هل ابني يعاني من الشذوذ ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي ثلاثة أبناء، بنتان أعمارهما ( 11 ، 4 سنوات) وولد عمره 13 سنة بالصف الثاني المتوسط، منذ صغره كان لا يحب اللعب بألعاب الأولاد (كورة، سيارة) ويرفضها، ويحب اللعب بألعاب البنات، وخاصة العرائس، ويحب الشعر الطويل، إلى أن بلغ تقريباً 3 سنوات ونصف، تم سحب العرائس منه، وحاولت توجيهه لألعاب الأولاد، وهو غير اجتماعي، وليس لديه أصدقاء في المدرسة سوى صديق في الابتدائي، والآن منذ أشهر أصبح لديه صديقان في الصف الأول المتوسط، ويهتم بأناقته وشكله، ويستحي من لبس الشورت بدون تي شيرت مثلاً، أو بالأصح يستحي من إظهار جسمه من الأعلى، ويهتم بتصميم أزياء النساء ومشاهدة برامجها، والتحدث بصوت منخفض مع الناس خارج البيت مثل (البائع أو غيره) كما يهتم كثيراً بنظافة المكان الذي يجلس فيه، ويتوتر من الفوضى؛ مما يضايق أخواته أثناء لعبهم في الصالة مثلاً، وحاولت أنا ووالده أن نجعله يتعامل كأقرانه ويهتم باهتمامات الأولاد، وندعم ثقته في نفسه بأن قمنا بتسجيله في نادي تايكوندو ولديه جهاز (We) الذي يساعد على اللعب واستغلال الطاقة الجسدية، لكن دون جدوى.

ومؤخراً اكتشفنا أنه يشاهد عبر “قوقل” مشاهد إباحية لرجال عراة وليس نساء، هل ابني يعاني من مسألة ما أو شذوذ؟ وكيف أستطيع دعم ثقته في نفسه أكثر، ومساعدته على تغيير أساليبه في الحياة، وتوجيهه التوجيه السليم لاهتمامات الذكور؟
المستشار: أ. فدوى الشمايله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:

أختي الكريمة: حياك الله، وأصلح بالك، وجعل لك من همك فرجاً.

ابنك الآن في عمر من المفروض أنه قد تحددت فيه هويته الجنسية منذ زمن، فالطفل يبدأ باكتشاف هويته الجنسية منذ سن مبكرة، وما ذكرت من سلوكيات لابنك -وللأسف- قد تشير إلى أن لديه ما يعرف بـ”اضطراب الهوية الجنسية
“Gender Identity Disorder- GID”، حيث أن المصاب بهذا الإضطراب لا يشعر بالارتياح لطبيعة جنسه وشكل جسده، ونفسياً يشعر برغبة في تقليد الجنس الآخر شكلاً وسلوكاً، وبأنه ينتمي للجنس الآخر ولو كان جسده ينتمي لجنسه.

وقد تعددت النظريات والآراء حول أسباب هذا الاضطراب، وكثرت النظريات التي تقول بأن سببه عضوي ويعود إلى اختلال في نسبة الهرمونات الذكرية والأنثوية في جسد المصاب به، وهي هرموني التيستوستيرون والأستروجين، والأول ذكوري والثاني أنثوي، وأن هذا الخلل هو المسبب الرئيسي لهذا الشعور، وهنالك نظريات أخرى تقول أن أسبابه مرضية عضوية، حيث أن هنالك في الدماغ ما يعرف بالخطوط الجنسية، وهي التي يتعرف من خلالها الشخص على هويته الجنسية، فعندما يكون هناك اختلال فيها؛ فهذا يؤدي هذا إلى اضطراب الهوية الجنسية.

