كيف أدرأ عنه آثار التحرش

اكتشفنا أن حارس استراحة زوجي قام بالتحرش بأحد الأطفال، بعدها انتابني شعور أنه ربما حاول بأبنائي، فحاولت استدراجهم للتأكد من الأمر، وكانت الصدمة الكبيرة بأنه قد قام بالفعل بتحرش كامل بابني الذي يبلغ من العمر اثني عشر عامًا، حيث يتحرش به كل يوم أربعاء خلال ثلاثة أشهر، مع العلم بأن ابني كان يقوم قبل سنة مع ابن عمه المقارب له في السن بهذا الفعل لكن بشكل خارجي لا يذكر، وكان قد وعدني بأن يخبرني إن تعرض لمثل هذا الأمر بعد أن شرحت له بالتفصيل كل ما يتعلق بهذا الموضوع دينيًّا واجتماعيًّا، الآن أخشى أن يكون ابني يبحث عن هذا الشيء مستقبلا، مع العلم أنه لا يخرج إلا معي ومع والده، حتى تحرش الحارس كان بوجود والده الذي كان يجلس مع أقاربه في غرفة قريبة، لا أعلم كيف أتصرف، هل يحتاج ابني لطبيب نفسي ليتخلص من هذه الذكرى؟ أرشدوني مأجورين..

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

أختي الفاضلة.. أحسست بمقدار الألم الذي تعانينه بسبب هذه الحادثة، والتي كثيراً ما تفاجئنا الأيام ونحن غافلون حيث (يأتي الحذر من مأمنه)، وفي دوامة الانشغال بالحياة نغفل عن بعض الأمور المهمة جداً في الحياة وبالذات في عملية التربية للأبناء، ربما لأننا نشعر بالأمان، أو أننا نأخذ بالحيطة والحذر، ورغم ذلك يحدث ما حدث لابنك حيث وقع في هذا الأمر وتكرر مراراً والأب لا يبعد عنه سوى بضع خطوات، لذلك لابد من طرح الموضوع مع زوجك ونقاشه في هذا الموضوع حتى يكون هناك مشاركة في حل هذه المشكلة من وجهين على العائلة بشكل عام وعلى ابنك بشكل خاص حتى تصلوا إلى بر الأمان، وهناك عدة أمور أنصحك بها:

الاهتمام بالأبناء جميعاً ونشر الوعي بخصوص ما حصل بصورة مبسطة، وعدم الخوض في التفاصيل الكبيرة، فلعل ابنك أخبر أحدًا من إخوته وهون له الموضوع، فقد تسول له نفسه بالتجربة، ثم تجدين نفسك واحدة مقابل اثنين أو أكثر لا قدر الله، وذلك بسبب ما لمست في رسالتك من أن ابنك غير متأذٍّ من الأمر بل كان برضاه مع الرجل، وقبله كان مع قريبه، ولعل هذا بسبب الجهل وعدم الوعي بخطورة هذا الموضوع من حيث حكمه الشرعي، أو الأضرار الصحية والاجتماعية والنفسية التي تنشأ بسبب هذا الفعل، ولعل ما يشفع لابنك أنه ما زال صغيرًا ولا يدرك هذه الأمور.

لابد من إعطاء أبنائك جرعة من الحنان والحب عن طريق تقبيلهم واحتضانهم ولمسهم والتربيت عليهم، وإسماعهم الألفاظ الجميلة والتي تعبر عن الحب والتقدير والتشجيع لذواتهم؛ حتى يتكون عندهم الإشباع العاطفي فلا يعودون يبحثون عنه بالصورة الخاطئة مع مرضى النفوس، ومن الأفضل أن تتكون هذه العادة الجميلة عند جميع الأسر حتى يكون أبناؤهم في مأمن، ويكون هذا السلوك طبيعيًّا ودائمًا وليس فقط في وقت وقوع المشكلة..

اجلسي مع ابنك وخصيه دون إخوته بالود، وأثني عليه في دينه وأخلاقه ورجوعه إلى الحق، واجعلي الكلام الإيجابي عن ذاته والكلام السلبي فقط على هذا الفعل لأنك حينما تفصلين السلوك وكأنه شيء دخيل عليه، والخطأ في السلوك وليس في الابن؛ فهذا يحفظ له كرامته وشخصيته، ويقوي المحبة بينك وبينه فيتقبل منك كل كلمة تقولينها لأنك حافظت على شخصيته.

لا تتحدثي في الموضوع دائماً، وكلما عمل سلوكًا خاطئًا ذكرته بماضيه، فهذا يجعله يتمرد ويتخذ ردة فعل ربما لا تتوقعيها، بل اجعليها بشكل خاص في بعض الأوقات وبشكل مختصر.

دائماً ازرعي مخافة الله في قلوبهم فهي الحامي لهم، وأن الرقيب هو الله موجود في كل زمان ومكان، أما إذا كنت أنت الرقيب فعندما تغيبي يحصل كل شيء نهيتهم عنه.

اجعلي عبارات إيجابية أو لوحات في غرفهم اكتبيها بخط جميل وعلقيها مثل (الله ناظري الله راقبي الله مطلع علي)، “أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى” [العلق:14]، (الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، وعززيها بعبارات أخرى إيجابية تدعو للثقة بالنفس والطموح وتعزز القدرات “همتي أعلى من قمتي”.

أنشئي ثقافة الحوار والصراحة داخل الأسرة بحيث يأتي أبناؤك ويخبروك بما حصل، ويحاوروك ويتناقشوا معك بدون خوف لأنهم يعرفون أنك سوف ترشدينهم إلى الصواب، وأنك بالرغم من قسوة ما يحصل فالمحبة لهم و النقد لسلوكهم.

إذا وجدتِ أنك غير قادرة على تعديل سلوك ابنك، أو اكتشفتِ رجوعه لهذا الأمر لابد من طلب أي معالج نفسي يقوم بعمل جلسات لتعديل السلوك حتى يتمكن ابنك من تجاوز هذا الموضوع.

لك ولجميع من يقرأ هذا الموضوع الحرص ثم الحرص على الأبناء وبالذات في الأماكن التي لا نحذر فيها مثل بيوت الأقارب والأهل، والحرص من وسائل الإعلام وخصوصا القنوات والإنترنت ورفقة السوء.

هدى الله أبناءنا وأبناءكم وجميع أبناء المسلمين، ووقانا شر الفتن إنه سميع مجيب.

وفق الله الجميع لكل خير.
المصدر: موقع استشارات