها ثم المرض منها تتبعه أمراض معها. ومن هنا يظهر الربط بين المرض والابتلاء والله أعلم).
ثالثاً: العلاج وينقسم إلى قسمين وقائي لمنع المرض قبل حدوثه بإذن الله ومباشر بعد حدوثه.
فالوقائي يبدأ في سن الطفولة والمراهقة بالتربية الصحيحة وهذا الدور الكبير يقوم به الوالدان أو الولي ثم العلم أي البيت والمدرسة والمجتمع يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) التحريم الآية 6، ومما أشار إليه التربويون “أن على الوالدين أن يكونا قدوة حسنة في أخلاقهما وأن لا يداعبا بعضهما بعضاً أمام أطفالهما”
ولا شك أن العري مفسد لأخلاق المتعري ولأخلاق غيره لأنه يحرض على الفساد بتنبيه الرغبية الجنسية.
(والحرص على الزي الإسلامي في اللباس من الطفولة حتى الشيخوخة فالمجرم لا يفرق بينهما ولا يرحم).
وعدم الإفراط أو التفريط في الحنان والجفاء.
كما أن القدوة تشمل كبار الأسرة وكذا المعلمين وكل فاضل في المجتمع.
كذا وجود الولي ومراقبته وعدم غفلته، لقوله صلى الله عليه وسلم “كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت” رواه أحمد والحاكم. ولا ننسى حديث: “وفرقوا بينهم في المضاجع” (ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة) .
كذا معالجة الفراغ بحكمة، وشغله بالمفيد لكثرة اندفاع المراهقين وغيره فيه نحو الشهوة والانفلات وحب الدنيا، واللهو الباطل ولله در من قال:
شبـاب وفراغ وجـدة مفسدة للمرء أي مفسدة
وإشعار كل جنس بجنسه من ذكر وأنثى وعدم التساهل أو التشجيع على خلافه، والحالقة الحالقة المدمرة جليس السوء خاصة إذا كان جاراً أو قريباً.
العلاج الآخر: نبدأ بالدعاء قبل الابتلاء والمرض للسلامة منه والوقاية بإذن الله فإذا وقع زادت حاجتنا إلى الدعاء: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) دعاء وتضرع (ادعوا ربكم تضرعاً وخُفية إنه لا يحب المعتدين ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريبٌ من المحسنين) ولا يخيب من دعا ربه صادقاً مخلصاً حتى لو لم ير الإجابة في الدنيا فهي مدخرة له وقد تشفع له بالتخفيف أو العفو (إن رحمة الله قريبٌ من المحسنين)
ولا لليأس والقنوط فإنهما من خُلق إبليس، والدعاء بشرى والله تعالى يقول: (قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة الله إلا الضالون).
– غض البصر (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) النور الآية 30، فعين لا ترى لا تتمنى السوء ولا تحزن على فواته، وكان يُقال: النظر بريد الزنا وفي الحديث “النظر سهمٌ مسموم من سهام إبليس فمن تركه لله أورث الله قلبه حلاوة عبادة يجدها إلى يوم القيامة”.
– الزواج المبكر في الوقت المناسب بعد البلوغ عند فوران الطاقة يصرف الله به كثيراً من المشاكل ويلزم الشباب بمعرفة السلوك السليم، ولو نظم الإنجاب إلى وقته، وعلى الأسرتين تسهيل ذلك والتعاون عليه، فإن تم الوفاق فهو المطلوب والحمد لله، وإلا سلمنا من المعصية والشذوذ (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) النور الآية 32.
– ولعل من قال بأن للشذوذ الجنسي أسباباً عضوية يريدون بذلك تغييرات في المواد الكيميائية التي تنتقل بين مراكز وخلايا المخ والجهاز العصبي يشيرون إلى إعادة الرجولة للرجال المتأنثين بحقن هرمون الخصية والنساء المسترجلات بحقن هرمون المبيض والغدة النخامية الأمامية (أنتوترين أس) ونحو ذلك مما يختص به الأطباء الاستشاريون، ولعلهم يفيدوننا.
– وأما من قال إن الشذوذ نوعٌ من الاستعداد الخلقي والوراثي، فقد أقر كثير من الأطباء مدى تأثر المواليد بحالة آبائهم أو أماتهم من إدمان أو تخلف أو غير ذلك. وطالما أن الشذوذ يغلب عليه بأنه مكتسب فيتق الله الوالدان في نسلهم كي لا يكون الشذوذ في جيناتهم وينقلوها إلى نسلهم ولينقلوا لهم خيراً. والله أعلم.
المصدر: موقع مشتاق لعلاج المثلية