إلا أن هنالك دراسات حديثة تتبنى ما يسمى بنظريات التعلم، والتي تنفي أن يكون اختلال نسبة الهرمونات الذكورية والأنثوية هي السبب في هذا الاضطراب، وتعزي الأسباب إلى طريقة التربية والتنشئة في الصغر، وخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، وسلوكيات الأهل الخاطئة، ومن هذه الأمور أن ينشأ الطفل في عزلة عن الاختلاط بالأقران من نفس جنسه في مثل سنه، ولا تتاح له فرص الاختلاط بنفس الجنس، بل على العكس قد تتاح له فرص الاختلاط واللعب مع الأطفال من الجنس الآخر، مما يؤدي إلى أن يظهر نقص في تبني الطفل للصفات والسلوكيات المتوائمة مع جنسه، كما تعزى أيضاً إلى سلوكيات الأهل الخاطئة في التربية، حيث إنهم قد يشجعوا ميل الطفل إلى تقليد الجنس الآخر دون قصد؛ فمثلاً عندما يرتدي حذاءً نسائياً ذا كعب عال، أو يلبس تنورة أو وشاحاً، أو يضع المناكير والماكياج مثلاً، تجدهم يضحكون له ويبهجهم الأمر، مما يشجع عنده هذه السلوكيات، وهذه النظرية تشير إلى أنه عندما لا يكون الأهل واضحين وثابتين في تشجيع الطفل على التمثل بصفات جنسه، أو كان هنالك تناقض في أسلوبهم؛ فهذا يشجع ظهور الميول إلى التمثل بصفات الجنس الآخر، وقد ذكرت بأن طفلك منذ صغره كان يحب اللعب بألعاب الفتيات ويحب الشعر الطويل، ولكن يبدو أنكم لم تفعلوا ما ينبغي لمنع استمراره بهذه الميول، ولم تكونوا واضحين بالنسبة لرفضكم لهذا الأمر، وكنتم متناقضين، ولم يتم سحب لعب البنات منه مثلاً أو قص شعره، أو إيجاد فرص له للاختلاط بالأطفال الذكور.

وأنت لم تذكري شيئاً عن اجتماعياته في مرحلة الطفولة المبكرة، فهل كانت تتاح له فرص الاختلاط بالأطفال من نفس جنسه واللعب معهم، أم كان يلعب مع الفتيات؟ فهذا لا شك له تأثيره على تكوين ميوله، كما أنه ليس لديه إخوة أشقاء، وله شقيقتان إحداهما تصغره بسنتين فقط، وتربيته أيضاً وسط أخواته البنات، ولعبه واختلاطه الدائم بهن ربما نمى لديه هذه الميول.

كما وجد أن طبيعة علاقة الأم بطفلها تؤثر أيضاً في ظهور هذا الاضطراب، فإن كان الطفل متعلقاً بوالدته أكثر، وليس لأبيه دور فاعل في حياته، فهي التي تشاركه كل أموره، فهذا قد يجعله يميل لصفاتها الأنثوية، كما أن الحياة الزوجية غير المستقرة، والتي فيها خلافات ومفاضلات بين أسلوب الأب وأسلوب الأم، وخاصة إن كان الأب متسلطاً في شخصيته وكان الطفل يشعر بظلم أبيه لأمهن؛ فهذا يجعله يتقرب من أمه أكثر، ويميل إلى صفاتها الأنثوية أكثر.

وابنك الآن في الثالثة عشرة من عمره، وهو في فترة المراهقة، وقد تعدى مرحلة الطفولة، فالآن سلوكياته ستصبح أوضح؛ لأنه في هذه الفترة ستظهر الميول الجنسية لديه، وسيكون التأثير النفسي عليه أشد؛ لما يجده في نفسه من اضطراب في هويته الجنسية، وبسبب الضغط الاجتماعي والمجتمع الذي يرفض هذه الأمور، فيتحول اختلافه وميوله غير السوي إلى ضغط نفسي عليه. وابنك ينظر إلى أجساد رجال عراة، فهذا يشير إلى انجذابه نحو نفس الجنس، مما يعني أنه ينبغي أن تبدؤوا جدياً بالتدخل في إعادة التأهيل النفسي والجنسي له، وذلك بالتعاون مع طبيب نفسي يشرف على إعادة التأهيل، حيث يكون هنالك جلسات سلوكية معرفية تساعده في إعادة بناء نظرته إلى نفسه وجنسه، وإعادة ثقته بنفسه وبالجنس الذي ينتمي إليه، وهذا أمر ضروري.

