الحذر من فتنة الحدث والأمرد

هذه بعض الآثار والنقول في هذا الباب :

* قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( ما أتى على عالم من سَبُع ضار أخوف عليه من غلام أمرد ) ،
* وعن الحسن بن ذكوان أنه قال: ( لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صُوراً كصُور النساء ، وهم أشد فتنة من العذارى )..
* وعن عبد العزيز بن أبي السائب عن أبيه قال: ( لأنَا أخوف على عابد من غلام من سبعين عذراء ) .
* وكان بشر بن الحارث يقول: ( احذروا هؤلاء الأحداث )..
* ونظر سلام الأسود إلى رجل ينظر إلى حدَث فقال له: ( يا هذا ابقِ على جاهك عند الله فإنّك لا تزال ذا جاه ما دمت له معظّماً )…
* قال سفيان الثوري و بشر الحافي – رحمهما الله – : ” إن مع المرأة شيطاناً ، ومع الحَدث شيطانين” و”كان سفيان الثوري لا يدع أمرداً يجالسه ” .
* قال سعيد بن المسيّب – رحمه الله – : ” إذا رأيتم الرجل يُلحّ بالنظر إلى الغلام الأمرد فاتَّهموه” .
* قال بعض التابعين : ” كانوا يكرهون أن يُحِدّ الرجل النظر إلى الغلام الجميل “.
* قال النجيب بن السري – رحمه الله – : ” كان يقال : لا يبيت الرجل في بيت مع المُرد ” .
* قال عبد الله بن المبارك – رحمه الله – : ” دخل سفيان الثوري الحمام فدخل عليه غلام صبيح ، فقال : أخرجوه أخرجوه ، فإني أرى مع كل امرأة شيطاناً ومع كل غلام بضعة عشر شيطان ” .
* عن أبي منصور بن عبد القادر بن طاهر أنه قال: ( من صحب الأحداث وقع في الأحداث).
* قال أحمد بن حنبل – رحمه الله – : ” كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلاء ” .
* ” جاء حَسَن بن الرازي ( البزار) إلى أحمد – ابن حنبل – ومعه غلام حسن الوجه ، فتحدَّث معه ساعة ، فلما أراد أن ينصرف ،
قال له أحمد : يا أبا علي ! لا تمشِ مع هذا الغلام في طريق ،
فقال: يا أبا عبد الله ! ، إنه ابن أختي ؛
قال : وإنْ كان ، لا يأثم الناس فيك ، أو ( لئلا يظن بك من لا يعرفك ولا يعرفه سوءاً ) ” .

*** قال ابن تيمية – رحمه الله – : ” الصبي الأمرد المليح بمنزلة المرأة الأجنبية في كثير من الأمور ، فلا يجوز تقبيله على وجه اللذة ؛ بل لا يُقبّله إلا من يُؤمَن عليه : كالأب والإخوة ، ولا يجوز النظر إليه على هذا الوجه باتفاق الناس ، بل يحرم عند جمهورهم النظر إليه عند خوف ذلك … ومن كرَّر النظر إلى الأمرد ونحوه أو أدامه وقال “إني لا أنظر لشهوة” كذَب في ذلك ” أ.هـ.

*** قال ابن الجوزي – رحمه الله – : ” والفقهاء يقولون من ثارت شهوته عند النظر إلى الأمرد حَرُمَ عليه أن ينظر إليه ومتى ادّعى الإنسان أنه لا تثور شهوته عند النظر إلى الأمرد المستحسن فهو كاذب وهذا محال فإن الطِباع تتساوى ، فمن ادّعى تنزّه نفسه عن أبناء جنسه في الطبع ادّعى المحال…
* قال ابن عقيل : قول مَن قال ” لا أخاف من رؤية الصور المستحسنة ” ليس بشيء فان الشريعة جاءت عامة الخطاب لا تميّز الأشخاص ،
وآيات القرآن تُنكر هذه الدعاوى قال الله تعالى:( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) ،
وقال:( أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ )
فلم يحلّ النظر إلا على صور لا ميل للنفس إليها ولاحظ فيها بل عبرة لا يمازجها شهوة ولا تعتريها لذة..
وكل صورة ليست بعبرة لا ينبغي أن ينظر إليها لأنها قد تكون سبباً للفتنة
ولذلك ما بعث الله تعالى امرأة بالرسالة ولا جعلها قاضياً ولا إماماً ولا مؤذناً ،
كل ذلك لأنها محل فتنة وشهوة وربما قطعت عما قصدته الشريعة بالنظر ،
وكل مَن قال “أنا أجد من الصور المستحسنة عِبَراً ” كذّبناه ،
وكل من ميّز نفسه بطبيعة تخرجه عن طباعنا بالدّعوى كذّبناه ، وإنما هذه خدع الشيطان للمدّعين…
* قال يوسف بن الحسين : ( كل ما رأيتموني أفعله فافعلوه إلاّ صُحبة الأحداث فإنها أفتن الفتن ) …”

