مخدرات العصر الحديث: إدمان المواد الإباحية وخطره على الأسرة

من يريد أن يتحدث مع أبنائه عن الأفلام الإباحية؟ امممم… لا أحد يرفع يده! تريد أن تتجاهل الأمر فقط وتكتفي بفرض نطاق حول طفلك متوهما أن ذلك يحميه؟! حظ سعيد في ذلك ولكن لا تنس أن تمنعه من الذهاب إلى المدرسة ومن تكوين صداقات ومن الخروج من المنزل. أو انتظر.. سأطلعك على فكرة أفضل. اهرب بأبنائك إلى الفضاء فاﻷرض ليست مكانا مناسبا للانعزال.

لن أستطيع إخباركم عن البراءة التي تبدو في عيون طفل في العاشرة وهو يتحدث عن أسرار لا ينبغي لشخص بالغ أن يحملها، فما بالكم بطفل صغير لم يختبر الحياة بكامل تفاصيلها بعد، وكان ذنبه الوحيد أنه لم يجد من يستمع إليه، وخاف أن يبوح بأسراره، خشية العقاب والتضييق أو الاتهام بخذلان الأهل، أو أن يتم الحكم عليه بأنه ولد ضال.

(أثق في شخصية ولدي وأنه مختلف ولن يفعل شيئا خاطئا). قد يقول بعض اﻵباء ذلك، ولكن إذا تركنا للأبناء حرية البوح بأكثر أسرارهم خصوصية، فغالبا لن تخرج عن تلك المجموعة بترتيب الخطورة:

1- قرؤوا عن العلاقة الجنسية.

2- شاهدوا صورًا إباحية.

3- شاهدوا أفلامًا إباحية.

4- كشفوا أنفسهن على أشخاص غرباء على الإنترنت (بالنسبة للفتيات).

5- قاموا بتصوير أنفسهن لمقارنة أجسادهن بأجساد نجوم الإعلانات واحتفظوا بتلك الصور على أجهزتهم الإلكترونية الشخصية.

6- (يمكنكم تخيل بقية النقاط بأنفسكم).
فكيف يمكنك التأجيل والتجاهل إذن وأنت تعرف أن أبناءك يكبرون في عالم إباحي الهوى، وكيف تأتمن الحياة المعاصرة المنفتحة على جميع الانحرافات الفكرية على تعليمهم كما علمتك أنت في طفولتك!

كيف تصل تلك المواد إلى طفلي؟

أبناؤكم وحيدون في مواجهة عالم يتلاعب بأهوائهم ورغباتهم وشهواتهم وعقولهم. وضحت دراسات حديثة بأن نسبة 15 % فقط من الأبناء يستقون معلوماتهم فيما يخص الجنس من والديهم، ونسبة الـ 85% الباقية مصدرهم الوحيد هو الإنترنت وكلام الأصدقاء. ولذلك فالاختيار لديك: إما أن تعلم أنت أبناءك أو تتركهم لأفكار منحرفة، مكذوبة وخادعة.

وإذا تركتهم ليتعلموا بأنفسهم، فغالبا ما سيحدث التالي: عندما يستمع الأبناء إلى شيء لا يعرفونه، لا يسألونك خوفا من الوقوع في المشاكل فغالبا ما ستسألهم أين سمعوا هذا وتحاول إبعادهم بدلا من الإجابة عليهم. وربما لن يسألوا أصدقاءهم خوفا من أن يبدوا أمامهم حمقى جاهلين. كل ما سيقومون بفعله هو الدخول إلى جوجل. جوجل لن يقوم بالحكم عليهم لجهلهم، ومن أجل الوصول إلى إجابة سريعة، فهم يتوجهون مباشرة إلى (Google images) في معظم القصص التي سمعتها. هذه هي الطريقة لتعرض الطفل للمواد الإباحية لأول مرة، خاصية جوجل للبحث عن الصور. والسن الذي يتعرض فيه الطفل لذلك هو من 9 – 12 سنة.

