سعار الشهوة

أنا كنت مؤمنة صالحة، ثم ابتليت بمشاهدة بعض المواقع الجنسية، والعادة السرية، ثم تبت والحمد لله ولم أرجع لها، مع أني كنت أتوب وأرجع لها مرة أخرى، وفي بعض الأحيان تهيج شهوتي، فأقوم بقراءة القصص الجنسية على النت وأكتفي بها، وأنا أشعر بالذنب، وأريد الإقلاع عنه.. أرشدوني ماذا أفعل؟ وهل سيقبل ربي توبتي؟ فأنا أحس أن الله سيعاقبني..

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
تذكر الحكايات أن سيدنا يوسف –عليه السلام- عندما كان يقاوم امرأة العزيز وهي تراوده عن نفسها توقفت فجأة، وانطلقت إلى تمثال في الحجرة فغطته بخمار لديها، فسألها عليه السلام: لِمَ فعلت ذلك؟
أجابت وهي تعود إليه: إن هذا تمثال لإله أعبده، وأخجل أن أراه وأنا في ذلك! وهنا اشتدت مقاومة يوسف، وانطلق إلى الباب هاربا من المعصية وهو يقول لها: تخجلين من إله تعبدينه من حجر لا يسمع ولا يرى، وتستكثرين علي أن أخجل من إلهي وهو سميع بصير؟! فما حال ربك ألم يقل (ألم يعلم بأن الله يرى)؟!
أختي الكريمة، لا قصص بعد اليوم، فأمامك مهمة؛ كبيرة حتى لا يأتي الناس يوم القيامة حبيبهم صلى الله عليه وسلم بعفة وطهارة ونقاء واستعلاء على الشهوات، وتأتيه أنت بقصص تافهة لا قيمة لها.
يبقى أمران:
أولهما: مغالطة وعدم فهم وجدتها في رسالتك حين قلت:( في بعض الأحيان تهيج شهوتي فأقوم بقراءة القصص الجنسية).
إن الشهوة يا بنيتي لا تهيج وحدها، وإنما نحن الذين ندفعها للضغط علينا داخليا بالفكر وأحلام اليقظة، وخارجيا بالنظر إلى الصور وقراءة القصص والسماع الموحي واللمس، ومعلوم أن شهوة المرأة داخلية، وشهوة الرجل خارجية، وتحتاج شهوة المرأة كي تستعر إلى فعل، وهذا كله يبين دورك في تسعير الشهوة فانتبهي.
أما الاشتعال الذي لها فإن الله سبحانه وتعالى جعل له مصرفًا في حالة عدم الزواج في تلك الأحلام التي تسمى الاستحلام، ثم وضع الشرع سبلاً للاستعفاف وإطفاء الشهوة المشتعلة، أولها سنة الصوم، وعدم النوم على البطن، وعدم مشاركة أحد -ذكر أو أنثى- في الفراش إلى حد تلامس الأجساد (نهى صلى الله عليه وسلم أن يجتمع رجلان في لحاف واحد) والنهي يقع للنساء أيضا، وبيّن الطب سبلاً لهذا، منها التقليل من المواد الحريفة، والاغتسال بالماء البارد، وأنصحك بعدم الدخول إلى الفراش إلا وقد غلبك النوم، وإذا أصابك أرق فقومي من فراشك، وأنصحك بمشاركة أسرتك حياتهم الاجتماعية، والتقليل من الانفراد بنفسك، وأخيرا أنصحك أن توطدي العلاقة بأبيك، وتقتربي منه وتقبليه وتعانقيه عند حضوره وعند أصرافه، فقد أثبت العلم أن طاقة الشهوة يمكن أن تتحول إلى طاقة عاطفية نبيلة مثل طاقة حب فتاة لأبيها.
أما الأمر الثاني فهو موقفك من الله، فيكفيك أن الله غفار لمن تاب، وهو الذي يقبل التوبة من عباده، فسارعي بعد كل خطأ بالتوبة، والصلاة ركعتين بنية التوبة، وهكذا حتى يتوب الله عليك. أما أنه يعاقبك فالله أرحم بنا أن يعاقبنا، فقط أحسني اللجوء إليه، واستعلي بدورك ومقامك، واسأليه الفردوس الأعلى، وإذا خفتيه ففري إليه، وابكي على خطيئتك، بل ابكي أثناءها، وأظهري لله ضعفك، فلا يرد الله عاص بضعف، إنما ينتقم من المستهين.
المصدر: موقع الاستشارات