انحراف الأحداث.. تأثير أصدقاء السوء وأفلام العنف
- admin
- 311
في تصريح للمقدم جمال الجلاف مدير إدارة الرقابة الجنائية في شرطة دبي نشرته «البيان» في الرابع من يوليو الماضي، قال إن جرائم الأحداث تزادا بنسبة 31% خلال فترة الصيف وفق الإحصاءات السنوية التي أجريت منذ العام 2004 وحتى 2009, وأشار إلى أن جرائم الأحداث تتنوع بين السرقات البسيطة والمشاجرات وسرقة المساكن، والقيام بأفعال فاضحة سواء أكانت لفظية أو حركية، مؤكداً أن سبب زيادة جرائم الأحداث خلال الصيف هو الفراغ ورفاق السوء.
واهتم علماء النفس بدراسة وتحديد الدوافع والأسباب وراء ظاهرة انحراف الأحداث، وحرصوا على إيجاد الحلول لها وعرفوا هذه المرحلة بأنها المرحلة الانتقالية بين مرحلتي الطفولة والنضج ويطلق عليها سن المراهقة، وهي أشد المراحل حرجاً في حياة الشاب أو الفتاة. دور الإعلام أصدقاء المراهق لهم تأثير كبير على تكوين أفكاره ومعتقداته ولهم دور في رسم سلوكياته، هكذا يؤكد صلاح الحوسني رئيس قسم الأنشطة والرعاية الطلابية بمنطقة الشارقة التعليمية، ويضيف أن هذه المرحلة تتسم بسرعة انتقال الخبرات بين المراهقين سواء أكانت هذه الخبرات من النوع الإيجابي أو السلبي، وتأثير المراهق على صديقه قد يفوق تأثير المنزل والمدرسة مجتمعين. وتتوافر فرص قضاء الفترات الطويلة بين المراهقين خلال اليوم الواحد سواء في المدرسة أو النادي أو حتى بسبب الجيرة، وهذه الفترات تسمح بانتقال الخبرات والأفكار دون رقيب، واستعانة كل منهم برأي الآخر في حل مشكلاته أو تكوين وجهات نظر معينة تجاه بعض الموضوعات.
يؤكد الحوسني أن تراجع دور الأسرة وتراجع تأثيرها على المراهقين ترك الفرصة لتلقي التأثيرات السلبية من خارج نطاقها، ومع ضعف المتابعة الأسرية للمراهق والانشغال بتوفير الموارد المالية اللازمة، أصبح المراهق يستقي معلوماته من خارج الوسط الأسري بصرف النظر عن مدى صحتها.يشير إلى أن أجهزة الإعلام تتحمل جزءاً من المسؤولية تجاه انحراف الأحداث، فعندما يشاهد المراهق من خلال الفضائيات أفلام العنف والتعري يشعر بالرغبة في المحاكاة أو على الأقل ينشط خياله في تحليل هذه المواقف ويحس بدور محتمل له في تطويرها وإيجاد مكان له ضمنها، وهنا مكمن الخطورة لأن المواد الإعلامية التي تحمل هذه المضامين تتوجه إلى مراهقي المجتمع الغربي وهم على درجة من الحرية يتسع هامشها ليستوعب تلك الأفكار..
أما مجتمعنا الشرقي وتقاليد إسلامنا الحنيف فلا يسمح بذلك، ولكن الرسالة الإعلامية لا تتضمن ذلك التوضيح مما يسمح للمراهق بالاندماج فيها والرغبة في أن يكون جزءا منها.
يثير الحوسني سبباً إضافياً مهماً لجنوح الأحداث وهو اتساع وقت الفراغ أثناء الإجازة الصيفية، وعدم توظيف هذا الوقت فيما يفيد، والقاعدة العلمية تقول إن علينا تعبئة الفراغ الزمني والمكاني بما ينفع قبل أن يمتليء بما يضر، وعلى الأسرة الاهتمام بتوفير الأنشطة التي تملأ وقت فراغ الشاب أو الفتاة خلال موسم الصيف حتى لا يجرفه تيار الجنوح وحتى لا يشغله أصدقاء السوء بتجاربهم السلبية ويصبح من الصعب علاج هذه الأزمة.
الوازع الديني
يرجع الحوسني إقدام الحدث على ارتكاب جريمة أو اقتراف مخالفات صريحة إلى تراجع الوازع الديني لدى أفراد الأسرة، مما ينعكس على المراهق نفسه الذي يتخذ على الأرجح من والده قدوة، أو الفتاة التي تتخذ من والدتها مثلاً أعلى، وذلك التراجع يؤدي بالضرورة إلى الخلط بين المسموح والمرفوض من السلوكيات اليومية.
يقول د. خالد المري رئيس مجلس أولياء أمور الطلاب والطالبات في الشارقة، إن اهتمامات بعض الشباب في مرحلة المراهقة لا تخرج عن تضييع أوقات الفراغ في المراكز التجارية واللعب بالسيارات والتسكع في الطرقات ودور السينما وغيرها.
ويعتبر ذلك سوء استغلال لأوقات الفراغ خاصة وأن مساحة اللهو في ذاكرة المراهق تفوقت على مساحة الأهداف الجادة والمبادئ العليا ،مما يقتضي إعادة تشكيل المساحات داخل ذاكرة المراهق وترتيبها حسب الأولويات المنطقية، ولا يمكن ذلك إلا من خلال التعاون بين أسرة المراهق ومدرسته ووسائل الإعلام والأفراد المسؤولين عن التوعية المجتمعية، مثل دور العبادة والأندية الاجتماعية وغيرها من الوسائل المنوط بها تقويم سلوك المراهق.
