تحذير : مشاهدة المواد الإباحية قد تسبب عجزًا جنسيًّا للرجال
تساءل إي جي ديكسون في مقال له على موقع رولينج ستون عما إذا كان الإدمان على مشاهدة المواد الإباحية يسبب عجزًا جنسيًا لدى الرجال أم لا. وينقل ديكسون عن أحد الشبان – توني (اسم مستعار) – قوله إنه كان يدمن تصفح أحد أشهر المواقع الإباحية بعد انفصاله عن صديقته، فكان يملأ الوقت بمشاهدة المواد الإباحية لبضع ساعات في اليوم، بدافع من الملل في الغالب. لكنه اكتشف فجأة أنه بات عاجزًا عن الوصول إلى الشهوة بشكل كامل. حاول مرارًا وتكرارًا في الأيام التالية دون جدوى. «حدث الأمر بين عشية وضحاها» حسب وصفه.
وقال توني إنه ذهب إلى العديد من الأطباء، وجميعهم أصيبوا بالحيرة من حالته. وقد خاض سلسلة من الاختبارات للتحقق من مستويات هرمون التستوستيرون لديه، فأتت النتائج جيدة. وصف له أحد الأطباء الفياجرا – يشير ديكسون – ولكن لم يفلح الأمر. تزيد الفياجرا من تدفُّق الدم إلى القضيب، والتي يمكن أن تساعد في تعزيز الانتصاب، ولكن فعاليتها تتطلب أن يكون هناك قدر من الانتصاب في المقام الأول. وهو ما يعجز عنه ذلك الشاب.
أثناء بحثه في الإنترنت عن حلٍ لمشكلته، وجد توني موقعًا يسمى Reboot Nation، أسسه شاب يبلغ من العمر 29 عامًا يدعى جيب ديم. وفي سلسلة من أشرطة الفيديو على الموقع – يضيف التقرير – حكى ديم قصته الخاصة – التي لم تختلف عن قصة الشاب التي ذكرناها آنفًا – ففي أحد الأيام، وجد ديم نفسه لا يصل إلى الشهوة أثناء معاشرته صديقته، واعتقد أن الجاني هي المواد الإباحية على الإنترنت. فأنشأ الموقع باعتباره طريقة للرجال الذين تضرروا على نحو مماثل لاستعادة حياتهم الجنسية وتخليص أدمغتهم من آثار إدمان الأفلام الجنسية.
اقرأ أيضًا: كل ساعة يشاهدها 4 مليارات شخص.. 9 معلومات مثيرة للاهتمام عن الأفلام الإباحية
يقول الشاب «اكتشفت أن الأفلام الإباحية قد تكون قد أضرَّت بدماغي. يشبه الأمر الكيفية التي تستهلك بها الإطارات بالاستخدام المستمر، حتى تنفجر في يومٍ ما». يؤكد ديكسون أن ما يشكو منه مئات الآلاف من الشبان حول العالم هو ضعف الانتصاب بسبب إدمان المواد الإباحية أو PIED. يختلف الـPIED عن الـDSM أو الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، وهو المعيار الذهبي للطب التشخيصي. كما لم تكن هناك دراسات شاملة تثبت هذه الظاهرة.
مع ذلك، فإن العديد من الشبان في العشرينات والثلاثينات يلجؤون إلى مواقع مثل Reboot Nation – الذي يستقبل حوالي 10 آلاف زائر شهريًا – فضلاً عن مواقع مشابهة مثل Your Brain On Porn وNoFap، للإبلاغ عن مشكلات في الانتصاب. والشيء الوحيد المشترك بينهم، كما يقولون، هو إدمان المواد الإباحية على الإنترنت.
يقول ديم «هناك الكثير من الرجال الذين يقولون إنهم عاجزون عن الانتصاب بسبب إدمان الإباحية على الإنترنت. تاريخيًا، يتأثر صبي في سن المراهقة بأقل شيء، ولدي مراهقون في سن 13 و14، يقولون إنهم لا يستثارون حتى في وجود فتاة عارية».
عرف الناس الجنس منذ فجر التاريخ – يؤكد معدّ التقرير – إذا كانت رسومات النساء العاريات في الكهوف لا تثير الرجال، فلماذا باتت الإباحية فجأة تسبب عجزًا جنسيًا لمئات الآلاف من الرجال الآن؟ صحيح أن ظهور مواقع مثل Pornhub – الذي يعد أحد أكثر المواقع زيارة في العالم – جعل الوصول إلى المواد الاباحية أكثر سهولة. وبالنسبة لكثير من الذكور المراهقين، هذه معجزة – ولكن بالنسبة لأولئك الذين يعانون من ضعف الانتصاب الناجم عن الإدمان على المواد الإباحية، فهذه كارثة.