ولتتخيل معي هذا السيناريو:

أنت تأمر طفلك أن يكون لطيفا جدا مع الآخرين، لا يضرب، يتبادل ألعابه مع الغير ويتعامل مع الجميع أصدقائه وأشقائه باحترام وود شديدين. يدخل طفلك إلى الإنترنت، لا لشيء إلا للاستفسار عن كلمة غريبة سمعها تتردد بين أصدقائه، وخشي أن يسأل عنها والديه خوفا من ردود أفعالهما الغاضبة، فيصل به الفضول إلى صفحات خاصة بالبالغين، حيث المرأة (عادة) تتعرض للضرب والاحتقار والإهانة في أكثر اﻷفلام وبأكثر الطرق المثيرة للاشمئزاز. توقع تأثير ذلك على طفلك؛ ألا يكون ذلك مربكا له؟ عندما يتخيل أن ذلك هو الطبيعي، هو الحقيقي، ما كان مُخبَّأ عنه لسنوات فجميع الناس يفعلون ذلك.

في إحصائية قامت بها شبكة الـ BBC كشفت أن نسبة 22% فقط من الشباب الذين شاهدوا أفلاما إباحية، قاموا بالبحث عنها بإرادتهم أول مرة. والبقية تعرضوا لها دون رغبة منهم.

الإعلام الجنسي في كل مكان، ولم يعد السؤال المطروح، هو: هل سيشاهد طفلي تلك المواد الإباحية، بل متى سيقوم بذلك؟ فالسؤال الجنسي لدى طفلك لا مفر من الإجابة عليه. فهل سيكون طفلك مهيأ لمشاهدة تلك الأشياء؟

هل ستكون قد زودته باﻷساس المعرفي لإدراك ورفض ما يجري في تلك المواد المعروضة من انحراف للأفكار وإساءة لاستعمال الجنس والاتجار بالجسد، ليعلم أنها مخالفة للواقع قبل أن يبحث هو بنفسه عن تلك المعلومات التي قمت بإخفائها عنه و يعتبر ما يجده بعد ذلك هو الأساس. تظهر بعض الدراسات الحديثة أن الطفل الذي يستطيع الحديث مع والديه عن الجنس أقل عرضة للتورط في مشاكل المراهقين وانحرافاتهم. فلماذا لا تجعل من نفسك القاموس الذي يستقي أبناؤك منه معلوماتهم، وأعينهم التي يستكشفون العالم من خلالها. فالإنترنت ليس مكانًا ملائما لطرح أسئلة من نوعية سؤال (ما الجنس). فبداية كهذه غالبا ما تنتهي بتقييد الطفل بروابط الإدمان ليظل هكذا أعواما تفسد خلالها حياته ومستقبله إلى أن يكتشف حقيقة ما جرى له.

إذا استطعت جعل طفلك يتحدث معك حول ذلك الموضوع بطبيعته ودون خوف، وإذا قمت أنت بشكره على ذلك الرهان الكبير الذي قام به ليثق فيك ويطلعك على أخطر أسراره.. فما الذي قد يخبئه عنك طفلك بعد ذلك؟!

ملاحظة: تتحدث المواد الإباحية مع أبنائك قائلة: أنت تستحق تلبية رغباتك في الوقت الذي تريد، لا تحتاج إلى بذل مجهود لذلك نحن سنأتي إليك، فرغباتك أساسية لا ينبغي تسويفها.

لماذا يصر الشباب على متابعة تلك المواد؟

الفضول هو ما يدفع الطفل للاطلاع على المواد الإباحية في البداية، وذلك قبل أن يتحول الأمر إلى إدمان. والإدمان يحدث عندما تتحول مشاهدة المواد الإباحية إلى وسيلة للهروب من المشاعر السلبية: الملل، والضغط العصبي والتعب والغضب. المواد الإباحية ذات طبيعة خادعة لأنها تثير نوعين من المشاعر المتضاربة في نفس الوقت لدى الطفل:

أولا: استجابة فيزيائية ممتعة.

ثانيا: انزعاج، ورعب، وصدمة عاطفية وفكرية.

