ما زال يلاحقني شؤم الاغتصاب

أعاني منذ صغري ببعض الاعتقادات السلبية عن نفسي، وهي باختصار: أني في صغري تعرضت لكثير من التحرشات، نظراً لوسامتي، بل انتهكت استغفالاً لصغري، أو اغتصاباً، ويتبعه تعيير حتى أحياناً من أقرب الناس، فكانت حياتي مثل كابوس وعيش مع وحوش بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معنى… ثم منَّ الله عليَّ بالالتزام حتى تطورت في ذلك وأصبحت ممن يشار إليه في ذلك المنشط الذي كان سببا في ذلك، بل أصبحت الرجل الأول فيه، وهو نشاط جامعي بحكم أني أصبحت معيداً في نفس الكلية.. لا يزال معي كثير من الاعتقادات السلبية عن نفسي لدرجة لا تطاق؛ بحكم الماضي الأسود حتى أصل في بعض الأحيان إلى درجة حرجة عن نفسي وعن حياتي ورجولتي من حيث إدارتي لرجال لم يدنس شرفهم مثلي، وأني كما يقال -باختصار- مفعول به. أشيروا علي فأنا مقبل على الزواج وعلى ابتعاث خارجي (فهل إلى نجاة من سبيل؟) علمًا أني لأول مرة في حياتي أعرض الموضوع على أحد.. أرشدوني مأجورين..

الجواب

إن الحمد لله فاطر السموات والأرض، يا رب لك الحمد عدد خلقك وزنة عرشك ومداد كلماتك، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا… أما بعد:

أخي السائل الكريم:

بداية أخي الكريم أود أن أرحب بك عبر موقعنا (الإسلام اليوم)، وأشكر لك ثقتك فينا وفي القائمين علي هذا الموقع، وأسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعا إلى ما يحبه ويرضاه.

بداية أحب أن أحييك على التفوق والنجاح المهني الذي وصلت إليه الآن وأنت مازلت في سن صغير، وأتمنى أن يديم الله عليك هذا النجاح وأن يعمم في كل حياتك إن شاء الله وهذا إنما يدل على أنك شخص تمتلك كل مقومات النجاح في الحياة وإصرارك على التفوق، وأن يشار إليك على أنك شخص ناجح في عملك.

أما عن ما تعرضت له في طفولتك فدعنا نناقش الأمر من البداية، إن ما حدث لك شيء صعب لا أحد ينكر عليك ذلك، ولكنه ابتلاء من ربك، وانظر إليه بشكل إيجابي أنه لولاه ما كان إصرارك على أن تنجح وتتخلص من معايرة من حولك، وأن تثبت لهم أنك شخص شريف وناجح في حياته.

إذًا فقد كان هذا الحدث دافعا أدى إلى النجاح الذي تستمتع به الآن، فكم من شخص في مثل عمرك وأكبر لم يحدد له طريقا، ولم يحقق هدفا في حياته حتى الآن.

فلابد أن تفتخر بإنجازك في الحياة، وأن يكون ذلك دافعًا لزيادة ثقتك بنفسك، وأنك متميز عن غيرك بفضل الله عليك.

أخي الكريم:

أنا لا أنكر مدى قسوة التجربة التي مررت بها، لكني في المقابل أجد أمامي شخصية قوية كالصخرة التي تتفتت عليها أقوى الأمواج، فحاول وأنت لديك ثقة بنفسك وقدراتك أن تأخذ من التجربة القاسية هذه شيئا إيجابيا يجعلك تنظر إلى ما مضى في حياتك، وتقول لنفسك كم كان درسا قاسيا لكنني تعلمت منه الكثير، واكتسبت منه خبرة أستطيع من خلالها أن أحمي أي شخص يهمني من المرور بهذه التجربة مرة أخرى.

أما عن الجزء الآخر من سؤالك وأنك مقبل على السفـر والزواج….

من نعم الله عليك -والتي تستوجب منك الشكر وامتنان لله عز وجل- أنه جعلك متميزًا حتى تنال بعثه فيهبك الله فيها علما تنقله إلى غيرك، فتوكل على الله وثق في قدرته وثق في نفسك أنك ستنجح؛ فتوكل على الله وتعلم وانقل علمك للناس حتى تثبت لنفسك أنك أكثر نجاحا.

أخي الكريم:

إن الله سبحانه وتعالى خلقنا وجعل لنا من أنفسنا أزواجا نسكن إليها وجعل بيننا مودة ورحمة، ولكي لا تشعر بهذا الخوف الرهيب “فوبيا الجنس” بسبب ما تعرضت له منذ صغرك، فلتحاول تغيير وجهة نظرك ناحية الجنس، وأنك مفعول به، فهذه التجربة أدخلت في ذهنك أفكارًا سلبية حول الجنس.

وهذا ما أطلبه منك أن تحاول أن تغير وجهة نظرك في العلاقة الجنسية، فإن الله خلقك لتستمتع وليستمتع بك طرف آخر، وستكون أنت بما أنك الرجل فستكون أنت الفاعل ليس غير ذلك، ستكون أنت المسيطر على الموقف، ستكون رغبتك الأساسية أن تستمتع وتمتع زوجتك، ولتكن ثقتك بنفسك هي سيدة الموقف، وأن الرجل الشريف هو الإنسان الذي يملك القدرة علي اتخاذ القرار بالنجاح، ونجاحك في حياتك العملية ما كان إلا قرارًا أخذته بنفسك لنفسك.

والأمر لا يحتاج إلا لقرار مشابه أن تأخذ قرار أنك ستكون زوجا وأبا ناجحا، وأنا لدي الثقة الكاملة المستمدة منك أنك ستنجح في كل جوانب حياتك لأن النجاح لا يتجزأ.

وفي الختام أخي الكريم:

أرجو إن لم تستطع طرد هذه الأفكار -ولو أنني لا أتوقع ذلك- فحاول الاستعانة بمعالج نفسي حتى تتمكن من طرد هذه الأفكار من داخلك.

وتقبل دعواتي لك بالسعادة وبالنجاح والتوفيق في كل حياتك وتذكرنا دائما بالدعاء.

وإني أرحب بك دائما عبر موقعنا (الإسلام اليوم)، وأتمنى أن نتواصل معا وأن تخبرنا دائما بكل ما هو جديد لك، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياك إلى كل الخير، وأن يهب لنا الطمأنينة والسكينة والنفس الهادئة.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ومن والاه. والحمد لله رب العالمين.
المصدر: موقع الاستشارات