المراهقون والانترنت.. خطوات أسرية نحو عالم معلوماتي آمن!
في ظل عصر المعلوماتية والتطور الحضاري الذي يعيشه العالم اليوم بات من الضروري أن يواكب الجميع التطور التكنولوجي ويستفيدوا من حسناته ، فيما يتعلق بالفئة العمرية التي تعبر في سن المراهقة أيضا لديهم أسباب لدخول هذه الشبكة ومنها الحصول على المعلومات والبحث العلمي وتوسيع المدارك الثقافية وبناء علاقات اجتماعية متميزة على امتداد العالم.
وكي تتمكن هذه الأسرة من حماية أبنائها من مخاطر الشبكة الكثيرة فعليها قبل السماح للمراهق بالتعامل مع الإنترنت أن تتنبه وتراقب المواقع الإلكترونية التي يزورها أبناؤهم حيث تمتلئ الشبكة العنكبوتية بالآلاف من المواقع التي تهدف إلى إفساد عقول وتفكير النشء، ومن ثمَّ بعد أن تسلحه بالمبادئ والقيم الأخلاقية للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة واستخدامها بما ينفعه ويحقق له تميزاً في مستواه العلمي وحتى ثقافته الاجتماعية، وإذا ما وجدت لديه الوعي الكافي باستخدام هذه الوسيلة يمكنها أن تتركه أمام الإنترنت بمفرده.
” لها أون لاين ” يرصد تعامل المراهقين مع الإنترنت..
محمد طالب في الثانوية العامة يؤكد أنه شغوف جداً بعالم الانترنت ويقضي يومياً ما يقارب الساعات الخمس أمامه دون مراقبة من أسرته، مشيراً إلى أن ذلك ليس إهمالاً من أبويه بل ثقةً بأنه لن يدخل إلى عالم سري رغم علنيته على الشبكة، يقول محمد:”لم تأتِ هذه الثقة إلا بعد مراقبة ومتابعة استمرت كثيرا منذ أن بدأت أتصفح مواقع الانترنت وأنا ابن التاسعة” ، ويستطرد :”أن والده من فتح له أبواب الاندماج بالانترنت والنهل مما يضج به من علم يفيده في تحصيله العلمي وثقافته أيضاً، محمد الآن يستطيع التعامل مع الانترنت بطريقة سليمة لا تغريه المواقع المشبوهة وكل ما يبحث عنه داخل أيقونات المواقع تتجه للاستزادة من العلم والمعرفة لافتاً إلى أنه الآن يقوم بحماية شقيقاته الأصغر منه سناً من أخطار الانترنت فقد أفلح في تنزيل برنامج على الكمبيوتر يستطيع أن يمنع أي أيقونات لمواقع مشبوهة على الانترنت من الفتح وذلك في إطار المحافظة على شقيقاته مشيراً إلى أن جهلهنّ أحياناً بما تحمله تلك الأيقونات يقودهنّ إلى استكشافها مما قد يطور الأمر إلى الإدمان عليها ومن ثمَّ تدمير شخصيته اجتماعياً وإنسانياً وأخلاقياً ودينياً.
ولا تختلف عنه هدى -15 عاما – التي تعمد إلى استخدام الإنترنت يومياً ما يقارب الأربع ساعات بحثاً عن مواد علمية تفيدها في الأبحاث وأوراق العمل التي يطلبها مدرسيها في المدرسة، مؤكدة أنها لا تعمد إلى استخدم برامج المحادثة والشات التي تجذب الكثيرات ممن في مثل سنها للتعرف على أصدقاء مختلفي الثقافة، مشيرة أن ذلك قد يؤثر على ثقافتها وتفكيرها لافتة إلى تجربة إحدى صديقاتها التي أهملت دروسها وانكبت على الانترنت تتعرف على الأصدقاء من أقطار العالم الأمر الذي أدى بها إلى التمرد على أهلها وباتت لا تقتنع أبداً بأي نصيحة تقدم لها، مشيرة أنها حاولت مراراً أن تمنعها من التواصل مع أولئك الأصدقاء الذين أسمتهم بأصدقاء السوء لكنها انفضت عنها وقررت الانسلاخ عنها وإتباع أولئك.
أصدقائي كثر
يفتخر “علي” في ربيع عمره الرابع عشر بقدرته في وقت قياسي على تكوين صداقات عديدة تجاوز المئة من مختلف أقطار العالم العربي، لافتاً أن تلك الصداقات كونها عبر الإنترنت ويتابع ويواظب على المحافظة على المراسلة عبر البريد الإلكتروني بالإضافة إلى تخصيص وقت يتحدث إلى أصدقائه عبر برامج المحادثة ويراهم بالكاميرا المثبتة في جهازه، ويضيف أنه يدير معهم أحاديث مختلفة ومتنوعة فعن الدين يتحدثون وعن السياسية والمواهب والطموح والجديد في عالم الفن بحيث يتبادلون عبر الإيميل إرسال نسخ الأفلام الحديثة في السينما العربية، ويشير أنه يكتسب من صداقاته الثقافات وأفكار أحياناً يقتنع بها وأحياناً يرفضها لكنه لا يستطيع إقناع الآخرين بأنها خاطئة.
