إعجاب.. فتعلّق.. فتعارف.. فحبّ.. ففاحشة!

أنا امرأة مطلقة عانيت مشكلات نفسية كبيرة بسبب طلاقي.. إلى أن دخلت عالم الإنترنت، وكان توجهي يميل إلى قراءة مواضيع المنتديات.. شد انتباهي من خلال تصفحي مواضيع مميزة وراقية لشاب في أحد المنتديات.. ترددت كثيرًا قبل أن أنوي التعرف على ذلك الشاب، لكن شدة إعجابي به وبحروفه دفعتني أن تعرفت به.. ومن ثم تقارب الأفكار، ومن ثم التواصل عبر الهاتف، إلى أن تطورت علاقتنا إلى الحب، واتفقنا أن نلتقي.. أنا أحس بالخجل مما سأكتبه لكم الآن؛ فقد حصل أن التقينا أكثر من مرة وفي المرة الخامسة ارتكبنا الفاحشة؛ فرغبتي الجنسية القوية، وحبي له، واشتياقي للعلاقة الزوجية لم يجعلني أستطيع أن أمنع نفسي.. أستغفرك ربي وأتوب إليك.. لا زلت على علاقة بهذا الشاب، وعلاقتنا مبنية على أساس أنه في يوم سيجمع مبلغًا معينًا من المال وسنتزوج، وأنا واثقة من هذا الشاب. أرجو المساعدة ماذا أفعل، هل أبتعد عنه؟ هل أطلب منه أن يأتي ليتزوجني؟ وهل يجوز أن يكون بيني وبينه زواج سري إلى أن يستطيع التقدم بشكل رسمي أمام عائلتي؟

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

الحمد لله ب العالمين… اللهم لك الحمد حمدا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت بعد ذلك… اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلـم تسليما كثيرا.. ثم أما بعد:

أختي السائلة:

بداية أحب أن أرحب بكِ عبر موقعنا “الإسلام اليوم” وأتمنى أن يدوم التواصل بيننا وبين كل من يحتاج المساعدة، وأن يوفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى إنه نعم المولى ونعم النصير.

إنني أشعر بما تشعرين بـه أختي من ألم نفسي كبير بسبب طلاقك وأنتِ لا زلتِ في بداية حياتك، لكن اسمحي لي أن أقول لكِ أن هذا ليس مبررا لأن تتركي نفسك فريسة في يد الفراغ القاتل كما أحل الزواج فالله عز وجل يقول في كتابه العزيز: “وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا” [النساء:130].

فالطلاق ليس سيئا ما دام هو الحل الأخير بعد استنفاذ كل الحلول الممكنة، وما بعد الطلاق هو حياة أيضا، فلا تغفلي وتنسي نفسكِ وتستسلمي إلى ما يغضب الله بحجة اشتياقك للعلاقة الزوجية.

بل إن الفراغ الذي وضعتِ نفسكِ فيه هو الذي ألقى بكِ إلى هذه العلاقة التي لا يرضى الله عنها أبدا، ولا ترضي عنها أنتِ نفسكِ؛ لأنكِ في البداية تخافين الله، وتخافين على نفسك وأهلك.

وقرار الطلاق أيا كان ظروفه المحيطة به فهو قرار مشترك، ولو كنتِ لا تعلمي أنه الأفضل لكِ لكنتِ ككثير من النساء الذين يعيشون حياة زوجية وهم لا يرغبون فيها لا لشيء إلا لأجل الأولاد، أو لأجل الإشباع الجنسي، أو لأجل أي شيء يرونه أفضل من أن تنهى الحياة الزوجية لها.

أختي وحبيبتي:

الطلاق حل اختياري، ومفتاح لبداية حياة جديدة تحددين أنتِ وحدك ملامحها، لا يعينك فيها أحد ولا يتحمل عواقبها سواكِ.

أما عن علاقتكِ بهذا الشخص فأنا أرى فيها الكثير من الأخطاء التي لم ترعى لها بالاً فلقد تعرفتِ عليه بطريقة لا تسمح لأي أحد في الدنيا أن يكون فكر في أي شخص عبر الإنترنت، لكنكِ تعلمين جيدا أن هذه الأفكار يغلب عليها الطابع المثالي الذي يرغب هذا الشخص أن يكون عليه وليس طبيعة شخصية فيه هو نفسه.

أما عن سماحك لنفسك بدافع حبك له، واشتياقك للعلاقة الزوجية بأن لا تستطيعي أن تمنعي نفسك عنه، وتقدمين على ما يغضب الله، وتستمرين فيه إلى الآن، فليس له أي مبرر مهما كانت الظروف.. أختي وحبيبتي لقد أخطأتِ بحق الله أولا، وبحق نفسك وأهلك ولكن خير الخطائين التوابون.

وفي الختام أنصحكِ بالابتعاد عن هذا الشخص تماما؛ لأن حجة تجميع المال لا تنتهي، وليست مبررًا لأن يتأخر هذا الشخص في طلب الزواج منكِ، فلقد منحتيه ما ليس من حقه وهو ارتضى به، فمن المنطق أن لا يكون له رغبة في بذل الجهد والوقت حتى يستطيع أن ينال ما ليس من حقه إلى الآن، أما عن فكرة أن يكون بينكمًا زواجا سرا لا أوافق أبدا على هذه الفكرة.

أختي وحبيبتي:

اعتبري هذا الخطأ في حياتك خطأ لن يتكرر، وانوي على التوبة لله بالابتعاد عن هذا الشخص تماما، وكفي عن التفكير فيه لأن هذا ليس في صالحك أبدا، وعلاقة كهذه ليس مقدر لها النجاح إطلاقا، فالله لا يرضى عنها، واعلمي جيدا أن (ما يولد في الظلام لا يستطيـع أن يعيش في النور).

كما أنصحكِ أختي أيضا بأن تختاري لنفسكِ طريقا تبني فيه نفسك بعيدا عن الفراغ القاتل، وبعيدا عن الإنترنت الذي لا يفيد أكثر مما يضر، اجعلي استفادتك منه للثقافة والاطلاع فقط.

واسعي لأن تبني نفسك فابحثي عمّا يشغل حياتك وتشعرين به بإنجاز يحقق لكِ ذاتك، ويبني نفسك فكريا ونفسيا، ويعطي لك الفرصة للاختلاط بالناس اختلاطاً مباشرًا أو يكون حكمك عليهم منطقيا ليس من خلال ما يعرضونه لكِ عبر الإنترنت، ولكن من خلال مواقفهم وتصرفاتهم التي يقومون بها أمامك.

وأتمنى من الله تبارك وتعالى أن يقدر لكِ الخير ويلهمكِ الصواب، ويمنحكِ البداية الجديدة التي تكون طريقا لتكوين بيتا زوجيا سعيدا تكونين فيه نعم الزوجة التي اختارت زوجها بحكمة، ونعم الأم التي تربي بناتها على الفضيلة والله يوفقنا جميعا إلى ما يحب ويرضى.

وأتمنى أن تكوني معنا على تواصل دائما على صفحة الاستشارات المتميزة بموقع الإسلام اليوم، والله سبحانه وتعالى أسأل أن يحفظكِ وبنات المسلمين من أي مكروه وسوء.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ومن والاه. والحمد لله رب العالمين.
المصدر: موقع الاستشارات