ينقل معد التقرير عن ديم قوله إن «المواد الاباحية ليست مجلة بلاي بوي أو رسمة في كهف. إذ أن التحفيز الذي يحصل عليه الإنسان من المواد الإباحية على الإنترنت لا يضاهيه أي شيء على الإطلاق». بدأ ديم يعاني من مشاكل في الانتصاب في أوائل العشرينات من عمره، على الرغم من أنه كان ناشطًا جنسيًا لسنوات. يضيف ديم «بغض النظر عن مدى محاولتي الوصول إلى الشهوة، فقد شعرت وكأنني في التسعين من العمر».
أجرى ديم بعض الأبحاث حول إدمان المواد الإباحية. وقد وجد دراسات تشير إلى أن مشاهدة الأفلام الإباحية تؤدي إلى إفراز الدوبامين، مما يجعلنا نشعر بالسرور، وأنه عند تكرار الأمر بإدمان، فإن الشخص سيسعى مجبرًا خلف النشاط الذي يجلب له المتعة، على غرار سعي مدمن المخدرات خلف الكوكايين حتى ينتشي.
ويشدد جاري ويلسون – مؤسس موقع Your Brain on Porn – من جديد على وجهة النظر هذه، قائلاً إنه عندما يخلق الدماغ المزيد والمزيد من الدوبامين، فإنه يستنزف، مما يجعله في حاجة إلى التحفيز بشكل متزايد. وإذا أدمن الرجل على الاستمناء وهو يشاهد المواد الإباحية، ففي سن 22 أو نحو ذلك ينحرف الذوق الجنسي للرجل بشدة. يقول جاري «كلما زاد إدمان الرجال على المواد الإباحية، فإن هذا يؤدي للبحث عن الاباحية الأكثر تطرفًا، أو الإباحية التي لم تعد تتطابق مع ميله الجنسي. والحل؟ التوقف عن الاستمناء تمامًا». وبمجرد أن يحدث ذلك، يشرح ويلسون، «سيعود ذوقه إلى وضعه الطبيعي، لأن العقل مرن».
توقف ديم عن مشاهدة المواد الإباحية – يشير التقرير – وبعد تسعة أشهر كان قادرًا على ممارسة الجنس مرة أخرى. وفي مارس (أذار) من 2014، أطلق موقعه، الذي يقدم فيه استشارات إلى الرجال الذين يعانون من مشكلات في الانتصاب الناجم عن إدمان المواد الإباحية. وقال ديم لمعد التقرير «أسمع عن رجال يسعون إلى الانتحار ويذهبون إلى الأطباء، الذين يقولون لهم إن هذا بسبب القلق. لكن هذه ليست مساعدة، لأن هذه ليست المشكلة».
ولكي نكون واضحين، ليس هناك إجماع علمي على ما إذا كان لإدمان المواد الإباحية تأثير طويل الأجل على قدرة الفرد على الانتصاب، أو حتى إذا كان لذلك آثار طويلة الأجل على الدماغ. ومع ذلك، فإن ما نشير إليه على أنه «ضعف نفسي» – أي ضعف الانتصاب الذي ليس له سبب فسيولوجي – كان في ازدياد بلا شك في السنوات الأخيرة. فوفقًا لدراسة أجريت عام 2013 نشرتها مجلة الطب الجنسي، فإن ما يقرب من واحد من أصل أربعة من المرضى بمشكلات في الانتصاب هم دون سن الـ40، وهذه نتيجة مثيرة للدهشة، نظرًا لأن ضعف الانتصاب كان يعتقد تقليديًا أنه مشكلة تصيب الرجال في الستينات والسبعينات والعمر.
استطلع معد التقرير رأي فانيسا مارين – أخصائية الطب الجنسي – فقالت «أرى زيادة حادة في معدلات الضعف الجنسي بين الشباب، وخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة. لقد بدأ متوسط أعمار مرضاي يقل شيئًا فشيئًا». وفي عام 2015، تحدثت نانسي جو ساليس في مقال لها في مجلة فانيتي فير عن هذه الظاهرة، نقلاً عن النساء اللواتي اشتكين من فقدان الرجال للانتصاب. قالت إحدى السيدات «إذا عجز الرجال عن الانتصاب – وهذا يحدث كثيرًا – فإنهم يتصرفون وكأنها نهاية العالم».