تصرفات صادمة
أم بشار زوجها عمد إلى توصيل خط انترنت لجهاز الكمبيوتر خاصته حتى يتمكن ابنه الأكبر من متابعة مشروع تخرجه من الجامعة، وأشارت إلى أنها لا تمنع أحداً من أبنائها وبناتها من الاقتراب من جهاز الكمبيوتر أو تصفح مواقع الانترنت في إطار المحافظة عليهم خاصة وأنهم في سن المراهقة، وتتابع أنها أشارت على ابنها الأكبر بوضع كلمة مرور للجهاز يعرفها هو فقط وذلك ليس تمييزاً بل حرصاً لكن لم يجد ذلك نفعاً فكل ما هو ممنوع مرغوب، تقول “رغم حرصي على عدم تعرض أبنائي المراهقين للإنترنت إلا أنهم انجذبوا إليه خلسةً دون علم منى ولم يكتفوا بذلك بل حرص ابني أدهم على متابعة المواقع المشبوهة في وقت غيابي عن البيت”
مشيرة إلى أنها في إحدى المرات ضبطته وهو يشاهد أفلام ويعرض صورا إباحية على شاشة الكمبيوتر، وعندها لم تصدق لكنها اعتمدت التصرف بحكمة لمعرفتها بظروف المراهقة التي يمر بها ابنها وعمدت إلى التحدث إليه وتوجيهه إلى التعامل مع الإنترنت بطريقة واعية فقط كرافد علمي وثقافي بما يتناسب مع ما تنصه الشريعة الإسلامية، وتلفت أم بشار إلى تفهمها لتصرف ابنها مؤكدة أن الفتيان المراهقين في هذه المرحلة يعمدون إلى العثور على أجوبة لأسئلة حساسة قد لا يستطيعون التحدث فيها مع أشخاص يعرفونهم خاصة آباءهم لافتة إلى ضرورة مراقبة الأهالي لأبنائهم وتخصيص وقت معين لجلوسهم أمام الإنترنت ويا حبذا تزويد جهاز الكمبيوتر ببرنامج يمنع أي إطارات تعرض صورا ومقاطع فيديو مخلة بالآداب العام وتخدش الحياء.
التوعية أمر ضروري
في سن المراهقة يعمد الشاب والفتيات إلى تفسير الظواهر التي يرونها ويبحثون بأي وسيلة عن إيضاحات لما يسمعونه من الكبار، وفي ظل التكنولوجيا الحديثة يصبح الإنترنت الملاذ لهم، عبر محركات البحث يضعون ما يريدون الاستفسار عنه وبضغطة زر واحدة يصبح المجهول معلوما لديهم في مختلف المواضيع.
تؤكد د. فتحية اللولو أستاذة التربية بالجامعة الإسلامية أنه من الخطر أن تترك الأسر أبناءها بحريتهم يدخلون عالم الإنترنت يتصفحون مواقعه فقد تحملهم الصدفة إلى الدخول إلى مواقع محظورة، مشيرة إلى ضرورة توعية المراهق أولاً بأنها ما وجدت إلا لتنمية قدراته وصقل مهاراته وتوسيع مداركه العلمية ومن ثمَّ أيضاً مراقبتهم دون أن يلتفتوا بحيث يستطيع الآباء توجيه أبنائهم مباشرة لأخطارها مشيرة أن المراقبة لا تكون بالتضييق، محذرة من أن التصرف الخاطئ للأهل قد يدفع الأبناء إلى الانحراف والإصرار على الدخول للمواقع الإباحية والمواقع التي يحظرها عليهم الأهل ليكتشفوا تفاصيلها خاصة في ظل ما يتميز به المراهق في هذه المرحلة من عناد وإصرار على تنفيذ ما يدور بخلده رغم معارضة الآخرين، مؤكدة أن الرقابة الشديدة تدفع الأبناء إلى الدخول إلى تلك المواقع خلسة دون أن يعلم الآباء في مراكز الانترنت التي تنتشر بين الأحياء ومراكز المدينة لافتة أن أغلب مرتادي تلك المراكز هم من الأطفال والمراهقين الذين يمنعهم آباؤهم من استخدام الانترنت أمام ناظريهم، داعية الآباء إلى محاولة ملء أوقات الفراغ لدى أبنائهم والتقرب إليهم وتحفيزهم على المطالعة بالقراءة أو ممارسة رياضة يحبونها بدلاً من انجذابهم لعالم الانترنت بفعل أوقات الفراغ الكبيرة لديهم خاصة في الإجازة الصيفية.
المصدر : لها أون لاين