التحرش الجنسي بالأطفال

أصبح التحرش الجنسي بالأطفال ظاهرة تخشى الكثير من الأسر الإفصاح عنها رغم أنها موجودة في معظم المجتمعات، عربية كانت أم غربية، Sample Image
و«المتحرش» حسب تعريف العلماء هو شخص يكبر الضحية بخمس سنوات على الأقل وله علاقة ثقة وقرب للضحية، وقد دلت الدراسات أن أكثر من 57 من المعتدين ممن لهم علاقة قرب مثل أب، أخ، عم، خال، جد أو معروفين للضحية.
ويتم الاعتداء عن طريق التودد أو الترغيب: من خلال استخدام الرشوة، والملاطفة، وتقديم الهدايا، أو الترهيب والتهديد والتخويف من إفشاء السر أو الكشف عن الاعتداء: وذلك عن طريق الضرب، أو التهديد بالتوقف عن منح أشياء للطفل اعتاد عليها كالخروج لنزهة أو شراء حلويات.. والخطير في الأمر هو أن هذا الاعتداء يتم بسرية كاملة، حيث يلجأ المعتدي بإقناع أو ترهيب الطفل بضرورة إخفاء الموضوع وعدم الكشف عنه، ونادراً ما يستخدم المعتدي القوة مع الضحية خوفاً من ترك آثار على جسمها، الأمر الذي يثير شكوكاً حول ذلك، وهو في الغالب يلجأ لذلك عندما يضطر خوفاً من افتضاح أمره.

ما الأعراض التي تظهر على الطفل المتحرش به؟

يشير د.حسن الموسوي إلى أن هناك أعراضا تظهر فجأة على الطفل، ربما تشير إلى أنه تعرض للتحرش الجنسي منها:
يصبح نومه مضطربا ويعاني كوابيس مزعجة.
لا يأكل او تقل قابليته للطعام عن ذي قبل.
يتغير مزاجه حيث يصبح سريع البكاء وسريع الهيجان والإثارة.
يلاحظ عليه الانطواء والانعزال عن زملائه وأفراد أسرته.
يشعر بالخوف الشديد.
يصبح سلوكه أكثر عدوانية.

أعراض الاغتصاب

ويمكن معرفة تعرض الطفل للاغتصاب عن طريق العلامات الجسدية، حيث تقول الدكتورة أمل نجم وهي أخصائية أمراض أطفال نفسية وعصبية إن صعوبة المشي والملابس الممزقة أو ملابس داخلية ملطخة بالدم أو الإحساس بالألم أو بالرغبة في الحك بالأعضاء التناسلية والإصابة بالأمراض التناسلية خصوصاً قبل سن المراهقة،

وهناك أيضاً مؤشرات نفسية مثل إبداء الانزعاج أو التخوف أو الرفض الذهاب إلى مكان معين أو بالبقاء مع شخص معين أو الاستخدام المفاجئ لكلمات جنسية أو أسماء جديدة لأعضاء الجسم الخاصة والشعور بعدم الارتياح أو الرفض تجاه العواطف الأبوية التقليدية ومشاكل النوم على اختلافها، القلق والكوابيس ورفض النوم أو الإصرار المفاجئ على إبقاء النور مضاءً والتبول الليلي.
أما الآثار النفسية للتحرش الجنسي بالأطفال فإن آثارها عميقة على نفسية الأطفال، حيث يصابون بنوع من الخوف والفزع خصوصاً من والديه خوفاً من أن يكتشفا الأمر وكأنه هو الذي ارتكب الجريمة ولم يكن ضحية اغتصاب أو يخاف من الشخص الذي اعتدى عليه وكأنه هو الذي ارتكب الجريمة خصوصاً إن كان قد هدده بالقتل أو بأي شيء إن أفشى سره لأحد، والخطر أيضاً هو أن يتلذذ الطفل من الحالة وبالتالي ينحرف إن لم يلاق النصح والإرشاد.
وينصح الاطباء الأم أن تدرك ميل الأطفال الفطري للمعرفة لذا عليها عدم الهروب من الأسئلة المحرجة، بل على العكس أن تستغل فرصة السؤال لتشرح له لأنه سيكون متقبلاً لما ستقوله وسيستوعبه كما يجب إعطاؤهم المعلومات على دفعات وليس مرة واحدة عن طريق كتاب وأخرى عن طريق شريط أو أي طريقة أخرى حسب نوع الطفل وعمره، ومن المعلوم أن مظاهر النمو الجنسي عند الأطفال تبدأ في وقت مبكر جداً إذ إنه خلال الشهور الأولى يكتشف الرضيع جسده ويقوم ببعض السلوكيات التي تحقق له الإحساس باللذة.
فعندما يقوم الرضيع مثلاً بوضع إصبعه في فمه فذلك ينتج عنه إحساس يهدئ روعه في انتظار ثدي أمه وبعد ذلك يكتشف الطفل الأعضاء الجنسية ويشرع في اللعب بها وآنذاك يكتشف نوعاً من الإحساس باللذة وعندما يفهم الطفل يتولد لديه إحساس بالآخر عن طريق العاطفة والحب، خاصة اتجاه أمه.
العلاقة بالجسد
وعن علاقة الطفل المغتصب بجسده يقول الدكتور أحمد عبدالرحمن أستاذ علم الأخلاق عندما يغتصب الطفل يحس إن جسده انتهك، وعموماً يحمل الأطفال المغتصبون فكرة سيئة عن أجسامهم، حيث تصبح مصدر إزعاج لهم بحيث تصبح علاقتهم بأجسادهم علاقة متوترة، وهكذا يكون الاغتصاب عرقلة في نمو الطفل وتطور أفكاره حول كل ما هو جنسي أو ما له علاقة بالجنس لذا يجب علينا كمربين أن نسعى لتربية الأجيال وتوضيح ذلك حتى يتسنى لهم الاعتماد ومعرفة أنفسهم وصيانتها من التحرش أو الاستدراج للاغتصاب.
أما الدكتور إبراهيم عيد رئيس قسم الصحة النفسية كلية التربية جامعة عين شمس فيقول: إن الأسرة عليها جانب كبير في هذه الظاهرة فالمفروض أن توعي أطفالها وألا تسمح لهم بالمبيت عند أقاربهم ممن يسيء استخدام مثل هذه الأمور؛ لأن الطفل عندما يحدث له هذا الفعل المشين فإنه يؤثّر على نفسيته وعلى سلوكياته ويجعله ناقماً على المجتمع وتترك أكبر آثارها عندما يستخدم الطفل لمرات متعددة فمن الممكن أن توصله إلى الانحراف وكلما تم الاكتشاف المبكر لهذه الحادثة كان أفضل.
ولا بد أن تقوم الأسرة بتربية الأطفال التربية الصحيحة وأيضاً تربيتهم تربية جنسية وتعطي مساحة من الحوار وإن أي اضطراب يحدث للطفل لا بد أن يتعاملوا معه بشكل مبكر من قبل الأم والأب.التدمير نفيساً