هناك عدد من العوامل التي تم التكهن بأنها وراء هذا الاتجاه – يواصل ديكسون كلامه – بدءًا من تناول الأطعمة المصنعة إلى أخذ العقاقير العقلية. ومع ذلك، فإنه غالبًا ما تتجه أصابع الاتهام إلى المواد الإباحية، مما دفع إلى ابتكار مصطلح «ضعف الانتصاب الناجم عن إدمان المواد الإباحية»، الذي صاغه الدكتور أبراهام مورجنتالر، وهو أستاذ مساعد في جراحة المسالك البولية في كلية الطب بجامعة هارفارد.
كانت دراسة أجريت مؤخرًا في مركز سان دييجو التابع للبحرية الأمريكية – أعدها طبيب المسالك البولية الدكتور ماثيو كريستمان – قد ركزت على الصلة المزعومة بين إدمان المواد الإباحية ومشكلات ضعف الانتصاب. شملت الدراسة 300 رجل وامرأة قدموا في عيادة المسالك البولية، وقد وُجد أن هناك صلة بين إدمان المواد الإباحية وانخفاض الرغبة الجنسية.
ويبقى السبب في تحميل إدمان المواد الإباحية مسئولية ارتفاع معدلات الضعف الجنسي بين الشباب هو الذعر الأخلاقي المحيط بالمواد الإباحية بشكل عام – ينوه التقرير -. ففي مجتمع محافظ حيث تعتبر المواد الإباحية السبب في ارتفاع معدلات الطلاق وصولاً إلى دمار الحياة الوظيفية لأنتوني وينر، تعتبر الأفلام الجنسية مبررًا مقبولاً. ولكن هذا لا يغير حقيقة أن الإباحية منتشرة في كل مكان، وأن هناك الكثير من الناس – رجالاً ونساءً – ممن يدعون أنهم يتأثرون سلبًا بسبب انتشارها، إلى درجة أنهم ما عادوا يستطيعون ممارسة الجنس قط. يقول الدكتور ديفيد شوستيرمان – اختصاصي أمراض المسالك البولية في مدينة نيويورك – «من السهل إلقاء اللوم على الإباحية أكثر من إلقاء اللوم على الخلل الجنسي. ومن الأسهل جعل الإباحية كبش فداء عن مواجهة المشكلة الحقيقية».
يقول نوح تشيرش، وهو رجل إطفاء يبلغ من العمر 27 عامًا، وهو من مرتادي NoFap «انخفض الإحساس، مما جعل من الصعب علي أن أستثار من قبل امرأة واحدة فقط أمامي. كنت شديد الإدمان على المواد الإباحية، فأشاهد ما أردت وقتما أردت».
صرح تشيرش لمعدّ التقرير أن ذلك لم يحدّ فقط من قدرته على الانتصاب، ولكن أيضًا حد من قدرته على معالجة العاطفة. وأضاف «بدا وكأنني كنت أعيش في واقع رمادي عندما كنت أدمن المواد الإباحية، ولكنني الآن قادر على الشعور بالأشياء بشكل أفضل. كنت قد عجزت عن البكاء من سن 10 إلى 23 عامًا، إذ كنت أشعر أن المواد الإباحية خدرتني عاطفيًا».
ديم ليس مستشارًا أو معالجًا مرخصًا، وكذا العديد من مؤيدي نموذج الإدمان على الإباحية، الذين غالبًا ما يصابون بعدم القدرة على الانتصاب باعتباره أحد الآثار الجانبية للإفراط في مشاهدة المواد الإباحية. أشار الدكتور دونالد هيلتون – وهو طبيب أعصاب معروف لابتكاره نوعًا من العمود الفقري العنقي والجراحة القطنية، وشارك في تأليف بعض البحوث الأكثر انتشارًا حول الإدمان على المواد الإباحية والدماغ –.
في حين قال جاري ويلسون – في خطاب له على TED -: «ما قاله يحتوي على العديد من الفرضيات حول الاستمناء التي لا تدعمها الدراسات التي تحظى باحترام أكاديمي في الطب وعلم النفس، لذا لا يجب النظر إلى ما قاله بوصفه مشورة طبية».
