تحرش الخدم بالصغار..!!
أخبرني شخص أثق به كثيراً أنه تعرَّض في صغره إلى محاولة استغلال جنسي من طرف سائق أحد أقربائنا، واستحلفني ألا أقول شيئًا، ولم ألاحظ أبدا أي تصرف غريب للسائق، ولم يثبت بأنه قام بمثل هذه الأشياء، ولقد نصحت الشخص الذي التجأ إليَّ بضرورة الإفصاح عن سره، لكنه رفض مرارًا، وناشدني ألا أطلب منه ذلك..
فما واجبي أمام هذا الوضع؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أسأل الله أن يستر عيوبنا، ويحفظ أعراضنا وذريتنا، فإن حفظ الأعراض والعناية بها أمر مهم جداً، وهو من الضرورات التي دعا الإسلام لحفظها وعدم التساهل فيها، وكذلك فإن الاتهام وإلقاء الأقوال دون تثبت وتحقق من الأمور العظيمة التي نهى الشارع عنها، فقد قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” [الحجرات:6]. فأمر التثبت والتأكد والتوثق من الخبر أمر مهم جداً خاصة في الأخبار التي يترتب عليها أحكام شرعية أو دنيوية، أما بالنسبة للحالة التي ذكرتها فإنك لم تذكر عمر الشخص الذي أخبرك بالواقعة، وكم كان عمره حينها؟ لأن مدارك الأطفال تختلف حسب أعمارهم، فبعضهم قد يظن أن القبلة أو السلام والعناق هو استغلال جنسي، فلابد من تحديد نوع التحرش ووضوحه والتثبت منه، ولدي بعض التوجيهات تعينك على التصرف في هذه الحالة، أو أي حالة اعتداء أو استغلال جنسي:
أولاً: لابد أن نعلم جميعاً بأن الشهوة الجنسية هي فطرة جبل الله البشر عليها، ولكن الإسلام وضع الضوابط لضبطها، وصرفها المصرف المباح، وإشباعها بالطرق الشرعية المباحة، ولا يستثنى من ذلك أحد سواءً كان سائقاً أو خادماً أو خادمة أو أي بشر كان.
ثانياً: إذا عرفنا ذلك فلابد أن نتقيد بالضوابط الشرعية التي شرعت لضبط هذه الشهوة، كتحريم خلوة الرجل بالمرأة، أو الاختلاط غير المشروع، أو التساهل في حجاب البنات الصغيرات ولباسهن، أو حتى لباس الأطفال من الذكور خاصةً، وأن بعض الناس مبتلى بالشهوة الشاذة والميل للذكور.
ثالثاً: لابد من تعليم الأطفال وسائل وطرق الحفاظ على أنفسهم من الاستغلال الجنسي، ولكن بدون مبالغة وتهويل، وبأسلوب التعريض والمستوى البسيط الذي يفهمونه وتتحمله عقولهم، فقد نقول للطفل أو الطفلة لا تخلع ملابسك أمام الناس أبداً لأن ذلك عيب، أو نقول للطفل بخصوص العورة (هذا المكان احرص على ألا يلمسه أو يراه أحد؛ لأنه خاص بك، ولا يجوز لغيرك مشاهدته أو لمسه) وهكذا حسب استيعاب الطفل وفهمه.
رابعاً: في حالة حدوث استغلال جنسي لأحد الأطفال (لا قدر الله) لابد أن تتثبت من الطفل جيداً، وتتأكد من نوع هذا الاستغلال ودرجته، ولكن حذار حذار أن تهول الأمر أمام الطفل أو الطفلة؛ حتى لا تزيد تبعات هذا الاستغلال وتأثيره النفسي السيئ على الطفل، ولكن اسأل الطفل بطريقة غير مباشرة عن تصرف الطرف المعتدي عليه ومنذ متى وكيف؟ ثم اهتم بالطفل بشكل أكبر لعلاج ما قد يصيبه بسبب الاستغلال، وأؤكد على قضية التثبت، لأن بعض الأطفال قد ينسج قصصاً خيالية أو يضخم الأمور، أما بالنسبة للطرف المعتدي فلابد من الوقوف معه بحزم، وعدم التساهل أبداً، حتى لا يكرر فعله مع الآخرين، وإذا كان قد وقع فيما يوجب الحد الشرعي فلابد من مقاضاته، وعدم التساهل في ذلك.
خامساً: بالنسبة لوضع السائق الذي ذكرته في سؤالك، فأقترح عليك أن تجلس مع الشخص المعتدى عليه، وتأخذ منه تفصيلاً أكثر، فقد يكون السائق وقع في زلة سابقة ثم تاب ورجع، فالأنسب الحذر منه ونصحه، أما إذا كان لازال مستمراً على فعل الحرام فلابد من معاقبته، وإبعاده عن أماكن الأطفال ووجودهم. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
المصدر: موقع الاستشارات