وفقا لدكتور (Mark B. Kastleman) مؤلف كتاب (المخدرات في الألفية الجديدة)، فإن الجمع بين ممارسة الجنس مع العنف ينتج اندفاعًا أكبر من الدوبامين في الدماغ، وهو ما يسبب طبيعة إدمان المواد الإباحية. لهذا السبب أصبح العنف في المواد الإباحية ضروريا للترويج والإدمان. في نهاية المطاف، إذا تُركَ الطفل لمواجهة كل ذلك وحيدا، فمن الطبيعي جدا أن يتم إغراؤه ليبحث عن المزيد، بالرغم من، أو حتى بسبب، طبيعتها الصادمة.

ووفقا لتقرير صدر عام 2013عن (مفوضية حقوق الأطفال) هناك سبب لمشاهدة الأطفال والشباب لتلك الأفلام: بالنسبة للشباب فهي للإمتاع الجنسي وتمريرها فيما بينهم، أما الفتيات فهن أكثر قولا بأننا نشاهد فقط للتعليم. وذلك في نظرهن لا حرج فيه.

ملاحظة: حاول أن تجري مثل تلك المحادثة مع طفلك، وهو معك في السيارة أو وهو مشغول بألعابه. ما الذي يمكنك فعله لتشعر بالتحسن عندما تضجر أو تمل أو تشعر بالغضب والضغط والوحدة والكآبة؟

بجعل الطفل يفكر في كيفية التخلص من المشاعر السيئة ومواجهتها بدلا من التهرب منها.
نحن بذلك نربي جيلا قادرا على تقبل عواطفه ومشاعره وأفكاره السلبية وقادرا على الوصول لحلول واقعية لها بدلا من التهرب منها بالبحث عن أي طريق للإدمان يسليه عما هو فيه.

بإيجاد طريقة للتعبير عن المشاعر السلبية وإيجاد حلول لها، ستقل نسب الإدمان في العالم.

إذا اكتشفت أن طفلي يشاهد تلك الأفلام، ماذا أفعل؟!

إذا مررت فجأة وشاهدت طفلك يشاهد أحد تلك الأفلام الإباحية؛ تحدث معه بهدوء: أنا أعلم ولكنني أسالك عن المزيد. (الغضب والتهديد يزيدان من الخطورة، الأفلام الإباحية هي العدو وطفلك قد يكون أسيرا لديها، أنت تستطيع أن تكرهها؛ ولكن لن تكره طفلك، فأنتما في نفس الفريق).

كن هادئا بدلا من الغضب وبدلا من التفكير في أنواع مختلفة للعقاب. بوجود خطة مناسبة، ستتمكن من الاستماع إلى ولدك وجمع المعلومات منه وإقناعه بأن سعادته المستقبلية وحياته كلها معتمدة على رفض المواد الإباحية في البداية قبل أن تسيطر على عقله تمامًا.

في البداية. اسأل طفلك كيف يشعر جسدك الآن بعدما شاهدت تلك الأفلام: وعلى الآباء معرفة أن جسد الطفل فيزيائيا سيكون لديه إحساس جيد بالمتعة. فإذا أجاب طفلك: جيد، فهو صادق تماما معك. اسأله بعد ذلك: ما هو شعورك وعاطفتك الآن بعدما شاهدت ما شاهدت؟ غالبا ما سيجيبك: أشعر بالتقزز والاشمئزاز وبألم في معدتي. فكيف يكون هذا؟ كيف يجتمع الشكر مع الشكوى وتجتمع الراحة الجسدية مع الألم النفسي؟

وضح لطفلك أن المواد الإباحية خدعة تجمع المشاعر المتناقضة مع بعضها، وضح أن هناك وقتًا مناسبا لتحقيق تلك الرغبة والتعبير عن المشاعر الجنسية. علمهم أن كلا من أجسادهم ومشاعرهم يمكن أن يشعرا سويًا بالمتعة والراحة عندما يكبرون ويعثرون على شخص يحبونه ويثقون فيه. فالمشاعر الجنسية جيدة وطبيعية ولكنها تهدف إلى تحقيق توازن حياتي بالجمع بين شخصين معا في علاقة حب والتزام مثل الزواج. مساعدة الأطفال على فرز وفهم مشاعرهم حول الصور التي شاهدوها لهو أمر بالغ الأهمية في تكوين فكرهم لرفض التعلق بتلك المواد الإباحية، ورفض رؤية هؤلاء الرخصاء الذين يعرضون أجسادهم مقابل المال بلا خجل ولا مواراة.

