هل محبة صديقي تعتبر شذوذاً؟

      أنا شابٌ، أبلغ من العمر 26 عاماً، مغترب في إيطاليا منذ تسع سنوات، في بداية غربتي عشتُ ثلاث سنوات جيدة جداً من العمل والتعب، والجد، والتقرب إلى الله، ومرت سريعاً هذه السنوات، ثم جاءت فترة ثانية مدتها حوالي سنتين ونصف، كانت صعبة جداً علي؛ حيث إني كنت لا أعمل إلا أياماً قليلة جداً، وبدأت أتعرف على أصحاب سوء، ومشيت معهم، وبدأت أدخن السجائر والحشيش، وشرب الخمور، والذهاب معهم إلى أماكن الديسكو و…إلخ، لكني لم أزن -والحمد لله-، وحافظت على نفسي، وكنت أتمنى في هذه الفترة أن أعرف صديقاً يكون على الخير والصلاح، وفي آخر هذه المدة تعبت، وحصلت لي مشكلة في منطقة الصدر، وفي خلال سنة ونصف تعالجت منها -والحمد لله-، وأنا أعرف أن هذا كان ابتلاءً؛ لأني سلكت طريقاً سيئة، وفي مدة العلاج أقلعت عن التدخين والمخدرات، وتركت الخمور.

مشكلتي التي أريد أن أتحدث عنها هي أني في خلال فترة علاجي تعرفتُ على شاب مصري عمره 25 سنة، هذا الشاب عرفته بالصدفة، أخذ رقمي، وكلمني مرة واحدة، وبعث لي صداقةً على الفيس بوك، وبعد أسبوع كان عيد ميلاده، فبعثت له تهنئة، وفي هذا الوقت لم يبعث له أحد تهنئة إلا أنا، فكلمني، وقال لي: “أنا عازمك على قهوة” فتقابلنا، ومن وقتها صرنا أصدقاء، وبدأت أتكلم معه عن حياتي وأنا صغير، ومشاكلي في أسرتي، ومراحل حياتي كلها، بعدها أعطاني هدية قيمتها غالية، ثم بدأ يتقرب مني جداً، ويدخلني بيته، لكني لاحظت أنه دائماً عندما نتقابل يأخذني بالحضن والقبلات، فقلت : “عادي”، ثم بعد ذلك أحضر لي ملابس كلها ماركات غالية، وأعطاني فلوساً، وفي كل مره يقابلني يعطيني فلوساً، مع العلم أن عمله محترم جداً، وأنا أعرف مكان عمله، وبعد فترة بدأ يقول لي: تعال نخرج بعيداً، ودائماً يحب الأماكن الخالية من الناس، وبدأ يكلمني عن نفسه، ويقول لي: أنا حرمت من حنان الأب، وقال أيضاً: “إن عندي حنية زائدة، وطول عمري أبحث عن صديق، ووجدته أنت، فأنت إنسان قلبك نظيف، وأحبك جداً”، ثم بعد هذا أحضر لي هدايا أخرى كثيرة جداً، ووقف معي في أزماتٍ كبيرة، ومصاعب، وفي خلال هذه الفترة كان يدخلني بيته، وكنا ندخل غرفته الخاصة، ويقفل الباب، ويقول لي: تعال نم معي، ووجدته يحضنني، ويحسس جسمي، ويحسس على ظهري من تحت الملابس، لكنه لم يعمل معي شيئاً سيئاً، وتكرر هذا الموضوع من 20 إلى 30 مرة، وفي هذه الفترة أكثر من هذه الأمور، وأصبح يقبلني كثيراً، ويقبلني في رقبتي ويدي، وبطني، ورأسي، ففكرت وقلت: قد يكون شاذاً، أو عنده المثلية، وبدأت أدخل على الإنترنت، وأبحث عن معنى لما يعمله، هل هو مرض وحرام..وهكذا؟

ثم أرجع فأفكر في كلامه، فقد كان قال لي: إنه عندما كان في الـ15 سنة تعرض مرتين للتحرش الجنسي من ابن خالته، وعملوا هذه الأشياء -أنا آسف جداً-.

فهل هذا الولد عنده شذوذ؟ وهل الذي يعمله معي حرام شرعاً؟ ولو عنده شذوذ جنسي ماذا أفعل؟ مع العلم أني نصحته أن يترك هذه الأشياء، ودائماً يقول لي: أنا مرتاح وأنا معك، على الرغم من أني من الممكن أن أتركه في أي لحظة، لكني متمسكٌ به؛ لأنه وقف معي في محنتي، وأريد أن أعرف له طريقة وعلاجاً.

أنا أخافُ عليه كثيراً، وخائف على نفسي أن أغضب ربي بهذه الأفعال. وشكراً جزيلاً.

