الشذوذ الجنسي لدى الفتاة وكيفية التخلص منه!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرًا لما تقدمونه لنا, وبارك فيكم، وأرجو مساعدتي في مشكلتي.

صديقة لي تعاني من تفكك أسري وأوضاع سيئة، وأصبحت تمارس السحاق منذ سنة تقريبًا، وقد علمت بأمرها قبل فترة وجيزة, ونصحتها وذكَّرتها، وطلبت من إحدى الأخوات الفاضلات (وهي بعمر الأربعين) أن تتواصل معها وتنصحها؛ لأنها أكثر دراية مني، وبالفعل -والحمد لله- بدأت صديقتي تبتعد عنه، ولكنها تتوقف فترة وما تلبث أن تعود وتمارسه مجددَا، ودائمًا تقول بأنها تتمنى التوبة، ولكن هناك ما يمنعها.

إنها كلما شعرت بالوحدة والحاجة للحنان تكلم من كانت تمارسه معها، لاعتقادها وشعورها بأن ما تمارسه يعطيها الحنان! بالرغم من محاولاتنا لإبعادها عنها واحتوائنا لها، وقد لاحظت عليها أنها عند اقتراب أي شخص منها ولو كان سلامًا عاديًا, أو وقوف أي شخص بجانبها في المدرسة أو حتى (التربيت) على كتفها يتغير وجهها، وكأنها تثار أو تتذكر ما كان منها! وربما هذا ما يدفعها للعودة, ويشعرها بأنها إنسانة سيئة، وغير قادرة على التوبة.

هي دائمًا تحتاج إلى من يحن عليها, ويحتضنها وأنا دائمًا بقربها، ولكني لا أحتضنها خوفًا من أن أثير لديها مشاعر سيئة، فهل هذا خطأ مني؟

اقترحت إحدى الأخوات أن نحاول جميعنا أن نقترب منها (ونربت) على كتفها، ونطيل الإمساك بيدها عند السلام، حتى يزول عنها ما بها من مشاعر سيئة، وتشعر بأن هذا شيء طبيعي لا إثارة ولا إساءة فيه.

أرجو تقديم النصيحة لي في كيفية مساعدتها، وجزاكم الله عنا خير الجزاء, وبارك لكم في أعمالكم.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لا إله إلا الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

شكرًا لك على السؤال، وعلى حرصك على مصلحة صديقتك وسلامتها، ومأجورة على هذا الاهتمام.

صحيح أن كثيرًا ممن يمارس العلاقة الجنسية مع مَن مِن جنسه قد يفعله بدافع البحث عن العاطفة والحنان، وخاصة التي حُرم منها في صغره لسبب من الأسباب، وليس “للجنس” بحد ذاته، ولهذا تفصيل طويل يصعب شرحه هنا.

ومع ذلك تبقى إمكانية تغيير سلوك الإنسان, وتوجهه ممكنًا إذا عزم العزم، وكان متحفزًا وراغبًا في هذا التغيير.

من المفيد أن تتابعي العمل مع هذه الفتاة لدعمها وتشجيعها على الإقلاع عن هذا العمل الذي كما تعلمي هي، أنه من الكبائر التي تغضب الله تعالى، ولكن أرجو أن تنتبهي إلى أن هناك حدودًا لما تستطيعين العمل معها والتأثير فيها، وأحسنت أنك تبقين بينك وبينها مسافة أمان وسلامة، فهذا أمر مطلوب كما تعلمين.

السؤال الذي يجب أن يُطرح هنا هو: مع من تمارس هذه الفتاة، وكيف يمكن أن نوقف من يتجاوب معها في هذا العمل؟! ولا أنصح بالحديث في موضوع هذه الفتاة مع الآخرين، والأولى كبت الخبر قدر الإمكان، فهذا أدعى لتوبتها واستقامتها.

لابد من الحفاظ على سرّها، وإلا فقد يؤصّل هذا السلوك عندها، مما يؤخر توبتها، وبالتالي لا أدري كم يمكن أن يفيد هذا الاقتراح الوارد في سؤالك عن تقرب مجموعة من الأخوات والإمساك بكتفها، وإن كنت أشعر شخصيًا بأن هذا لن يفيد كثيرًا، وقد يفضح أمرها لأن هؤلاء الأخوات سيسألن عن سبب فعل هذا معها.