فيما يؤكّد الدكتور إبراهيم جمال استشاري علم نفس في دولة الكويت أن للتحرش الجنسي بالأطفال آثاراً نفسية سيئة على الطفل مما يصيبه بحالة اكتئاب وإحباط خاصة بعد أن يشعر بالصدمة التي تؤدي لتدميره نفسياً، حيث يفقد الثقة في كل من حوله ويعاني من عزلة وانطواء، ويقول: في بعض الأحيان يعتاد الطفل على ممارسة الشذوذ الجنسي ويجد فيه نوعاً من المتعة فيستمر في تلك الممارسات غير السوية ويمارسها مع نفسه أو مع الكبار وهذا بالتأكيد يمثل خطورة على المجتمع..
كما يشير د. جمال إلى أن جرائم التحرش الجنسي بالأطفال أو الاغتصاب ازدادت بشكل كبير في المجتمع بمختلف أنواعها وهذا ما يؤكّد وجود خللٍ في شخصية الجاني خاصة عندما يقوم بقتل الضحية.
ويضيف: ولعل أبرز الأسباب التي أدت لزيادة هذه الجرائم هو وجود أطفال الشوارع؛ وهؤلاء الأطفال لديهم علاقات غير سوية، كما أن انتشارها في المناطق العشوائية التي يتدنى بها أسلوب التربية السليمة له دور في ذلك إلى جانب الفقر المادي والصحي والجهل فتمارس الغرائز مع الأطفال ويستغل صاحب العمل الطفل الذي يمكن السيطرة عليه ويمارس معه التحرش الجنسي لإشباع رغباته، مشيراً إلى أن لوسائل الإعلام دوراً كبيراً في الإثارة التي تدفع إلى التحرش الجنسي الذي نجد أنه منتشر ضمن نطاق أُسري أيضاً كانشغال الأبوين في العمل وعدم وجود الوعي والرقابة لدى الأطفال كما تتزايد هذه الاعتداءات بشل كبير في مؤسسات الأحداث.خطورة الظاهرة

ويضيف الأستاذ الدكتور طلال الفلاح – اختصاصي علم اجتماع – أن التحرش الجنسي بالأطفال قضية خطيرة أصبحت تهدد المجتمع بأكمله وهي من أخطر الظواهر التي يتعرض لها أي مجتمع، وأن خطورة هذا الأمر هي أنها جرائم تتم في الخفاء إذ يخشى الأهالي الإبلاغ عن الجاني خوفاً من افتضاح أمرهم ولاعتبار أن ما حدث للطفل ما هو إلا جريمة بحقه وبحق أسرته والمجتمع.
كما يؤكّد على أهمية الوازع الديني والتربية السوية السليمة والرقابة الأسرية التي تجنب الأطفال الوقوع في هذه الأزمة والقضية الخطرة والحساسة، كما أن تأمين ظروف العيش للأسرة والعمل على تعليم الأطفال وعدم تركهم عرضة للشوارع سواء لكسب المال في سن مبكرة أو لقلة الماديات وترك الدراسة، لعلها أفضل ما يجب القيام به للحد من الظاهرة ومحاربتها.

معلومات تحمي أطفالكم

يشير د.جاسم حاجية الى ان على الأسرة أن تمد الطفل بالمعلومات التي تكون بمنزلة طوق النجاة من حوادث التحرش الجنسي، مثلا يجب توعية الأطفال باسلوب سهل بعيد عن الابتذال بأجسامهم، ويجب أن نقول لهم انه ليس من حق أي شخص لمس أجسادهم.

والطفل ذكي يعرف اللمسة البريئة من غير البريئة.
كما يجب أن ننبههم إلى عدم الوثوق بالغرباء بسهولة، ولابد أن نعلمهم حسن التعامل مع الأزمات، وكيفية التصرف في حالة تحرش أحد بهم، لأن الطفل في هذه السن لو كان غير مدرب على التصرف سيحدث شلل لتفكيره. لذلك يجب على الأسرة أن تطلب من الطفل الصراخ بصوت عال وطلب النجدة في حالة التحرش به، فهذا التصرف قد يساعد في نجاته. أيضا يجب أن نعلمه أن يعض يد المتحرش لو كتم أنفاسه. المهم أن نزرع في الطفل قدرة عدم الخضوع للمتحرش ومقاومته بذكاء.
المصدر: منتديات تايمز