الرد : المستشار

د. العربي عطاءالله

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي السائل -حفظك الله ورعاك-، أشكرك على تواصلك مع موقع مستشارك الخاص، وثقتك الغالية فينا، وإن شاء الله تعالى نكون عوناً لك على حل مشكلتك، وأرجو أن يتسع صدرك لكلامنا.

       أولاً: أهنئك أخي الفاضل على أنك استطعت أن تتغلب على شهوتك النفسية، وتركت هذه الآفات: التدخين، وغيرها من الأمور المحرمة؛ وذلك بفضل الله تعالى، ثم بإرادتك القوية، وحاولت أن تخرج من براثين المعصية، وتنقذ نفسك قبل فوات الأوان {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون}.
أما بالنسبة للتصرف الذي ذكرته بالنسبة لصديقك الذي تعرفت عليه؛ فهذا السلوك يسمى بـ”الشذوذ الجنسي”، ودعني أشرح لك حدود الشذوذ والسوية في العلاقات الإنسانية لتوضيح المسألة: تكون العلاقة بين الجنسين -الرجل والمرأة- سويةً في وجود الشهوة، فالشهوةُ هي التي تحرِّك الدافعَ الغريزي الذي ركَّبه الله في الإنسان؛ حفظًا للنوع، وتحقيقًا لحكمة الاستخلاف في الأرض، وتُصبح هذه العلاقة شاذةً إذا ادَّعى أو شعر أحدُهما أن العلاقة تفتقر إلى هذا العامل، كما هو الحال فيمن يدعي براءة الصداقات بين الجنسين، زاعماً أن الشهوة غير موجودة في مثل هذه العلاقات التي حرَّمها الله سبحانه وتعالى .
أما العلاقة التي تكون بين اثنين من جنسٍ واحد -امرأة وامرأة، أو رجل ورجل- فإنها تكون سويةً في غياب الشهوة، وشاذةً بتحركها، وما ذكرته في كلامك ووصفك للسلوك الذي يقوم به صديقك: “التقبيل، والعناق، واختيار الأماكن البعيدة عن الأنظار” كله يدل على الشذوذ الجنسي.

      ولا تنس أخي الفاضل أن عواقب الشذوذ الجنسي وخيمة، ولا يجنى من ورائها إلا العلل والأمراض، وهذه بعض الأمراض التي يسببها الشذوذ:
– مرض الإيدز، وهو مرض فقد المناعة المكتسبة .
– التهاب الكبد الفيروسي.
– مرض الزهري.
– مرض السيلان.
– مرض الهربس.
– التهابات الشرج الجرثومية.
– مرض التيفوئيد.
– مرض الأميبيا.
-الديدان المعوية.
– ثواليل الشرج.
-مرض الجرب.
هذا الموضوع التحدث عنه يطول، ولكني أردت أن أعطيك بعض الآثار السلبية التي تجنى من خلال التعامل مع مثل هذه الشخصيات.

   ولابد أن تعرف أخي الحبيب أن مثل هذه الشخصيات يحتاج التعامل معها لأسلوبين:
الأول: تقديم له النصيحة أن السلوك الذي يقوم به محرمٌ شرعاً، ومخالف للفطرة، ومخلٌ بالأخلاق الإسلامية، وبعيد عن أخلاقنا وعاداتنا ومجتمعاتنا الإسلامية، وهنا يمكن أن تساعده في التوبة والإنابة والرجوع إلى الله تعالى، والاستغفار من هذا الذنب، ثم بعد ذلك توجهه إلى العلاج النفسي والسلوكي؛ فهو بالفعل يحتاجٌ إلى جلساتٍ نفسيةٍ إرشادية، يتم فيها تفريغ الأفكار السوداوية، وإبعادها من فكره.
ثانياً: إذا رأيت أن هذا الشخص لا يستطيع أن يُصلح من نفسه، أو غير متقبل للنصيحة؛ فمن الأولى والأفضل أن تبتعد عنه؛ حتى لا تصيبك العدوى -لا قدر الله تعالى-، وسيؤثر على أخلاقك ودينك، وكما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، فأنت محتاج إلى صحبة تقربك من الله تعالى ولا تبعدك، وتُعينك على الطاعة، وإذا كان هذا الصديق غير مؤهل؛ فالبعد عنه غنيمة لك أخي الفاضل.
ولا تنس أن تهتم بالمحافظة على دينك واخلاقك، فأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى بأن يثبتك على الحق، وينير لك طريق الخير، وحاول أن تلتزم الصحبة الصالحة، وفكر في مستقبلك وعملك، واجعل النجاح دائماً بين عينيك، وإذا استطعت أن تحصن نفسك بالزواج فافعل؛ فهذا خيرٌ لك في دنياك وآخرتك. وبالله التوفيق.

 المصدر : راف