وليّة أمر «سيئة» تُعرّض «براءة الطفولة» للانحراف

طالبة في المرحلة الابتدائية بالصف الثالث لم يتجاوز عمرها (9 أعوام)، تعيش وسط بيئة عائلية منحرفة تقوم بأفعال مخلَّة بالآداب في السلوك والتصرفات، علاوة على تعرضها للضرب والإهمال.

والدتها (36 عاماً) المطلقة التي تعيش مع شقيقها وابنتها (9 أعوام) في منزل واحد، أدمنت على شرب المُسكرات منذ 4 أعوام، والأدهى من ذلك، عدم اكتراث الأم وشقيقها في شرب المُسكرات أمام الطفلة.

كما اعتادت الأم وشقيقها على ضرب ابنتها ضرباً مبرحاً باستخدام (الهوز)، فضلاً عن تغاضي الأم عن تربية طفلتها في بيئة حسنة، ونتيجة لهذا الإهمال تدنى المستوى الدراسي للطفلة، وبسبب تغيبها المستمر عن المدرسة، أصبح معدلها الدراسي (ضعيفاً).

وهرباً من الواقع المر الذي تعيشه الطفلة مع والدتها وخالها، لجأت إلى البحث عن مسكن مستقل يأويها من الذئاب البشرية، وببراءة الطفولة، اختارت أن تنام أسفل السرير، وتبدد عتمة الليل بضوء شمعة صغيرة، قبل أن يكتشفها خالها.

وبعد مرور الوقت، افتضح أمر الأم السيئة، إذ ورد بلاغ إلى النيابة العامة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية.

وبدأت النيابة العامة باستدعاء جميع الأطراف في القضية للتحقيق معهم، ووفقاً لمحاضر التحقيق، اعترفت الأم بارتكابها تلك الجرائم التي اقترفتها ضد براءة الطفولة.

وأسندت النيابة العامة إلى الأم أنها عرّضت حدثاً للانحراف وطالبت بمعاقبتها طبقاً للمادة (22) من قانون الأحداث والتي تؤهّل محكمة الأحداث للنظر في قضايا البالغين، كونهم عرَّضوا أحداثاً للخطر.

وأحالت النيابة العامة القضية إلى المحكمة، وقضت محكمة الأحداث برئاسة القاضي إبراهيم الجفن مساء (الثلثاء) الماضي غيابياً بحبس الأم لمدة سنة، وقدرت كفالة 100 دينار لوقف التنفيذ، لكون الحكم صدر غيابياً.

ووفقاً لمصدر قضائي، فإنها «المرة الأولى في البحرين، التي تصدر فيها محكمة الأحداث حكماً ضد شخص بالغ، إذ مازالت النيابة العامة تجري تحقيقاتها في القضية».

وقد وضعت البحرين قوانين لحماية الطفل، من بينها قانون الطفل الذي صدر مؤخراً، بالإضافة إلى قانون الأحداث الذي يؤهل المحكمة للنظر في قضايا البالغين الذين يعرِّضون الأحداث للخطر.

وتعدّ هذه الظاهرة طارئة على المجتمع البحريني المحافظ، وتدقّ ناقوس الخطر بضرورة الحذر من الوقوع في مثل هذه الآفات، تجنباً لتعريض حياة الأطفال للانحراف والخطر، وخصوصاً أنهم هبة من الله سبحانه وتعالى، إذ تقع على أولياء الأمور مسئولية الحفاظ عليهم.

وفي أغسطس/ آب 2012 أقرّ قانون خاص وشامل بكل حقوق وواجبات الطفل، إذ صدر قانون رقم (37) لسنة 2012 والذي نص في مادته الأولى على أن «تكفل الدولة حماية الطفولة والأمومة، وترعى الأطفال، وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتنشئتهم تنشئة صحيحة من جميع النواحي».

وفيما يتعلق بالإبلاغ عن حالات سوء المعاملة للطفل، نصت المادة (46) على أنه «يجب على كل من وصل إلى علمه معلومات تتعلق بتعرض طفل لأي من حالات سوء المعاملة أن يبادر إلى الإبلاغ عن ذلك إلى أي من الجهات المنصوص عليها في المادة التالية، وأن يزوّدها بما قد يكون لديه من معلومات في هذا الشأن»، وحددت المادة (47) الجهات المعنية وهي: مركز حماية الطفل المنصوص عليه في المادة (43) من هذا القانون، النيابة العامة، مراكز الشرطة، الجهات المسئولة بوزارات العدل والداخلية والصحة والتربية والتعليم، وعلى الجهات المنصوص عليها في البنود (2) و(3) و(4) في حالة تبليغها عن أي من حالات سوء المعاملة أن تبادر إلى إخطار مركز حماية الطفل بكل الوقائع التي تم التبليغ عنها.

كما كفل القانون في الباب السابع حماية الطفل من سوء المعاملة، وأشارت المادة (44) «يُقصد بسوء المعاملة في تطبيق أحكام هذا القانون، كل فعل أو امتناع من شأنه أن يؤدي إلى أذىً مباشر أو غير مباشر للطفل يحول دون تنشئته ونموه على نحو سليم وآمن وصحي، ويشمل ذلك سوء المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية أو الإهمال أو الاستغلال الاقتصادي. ويقصد بسوء المعاملة الجسدية، كل فعل من شأنه أن يؤدي إلى الإيذاء الجسدي المتعمد للطفل. ويقصد بسوء المعاملة النفسية، كل فعل من شأنه أن يؤدي إلى الإضرار بالنمو النفسي والصحي للطفل. ويقصد بسوء المعاملة الجنسية، تعريض الطفل لأي نشاط جنسي، بما في ذلك إظهار العورة أو المداعبة أو الإيلاج (الفرجي أو الشرجي) أو الشروع فيه أو تعريض الطفل لمشاهدة الأفلام أو الصور الإباحية أو استخدامه في إنتاجها أو توزيعها بأي شكل. ويقصد بالإهمال، عدم قيام الوالدين أو من يتولى رعايته بما يجب عليه القيام به للمحافظة على حياة وسلامة الطفل».

ونصت المادة (45) على «استثناء من أحكام المادة (9) من قانون الإجراءات الجنائية، لا يشترط لرفع الدعوى الجنائية المتعلقة بسوء معاملة الطفل الجسدية أو الجنسية تقديم شكوى شفهية أو كتابية إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي، ولا يجوز في جميع الأحوال التنازل عن الدعوى الجنائية المتعلقة بسوء معاملة الطفل، وإذا وقع سوء معاملة الطفل الجسدية أو الجنسية من الوالدين أو ممن يتولى رعايته، تولت النيابة العامة تعيين من يمثل الطفل قانوناً».

المصدر: جريدة الوسط