أوهام الشذوذ الجنسي

تبدأ قصتي عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري، عندما تم الاعتداء علي جنسياً، ثم تكررت معي مرة أخرى عندما كنت في التاسعة عشرة، والعشرين من عمري، وسؤالي هو أنني أحس بميولي للنساء، ولكن أحيانا تراودني الأحاسيس بميولي للرجال أي بأن أكون المفعول به، وذلك بتذكري للأعمال السابقة، مع أنني أتأثر بصور النساء، فهل أنا شاذ جنسياً أم هي مجرد أحاسيس، أفيدوني عاجلاً حيث تراودني أفكار بارتكاب الزنا؛ لكي أتأكد من أنني أميل للنساء.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
الأخ السائل الكريم:
لقد خلق الله البشر، وفطرهم على ميل كل من الجنسين للآخر، فجعل في الرجل ميلاً فطرياً للمرأة، وجعل في المرأة ميلاً فطرياً للرجل، ونظم الشارع الحكيم تحقيق متطلبات هذا الميل، وإشباع الغريزة من خلال تشريع النكاح الذي جعله الله تعالى وسيلة لعمارة الأرض، ورغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم وجعله من سنته.
وقولك بأنك تتأثر بصور النساء يدل على أنك سوي الفطرة، وأن ميولك طبيعية صحية، ولذلك عليك أن تصرف نظرك، وتغض بصرك عما حرمه الله عليك.
أما ما ينتابك من أحساس أو توهم بالميل للشذوذ فهي أفكار ناتجة عن تعرضك للاعتداء الجنسي في الفترات السابقة من عمرك.
وليس هناك مبرر لتقبل ذلك منك وأنت ابن أربع عشرة سنة قد بلغت فيها الحلم أو قاربت، فليس لك مبرر في الوقوع تحت الاعتداء مرة أخرى وأنت ابن تسع عشرة أو عشرين سنة، فعليك بالتوبة إلى الله تعالى والاستغفار.
لقد أهلك الله تعالى قوم لوط، وأوقع بهم ثلاثة أنواع من العقوبة، فجعل عالي أرضهم سافلها، وأرسل عليهم الصيحة، وأمطر عليهم حجارة من سجيل بسبب ارتكابهم لفاحشة اللواط، وهذا مالم يقع لغيرهم من الأمم التي أهلكها الله سبحانه.
يقول الله تعالى: “فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ* مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ” [هود:83].
وقال تعالى عن قوم لوط: “لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ” [الحجر72-76].
وقال في سورة أخرى: “قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ * فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ * وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ” [الذاريات31-36].
والشرع أمر بقتل من يرتكب هذه الفاحشة لبشاعتها وشناعتها، سواء كان فاعلاً أو مفعولا به.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به” رواه أبو داود، والترمذي وابن ماجة.
وقال صلى الله عليه وسلم: “ملعون من عمل بعمل قوم لوط” رواه الإمام أحمد في مسنده.
اعلم يا أخي الكريم أن الشيطان يستدرجك للوقوع في الفاحشة، فيخيل لك أنك لا تميل إلى النساء، وأنك لن تكون قادراً على المعاشرة الزوجية، لأنك لست مكتمل الرجولة ونحو ذلك.
وعندما يأتيك مثل هذا الشعور والإحساس قاومه وأشغل نفسك عنه؛ حتى لا يتحول إلى أفكار، ومن ثم خطوات عملية تتردى من خلالها في الفواحش نسأل الله لنا ولك العافية.
ولكي تتخلص من تلك الأفكار والوساوس عليك بما يلي:
1- أبعد عنك الأفكار بأنك مثلي، وثق تماماً بأنك رجل قد خلقك الله مكتمل الرجولة، فلا تمسخ رجولتك بتلك الأفكار الخبيثة.
2- استحضر حرمة هذا الفعل وآثاره السيئة وصورته القبيحة، لتنفر منه نفسك، ويبغضه طبعك، ولا يكون له محل في ذهنك.
3- تمسك بالعبادات والطاعات، واعمل على تقوية إيمانك بالإكثار من الأعمال الصالحة.
4- اعلم أن الممارسات الجنسية المنحرفة والشاذة هي سبب للوقوع في غضب الله وعقابه، كما أنها سبب للإصابة بالأمراض الفتاكة كالإيدز وغيره، فالله خلق الدبر لإخراج الفضلات، ولم يخلقه للوطء المحرم، ولو كان من الزوج لزوجته فكيف لو كان بين رجلين عياذا بالله من غضبه وعقابه.
5- إذا طرأ على تفكيرك شيء من هذه الأحساسيس فقاومه، وقم بعمل من الأعمال الصالحة لتنقية قلبك وإيمانك من هذه الأفكار، كأن تتصدق كلما فكرت في ذلك، أو تصلي ركعات لله تعالى، أو تصوم يوماً أو أياماً أو نحو ذلك، لأن الله سبحانه يقول: “وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ” [هود:114].
6- اجتهد في توجيه تفكيرك نحو الزواج، فهو المصرف الطبيعي والفطري والشرعي للطاقة الجنسية، فإذا لم تستطع الزواج بسبب العقبات المادية في ذلك فعليك بالصوم فإنه لك وقاية بإذن الله حتى تتمكن من الزواج، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” رواه البخاري ومسلم.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر: موقع استشارات