كيف تحمي طفلك من الانحراف ؟
هذا السؤال يدور فى عقل كثير من الأمهات. معظمنا يخاف على أولادنا من أن ينجرفوا بعيدًا عن المسار السليم في ظل زمن مليء بالمُغريات. فبعد تفكير طويل ودراسة توصلت لعدة نقاط أساسية إذا استخدمتيها مع أطفالِك سوف تنجحين في أن تجعلي منهم أولاد صالحين بإذن الله:
- كونى صديقة طفلكِ: لا تأخذي بالمثل الشعبي: إن كبر ابنك خاويه …. بل لا بد من أن تكوني صديقته منذ الطفولة. حاولي أن تستمعي له ولمشاكله مهما كانت صغيرة. يجب أن تتعاطفي معه وتساعديه على حَلِّها. العبي معه وشاركيه اهتماماته. حاولي أن تكسبي ثقته وأن يتعود أن يصارحكِ بكل شىء.
- أبعديه عن أصدقاء السوء: من خبرتي في الحياة اكتشفت ان صحبة السوء هي أكبر خطر على الطفل. يجب أن تتعرفي على كل أصدقائه وتراقبيهم، وأيضًا إذا أمكن أن تتعرفي على أمهات أصدقائه لكي تكوني على دراية كاملة بأخلاق الأسرة وطريقة تربيتهم للأطفال. وإذا لاحظتي أن هناك طفل لا تثقين بأخلاقه يتقرب من ابنِك أو ابنتِك. حاولي أن تبعدي ابنكِ عنه قبل أن يصبح صديق حميم. يمكنكِ أيضًا أن تكوّني مجموعة من أصدقائِك الأمهات اللاتي تثقين بهن، ويكون أولادهن متقاربين في العمر، فتنظّمن نزهاتكن سويًّا، فيكبر الأولاد مع أصدقاء صالحين. وأيضًا يمكنكن كأمهات الاتحاد معًا، ومعرفة كل التفاصيل، وإذا لاحظتن سلوك غير لائق يمكنكن تنبيه بعضكن.
- ألحقيه برياضة يحبها: الرياضة شئ أساسي في تربية الأبناء، وهي تساعد بشكل كبير على ملء أوقات فراغهم بشئ مفيد، وتعطيهم هدف سامي يسعون وراءه دائمًا. يجب أن تلحقي ابنكِ أو ابنتكِ منذ الصغر في عدة رياضات مختلفة، وبعد ذلك لاحظي أي رياضة يحبها أكثر ومن السهل عليه أن يتفوق فيها؟ عند إذ يمكنه أن يختار الرياضة المُحببة إليه لكي يكمل فيها. حاولي ألّا تقعي في خطأ كثير من الأمهات اليوم يقعن به، وهو الضغط على الطفل أن يلعب رياضة معينة لا يحبها، لأنكِ أنتِ تحبيها أو تمارسيها. إذا فعلتي هذا بالتأكيد سوف يفشل، ومن الممكن أن يكره جميع الرياضات بسبب الضغط النفسي الذى تعرض له.
- كونى مثله الأعلى: يجب أن تعلمي أن طفلكِ يتأثر بجميع تصرفاتِك. من أبشع الأخطاء التي تقع فيها الأم أن تنصح ابنها ألّا يفعل شئ، ثم يراها وهي تفعله! فمثلًا إذا شجعتيه على قول الصدق دائمًا، فلا يجب أن تكذبي أبدًا حتى ولو كانت “كذبة بيضاء” كما يقولون في مجتمعنا. فإذا فعلتِ هذا ولو مرة واحدة سوف يفقد ثقته بكلامِك، وأيضًا سوف يقوم بتقليدِك. وإنني أتعجب من الآباء والأمهات الذين يدخنون أمام أطفالهم، لكن لا يسمحون لهم بالتدخين في المستقبل! أريد أن أنبِّهكم أنكم أنتم المثل الأعلى لأطفالكم، فيجب أن تكونوا دائمًا مَثَل يُحتذى به.
- راقبي ما يشاهده في التليفزيون: أبعدي طفلكِ عن مشاهدة التليفزيون أطول وقت ممكن، فيوجد كثير من الدراسات اليوم أثبتت أنه ليس من المُستحب أن يشاهد الأطفال -حتى الكارتون- قبل سن خمس سنوات. بعد هذا السن يجب اختيار ما يشاهده بدقة، واعلمي أن كثير من أفلام الكارتون تحتوي على أشياء خارجة. فالطفل في هذا السن من السهل أن يتأثر ويقلِّد أي شىء، فيجب أن تجعليه دائمًا يشاهد ما سوف يضيف إليه. ومن الأفضل أن تبعديه تمامًا عن الأفلام والمسلسلات الدرامية، لأن موضوعاتها وطريقة الحوار -للأسف- لا تصلح تمامًا للمشاهدة من قِبَل الأطفال، فهي تحتوي على ألفاظ ومشاهد خارجة بالإضافة إلى مواضيع لا تناسب سنه.
