كيف أحفظ أختي من (المسترجلات)؟!

السؤال

أنا فتاة عمري عشرون سنة، اكتشفت أن أختي التي تصغرني بثلاث سنوات على علاقة بفتاة مسترجلة عمرها عشرون عاماً، فهي تهاتف أختي صباحاً ومساءً وأحيانا قبل الفجر. وقد قامت بزيارة أختي في بيتنا عدة مرات، وفي كل مرة أجد آثاراً تدل على أن أختي والفتاة قامتا بأفعال غريبة.
علماً أن أختي عندما تأتيها هذه الفتاة المسترجلة تقوم أختي بلبس الضيق والقصير من الثياب، وتتبرج وتتمكيج.
فعند دخولهما الغرفة تقوم أختي بإطفاء الأنوار، مما يدل على انحراف أختي مع هذه الفتاة.
علما أن والدي مشغول، وأمي مريضة، وأخي الأكبر عصبي وصعب، ربما لو علم لقام بذبح أختي.
أما أخي الثاني فلين في تعامله بعض الشيء، وقد أخبرته لكنه لم يحرك ساكناً. أرشدوني ماذا أفعل؟

المجيب
عادل بن سعد الخوفي

الجواب

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
نعم الفتاة أنتِ ، مادمت حريصة على أختك ، راغبة الخير لها ، تبغين صلاحها وحفظها من الانحراف ، فشكر الله لك ، وأسعدكِ في الدنيا والآخرة ، وجعلَكِ من الصالحات المصلحات اللواتي لا خوف عليهن ولا هن يحزنّ ، كما أسأله أن يُصلح حال أختك ، وأن يصرف عنها شياطين الإنس والجن ، ويبصرها بالحق ، ويوفقها للعمل به . . آمين .
ابنتي الكريمة :
لا شك أن ما ذكرته من واقع أختك لا يَسر ، وأن مصاحبتها ( للمسترجلات ) أصلحهن الله مؤثر على سلوكها وإيمانها ، بل وحتى على مستقبلها وعلاقتها بكم ، ولذا فمن الأهمية أن تتعاملي معها معاملة الأخت المشفقة المحبة لأختها ، الحريصة على مصلحتها وسعادتها ، الراغبة في هدايتها وسلامتها وسعادتها .
ولذا فلي معكِ وقفات :
1- ازدادي تقرباً إلى الله بأداء الفرائض في وقتها ، والمحافظة على النوافل ، والبعد عما يغضب الله من الأقوال والأعمال صغيرها وكبيرها ، وعليك بالصدقة، فإن ذلك كله مما يُستجلب به رضا الله ورحمته .
2- أكثري من الدعاء في خلواتك ، وصلواتك ، وفي الثلث الأخير من الليل . . ابتهلي إليه سبحانه بأن يهدي قلب أختك ، وأن يبصرها بعواقب أعمالها ، وأن يصرف عنها شياطين الإنس والجن ، سليه أن يؤلف بين قلبها وقلبك على الخير ، سليه أن يُنير قلبها ، سليه أن يزيد إيمانها ، ويخسأ شيطانها ، سليه أن يُباعد بينها وبين الفتيات المسترجلات؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : ” إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء ” ، ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك “صحيح مسلم (2654) .
3- لا تدعي أختك فريسة لأهل السوء ، كوني قريبة منها ، افتحي لها قلبك ، استقبليها بابتسامة ، أشعريها بمحبتك لها ، أفيضي عليها من العاطفة الأخوية ، لتكوني ملاذها بعد الله إذا أحسَّت بالضيق ، لا تُغلقي جميع أبواب الأسرة أمامها ، فإذا كان الوالد مشغولاً ، ووالدتك مريضة شفاها الله ، وأخوك الأكبر شديداً ، والآخر مرتخياً ، وأعرضت أنتِ عنها ، فقد أُغلقت أبواب الأسرة عنها ، وفتحت أبواب الخارج والشرور عليها . . لذا فلتحملي أنتِ عبء فتح أبواب نفسك وقلبك لها ، ولتكوني الأخت المحبة المشفقة .