كما ينبغي أن تكونوا أكثر حزماً الآن في التعامل مع ميوله الأنثوية، وتبينوا له بأنه رجل، وأنه ينبغي أن يتصرف بما يتواءم مع ذلك مثلما يتصرف أقرانه الذكور، وتمنعوه فعلياً من السلوكيات التي تعبر عن ميوله الأنثوية كاللباس الأنثوي والاختلاط بالفتيات، والحرص الشديد على النظافة والترتيب.

وينبغي أن يكون لأبيه الآن الدور الأكبر في توجيه سلوكياته، فينبغي أن يتفرغ له ويصحبه معه في خروجه وزياراته؛ ليختلط بالرجال ويتعلم سلوكياتهم، وأن يصحبه مع إلى المسجد للصلوات، ويجعله رفيقاً له، ويتقرب منه ليفهم تفكيره فيوجهه وينصحه.

وينبغي أيضاً أن تحرصوا على تقوية الوازع الديني عنده، وتشجعوه على الصلوات والعبادات، وأن تعلموه الحلال والحرام، وتفقهوه في أمور دينه، وتبينوا له حرمة التشبه بالنساء وتقليدهم، ورأي الدين في هذا الأمر.

كما عليكم أن تحرصوا على اختلاطه بأقرانه من نفس الجنس، وتشجعوا صداقاته الذكورية، وتهيئوا لها الجو للاستمرار، وقربوا إليه أقرانه من الأقارب والمعارف، وأتيحوا له الفرص للاختلاط بهم.

كما أنك قد أحسنت بتسجيله بالتكواندو، وهنالك الألعاب الذكورية الجماعية الأخرى أيضاً ككرة القدم مثلًا، فشجعوه على الرياضات الخشنة، وأنيطوا إليه بالمسؤوليات والمهام الذكورية.

واستخدموا معه الحوافز والتشجيع كثيراً، وكونوا واضحين وحازمين في رفضكم لتصرفاته الأنثوية وعدم التسامح فيها.

ولكن ينبغي أيضاً التأكد من ذكورية ابنك، ومن اكتمال العضو الذكري عنده باصطحابه إلى الطبيب ليفحصه ويتأكد من هذا الأمر، فأحياناً يكون اضطراب الهوية الجنسية مرتبطاً أيضاً بوجود مشكلة فعلية في الهوية الجنسية، كأن يكون الشخص خنثى، وفي هذه الحالة تلزم عملية جراحية لتصحيح الوضع، لذا يجب التأكد من هذا الأمر أولاً، وأنا لا أقول هذا لأقلقك، بل فقط للتأكد من جميع الاحتماليات، واتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب.

أختي الكريمة، إن دور المعالج النفسي الآن قد بات ضرورياً قبل أن يتطور الأمر -لا قدر الله-، ويؤثر على نفسيته ونظرته إلى نفسه، أو أن يسعى ابنك إلى تغيير جنسه تماماً بالهرمونات والعمليات الجراحية، كما فعل الكثير ممن أصيبوا باضطراب الهوية الجنسية، خاصة في البلاد الأوروبية، لينتج ما يعرف بـ(Transsexual). وحتى الذين يقومون بمثل هذه العمليات ويغيرون جنسهم عضوياً، قام كثير منهم بالانتحار للمضاعفات النفسية اللاحقة.

فلا تهملوا في هذا الأمر، وليكن تصرفكم وتدخلكم جدياً، وتتعاونوا جميعاً مع المعالج النفسي على تصحيح هذا الأمر، وإعادة التأهيل النفسي والجنسي لابنك.

سلمه الله تعالى وعافاه، وأصلح قلبه وفكره، وجعله قرة عين لك دنياً وديناً.

موقع راف