التخيلات الجنسية
أنا فتاة غير متزوجة عمري 22 عام، وأود أن أسأل: ما حكم التَخَيُّلات الجنسية؟.
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن تَخَيُّل المرأة الشَّابَّةِ -غير المتزوِّجة- للأمور الجنسية، وتَمَنِّي القلب واشتهاؤه لذلك – نوع من الزنا؛ وقد يجر صاحبته إلى الوقوع في الحرام؛ فإن المُقَدِّمات من حيث كونها طلائع وأمارات تؤذِن بوقوع ما هي وسيلة إليه؛ فعن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كُتِبَ على ابن آدم نصيبُه من الزِّنا مُدرِكٌ ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرِّجْل زِنَاها الخُطَا، والقلب يَهوَى ويَتَمنَّى، ويُصَدِّق ذلك الفَرج ويُكَذِّبُهُ” (متفق عليه). قال الإمام أبو العباس القرطبي في “المُفهِم”: “يعني: أن هواه وتمنيه: هو زناه. وإنما أُطْلِق على هذه الأمور كلها: زنا؛ لأنها مقدماتها، إذ لا يحصل الزنا الحقيقيُّ -في الغالب- إلا بعد استعمال هذه الأعضاء في تحصيله”. وقال الإمام النووي في “شرح مسلم”: “معنى الحديث أن ابن آدم قُدِّر عليه نصيب من الزنا، فمنهم من يكون زناه حقيقياً… أو النظر، أو اللمس، أو الحديث الحرام مع أجنبية، ونحو ذلك، أو بالفكر بالقلب”. هذا؛ وقد اختلف الفقهاء في الرجل يجامع زوجته وهو يتخيل امرأة أخرى، وكذا المرأة يجامعها زوجها وهي تتخيل رجلاً آخر فذهب الأكثر إلى أن ذلك حرام، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة وبعض الشافعية؛ قال ابن عابدين -الحنفي- في “حاشيته”: “والأقرب لقواعد مذهبنا عدم الحِلِّ؛ لأن تَصَوُّر تلك الأجنبية بين يديه يَطَؤهَا فيه تصوير مُبَاشَرة المعصية على هيئَتِها، فهو نظير مسألة الشرب، ثم رأيت صاحب “تبيين المحارم” من علمائنا نقل عبارة ابن الحاج وأقرَّها”. وقال ابن الحاج -المالكي- في كتابه “المدخل”: “ويتعين عليه أن يَتَحَفَّظَ على نفسه بالفعل، وفي غيره بالقول من هذه الخصلة القبيحة التي عمت بها الْبَلْوَى في الغالب، وهي أن الرجل إذا رأى امرأة أعجبته، وأتى أهله جعل بين عينيه تلك المرأة التي رآها، وهذا نوع من الزنا، لما قاله علماؤنا فيمن أخذ كُوزاً من الماء فصوَّر بين عينيه أنه خمر يشربه، أن ذلك الماء يصير عليه حراماً، وهذا مما عمت به الْبَلْوَى”. وقال ابن مفلح -الحنبلي- في كتاب “الآداب الشرعية”: “وقد ذكر ابن عقيل وجزم به في الرعاية الكبرى: أنه لو استحضر عند جِماع زوجته صُورَةَ أَجْنَبِيَّةٍ مُحَرَّمَةٍ أنه يأثم”. أما الشافعية فالمعتمد عندهم الجواز ذلك، على ما حكاه ابن حجر الهيتمي في “تحفة المُحتاج شرح المنهاج”. وعليه: فالواجب على من تَلَبَّس بمثل هذا البلاء أن يتركه؛ حتى لا يؤدي إلى ما لا تُحمَد عُقْبَاه،، والله أعلم.
المصدر: موقع طريق الإسلام