____________________
* الحَدَث : هو صَغير السِنّ ،
و الأَمْرَدُ : الشابُّ الذي طَرَّ شَارِبُه ولم تَنْبُتْ لِحْيَتُه .

= وقال ابن الجوزي رحمه الله: ” هؤلاء قوم رآهم إبليس لا ينجذبون معه إلى الفواحش فحسّن لهم بداياتها فتعجّلوا لذة النظر والصحبة والمحادثة وعزموا على مقاومة النفس في صدّها عن الفاحشة ، فان صدقوا وتم لهم ذلك فقد اشتغل القلب الذي ينبغي أن يكون شغله بالله تعالى لا بغيره ، وصرف الزمان الذي ينبغي أن يخلو فيه القلب بما ينفع به في الآخرة بمجاهدة الطبع في كفّه عن الفاحشة ؛ وهذا كله جهل وخروج عن آداب الشرع فإن الله عزّ وجلّ أمر بغضّ البصر لأنه طريق إلى القلب ، ليسلم القلب لله تعالى من شائب تخاف منه… ”

= وقال أيضاً : ” وكل من فاته العلم تخبّط ، فإن حصل له – العلم – وفاته العمل به: كان أشد تخبيطاً ؛
ومن استعمل أدب الشرع في قوله عزّ وجلّ: ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ )
سَلِمَ في البداية بما صعُبَ أمرُه في النهاية ، وقد ورد الشرع بالنهي عن مجالسة المُردان وأوصى العلماء بذلك…

وكما سبق قد كان السلف يبالغون في الإعراض عن المُرد ، وكانوا يحذّرون من عقوبة النظر إلى المُردان :

عن أبي عبد الله بن الجلاء قال : كنتُ أنظر إلى غلام نصراني حسن الوجه فمرَّ بي أبو عبد الله البلخي فقال: أيش وقوفك؟! فقلت: يا عمّ أما ترى هذه الصورة كيف تعذب بالنار! فضرب بيده بين كتفي وقال: لتجدنَّ غِبَّها ولو بعد حين . قال: فوجدتُ غِبها بعد أربعين سنة أن أُنسيت القرآن ”

— والآثار والقصص في ذلك كثيرة — .

= ثم قال ابن الجوزي رحمه الله في نهاية كلامه :
” إنما مددتُ النَفس يسيراً في هذا الباب لأنه مما تعمّ به البلوى عند الأكثرين
فمن أراد الزيادة فيه وفيما يتعلق بإطلاق البصر وجميع أسباب الهوى
فلينظر في كتابنا المسمى : ” بذمّ الهوى ” ففيه غاية المراد من جميع ذلك ” أ.هـ.
* عن أيوب السَّخْتَياني قال : ( إنّ من سعادة الحَدَث والأعجمي أن يوفّقهما الله لعالِمٍ من أهل السُنَّة ).

** ويقول الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله – :
” نرى في وقتنا الحاضر أن كثيراً من الدعاة كبار السن بعض الشيء يخالطون صغار السن , ويدعونهم ويرشدونهم ويحبّبون لهم الهدى والصلاح , إما في المنتديات العامة , أو في المكتبات , أو في نحو ذلك..
ونحن نعلم أنه يحصل من اختلاط الكبار بالصغار مفاسد – بل ومحرمات – , ونعلم ذلك من بعض الأحوال على وجه التفصيل ..
وفَهْمنا لذلك الواقع لا يجعلنا نحكم على دعوة الكبار للصغار بأنها لا تجوز ، وإنما فَهْم ذلك الواقع السيئ لا أثر له في الحكم على الدعوة بأنها غير مشروعة من الكبير للصغير ، ولكن فهْمنا لذلك الواقع فيه عرض لمسألة أخرى , وهي : أن يُنصح ويُرشد مَن وقع في الخطأ , أو وقع في محرم , أو لبَس شيئا غير شرعي , أو لا يرضاه الله : أن ننصحه بالتوبة..
فكان ذلك الواقع فَهْمه لا أثر له في الحكم الشرعي من الجواز وعدمه , وإنما له أثر في النصيحة هناك في مَن وقع في ذلك الأمر حتى يقوم بالحق دون إتيان بالمنكر أو دون غشيان لما لا يحبُّه الله ورسوله ” أ.هـ.

المصدر: شبكة الآجري