الجنس الإلكتروني: حكمه وعواقبه
بسم الله، والحمد لله، والصلاةوالسلام على رسول الله، وبعد: الجنس الالكتروني من الأمور التي انتشرت مع انتشار الإنترنت،وخاصة في أوساط الشباب غير القادرين على الزواج، كما أنه تعدى إلى المتزوجين الذينقد لا يجدون المتعة مع أزواجهم، بل يسعى البعض إليه من باب الترفيه عن النفس وإشباعالغريزة الجنسية، ظنا أن فيه استمتاعا بلا مشاكل حقيقة كالزنى، أو الارتباط الحقيقيبين شاب وفتاة، أو ما قد ينجم عن العلاقة المباشرة من حالات الإجهاض أو فقد عذريةالفتاة، أو انتقال بعض الأمراض كالإيدز أو السيلان أو غيرهما من الأخطار التي تنجمعن العلاقة الجنسية المباشرة بين الجنسين.
وقد نظمالإسلام العلاقة بين الجنسين، وجعل العلاقة الجنسية مصونة بسياج الزواج، فكل علاقةجنسية بين الجنسين محرمة إلا الزواج.
كما أمر الإسلامالجنسين بالابتعاد عن كل ما يثير الغرائز، بل جاء الأمر لأمهات المؤمنين:”فلا تخضعنبالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ” فلا يجوز الحديث بلين الكلام ولو كان بعيدا عنالكلام الجنسي، فكان الكلام الجنسي محرما من باب أولى، لما قد يترتب عليه من أضرارجسيمة.
يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ” فلا تخضعنبالقول“قال السدي وغيره يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال ولهذاقال تعالى : ” فيطمع الذي في قلبه مرض ” أي دغل ” وقلن قولا معروفا ” قال ابن زيدقولا حسنا جميلا معروفا في الخير ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيمأي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها. انتهى
وقال الإمامالقرطبي:
أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا وكلامهنفصلا، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين، كما كانتالحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه، مثل كلام المريباتوالمومسات . فنهاهن عن مثل هذا.وعلى الجملة فالقولالمعروف : هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس .انتهىوفسر البعض قوله تعالى :”فيطمع الذيفي قلبه مرض”، : أي يحدث تشوف للفجور، وهو الفسق والغزل لمن تتحدث إليه النساء.إن الالتجاء إلى الجنس الالكتروني قد يفضي إلى ما يخشاه منيلجأ إليه، لأن إثارة الشهوة قد تفضي إلى العادة السرية، أو السحاق أو اللواط، أوالزنى، فتأثيره لا يقف عند حد الخيال،وإنما قد يترجم إلى الواقع بما هو محرم شرعا.إن المجتمع المسلم يقوم على العفةوصيانة المحارم،والبعد عن الرذائل، بل قد جاء الإسلام ليحارب تلك الرذائل، فكل ماأفضى إليه،حرم شرعا.كما أن كلما أفضى إلى الحرام فهو حرام، وقد حرم الله تعالى كل الوسائل المفضية إلى الزنى،ولم يجعل الزنى وحده محرما، فقال تعالى :”ولا تقربوا الزنى ” فحرم أسبابه والدواعيالتي تؤدي إليه، من النظرة والكلام وغير ذلك.كما أنالكلام الجنسي قد يفضي إلى خراب البيوت، وطلاق بعض النساء من أزواجهن، كما هو الحالالمشاهد، ولا يجوز تخبيب المرأة على زوجها، ولو بحجة أنه يريد طلاقها منزوجها،ويتزوجها، فمثل هذا يحرم أيضا.ويقول الشيخالقرضاوي حفظه الله في الحديث بين الجنسين: الكلام بالمعروف لا ينكر شرعًا، والله تعالى قد قال: “يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاتَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض…”، فما دام الكلاممشروعًا، وليست هناك خلوة، وكان الكلام في موضوعات نافعة مما يهم الطرفين، كأنيكونا مشغولين في الأدب فيتحدثا فيها أو في شؤون المسلمين، وغيرها إذا لم يُخْشَ منوراء ذلك فتنة، وكل إنسان أدرى بنفسه، لا ينبغي أن يكون همُّ الشاب الحديث معالفتيات فقط، ولا يتحدث مع مثله من الشباب، وكذلك لا يكون همُّ الفتاة أن تتحدث معالشباب، ولا تتحدث مع مثيلاتها من الفتيات، فهنا ينبغي التفتيش في دخائل النفس؛ليعرف الإنسان حقيقة اتجاهاتها، ولا يخدع نفسه بما يعلم أنه يخالف الحقيقة، وإذاانتهت هذه العلاقة بالزواج فلا بأس بذلك .انتهى
وعلى الأمة أن تسعى لتوعية الشباب والفتيات والرجال والنساءلخطر هذا الأمر، وأن يقوم علماء النفس وعلماء الاجتماع مع علماء الشريعة ببيان خطرهوأضراره.
ويجوز للحاكم المسلم أن يعزر كل من قام بمثل هذاالفعل بعد معرفة خطرها وضررها، لأنه هدم لأخلاق المجتمع بما يعود بالضرر علىالمسلمين جميعا، بل على الإنسانية كلها، لأن الإنسانية في حاجة إلى حياة نظيفة لايشوبها التفكك الاجتماعي.
وما توصل أعداء الإنسانيةوالإسلام إلى درجة تفكك المجتمعات وانحلالها إلا من خلال العلاقة الجنسية المحرمة.
والله أعلم
المصدر: أرشيف إسلام أون لاين