يضيف أن الأسرة تتحمل المسؤولية الأهم في تلقيم المراهق مباديء الأخلاق والسلوك القويم في مرحلة الطفولة التي تسبق الدخول إلى عالم المراهقة مشكلاته الشائكة، والأسرة في مرحلة الطفولة المتأخرة تعتبر مرجعيته الأولى، وقد يفتقر ما عداها إلى الثقة.
ويجب على أفراد الأسرة المحافظة على هذه الثقة في مرحلة المراهقة، لذا على الأسرة استغلال هذه الفرصة وصياغة قوالبه الأخلاقية بما يتلاءم مع المفردات المقبولة لدى المجتمع، والأسرة أيضاً تحمل مسؤولية تقويم الحدث حال انحرافه لأي سبب، لأنها فرطت في واجبها تجاهه وتركت رقابته ومتابعته وهذا هو السبب الرئيس للانحراف، ووجب عليها هنا التدخل لحل المشكلة وإعادته إلى سلوكياته القويمة تجاه نفسه وتجاه أفراد المجتمع.
رفقة السوء
لا يمكن إغفال الدور المهم الذي يلعبه وقت الفراغ في تحديد مسار الشاب أو الفتاة كما يقول الدكتور على الحرجان اختصاصي الطب النفسي، ويضيف: غالبية الدراسات تدل على أن معظم أسباب المشكلات السلوكية والأخلاقية والتدني الدراسي، ناتجة عن الرفقة السيئة، من هنا تبرز أهمية مراقبة الآباء لتصرفات أولادهم بطرق غير مباشرة لا تسبب فقدان الثقة بين الطرفين ولا تسوق اتهامات من الآباء للأبناء لا تقوم على أسس أو دلائل منطقية.
أيضاً يجب على أولياء الأمور التعرف على أصدقاء أبنائهم ولو بشكل يبدو عارضاً، أي مصادفة مصطنعة تقود الأب مثلاً للتعرف على صديق ابنه ونفس الأمر للبنت ووالدتها، لأن الأصدقاء يتمتعون بمصداقية عالية لدى أصدقائهم، وفي مرحلة المراهقة أيضاً على الأب تحذير الأبناء من مغبة مخالطة أصدقاء السوء وتوضيح تأثيرهم على الفرد، وسياق نماذج حية تضرروا من الاختلاط بالمفسدين.
يربى الطفل والمراهق على مفاهيم العائلة خاصة، ثم يفاجأ الولد بواقع مغاير تماماً لكل ما تعلمه، فيعيش في ازدواجية تسببها كل من قيم المنزل من جهة، والمفاهيم الجديدة التي تفرض نفسها عليه، سواء في المدرسة أو الشارع أو وسائل الإعلام من جهة أخرى.
مسؤولية الأسرة
وعلى الأب توفير الإجابات المقنعة على أسئلة المراهق مهما كانت موغلة في التفاصيل، أو على الأقل توضيح الأمور الرئيسية التي تناسب سنه دون الخوض في التفاصيل، لأنه إذا لم تحصل أسئلة الطفل أو المراهق على الاستجابة اللائقة لدى الأسرة، فإنه غالباً ما يلجأ إلى مصادر أخرى، وأحياناً تكون غير مأمونة، كرفقاء السوء الذين لهم تأثير كبير في الطفل والمراهق.
وأحياناً نجد أن المثل السيئ أشد تأثيراً من الجيد، لأن بعض التصرفات التي تحمل طابع الطيش والتهور قد يراها المراهق نوعاً من أنواع البطولة أو الشجاعة أو التحدي، لذا علينا أن نحتضن الأطفال ونحترم عقليتهم سواء في البيت أو المدرسة، بعيداً عن أسلوب التسلط من قبل الأب أو الأهل،وهناك مطالب بتوفير أنشطة إيجابية للمراهقين، تشغل أوقات فراغهم، وتلهيهم عن العبث مع رفقاء السوء.
يضيف د. الحرجان أن هناك طرق لتحقيق هذا الهدف منها توفير فرص العمل المؤقت في الهيئات الحكومية أو القطاع الخاص أثناء الأجازة الصيفية، ونحقق بذلك عدة أهداف ومكاسب ملحوظة من وراء وجود الشباب في ساحات العمل الحكومي أو الخاص أهمها شغل فراغهم في ما ينفعهم ويقيهم المزالق بكل أشكالها، وصقل مهاراتهم بالنحو الذي يشجعهم على العمل الوظيفي مستقبلا، وتوفير مكاسب مادية ولو رمزية لهم تساعدهم على تصريف شؤونهم الخاصة
انتقال الخبرات بين جيل الشباب
أصدقاء المراهق لهم تأثير كبير على تكوين أفكاره ومعتقداته ولهم دور في رسم سلوكياته، وهذه المرحلة تتسم بسرعة انتقال الخبرات بين المراهقين سواء أكانت هذه الخبرات من النوع الإيجابي أو السلبي، وتأثير المراهق على صديقه قد يفوق تأثير المنزل والمدرسة مجتمعين، وتتوافر فرص قضاء الفترات الطويلة بين المراهقين خلال اليوم الواحد سواء في المدرسة أو النادي أو حتى بسبب الجيرة، وهذه الفترات تسمح بانتقال الخبرات والأفكار دون رقيب، واستعانة كل منهم برأي الآخر في حل مشكلاته أو تكوين وجهات نظر معينة تجاه بعض الموضوعات.
كما أن أجهزة الإعلام تتحمل جزءاً من المسؤولية تجاه انحراف الأحداث، فعندما يشاهد المراهق من خلال الفضائيات أفلام العنف والتعري يشعر بالرغبة في المحاكاة.
أيمن حجازي
المصدر : /www.albayan.ae