ستة طرق تُمكّن المربين من مساعدة الشباب في التغلب على الإباحية





من اللحظات الشديدة  المتوقع حدوثها أن يخبرك أحد تلاميذك بكونه يصارع مع الإباحية، لكنها في الواقع لحظات سامية وجليلة؛ لأنها لحظة اعتراف صادقة نتمنّى حدوثها دوماً من مرتادي المواقع الإباحية.

أول شيء يجب عليك فعله في مثل هذه اللحظات أن تخبره بثلاث نقاط في غاية الأهمية؛ أولها: أنه قام بأول خطوة مهمة يمكن أن يقوم بها في حياته، وهي خطوة حكيمة ناضجة. ثانياً: عليك أيضاً أن تخبره أنها هي الخطوة الوحيدة لطلب الحرية، وأن الحرية تستحق الصراع حتى الفوز بها، ومع ذلك طمئنه بوجودك بجواره دوماً للمساعدة. ثالثاً: يجب أن يكون واعياً أن كونه حراً من الإباحية ليس معناها فقط أن يكون في حال جيدة فقط، بل أيضاً سيصبح أكثر تعايشاً وأكثر حرية؛ لأن الإباحية ليست كباقي الذنوب في كونها سيئة كالعادة فقط، لكنها أيضاً مميتة، فهي قاتلة للروح والعقل والمستقبل والعلاقات العامة مع الآخرين، وأهمها علاقتك مع الله عز وجل.

بعد أن تأكد له هذه النقاط الثلاث الهامة ومدى كون اعترافه لك بداية موفقة يجب عليك بعدها اتباع هذه الخطوات في برنامج يستغرق عدة أسابيع؛ حتى يصبح في قدرته أن يسترد حريته مرة أخرى.

الخطوة الأولى: ساعده في إدراك الأكاذيب التي تحاول الإباحية إخباره إياها، ومع ذلك هو يصدقها .

هنالك صورة يجب على أي طالب من هؤلاء الذين يصارعون مع الإباحية أن يكون قادراً على ربطها في مخيلته، وهي أن الإباحية تقدم له حماقات يعتقدها عقلك أنها قطعة من كيك الشوكولاتة وصولاً به إلى معضلة نفسية تصل به لإلحاق العار بنفسه، لكي تنهي هذه الدائرة المغلقة نحن في حاجة أن نوضح ونكشف كيف تزيح كل هذه الحماقات؛ كي تشاهد الحقيقة بوضوح بدلاً من تلك الصورة المجردة من الواقع.

إليك اختبارًا بسيطًا لتساعد تلاميذك أن يعلموا أن الإباحية شيء يجب أن يتفادوه؛ ليس لكونه مجرد عادة بل لكونه عدوًّا مخادعًا.

أعطِ كل واحد من تلاميذك هؤلاء ورقة تحتوي على مجموعة من الأكاذيب التي تقدمها له الإباحية.

اطلب من كل واحد منهم أن يضع خطاً تحت تلك الأكاذيب التي بالفعل وقع بها، ودائرة حول تلك التي ما زال يسقط فيها. 

الخطوة الثانية: وجه تلاميذك لإدراك تأثير الإباحية على حياتهم.

مجرد اعتراف أحد تلاميذك لك أنه يصارع مع الإباحية يخبرك أنه هناك جزءٌ منه يريد الهروب من هذا المأزق، ودورنا الآن أن نقنع باقي الأجزاء بذلك.

نبدأ أولاً بما أخبرنا به وهو”أنه يصارع مع الإباحية وأنه خائف بكونه لديه مشكلة كهذه”، لكن المشكلة الحقيقية هنا أننا يجب أن نخبره أنه في حاجة إلى المساعدة، وأنه لا يستطيع أن يقاتل بمفرده، وتلك حقيقة معظم الأشخاص لا يريدون سماعها، ونخص هنا المراهقين، وبدلاً من أن تخبره بها صريحةً أنه يحتاج إلى مساعدة اجعله في المقابل يدرك جميع الطرق التي تؤثر الإباحية عليه من خلالها عن طريق تقديم بعض الأسئلة إليه:

كيف أثرت الإباحية على علاقتك مع الله عز وجل؟

كيف أثرت علي شعورك بكونك إنساناً وشعورك بكونك تستحق أفضل من ذلك؟

كيف أثرت على تفكيرك من ناحية الجنس؟

كيف أثرت على قدرتك في التركيز أو إراحة ذهنك؟

ما الذي تنازلت عنه من أجل الإباحية؟

كيف أثرت على شخصيتك وعلاقتك؟

كيف سيكون مستقبلك عندما توقف الإباحية وعندما تستمر عليها؟

اطرح عليه هذه الأسئلة كلاً على حدة كي يتعامل مع كل سؤال ويفكر في كل إجابة، ومرة أخرى تلك الخطوة تؤدي إلى تقوية رغبته في قتل هذا الذنب وتقوية قدرته على السعي وراء أي مساعدة هو في حاجة إليها.

الخطوة الثالثة: شجع تلميذك على أن يعترف بتلك العادة السيئة إلى الله اعترافاً كلياً.

من الغريب أن تلميذك حشد كل ما يملك من حساسية فقط ليعترف لك بمشاهدته للإباحية، ولذلك بدلاً من أن تضغط عليه على أن يعطيك معلومات أكثر عن صراعه هذا لا بد أن يكون مستريحاً في أن يشاركك تلك المعلومات، شجعه في تلك الليلة أن يذهب إلى منزله ويعترف بكل شيء إلى الله عز وجل.

