هل تدمر الإباحية فعلاً 500,000 زواج سنويًّا؟ – علاج إدمان الإباحية

شاركت الدكتورة جيل مانينغ عام 2004 في شهادة أمام مجلس الشيوخ الأمريكي بعض البيانات المثيرة للاهتمام بخصوص المواد الإباحية والعلاقات. حيث وجدت في نتائج بحثها أن 56% من حالات الطلاق تضمنت هوساً لافتاً لأحد الزوجين  بالمواقع الإباحية. بالنظر إلى مصدر آخر فقد استطلعت الأكاديمية الأمريكية لمحاميّ الزواج آراء 350 محامي طلاق عام 2003، أفاد ثلثاهم بأن الإنترنت لعب دوراً هاماً في حالات الطلاق، حيث أن أكثر من نصف هذه الحالات كانت نِتاجاً لشبح الإباحية المفرطة عبر الإنترنت.

في حال كانت هذه الأرقام دقيقة، فإليك أيضاً هذه الإحصائية المؤرقة. على مدار العقد الماضي كان هناك ما يقارب من مليون حالة طلاق سنوياً  في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ ادّعى نصف المُطلّقين أن الإباحية كانت هي الجاني الفعلي لطلاقهم؛ مما يعني أن الإباحية تتسبب في انهيار50,000 حالة زواج سنويًّا.

من المؤكد أن البعض قد يجادل بأن هناك قضايا وأسباب أساسية أخرى قد تساهم في فشل هذه الزيجات، وأن الإباحية هي فقط العلامة الظاهرة للعيان، وليست السبب الجذري للمُعضلة. أتفهم ذلك فلا يعقل أن تكون الإباحية المُسبب لحالات طلاق في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات عندما بلغ معدل الطلاق ذروته! ألم يكن يُعزى ذلك وقتها للجنس والمال والأطفال؟ لذا فالسبب ليس فعليًّا الإباحية أليس كذلك؟ قد يكون ذلك بسبب الافتقار إلى العلاقة الجنسية الحميمية في الزواج أو أن المرأة باردة جنسيا، أو لربما لأن بعض النساء يعانين من الحساسية المفرطة ويشعرن بالتهديد الشديد من الإباحية مما يضطرهن لقول: “إما أنا أو الإباحية”. لذا لا بد أن يكون هناك سبب آخر بخلاف الإباحية.

لكن ماذا لو كانت فعلاً الإباحية؟! إذا كان الأمر كذلك ، ألن يفيدنا طرح بعض الأسئلة الصعبة على أنفسنا؟

  1. كيف يؤثر هوس الإباحية على الشخص الذي يتابعها؟
  2. كيف ينبغي للشريك أن يستجيب لاستخدام شريكه المفرط للإباحية؟
  3. هل يمكن للأزواج تعلم مناقشة “قضية الإباحية” بطريقة فعالة؟

بصفتي باحث وطبيب يتعامل مع الأزواج الذين انقلبت حياتهم رأسًا على عقب وكانوا ضحية للإباحية، كان لِزاماً عليّ أن أواجه هذه الأسئلة وجهاً لوجه؛ لأتمكن من فهم ومساعدة عملائي وتوجيههم بكفاءة أكبر. لا أعتقد أن الإباحية هي “دائماً” سبب للطلاق. في الواقع أجد صعوبة في تخيل حقيقة أن الإباحية تتسبب في 500,000 حالة طلاق في الولايات المتحدة. ومع ذلك حتى لو كانت النسبة فقط 25% من الــ500,000 حالة طلاق فإن هذا يعادل ما يقارب من 125,000 حالة زواج تتضرر كل عام  كنتيجة مباشرة للإباحية. 

هذا عدد كبير من البيوت المفككة، وهذا صدقاً واقع صادم ومؤلم للغاية. هل من المقبول الإيحاء بأن المواد الإباحية قد لا تكون جيدة لمجتمعنا؟ من المؤكد أن غالبية الأشخاص الذين يشاهدون المواد الإباحية ليسوا مهووسين بها ، ولكن ماذا عن أولئك الذين خرجت حياتهم عن السيطرة بسبب ذلك؟ هناك تكلفة هائلة على المجتمع سواء اعترفنا بذلك أم لا.

أتألم فعلاً للذين وقعوا في شباك الإباحية. فعندما ترى رجالاً راشدين يبكون في مكتبك؛ لأنهم لا يستطيعون الإقلاع عن ذلك، ويخبرونك أن الإباحية كلفتهم كل شيء في حياتهم؛ فستدرك سريعاً أن الإباحية ليست مجرد نشاط ترفيهي بسيط. لذا بمجرد أن تقابل أي امرأة تشعر بالرفض وأنها ليست جيدة أو محبوبة بما فيه الكفاية من قبل شريكها بسبب الإباحية، فستجد نفسك ساعياً لبذل جهدك لتغيير شيء ما حيال الطريقة التي تسير بها الأمور.

أنا مقتنع بأن العلاقات لا ينبغي لها أن تنتهي بسبب الإباحية. المشكلة الجوهرية تكمن في أن الأفراد والأزواج وحتى المجتمعات ليست مهيأة بعد للتعامل مع الإباحية، لقد دخلت حياتنا ومنازلنا مثل تسونامي، ونحن لسنا على استعداد كافٍ للحديث عن الإباحية والتوعية بمخاطرها. نحن بحاجة ماسة لترك اللوم والاتهامات جانباً ومناقشة ما إذا كان الأمر صحيحاُ أو خاطئا، بل التركيزعلى التفكير بجدية في سبل تقليل آثارها السلبية على مجتمعاتنا. 

المصدر

مراجعة: محمد حسونة

 

Source link