4- هيئي بينك وبينها جلسة أخوية هادئة صافية ، واعملي على ألا يقاطع أحد هذا اللقاء ، قَدِّمي إليها هدية ولو يسيرة ، أخبريها عن مكانتها عندك ، وأنكما أختان لا غنى لإحداكما عن الأخرى، اطلبي منها أن تفتح كل منكما صدرها للأخرى ، وأكِّدي على حفظ ما يدور بينكما ، وعدم إظهاره لأحد كائناً من كان ، ثم أخبريها بوضوح عن ملاحظاتك عنها كاملة ، وبَيِّني خطورة ذلك على سمعتها وسمعة عائلتها ، وضحي أن هذه الأعمال تغضب الجبار تبارك وتعالى ، أشيري إلى أثر مصاحبتها للمسترجلات وأهل الشرور على تحصيلها العلمي ، وعلى صحتها ، وعلى حياتها الزوجية مستقبلاً . . اتفقي معها على خطوات ثلاث مهمات : (الانتقال السريع من هذه المدرسة سيئة السمعة، وقطع جميع العلاقات مع الفتيات المسترجلات، أو أي شخصية غير صالحة، مع التعرف على أهل الخير والصلاح ومصاحبتهن والتواصل معهن) .
لاحظي أن حديثك يجب ألا يكون بغضب أو انفعال ، يجب أن تشعر هي عند حديثك بشفقتك ، وحرصك على مصلحتها ، ومحبتك الكبيرة لها .
5- يقال : ( من لم يشغل نفسه بالطاعة شغلته بالمعصية ) اعملي أختي الكريمة على أن تشركيها معكِ بما ينفعكما في الدنيا والآخرة ، ويقطع عنها وعنك (روتين) الحياة اليومية ، ويشعرها بالتجديد والنشاط في حياتها ، وتستغني به عن التواصل مع من لا يزيدها إلا بعداً عن الله، وهماً بالليل والنهار ، ومن ذلك :
أ‌. قراءة ورد يومي من القرآن الكريم، ولو يسيراً .
ب‌. المحافظة على صلاة الضحى، وصلاة الوتر .
ت‌. أذكار الصباح والمساء .
ث‌. زيارة الأقارب أو بعض الصويحباتك المخلصات الطيبات .
ج‌. التعاون مع بعض الجهات الخيرية القريبة من مقر سكناكم .
ح‌. المشاركة في تقديم بعض الخدمات في المنزل .
خ‌. إنجاز بعض الأعمال لأخواتك الملتزمات المحافظات .
د‌. قراءة بعض المجلات أو الكتب النافعة، واستخلاص الفوائد منها وتقييدها .
ذ‌. الدخول على بعض مواقع الإنترنت المفيدة مثل :
موقع لها أون لاين : www.lahaonline.com
موقع لك : www.lakii.com
موقع قوافل الداعيات : www.gafelh.com
موقع حواء :http://www.hawaaworld.com
6- اعملي أنتِ بما ذكرته لكِ ، وتواصلي أيضاً مع أخيك الأصغر القريب منها ، وتابعي معه ، ولا تيأسي من عدم استجابته ، بل وأشعريه بالخطوات التي تقومين بها أنت الآن ، واطلبي منه فقط محاولة التواصل معها بصفته الأخوية الحريصة عليها ، أو تفريغ جزء ولو يسير من وقته للخروج معكما لفسحة يسيرة ، أو تأمين بعض الحاجيات ونحو ذلك ، فإن شعور أختك بصلتها الأسرية مع إخوتها من أكبر ما يعينها على البعد عن صويحبات السوء .
7 – هذه الاستشارة مدتها ( ثلاثون يوماً ) ، اعملي بها ، مع رجائي التواصل مع الموقع بعدها لتقييم نتائج هذه الفترة ، ولتحديد الخطوة القادمة بإذن الله ، ولكن احذري النزول لإنقاذ أختك وأنتِ لا تجيدين السباحة استعيني بالله ، ولتكن قاعدتك : ( أنتِ أولاً ، ثم أختك ) .
وأخيراً أهدي أختك هذه الكلمات :
يا درّة حُفِظت بالأمس غالية
واليوم يبغونها للهو والطرب
يا حُرّة قد أرادوا جعلها أمَةً
غربيَّة العقل ، لكن اسمها عربي
هل يستوي من رسول الله قائده
دوماً ، وآخر هاديه أبو لهب ؟!
وأين من كانت الزهراء أسوتها