عافنا الله تعالى مما ابتلى به كثيرًا من الناس.

انتهت إجابة الدكتور: مأمون مبيض استشاري أمراض نفسية – يليها إجابة المستشار الشرعي الشيخ: موافي عزب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجزيك عن صديقتك هذه خير الجزاء، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.

كما نسأله تبارك وتعالى أن يعافي أختنا هذه من هذه الصفات الذميمة التي باتت تؤرق مضجعها, وتكدر خاطرها, وتُخرجها عن دائرة الاستقامة إلى دائرة البُعد عن منهج الله وسلوك الصراط المستقيم, ونسأله تبارك وتعالى أيضًا أن يستر عليها وعليك وعلينا وعلى سائر المسلمين في الدنيا والآخرة، وأن يمنّ عليها برباطة الجأش, ويقظة الضمير، والعفاف, والفضيلة, والبعد عن الرذيلة والحرام.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فاسمحي لي أولاً أن أقول لك بأن اسمك (لا إله إلا الله) هذا لا ينبغي؛ لأن كلمة لا إله إلا الله، ما ينبغي أبدًا أن يعتبرها الإنسان اسمًا له، لعظمتها وقدسيتها وجلالها عند الله تعالى، ولكن من الممكن أن تضعي أي اسم آخر سواء كان حقيقيًا أو مستعارًا، فنحن عادة لا نهتم بالأسماء كثيرًا؛ لأن العبرة لدينا بالجوهر والمبنى, وليس بالظاهر.

أما أن يتخذ الإنسان مسمى (لا إله إلا الله) أو (الله) أو نحو ذلك، فهذا أرى أن فيه نوع من الاستخفاف والاستهانة بهذه الكلمة العظيمة، وأرى أن تستغفري الله تعالى وتتوبي إليه، وألا تفعلي ذلك، وهذا ليس دليلاً على الإيمان، يعني إذا كنت تظنين بأن هذا معناه التقوى والورع فهذا خطأ؛ لأنه استعمال لشيء في غير موضعه.

وأما بخصوص ما ورد من هذه الأخت الفاضلة التي أسأل الله أن يغفر لها, وأن يتوب عليها، فإنه مما لا شك فيه أن هذه الأخت تضحية للتفكك الأسري الذي ورد في رسالتك، هذا التفكك الذي يجعل الإنسان لا يشعر بالأمان, ولا بالاستقرار, ويبحث عن مصدر للعطف والحنان، وقد يكون هذا المصدر مصدرًا مأمونًا كأن يقع في يد صحبة صالحة صادقة مؤمنة تأخذ بيده وتعوضه عما فقد، مع مراعاة الضوابط الشرعية، وقد يقع في براثن أناس مرضى لديهم من الانحرافات السلوكية ما يجعل هذا الشخص يقع فريسة لغوياتهم وضلالاتهم، كما حدث مع هذه الأخت التي عندما خرجت لتبحث عن الحنان لم تجده إلا في أحضان المعاصي والإثم والعياذ بالله تعالى.

وهذه كما ذكر الدكتور النفسي في الغالب تحدث ليس بدافع الجنس في المقام الأول في حد ذاته، وإنما بدافع البحث عن الحنان الذي حُرم منه الإنسان، إلا أنه نتيجة سوء طوية الطرف الآخر يتحول الإنسان تلقائيًا إلى إنسان مخالف لمنهج الله تعالى, ومنحرف سلوكيًا, وضامر أخلاقيًا.

فهذه الأخت تحتاج إلى بديل؛ لأننا الآن إذا أردنا أن نُخرجها من هذا المستنقع العفن الذي هي فيه الآن لابد أن نوفر لها البديل النقي التقي الصالح العفيف، وأنت ولله الحمد والمنة تقومين معها بدور جيد، وهذا أيضًا يُحمد لك، ونسأل الله تعالى جل جلاله ألا يحرمك أجره ومثوبته، إلا أن القدر الذي تقدمينه غير كافٍ، والدليل على ذلك أنها تعود المرة بعد المرة إلى صاحبتها الأولى التي كانت تمارس هذه المعصية معها.