- أبعديه قدر المُستطاع عن الألعاب الإكترونية والتابلت: اختاري بعناية الألعاب المفيدة، وحددي وقت معين في اليوم تسمحين لأطفالِك باللعب على التابلت أوألعاب الفيديو. اعلمي أيضًا أن بعض هذه الألعاب تسمح لطفلِك أن يتعرف على آخرين. فكثير من الألعاب تسمح للمشتركين أن يجروا حوارات ويتعرفوا من خلال هذه اللعبة على آخرين من الممكن أن يكونوا من سن مختلف ودول مختلفة، وهناك من يستغلون هذه الألعاب لاستدراج الطفل للخطف أو استغلاله جنسيًّا. فلقد قرأت تقريرًا صحفيًّا عن أم طفلة رأت رسائل على لعبة ابنتها الموجودة على التابلت من شخص يدعوا طفلتها لمقابلته في مول ما، ويشرح لها كيف تتعرف عليه؟ فذهبت الأم برفقة الصغيرة وبالفعل تعرفت عليه الأم، واكتشفت أنه رجل فوق سن الأربعين، ويقوم باستدراج الأطفال من خلال هذة اللعبة!
- حددي استخدام الإنترنت في الأشياء المفيدة فقط: لا تدعي جهاز الكمبيوتر في متناول طفلكِ طوال اليوم. حددي أوقات معينة لاستخدامه، واسأليه دائمًا “ماذا يريد أن يفعل به؟”. كوني متواجدة بالقرب منه، وذكِّريه أن استعمال الإنترنت يكون للأغراض المفيدة فقط .
- اجعليه مُتعلِّق بالله عز وجل: إذا نجحتي في أن تجعلي ابنكِ يتَّقي الله ويحبه، فإنكِ بهذا تستطيعين أن تطمئني عليه طوال حياته. فحبه لله ومخافته منه أيضًا سوف يعصمه من الوقوع في كثير من الأخطاء، ويحفظه من المشاكل. حاولي منذ صغره أن تجعليه يراكي دائمًا محافظة على صلواتِك. اشتري لابنتِك إسدال صغير، واجعليها تقف بجانبِك وأنتِ تصلّين، فمعظم البنات الصغيرات يحببن هذا ويقلّدن أمهاتهن وهن يصلّين. ارسلى ابنكِ مع والده إلى المسجد. اقرأي له قبل النوم حكايات الصحابة بطريقة سهلة تناسب عمره، ويوجد أيضًا كثير من الحكايات التي تناسب الأطفال مثل “قصص الحيوان في القرآن”. تحدثي معه دائمًا عن الجنة، وماذا يوجد فيها؟، وكيف ينالها بطريقة بسيطة؟ إذا كنتِ تقومين بأي نشاط خيري حاولي أن تصطحبيه معكِ وتشركيه بعمل بسيط يناسب سنة. وأيضًا من المهم جدًّا أن تلحقيه بمدرسة لتجويد وتحفيظ القرآن ولو مرة واحدة في الأسبوع، فالقرآن يحفظ الطفل ويزرع فيه القيم العظمية منذ الصغر.
- الدعاء: وأن من أعظم أسباب صلاح الابناء كثرة الدعاء لهم والتضرع إلى الله ليصلحهم. وقد ذكر الله تعالى عن عباده الذين أضافهم إلى نفسه إضافة تشريف فقال : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) . و ما يثبت ان للدعاء أثر عظيم في صلاح الأبناء ان خير خلق وهم الأنبياء والرسل كانو دائما يسألون ربهم ويلحون عليه سبحانه أن يصلح لهم ذرياتهم ،حتى إنهم دعوا الله تعالى من أجل ابنائهم قبل أن يولدوا. فكان سيدنا إبراهيم يطلب من الله تعالى أن يرزقه أبناء صالحين فقال: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ). وأخيرًا أوصي الأمهات أن يدعُنّ بهذا الدعاء دائمًا إذا أردن أن يحافظ أولادهن على الصلاة (رَبّ اِجْعَلْنِي مُقِيم الصَّلَاة وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ). وأخيرًا عليكِ بالرقية الشرعية يوميًّا، فهي تحفظ الأبناء -إن شاء الله- من كل سوء.
إني أعلم بوجود ضغوط كثيرة في الحياة قد تجعلكِ مُنشغلة عن أطفالِك من دون قصد منكِ، أو تجعلكِ تتركيهم معظم الوقت مع مُربية أو في الحضانة، لكن لا تستسلمي أبدًا، واجعلي وقت كافي في يومِك لأطفالِك فقط. فأولادكِ الصغار هم زرعة عمركِ، واهتمامكِ بهم -خاصةً في فترة الصغر وهي فترة تكوين شخصية الطفل- هام جدًّا. تعبكِ معه وهو طفل بالتأكيد سوف يقيه الكثير من المشاكل التي من الممكن أن يقع فيها عندما يكبر، وأيضًا سوف يرتاح قلبكِ، وتطمئني كثيرًا عندما يكون ابنكِ شاب صالح.
ريهام شريف
بكالوريوس إعلام ودراسات في علم النفس
الجامعة الأمريكية
المصدر : http://www.muglatte.com/