ومع ذلك – يستدرك التقرير – فإن العديد من العاملين في مجال علاج الأمراض الجنسية متشككون في مسئولية المواد الإباحية عن ضعف الانتصاب. يقول إيان كيرنر – أخصائي علاج الأمراض الجنسية – الذي يعالج العديد من الشبان الذين يعانون من ضعف الانتصاب، أنه شهد زيادة طفيفة في حالات الذكور المصابين بحالات الضعف الجنسي. لكنه يقول إن الصلة بين الإباحية وانعدام الانتصاب «مبالغ فيها».
يقول كيرنر «لا أعتقد أن الإباحية تسبب ضعف الانتصاب، لكنها إحدى عوامل كثيرة تسبب ذلك»، مؤكدًا أن القلق من ممارسة الجنس، أو العار الجنسي الداخلي، أو مشكلات الحميمة هي أسباب محتملة. وأضاف «المشكلة ليست الإباحية أو الاستمناء، وإنما طريقة تفكيرهم في الاقتراب من الآخر وما يكتنف ذلك من قلق».
ويعتقد الدكتور شوسترمان أن الرجال الذين يعانون من ضعف الانتصاب الناجم عن الإباحية من المرجح أنهم يعانون مما يسمى «دورة الارتجاع»؛ فإذا لم يتمكنوا من ممارسة الجنس، زاد استخدامهم للمواد الإباحية، لتصبح بديلاً عن الممارسة الفعلية عندما يكون من الصعب العثور على شريك جنس مناسب. يقول شوسترمان «غالبًا ما يتم إلقاء اللوم على المواد الإباحية، وهنا نأتي لمعضلة من أتى أولاً الدجاج أم البيضة. فهل استخدام الإباحية هو الذي يتسبب في ضعف الانتصاب أم العكس؟».
يقول التقرير إن نيكول براوس – عالمة الأعصاب التي تدير معهد الأبحاث ليبيروس ليك – قد درست آثار إدمان المواد الإباحية على الدماغ لسنوات، وهي متشككة للغاية في العلاقة بين الأمرين. تمتد شكوكها إلى فكرة ضعف الانتصاب الناجم عن إدمان المواد الإباحية، التي تدعي أنها غير مدعومة بأدلة طبية موثقة.
تقول نيكول «إن إدمان المواد الإباحية من غير المرجح أن يكون سببًا أكثر من استخدام جهاز تدليك أو المداومة على سلوك جنسي معين مع شخص لفترة طويلة وتعتاد عليه». واستشهدت بثلاث دراسات مستقلة كشفت أنه لا صلة بين مشاهدة المواد الإباحية والعجز الجنسي، إحدى تلك الدراسات شارك فيها الدكتور جيم باوس. وتضيف «لا أعتقد أن هذا تحول دائم أو أنهم سيظلون غير قادرين على الإطلاق على الاستجابة إلى أي محفزات في العالم الحقيقي».
وهي ترفض المدونات مثل NoFap والمواقع مثل Reboot Nation، وتدَّعي أنها تستغل القلق الجنسي لدى الرجال. وتقول «أعتقد أنه من الأمور المفزعة استغلال خوف الشباب وجعلهم يخشون من أنهم قد دمروا أجسامهم عن طريق التنقيب الجنسي الطبيعي». وبطبيعة الحال – يشير التقرير – سواءً كان هناك دليل علمي وراء علاقة إدمان المواد الإباحية بضعف الانتصاب، فهذا لا يغير حقيقة أن الرجال يعانون مع ضعف الانتصاب، بغض النظر عن السبب الطبي.
تقول الدكتورة فانيسا مارين «لا نتحدث هنا عن الطرق الصحية لمشاهدة الأفلام الإباحية، لذلك لا أحد لديه فكرة عامة عما هو صحي وغير صحي عندما يتعلق الأمر بالإباحية. لكنني أرى الكثير من الشبان الذين يشاهدون المواد الإباحية بإدمان، مما يجعل من الصعب عليهم الانخراط في حياة جنسية صحية».
من جانبه – يختتم التقرير بالقول – ما يزال توني يكافح مع مشكلة ضعف الانتصاب، على الرغم من أنه يعزو ذلك جزئيًا إلى «الانتكاس» في بعض الأحيان – إذ كانت أطول مدة قضاها دون مشاهدة مواد إباحية كانت 75 يومًا. يستخدم الفياجرا كلما استطاع، فهو يراها «عكازًا لساق مكسورة، ولكن يساعدني على المشي، مما يعطيني الثقة في المشي أكثر، ولكن لا أستطيع الاعتماد على عكاز إلى الأبد».
المصدر : ساسة بوست