كيف أوفق بين مساعدة أهلي وطاعة ربي؟


السؤال

 

الملخص:

شاب يشكو تخبُّطه وعدم التزامه في الطاعات، ويرى أن البيئة سبب في ذلك، فأراد أن يستقل عن أهله الذين هم في حاجة إلى مساعدته، فأبوه يحتاجه كي يستطيع أن يلبيَ احتياجات أخواته، ويسأل: ما النصيحة في ذلك؟

التفاصيل:

أنا شابٌّ أُقارف الذنوب؛ فأنا أشاهد المشاهد الإباحية، ويقع في قلبي دائمًا أن أُخادن النساء؛ إذ إنني بعد أن منَّ الله عليَّ بالهداية لم أجد مَن يعينني على الاستمرار في القرب من الله عز وجل، وقد ضِقْتُ ذرعًا بالمكان الذي أسكن فيه؛ بسبب كثرة رفقاء السوء، وقد اقترحت على أبي أن أنتقل إلى مكان آخر يكون خلوة لي؛ كي أتمكن من حفظ القرآن الكريم، فرفض الفكرة؛ لأنه لا يوجد من يعينه على تكاليف الحياة، فأخواتي كلهنَّ في الجامعة، وهو يريد أن ينفق عليهنَّ، فلا مجالَ لأن أتركه، فهل إذا تركت أهلي رغمًا عنهم أكون آثمًا؟ وهل إذا تركت الزواج أكون آثمًا أيضًا؟

الجواب

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

اعلم أخانا الكريم أن من أفضل ما تعبد به ربك سبحانه وتعالى – وأنت على طريق الهداية – مساعدةَ أبيك وأخواتك على المعيشة وأعباء الحياة، وتوجيه أخواتك إلى الصواب؛ فالأب غالبًا يحتاج إلى مساعدة ابنه له، وتحمل المسؤولية معه، وكذلك الأخوات يحتَجْنَ إلى التوجيه والنصح والإرشاد، فأنت إذا قمت بذلك، فلك الأجر العظيم إن شاء الله.

 

وانظر إلى هذا الحديث العظيم؛ عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يستأذنه في الجهاد، فقال: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجَاهِدْ))[1].

 

وفي رواية لمسلم: ((أقبل رجل إلى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله، قال: فهل من والديك أحدٌ حيٌّ؟ قال: نعم، بل كلاهما، قال: فتبتغي الأجر من الله؟ قال: نعم، قال: فارجع إلى والديك، فأحسِنْ صحبتهما)).

 

فهذا رجلٌ خرج للجهاد في سبيل الله تعالى، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأن الإحسان إلى والديه وإسعادهما أفضل من الجهاد في سبيل الله.

 

ثم عليك بأن تجاهد نفسك التي تحدِّثُكَ بالسوء، وأن تَشْغَلَها بالطاعات؛ من طلب العلم الشرعي، وقراءة القرآن، وذكر الله عز وجل، وغير ذلك من الطاعات، وعليك أن تبتعد عن أصحاب السوء؛ وتذكر قول الله تعالى: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67]، فإن لم تجد صاحبًا صالحًا يحضُّك على الخير، فاجعل أنيسَكَ القرآنَ وكُتُبَ العلم الشرعي، واستعِنْ بالله ولا تعجَزْ، تفلح وتنجح إن شاء الله، وفَّقنا الله وإياك إلى ما يحب ويرضى.


[1] متفق عليه: أخرجه البخاري (3004)، ومسلم (2549).





Source link