ذكره أن الوحيد الذي يعلم صراعه ذلك ويعلم كل صورة أو حديث أو مشاهد جنسية قام بمشاهدتها هو الله تعالى، وأخبره  أن الله يحب التوابين وأن مغفرة الله عز وجل تمتد لهؤلاء الذين يشاهدون الإباحية على كل ذنب ارتكبوه أو سيرتكبونه، ولكن يجب أن يدرك أن المغفرة بكونها واقعا شخصيا تتطلب الاعتراف.

الاستفادة من هذا الاعتراف الكامل هو كسر الخجل من هذا الذنب، ومن هنا يستطيع السير في طريق طلب المغفرة بنفسه الذي بالطبع قد دفع من أجله الكثير، ولأنه كيف له أن يشعر بالمغفرة تجاه ذنب ما وهو يخفيه؟! الاعتراف الكامل إلى الله والاستغفار يحضر قلب تلميذك للخطوة القادمة .

الخطوة الرابعة: حضر تلميذك ليعترف بعادة مشاهدة الإباحية للآخرين.

إنه موقف مثمر عندما يؤمن طالبك بك بخصوص صراعه مع الإباحية، إنها حقيقة، ولكن الحقيقة الكاملة هو أننا جزء من كيان ولا بد من هذا الكيان بأكمله أن يشجعه إلى السير في طريق الحرية من الآثام، ولذلك يجب أن يتفهم تلميذك أن الآخرين في حاجة أن يتم إخبارهم بالأشياء التي تجري في حياتهم بكونه فرداً منها.

لو كان تلميذك هذا يمتلك أباً وأماً أو أي شخص يتولى رعايته يجب علينا طلب مساعدتهم؛ لأنه من المهم أن يعلم تلميذك أن إخفاء هذه المشكلة تعوق الانفتاح مع الآخرين وصحة العلاقة مع هؤلاء الذي يعرفونه معرفة جيدة ويحبونه.

لا نستطيع أن نشعر أننا مقبولون من أشخاص نُخبئ عنهم بعض الأمور، وطالما أنك تخبئ مشكلتك تلك عن أشخاص ذوي أهمية في حياتك فأنت تعيش كذبة تؤدي بك إلى الاشمئزاز من النفس.

في الواقع اعتراف تلميذك إلى الآخرين سيجعل في مقدرته أن يعلم كيف يتعامل الآخرون مع نفس مشكلته وليس فقط في مساعدته من التخلص منها أو تشجيع الآخرين على الاعتراف بصراعهم مع الإباحية.

الخطوة الخامسة: قُد تلميذك إلى حبه الأول والثاني والثالث…الخ.

هناك حقيقة يجب على تلميذك أن يتمسك بها جيداً، وهي أن الله سبحانه وتعالى لم يخلقنا لنهرب طيلة حياتنا من الأشياء عامةً ومن الإباحية خاصةً وجميع الذنوب الأخرى.

في الحقيقة جعلنا نهرب في اتجاه شيء ما، وفي الواقع شخصٍ ما وهو إليه سبحانه وتعالى، في إرضائه وتقواه وعمل الصالحات، ومن هنا جعلنا نعيش غاية إرضائه بصفات يرضاها منا سبحانه وتعالى، ومن هنا قلوبنا لا تشعر بالرضا من ذلك الحب المصطنع أو المحب من خلف شاشات الحاسوب، ولذلك نمكث طويلاً للشعور بذلك الحب والرضا المستمر منه سبحانه وتعالى، ومنها يأتي الحب والقبول من العائلة والأصدقاء.

الهروب من الإباحية يتطلب العيش من أجل شيء آخر يتطلب أن نبحث عن السعادة في علاقتنا مع الله ومع الأشخاص الذين وضعهم الله في حياتنا.

ومنها عندما يشعر تلميذك بأن الإباحية عبءٌ وعائق في طريقه للسعادة في علاقاته سيساعده هذا على أن يجد البهجة في علاقاته تلك؛ ولذلك شجع تلميذك أن يفعل كل شيء يجلب له السعادة والبهجة.

وإن كان ليس بمقدرته الاستمتاع ببعض الوقت الهادئ انصحه بالخروج للمشي بعض الوقت، أو التنزه بالسيارة أو الدراجة، ابحث عن الأنشطة التي يفضلها من رياضة وطبخ وصيد وقراءة…الخ، شجعه أن يشارك تلك العادات مع أهله وأصدقائه، ومن هنا نصل للمرحلة الأخيرة.

الخطوة السادسة: جادل تلميذك في إحداث تغييرات هامة في نمط حياته.

عندما تمتلك تلميذاً يعترف لك بأنه يعاني من مشاهدته للإباحية فهذه ليست مجرد عادة يعتادها إنما أصبحت جزءاً من حياته.

يجب على تلميذك أن يغير طريقة تفكيره ويستعد ليقول: “لا” مرةً للإباحية ولكل شيء، نحن نسمي هذه التغييرات: قرارات التلاعب بالعين، وهي عندما تمنعك عينيك من قول: لا.

بالخبرة والتجربة مجادلة تلميذك في إيجاد نمط حياة جديد ما زالت تحت التجربة، لكن الجدير بالذكر أنه يجب عليك أن تقدم له أولاً النقاط الخمس السابقة، لأنه إذا ما زال تلميذك ملتصقاً بهاتفه المحمول مرتاداً جميع مواقع التواصل الاجتماعي سيتم جذبه للإباحية مثل الذباب في اتجاه قطعة من كيك الشوكولاته تلك التي ذكرناها آنفاً إلا لو بدأ قلبه في التغير من خلال المراحل الخمس السابقة.

المصدر

ترجمة: د/أحمد رضا عبد السلام غازي

مراجعة: محمد حسونة










Source link