سيتعرض الطفل لتلك المواد مهما حاولت حجبها عنه ولكن الحل يكمن في تربية إرادة قادرة على رفض تلك الإغراءات ونبذها عن اقتناع. أخبر طفلك بأن معظم الأشياء التي نشاهدها لا تضر بالعقل؛ ولكن الأفلام الإباحية تفعل ذلك. إنها تخدع العقل كالمخدرات تماما، تستطيع أن تغير طريقتنا في التفكير.

والأشخاص الذين يعتادون على مشاهدتها يتم أسرهم ويصبحون عبيدا مثلهم مثل من يدمن الكحوليات والمخدرات. والإدمان يجعل الشخص يفعل أشياء لا يريد فعلها، ولكنه لا يستطيع التوقف عن ذلك. أخبرهم بأن ضرر المواد الإباحية هو ضرر جسدي وعقلي واجتماعي وروحي: هناك عدد لا يحصى من الرجال البالغين ما زالوا يكافحون من أجل التخلص من إدمانهم الذي بدأ منذ لحظة فضول في طفولتهم، فلا تتركوا المجال لتقيدوا بحبال المواد الإباحية، والتي قد تظل مخبأة لا تبدو على السطح ولكنها تنخر في مستقبلكم وحياتكم وتعليمكم ووظيفتكم وزواجكم.

علم طفلك أنه يمتلك عقلين: نحن نمتلك عقلين؟! ليس بالتحديد، ولكن من المهم أن نفهم جميعا أننا نمتلك جزأين من الدماغ يشتركان في حدوث الإدمان للمواد الإباحية، نحن نطلق عليهما عقل الإحساس والرغبات (the feeling brain) وعقل التفكير (the thinking brain). عقل الإحساس والرغبات يدور حول الغريزة الشهوة والجوع وما إلى ذلك.

تلك أشياء أساسية للحياة ولكن لا يجب أن تكون محور الحياة. المواد الإباحية تسيطر على عقل الإحساس تماما ومع الوقت تقوم بالسيطرة على عقل التفكير، الجزء من العقل المسئول عن فهم النتائج ووضع الخطوط الحمراء وحدود الرغبات والشهوات. ولسوء الحظ عندما يتضخم عقل الرغبات وتصبح السيطرة له، يعجز الإنسان عن التفريق بين الصواب والخطأ، فقط يجري وراء ما تمليه عليه رغباته. يكون عقل الرغبات فضوليا فيما يخص رؤية المواد الإباحية وهذا ما يسبب هذين الشعورين المتناقضين فور أن يطلع طفلك على تلك المشاهد، حاول تعليمهم طريقة لمحو تلك الذكرى من عقولهم. المشاهد الإباحية صادمة وتلتصق بالذاكرة بسهولة. ولكن الصور من الممكن أن تمحى إذا قام الطفل بتركيز انتباهه حول أفكار إيجابية ومثيرة. النشاط الرياضي أيضا قد يساعد.

كن متيقظا وحذرا، حاول اكتشاف ما يمر به ابنك مبكرا ومعالجته قبل أن تنطوي عليه السنون وهو غارق في الشباك، افعل ذلك دون أن تشعره بأنك تتجسس عليه وتراقب أسراره. ركز على الأسباب التي دفعت طفلك لمشاهدة تلك الأفلام وابحث أنت عن حلول لتلك الأسباب وبالاعتماد على نوعية المواد الإباحية التي قام طفلك بمشاهدتها، فأنت تحتاج أيضا إلى التأكيد على أن الجنس الحقيقي ليس هو إيذاء شخص آخر، ولكنه إظهار للطف والعطف على شخص يحبونه وملتزمون برعايته وحمايته وسعادته.