ممن تَقَفَّتْ خطى حمالة الحطب ؟!
أختاه لستِ ببنتٍ لا جذور لها
ولست مقطوعة مجهولة النسب
أنت ابنة العرب والإسلام عشت به
في حضن أطهر أم من أعز أب
فلا تبالي بما يلقون من شُبَهٍ
وعندك العقل إن تدعيه يستجب
سليه : من أنا ؟ ما أهلي ؟ لمن نسبي ؟
للغرب أم أنا للإسلام والعرب ؟
لمن ولائي ؟ لمن حبي ؟ لمن عملي ؟
لله أم لدعاة الإثم والكذب ؟
عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح “. ( رواه مسلم) .
توبي توبة لارجعة فيها أختي الغالية ، وحققي شروط التوبة الأربعة :
الشرط الأول: الإخلاص ، وهو أن تقصدي بتوبتك وجه الله عز وجل .
الثاني : الإقلاع عن الذنب .
الثالث: الندم على فعله .
الرابع: العزم على عدم الرجوع إليه .
اسألي الله أن يبدلك عن كل سيئة فعلتيها بحسنات تجدينها يوم القيامة .
اقطعي صلتك بكل فتاة ( مسترجلة ) ، مزِّقي كل الأرقام أو الصور أو الرسائل المتعلقة بهن، واعقدي العزم منذ اللحظة، وأعلنيها: لا لغضب الله ، ولا لكل معصية تؤدي إلى غضب الله . لا ثم لا ثم لا .
سأعرض عليك أخيتي الفاضلة عدة أسئلة أجيبي عنها بوضوح تام . لا أريد إجابة لسانك فقط !! بل إجابة قلبك وجوارحك وكيانك كله .
– يقول مولانا سبحانه وتعالى ” فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ” [الشورى : 7 ] . إذا اجتمع الخلق في عرصات يوم القيامة بين يدي الله تعالى ، وصُنِّف الناس صنفين ، فريق في الجنة وفريق في السعير ؛ فمع أي الفريقين تريدين أن تكوني !!؟
يقول شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله : ” مَنْ فاتَهُ رِفْقَة المؤمنين ، وخرج عن دائرة الإيمان فَاتَهُ حُسْنُ دِفاعِ الله عن المؤمنين ؛ فإن الله يدافِعُ عَنِ الذين آمنوا ، وفاتَه كُلُّ خَيْرٍ رتَّبه الله في كتابه على الإيمان ، وهو نحو مائة خَصْلَة ، كُلُّ خصلة منها خَيْرٌ من الدنيا وما فيها . . قال تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ” [الحج : 38 ] . فهل تريدين أن تُفَرِّطي في رفقة المؤمنين ؟ ودفاع الله عنك ؟ ومائة خصلة كل خصلة خير من الدنيا وما فيها !!؟
ابنتي الكريمة :
عندما يراودك تفكيرك في التواصل مع الفتيات المنحرفات .
تذكري أنك تعصين جبار السموات والأرض .
تذكري أنك تُقدِمين على جريمة في حق نفسك، وفي حق أهلك، وفي حق المجتمع بأسره ، تذكري أنه يمكن أن يقبض الله روحك وأنت معهن بهذه المخالفة .
تذكري عذاب القبر وظلمته .
تذكري عذاب النار وشدته ، واعلمي ” أن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين عاما وما تفضي إلى قرارها ، وكان عمر يقول أكثروا ذكر النار فإن حرها شديد، وإن قعرها بعيد، وإن مقامعها حديد ” صحيح الترغيب والترهيب ( 3 / 248) .
تذكري أن الإقدام على هذه العلاقات هو سبب لـ ” ضيق نفسك ، وضعف همتك ، وما يصاحب ذلك من هم وغم ” .
وأخيراً تذكري قوله تعالى : ” وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ” [طه : 124] .
وفقكن الله لهداه ، وأسعدكن في الدنيا والآخرة ، وجعلكن من الصالحات المصلحات اللواتي لا خوف عليهن ولا هن يحزنَّ ، وصَلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر : الإسلام اليوم