بصمة الأب في حياة المراهق (رسالة لكل أب)

عن ابن عمر رضي الله عنه قال‏: ‏سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏: ‏«كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته‏: ‏الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته» (رواه البخاري ومسلم).

إن أكثر المراحل العمرية حرجاً هي فترة المراهقة فهي مرحلة متحيرة ما بين الطفولة المتأخرة وسن الرشد، وهنا تكمن مشاكل المراهقين، ففي هذه المرحلة يحتاج الأبناء (ذكور وإناث) لصداقة والديهم بشكل فعال لتوجيه سلوكياتهم بالشكل الصحيح لتفادي الأخطاء الناتجة عن قلة فهمهم للحياة وما يدور حولهم من عقيدة وثقافة وعادات وتقاليد.

وأسلط الضوء في مقالي لهذا الأسبوع على دور الأب في حياة المراهق، فهناك قلة من الآباء من يعتنون بأبنائهم المراهقين بملازمة صداقتهم والاعتناء بهم من حيث توجيه أهدافهم وشغل أوقات فراغهم بالمفيد واستغلال طاقاتهم في العمل المثمر، ومن خلال مقالتي أوجه لهم أجمل تحية وتقدير، فهم مثال يقتدى به، أما الفئة المهملة لأبنائهم والتي تلقي مسؤولية الأبناء كلها على عاتق الأم حتى الكبر خاصة الذكور، تلك الثقافة البائسة التي تكونت مع الحياة العصرية والتي لا تتغير للأفضل، فالشاب الصغير اليافع بحاجة إلى أب صديق يلازمه في اليوم والليلة، وذلك من خلال عمل برنامج له على سبيل المثال: اصطحابه للمسجد في كل فريضة ـ الاشتراك في ناد رياضي ـ الانتماء إلى جماعة صالحة ـ الاشتراك في ناد علمي ـ الخوض في الحياة الاجتماعية لتعلم ثقافة مجتمعة مثل (الديوانية ـ البر ـ البحر..)، فهناك الكثير من الأنشطة التي تشغل وقت فراغ الشاب الصغير من أجل حمايته من وحوش العصر ومنها (التدخين ـ الاستهتار ـ الاتكالية ـ التسكع بالأسواق ـ المشاهد الإباحية ـ العلاقات غير الشرعية ـ الكلام البذيء بين الأصدقاء ـ التحرشات بأنواعها ـ تدني المستوى التعليمي.. وغيرها الكثير).

«رسالة لكل أب معاصر» لكي تحمي ابنك أيها الأب الفاضل من تلك الانحرافات فهو يحتاج منك إلى (صداقة ـ توجيه طاقته وأهدافه ـ تشجيع هوايته وتوجيهها ـ الاحترام ـ الحب ـ التقدير ـ الثقة ـ الحوار ـ توجيه نظرته للأمور بالشكل الصحيح حتى يتمكن من رؤية الأمور بشكلها الصحيح وتمكنه من اختيار الصحبة الصالحة)، فدورك أيها الأب الفاضل لا يكون في الشهر مرة ولا في الأسبوع مرة، وإنما دورك يكون بشكل يومي مع ابنك حتى يتعلم السلوكيات الرجولية وتتكون لديه شخصية رجولية فذة، فهو بحاجتك أكثر من أي شيء آخر، وهو أهم من أعمالك وأشغالك فهو استثمارك الحقيقي في الحياة، وتحاشى الضرب والصراخ والإهانات في حلك لمشاكله فإنك بهذا تهدم ولا تبني، ولا تهمله وتلومه على الخطأ، وكن قدوة لا مثالا سيئا متناقضا، فلا تنصحه بالابتعاد عن التدخين وأنت تدخن، ولا تنتظر منه الأخلاق والمثل وأنت أفعالك تناقض ذلك، بمعنى آخر كن قدوة نصوحة حقة لابنك ولا تكن قدوة متناقضة، فأفعالك السيئة سواء كانت معروفة لدى أبنائك أو غامضة لا بد وأن تراها في أبنائك ليريك الله سوءة عملك وإهمالك لهم، واعلم أن استثمار كل رجل حقيقي في الحياة هو إصلاح نفسه أولاً، وبيته ثانياً لتتحقق السعادة الكاملة له، فابنك سندك وفخرك في الحياة، كلما استثمرت وقتك معه في الصالح والمفيد كلما جنيت ثمار جهدك معه في المستقبل وحميته من مخاطر الزمان ورفقاء السوء، فكن أبا راعيا، فكل راع مسؤول عن رعيته، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

بقلم: شيخة العصفور، من موقع جريدة الأنباء