حاول مشاهدة تلك الحلقات فقد تفيدك

أخبره بعد أن يتقدم قليلا في السن، بأن الجنس الحقيقي لا يشترك في شيء مع معظم الأفلام الإباحية: مشاهدة الأفلام الإباحية ليس إجباريا لمعرفة ما يجري بعد الزواج، فشتان ما بين الاثنين. الأفلام الإباحية ما هي إلا خيال، سيناريو مؤلف وأداء ممثلين مروا بجميع أشكال عمليات التجميل والمكياج وإبداع فريق تصوير وإضاءة وإخراج.

يجب أن تعلم بأن النساء لا يشبهن بأي حال من الأحوال نجمات الأفلام الإباحية؛ وكذلك الرجال. لا تحاول أن تقارن نفسك وتقارن غيرك بما تراه على الشاشة.

إذن فالمواد الإباحية هي مكان كاذب ورهيب لتعلم كيف يبدو الجنس وكيف يجلب المتعة في الحقيقة، وكيف يبدو الطرفان في علاقة شرعية مستقيمة.

الحقيقة المفزعة حول ما تقدمه الأفلام الإباحية هي تشويه المفاهيم: الجنس فيها ليس وسيلة للتعبير عن الحب لزيادة الارتباط مع شريك حياتك، ولكنه شيء آخر غير ذلك. هو عبارة عن مئات الآلاف من العناوين والفيديوهات الممتلئة بالصدمات والعنف والانحراف. مقدمة بألوان غاية في الوضوح وبجودة عالية جدا على أي جهاز صغير موصل بالإنترنت. هناك مهمة عظيمة ملقاة على عاتقك لتعليم أبنائك أن الجنس في طريقه الشرعي الصحيح هو شيء جيد، ولكن المواد الإباحية ليست كذلك.

قم بسؤال أبنائك المراهقين: من يرغب منكم في علاقة جنسية ممتازة بعد الزواج؟ قل لهم: واظبوا على المواد الإباحية، وستكون تلك العلاقة الممتازة بعد الزواج مستحيلة. وإذا لم يقتنعوا بذلك بسط لهم التالي وقم بشرحه لهم.

تأثيرها على مستقبل أبنائكم بعد الزواج:

الأفلام الإباحية تعصف بالزواج، تؤثر على درجة الإشباع بعد الزواج. تأثير المواد الإباحية مدمر، فتشتكي النساء يوميا من تفكك أسرهن. لا يدرين ماذا يفعلن. فالأزواج يقولون لهن: أنتن مملات. هكذا يقول الزوج بعدما شاهد ما شاهد. فتأثير المواد الإباحية على العقل هو تأثير كيميائي طويل المدى. الطفل الذي نشأ على مشاهدة المواد الإباحية، حتى بلغ العشرين وقرر الترك والابتعاد مع بعض فترات الضعف القليلة، سيظل يعاني بعد الزواج:

(1) المواد الإباحية تساوي حدوث برود جنسي مع زوجتك:

هل تعلم تجربة (بافلوف)؟ التجربة المشهورة في علم النفس الاجتماعي. وهاك تفاصيلها:

جاء بافلوف بأحد الكلاب وأجاعه حتى شعر برغبة شديدة في الطعام، وعندئذ أمر بأن يقدم الطعام له، وكان هناك جرس يدق بصوت مسموع في لحظة تقديم الأكل للكلب. وقد تكررت الحكاية عدة مرات على النحو التالي:

يظل الكلب دون طعام حتى يهاجمه الجوع، وفي اللحظة التي يوضع فيها الطعام أمام عينيه، يكون الجرس قد بدأ في ضرباته التي اقترنت مع مرور الوقت، لدى الكلب، بإحضار الطعام. وحين اطمأن (بافلوف) إلى تلك الاستجابة الشرطية لدى الكلب، انتقل بالتجربة إلى المرحلة التالية والتي كانت مقصودة منذ البداية.

