الجنس الإلكتروني.. خيانة مقنعة وانحراف مستتر بين جدران البيوت
تمكنت الشبكة العنكبوتية أن تجذب إليها ملايين الأشخاص بخيوطها الحريرية التي تنسجها حول الرغبات المختلفة للبشر، اخترقت المسافة بيننا وبين الآخر، وأيضا بين أنفسنا. جذبتنا إليها كمغناطيس سحري وأدخلتنا الى غرف مظلمة تستوجب خلع كل الأقنعة قبل الدخول إليها.
إنهم ملايين من الرجال والنساء حول العالم، خاصة منهم شريحة الشباب، ممن أدمنوا ما اصطلح على تسميته ب ”الجنس الالكتروني”، وهو ممارسة الجنس عبر مواقع دردشة خاصة بذلك. ويؤكد المختصون أن جميع المجتمعات في كل أقطار العالم تعاني من تصاعد ملحوظ في إدمان الشباب، بمن فيهم المتزوجون، على الجنس الالكتروني الذي بات متاحاً بيسر وسهولة حتى لدى المراهقين والأطفال. العديد من الرجال يشتكون من البرود الجنسي لدى زوجاتهم، وقلة اهتمامهن بمظهرهن، وخاصة عدم إتقانهن لفنون الجنس، وأيضا عدم تحملهن للطاقة الجنسية وقوتها عند الزوج، إضافة الى اختفاء الجانب العاطفي في العلاقة الحميمية بين الزوجين.
وتشتكي النساء بدورهن من إهمال الرجال لعواطفهن ومشاعرهن الجياشة، وسفرهم بمفردهم للترفيه عن أنفسهم، وانشغالهم المستمر بالعمل والأصدقاء، وإنشاء علاقات مع نساء أخريات ويتجاهلون رغبات زوجاتهم.
وهذه الشكوى متبادلة تؤدي بكلى الطرفين إلى البحث عن تعويض للمكبوت الغريزي والنفسي الذي افتقده في الطرف الآخر ويتصور البعض منهم أن الدخول في علاقات افتراضية تمنحهم متعة مستترة خلف شاشة صماء.
وفي هذا الصدد تقول بعض الدراسات النفسية التي أجريت على شريحة متعددة من الأزواج الذين يمارسون الجنس على الشات إن هذه الطريقة لإشباع غرائزهم الجنسية لا تتجاوز كونها تغذية للخيال، والاستمتاع بأشكال أخرى من الجنس بطريقة آمنة بعيدا عن البغاء، أو الدعارة، أو الجنسية المثلية، وأنه يساعدهم على إقامة علاقة زوجية جيدة مع زوجاتهم لأنه لا يضطر أن يطلب منها أشياء يريدها هو وترفضها هي. بينما تشير الزوجات إلى أن اعتيادهن الممارسة الإلكترونية يُعد تنفيسًا عن رغبات لا يمكنهن تنفيذها في الواقع سواء مع الزوج أو غيره، وأن الانترنت فتح لبعضهن مجالا سحريًا للاطلاع والثقافة الجنسية العملية، وأن يمارسن الجنس الحر داخل البيت، وبهوية وهمية بدلا من ممارسته خارجا، فيخسرن حياتهن الأسرية.
وفي سياق الأبحاث والدراسات حول تداعيات تزايد هذه الظاهرة ”الجنس الالكتروني”، وانتشارها يرى البعض أن هذا النوع من الجنس يشكّل متنفساً لأعداد هائلة من الشباب العاجز عن الزواج وخاصة في مجتمعاتنا العربية، لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى، ومع تعاظم مصادر الإغراء الجنسي، بات ”الجنس الالكتروني” متنفسا سهلا ومتاحا وآمنا لتفريغ الرغبات الجنسية والتخلص من الآثار النفسية السيئة لكبتها.
”يصيب بأمراض جنسية قاتلة”
والجنس الالكتروني حسب مؤيديه يقي من مخاطر الإصابة بأمراض جنسية قاتلة أو التورط في علاقات جنسية مباشرة تنتج عنها عواقب اجتماعية وخيمة على الشباب، ذكوراً كانوا أم إناثاً.
في المقابل يحذّر الكثيرون من مخاطر هذا النوع من أنواع الجنس، باعتباره بداية طريق باتجاه واحد نحو الوقوع في شراك العلاقات الجنسية الحقيقية وما يتبع ذلك من مخاطر الأمراض الجنسية والتهديدات الاجتماعية للشاب، أو العيش في أسر العادة السرية بصورة مزمنة، والاكتئاب الناجم عن الصراع النفسي بين الرغبة في تحويل الخيالات الجنسية المرافقة للجنس الالكتروني إلى واقع، وبين الرغبة في الوقوف عند حدود الجنس المتخيّل، وهو ما يضعف عزائم الشباب عادة ويجعلهم يحيون حياة كئيبة بمستويات إنتاج منخفضة تنعكس على مستقبلهم، دراسياً ومهنياً، وبالتالي يكون الجنس الالكتروني المدخل لقتل مستقبل الشباب وجعلهم أسرى للصراع بين الجنس المتخيل والجنس الحقيقي.
وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 80 % من مستخدمي الانترنت يستخدمون برامج المحادثة الفورية وغرف الدردشة، وهي بعيدة كل البعد عن الحظر على الرغم مما تمثله من خطورة على روادها لكثرة ما يحدث فيها من حالات ابتزاز جنسي ومادي أحيانا.
وضمن ما جاء في تحليل زيارات المستخدمين للمواقع الإباحية على الانترنت والخاصة بعامل الوقت، فقد ذكرت التقارير أرقاما خيالية مع العلم أنها ليست ثابتة وتتضاعف من يوم الى آخر كلما تضاعف عدد مستخدمي الانترنت، إذ نجد أكثر من 28 ألف مستخدم إنترنت يتصفح مواقع إباحية في كل ثانية و372 مستخدم يكتبون كلمة بحث عن المواقع الإباحية في كل ثانية. وتنتج الولايات المتحدة شريط فيديو إباحيا جديدا كل 39 دقيقة. في حين تنفق أكثر من 3 آلاف دولار في الثانية الواحدة على المواقع والأفلام الإباحية. وتتصدر الولايات المتحدة رأس القائمة من حيث عدد المواقع الجنسية التي تمتلكها بنصيب يتعدى 5,244 مليون موقع تليها ألمانيابأكثر من 10 ملايين موقع ثم تليهما المملكة البريطانية ب 5,8 ملايين موقع ثم استراليا واليابان وهولندا ثم روسيا وبولندا واسبانيا.
المصدر: جزايرس