إذن نحتاج زيادة جرعة الجانب الإيماني والأخلاقي والقيمي، حتى نستطيع أن نعوضها تعويضًا كاملاً عن الجانب السلوكي السيء المنحرف, ويكمن ذلك فيما ذكرت، ولعل في اقتراحك أيضًا وجاهة، وهو أن نكثّر حولها الأخوات الصالحات، ولا يلزم أن يكنَّ على علم بالمشكلة، وإنما من الممكن أن تقولي مثلاً لأخواتك إذا كنت محل ثقة بينهنَّ: (هذه أخت نريد أن نتعرف عليها، ونريد أن نحتويها، وأن نعينها على طاعة الله تعالى، وهي تحتاج إلى – مثلاً – إلى مؤازرة ومساندة) ولا تقولي أكثر من ذلك، فيكون الأمر طبيعيًا، ولذلك أنت – مثلاً – تأتين للسلام عليها، وتطلبي من كل أخت من أخواتك أن يتعرفن عليها, وأن يتقربن منها، بطريقة غير مباشرة (سلمي على أختك فلانة) فتسلم عليها، مرة بعد مرة، وفعلاً عندما يكثر عدد المصافحين لها, وعدد الضامين لها، فإني أرى أن الأمر سيكون – إن شاء الله تعالى – عاديًا, لأنها في المرات الأولى قد تشعر بنوع من التحفز الجنسي، ولكنها مع التكرار ستشعر بأن الأمر عادي بإذن الله تعالى.

هذا أعتقد أنه اقتراح مناسب، ولكن أيضًا هذه الأخت تحتاج إلى متابعة مستمرة، بمعنى أننا في وقت كل صلاة من الممكن أن نتصل بها عبر الهاتف، لنسألها هل صليت أم لم تصلي، وهذه مسألة مهمة.

أيضًا يوضع لها مقدار من القرآن الكريم يوميًا، حتى ولو أن تقرئي أنت معها هذا القدر, وهي في بيتها عبر الهاتف, كذلك أيضًا يطلب منها المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وإذا لم تكن تحفظها من الممكن أن تقدم لها مطوية فيها أذكار الصباح والمساء، وأنت تتصلين بها في وقت الصباح لتتأكدي من أنها قد بدأت في ذلك أم لا.

بهذه الطريقة أعتقد أننا سنملأ فراغ وقتها بأشياء مفيدة ونافعة، ومن الممكن كذلك أيضًا إهداءها بعض القصص الإسلامية الراقية، وقصص بعض الصالحات العابدات والتائبات، وهذا موجود بكثرة، فكما أن لدينا قصصًا من حياة الصحابة، فهناك أيضًا قصص من حياة الصحابيات، من الممكن أيضًا أن يكون سلوى بالنسبة لها؛ لأن ذلك سيصرف تفكيرها عن هذا الوضع البهيمي إلى وضع سامٍ وراقٍ، وهو التفكير في الجنة, والتفكير في القيم والمبادئ والأخلاق الرائعة التي وضعها الإسلام في نفس أصحابه.

بذلك أعتقد أننا سنوفر لها صحبة آمنة، ولا مانع كذلك من رقيتها رقية شرعية إذا كان الأمر يقتضي ذلك، أو إذا كانت ظروفها تسمح؛ لاحتمال أن يكون بها مسٌّ من الجن يزين لها هذه المعصية، وهذا يحدث كثيرًا من واقع الخبرة والتجربة.

أيضًا الدعاء لها بظهر الغيب، أنت وأخواتك أيضًا ووالدتك مثلاً وكل من يعز عليك من الكبار أن يعافيها الله وأن يجنبها هذه المعاصي، ونسأل الله أن يجنبنا وإياكم الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرد هذه الأخت إليه ردًّا جميلاً.

هذا وبالله التوفيق.

المصدر : إسلام ويب