كان الكلب يجوع ويدق الجرس ولكن لا يأتي الطعام، فيسيل لعاب الكلب مع كل مرة يدق فيها الجرس حتى بلا طعام. ارتباط شرطي قام بين الفعل الذي هو صوت الجرس وبين رد الفعل الذي هو سيلان اللعاب. الفعل الأول إذا وقع ارتبط الثاني به تلقائيا كرد فعل، دون تفكير. ولكن ما علاقة هذا بموضوعنا؟

يحدث لمن يشاهد المواد الإباحية نفس ما يحدث للكلب؛ عندما نشاهد المواد الإباحية، فإنها تنشط مراكز الاستثارة بالدماغ، ومع الوصول إلى لحظة النشوة بإفراز هرمون الدوبامين في الدماغ، يبدأ المخ في الربط بين تلك الصور والفيديوهات وحتى القصص والأفكار والخيالات وبين الوصول إلى النشوة وذلك بدلا من الاعتماد على شخص بشري مثل زوجتك، ويصعب عليه أن يقوم بهذا الربط بعد ذلك. عندما تحفظ نفسك عن المشاهدة حتى سن الزواج، فكل تلك التفاعلات الكيميائية والإفرازات الهرمونية تحدث لأول مرة مع زوجتك. ويقوم العقل حينئذ بالربط بين قرينتك وبين الاستمتاع. هذا رابط ينقذ الأسر من التفكك والانهيار.

ولكن بالاعتماد على المواد الإباحية فأنت بذلك تسيل لعابك دون طعام. لم تعد الزوجة هي السبيل للإمتاع.

(2) مراكز الرغبة في الدماغ من المفترض أن تقوم بالربط بين الممارسة الجنسية والسعادة الجسدية والألفة: ولكن تلك الألفة تنعدم في إشباع الرغبة عبر المواد الإباحية. فالجنس يصبح متمحورًا حول الجسد فقط ولا شيء سواه. والله خلق اللذة الجنسية لكي توحد بين أجساد أزواج سيمكثون بقية حياتهم سويا.

(3) يعتمد مدمنو شرب المخدرات على جرعة معينة للوصول إلى درجة مرغوبة من النشوة، ولكن بعد فترة يعتاد الجسد عليها، ولذا فهو يحتاج جرعة أكبر للوصول إلى نفس الحالة ونفس النشوة. وهذا نفس ما يحدث في إدمان الجنس، ولكن الجرعة الأكبر من المواد الإباحية لا تكون بالكمية ولكن تكون باللجوء إلى مواد أكثر غرابة وانحرافا وعنفا.

(4) تتمحور أفكار المواد الإباحية حول الحصول على ما تريد دون التفكير في احتياجات الشريك، إنه مثل السرقة أو الاغتصاب، أنت تسرق لذتك على حساب الغير. والسارق دائما متعجل، يصاب بسرعة القذف والتي قد تتطور لفقدان القدرة الجنسية، فالمؤثر لا يصبح كافيا للاستثارة.

(5) يقوم عقلك بربط شكل الزوجة بما يراه، ولو اكتسبت بعض الوزن يكرهها وينبذها فقد ربط بين شكل معين للجسد وبين استثارة رغباته.

ملاحظة: صناعة الجنس هي العدو الذي لا يجب الاستهانة به والتقليل منه، فهي أخطر من صناعة وترويج المخدرات. في نهايات 1980 وبداية 1990 بدأت المواد الإباحية تنتشر بقوة ووصلت أرباحها في الولايات المتحدة فقط عام 2014 من 12- 15 بليون دولار، أي أكثر من أرباح الرياضات الاحترافية والإنتاج الموسيقي وأفلام البوكس أوفيس معا أو أكثر من أرباح شركات مثل Google, Amazon, Microsoft, Yahoo, eBay, Apple مجتمعة.

بالنسبة للآباء الذين يواظبون على متابعة تلك الأفلام حتى الآن، أقول لأبنائهم: ربنا معكم.

في المقال القادم سنتحدث عن طريقة لتكوين ثقافة الطفل الجنسية وبعض الطرق البسيطة لحجب المواد اﻹباحية عنهم.

 

المصدر : ساسة بوست