نشر صور المردان والنظر إليها
لو كان هناك شخص أمرد جميل الصورة والهيئة ، يضع صُوره في الفيسبوك ، فهل نمنعه منها ونقول له : إنك سوف تفتن الناس ، فلا ينبغي أن تنشر صورك ، ويجب عليك مسح صورك؟ أم نقول له : يستحسن ويستحب لك أن تمسحها لئلا يفتتن بك الناس ؟ بمعنى آخر: هل يأخذ مَن هذه حاله وخشينا أن يفتن الناس بجماله ، أنه يجب عليه مسح صوره أم يسن أم ماذا ؟
نص الجواب
الحمد لله
أولاً :
إن الله تعالى أمر الناس بغض البصر عن المحرمات ، وعما يغلب على الظن أنه يثير الفتنة والشهوة ، ويخشى أن يوقع في المحرمات .
قال الله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) النور/30-31.
قال السعدي في تفسيره ” تيسير الكريم الرحمن ” ص 515 :
” أي أرشد المؤمنين وقل لهم ، الذين معهم إيمان يمنعهم من وقوع ما يخل بالإيمان : يغضوا من أبصارهم عن النظر إلى العورات ، وإلى النساء الأجنبيات ، وإلى المُردان الذين يخاف بالنظر إليهم الفتنة ” انتهى .
وقال القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن (12/223) :
” البصر هو الباب الأكبر إلى القلب ، وأعمر طرق الحواس إليه ، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ، ووجب التحذير منه ، وغضه واجب عن جميع المحرمات ، وكلِّ ما يخشى الفتنة من أجله ” انتهى .
ثانيًا : لا يجوز النظر إلى الأمرد المليح باتفاق العلماء إذا كان النظر بشهوة ؛ أو على وجه يخشى منه وقوع الفتنة ، أما النظر بغير شهوة وعند أمن الفتنة فلا بأس به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ” الفتاوى الكبرى” (3/202) :
” الصبي الأمرد المليح بمنزلة المرأة الأجنبية في كثير من الأمور ، .. ولا يجوز النظر إليه على هذا الوجه [ يعني بشهوة ] باتفاق للناس ، بل يحرم عند جمهورهم النظر إليه عند خوف ذلك ” انتهى .
وقال برهان الدين إبراهيم بن مفلح الحنبلي في المبدع (7/11) : ” ولا يجوز النظر إلى أحد ممن ذكرنا [ منهم الأمرد ] لشهوة ، لما فيه من الفتنة ، ومعنى الشهوة : أن يتلذذ بالنظر إليه ، ومن استحله كفر إجماعًا ، اختاره الشيخ تقي الدين ، وحرّم ابن عقيل ـ وهو ظاهر كلام غيره ـ النظر مع شهوة تخنيث وسحاق ، ودابة يشتهيها ، ولا يعف عنه ” انتهى بتصرف .
وقال ابن الجوزي : ” كان السلف يقولون في الأمرد : هو أشد فتنة من العذارى ، فإطلاق البصر من أعظم الفتن ” انتهى من كشاف القناع (5/37) .
وقال ابن عابدين في حاشيته ( 1/ 407 ) : ” ويحرمُ النظر إلى وجهها ، ووجه الأمرد إذا شك في الشهوة ، أما بدونها فيباح ولو جميلاً ، كما اعتمده الكمال ، قال : فمحلُّ النظر منوط بعدم خشية الشهوة ، مع عدم العورة ” انتهى .
ثالثًا : إن كان الواقع كما ذكر من خشية الفتنة بصورة مثل هذا ، فإنه يحرم نشر مثل هذه الصور ، سدًا لذرائع الفتنة والفساد .
والله أعلم .
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب