فقدٌ للعاطفة يورث علاقة آثمة
أنا فتاة أبلغ من العمر تسعة عشر عاماً.. غير متزوجة.. تعرفت على شاب من معارفنا كان يريد الزواج مني.. غير أن أهلي رفضوه لعدة أسباب..! أصبح يهاتفني.. واستدرجني عدة مرات خارج المنزل ومارس معي الفاحشة..! ولم أكن أعلم أن ذلك هو الزنا وأنه محرم.. بدأت أحس بذنبي وبعدي من الله عز وجل.. دعوت على نفسي بالموت.. فكرت بالانتحار.. فأنا لا أستحق العيش على أرض الله لأنني عاصية.. كان هذا الذئب يحيطني بعاطفة لم أجدها عند أمي وأبي وإن كانا لم يقصرا في أي أمر مادي.. غير أنهما لم يحتضنانني.. ولم يسألا عما أعانيه!
أستشيرك يا شيخ ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد قرأت مشكلتك مرارا، وحزنت كثيراً من هذه القصة المؤلمة، وتأثرت بشدة من هذه العاقبة السيئة التي وصلت إليها، وأنت في بلد إسلامي، وقد وصلت إلى مرحلة التعليم الجامعي، ولا تعرفين الزنا وعقوبته، ولا أدري أصدق أم لا أصدق؟
ولكن بنيتي أنا مشفقة عليك وناصحة، ومحبة لك الخير، فأرجو أن تفهمي كلامي جيداً، وتستوعبي ما أطلبه منك، حتى أصل بك إلى بر الأمان بإذن الله، وأن تعاهدي الله على الصدق مع نفسك، وأن هدفك نجاتها من النار وغضب الله.
أولاً: التوبة الصادقة مع الله، والتوبة الصادقة لها شروط لابد من توفرها حتى يقبلها الله ويغفر لصاحبها، وشروطها ثلاثة: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما حصل، والعزم أن لا يعود إليه. فإذا توفّرت هذه الشروط فالتوبة صحيحة، وإذا اختلّ شرطٌ منها فهي توبة غير صحيحة. وأنا ألمس من حديثك صدق التوبة، ومرارة المعصية، وحسرة الذنب، وأسأل الله أن يقبل توبتك، ويطهر قلبك من مرض الشهوة، ويذهب عنك ظلمة المعصية.
وإذا تاب الإنسان إلى ربه توبة صادقة خالصة: فإن الله سبحانه وتعالى قد وعد بأنه سيقبل توبة التائب، بل ويعوضه حسنات، وهذا من كرمه وجوده سبحانه وتعالى، قال تعالى: “وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاًآخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً. إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً”.
ثانياً: لابد من قطع العلاقة فوراً مع هذا الشاب، فهو ذئب جائع، ووحش كاسر، استغل براءتك، وسرق فضيلتك، ولطخ شرفك، وليس صادقاً في حبه لك، وهو لا يرضى هذا لأخته أو أمه فكيف يرضه لك، وإن كان صادقاً في الزواج منك، فعليه التوبة الصادقة من هذا الذنب ثم يتقدم لأهلك ويطلبك مرة أخرى، ويوسط أهل الخير في ذلك.
ثالثا: إياك أن تيأسي من رحمة الله أو تقولي لن يغفر الله لي فإنه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون. وما دمت قد تبت فعليك برجاء رحمة الله ومغفرته.
رابعاً: عليك من الآن فصاعدا بالإكثار من فعل الحسنات لأنّ الحسنات يُذهبن السيئات ويرفعن الدرجات، ونسأل الله أن يغفر ذنبك وأن يثبتكِ على دينه ونرجو لك مستقبلا حافلا بالطاعات، وإنني أنصحك بصحبة الصالحات، والإكثار من النوافل من صلاة وصيام وصدقة وغيرها، والابتعاد عن مواطن المعاصي والفتن.
خامساً: لا يجوز للمسلم أن يدعو على نفسه، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضى الله عنه- قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم– “لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِى، وَتَوَفَّنِى إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِى”.
وأخيراً أسأل الله أن يغفر ذنبك ويقبل توبتك، ويكفر خطيئتك، ويرزقك الزوج الصالح الذي يعفك ويسترك، وأن يختم بالصالحات أعمالك، وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله أجمعين.
المصدر: موقع استشارات