مقترحات لمقاومة الشذوذ

أنا أعاني من الشذوذ، لكن ليس بيدي. بل أولائك الوحوش الآدمية الذين اعتدوا علي وأنا صغير في الرابعة من عمري، ولم أكن أعي شيئاً، وأخفيت الأمر عن الجميع، وعند بلوغي اكتشفت أني أهوى الذكران. ذهبت إلى الطبيب النفساني، ولم يجدِ نفعا.. أصلي وأدعو الله أن يخلصني مما أنا فيه ولكن دون جدوى، أما الآن فانا أحاول أن أصون نفسي من الوقوع فيه، لكن لن أكذب، فالقلب يهوى. أفيدوني مأجورين..

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي العزيز:
أسهل ما على الإنسان أن يحمِّل غيره أخطاءه، وأصعب ما في حل المشكلة هو اعتراف العبد بخطئه، لذا فإن مشكلتك ليس فيما تمارسه، بل فيما يسيطر على ذهنك وتفكيرك بأنك ضحية لـ “الوحوش الآدمية” فكأنك تبرر لنفسك عملك الشنيع، وفعلك القبيح، وهي حيلة شيطانية يستعملها إبليس مع الكثير من أهل المعاصي من أجل الاستمرار في معصيته، ثم الانتقال بعدها لما هو أسوأ منها.
كما أنك عوَّدت نفسك على الرسائل السلبية التي تقول فيها “أنا ضحية” و “أنا لا استطيع”، فمع تكرار تلك الرسائل قبلت النفس هذه الرسائل وصدقتها، وجعلته كالقميص الذي تلبسه، ولا يمكنها أن تلبس غيره.
وحتى لا أطيل عليك الكلام فحل مشكلتك بسيط جداً بالخطوات التالية:
– كن شجاعاً وصريحا مع نفسك، وقل إنك أنت المسؤول عن كل تصرفاتك بما فيها هذه العادة، فلا تحاول التملص من المسؤولية، نعم “الوحوش” هم من بدأ معك، ولكن هذا حين كنت صغيراً لا تعي ولا تستطيع أن تمنعهم، أما الآن فأنت رجل تستطيع التحكم بنفسك.
– كن على يقين من قدرتك على التخلص من هذه العادة القبيحة ولو بعد فترة، فلست أول من يقع ضحية ويتخلص، منها فالذين تخلصوا منها ليسوا بأقدر منك على نفسك، كما أن لدينا يقينًا بربنا وإعانته لمن يبذل الأسباب ويخلص نيته في معالجة نفسه بأن الله سيوصله إلى بر الأمان، وسيحقق له ما يريد، قال تعالى: “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا”.
– اقطع وفوراً كل ما له بهذه العادة من مواقع ومجلات وكتب ورسائل وصور و… وكذلك كل من يذكرك بها من الناس مهما كان موقعه بالنسبة لك، ومن باب أولى الذين تمارس معهم هذه العادة القبيحة والفعلة الشنيعة.
– تجنب كل وسيلة تذكرك بالموضع من قريب أو بعيد.
– احرص على كل ما يعينك -بعد الله- على سلوك الطريق المستقيم، والسير على درب سيد المرسلين، مثل الصحبة الصالحة، والكتب النافعة، والأشرطة المفيدة، والمواقع الجيدة…
– اشغل وقتك بالمفيد، ولا تعط للفراغ فرصة ليسيطر عليك، حتى لو كان هذا الانشغال بالمباح مثل ممارسة الرياضة والأحاديث الجانبية و…
– إذا جاءك التفكير بهذا الأمر فلا تسترسل معه بل غيره مباشرة، واشغل نفسك بشيء تحبه، ويفضل أن يكون عملاً، مثل الخروج من المكان، أو تنظيف الغرفة، أو الخروج مع أشخاص للنزهة أو محادثة هاتفية بموضوع آخر أو…. المهم غير الموضوع مباشرة.
– إذا دعتك نفسك للممارسة فأغلق على نفسك الباب، وابدأ بما لا تريده النفس، وحبذا يقربك إلى الله مثل الصلاة حتى لو لم تجد خشوعاً أو لا يزال التفكير في الممارسة أثناء الصلاة، فمع الوقت وكثرة التطبيق ستجد النفس أنها أمام الصلاة التي قد لا ترغبها حالياً، وكذلك الشيطان لا يريدك أن تصلي، فسيحاول منعك من الصلاة فلا يجد سبيلاً إلا بترك الوسوسة في هذه العادة القبيحة.
– عاقب نفسك بأمر لا تريده عند التفكير في الموضوع، أو الاسترسال معه، ومن باب أولى ممارسته.
– اجمع معلومات عن مضار هذه العادة الدنيوية والدينية، وعلقها في غرفتك بحيث تراها في كل مكان تجلس فيه، وذكر نفسك بتلك العواقب.
– أكثر من مراقبة الله، وتخيل نظرة الله إليك في كل لحظة، فإذا دعتك نفسك أو تاقت للفعلة القبيحة ذكِّرها بنظرة الله إليها الآن. فهل ترضى أن تمارس تلك العادة والله ناظر إليك مع قدرته –سبحانه– على معاقبتك.
– أكثر ثم أكثر ثم أكثر من الدعاء لله تعالى بالإعانة والتوفيق، ولا تنس أن دواعي قبول الدعاء تقديم عمل صالح لا يعلم به إلا الله وحده من صلاة أو صدقة أو خدمة أو بر والدين.
أخي الغالي: أنت قادر –بإذن الله– على التخلص من ذلك، وأنا على يقين بأنه لن تمر فترة بسيطة إلا وقد أصبحت رجلاً سوياً مقبلاً على الحياة بحيوية المؤمن ونشاط العاقل، فابدأ من الآن ولا تؤجل.
أسأل الله أن يعينك على نفسك، وأن يملأ قلبك من حبه، وحب من يحبه، وحب كل عمل يقربك إلى حبه.
المصدر: موقع الاستشارات