احذري الرجولة الكاذبة على الإنترنت!

السائلة:جورية
الإستشارة

أنا فتاة عمري 22 سنة.. مررت بظروف كثيرة في حياتي أغلبها كانت قاسية؛ فقد ماتت والدتي وأنا صغيرة ولذلك مازلت أفتقد الحنان، ولم أجد هذا الحنان لدى والدي؛ لأنه لا يستطيع التعبير عن مشاعره ولا عن حبه. وأنا البنت الوحيدة بين الأولاد، والفرق بيني وبين إخوتي يتجاوز 10 سنوات. وأحمد الله أني عشت طول فترة مراهقتي بفضل من الله ورعايته لي بالتزامي وحفاظي على نفسي.. ولم يطرأ على بالي أو فكرت في أن أكون علاقة بيني وبين شباب، بل كنت أستغرب ما هي العلاقة أصلاً؟!

حتى وصلت للجامعة ومع مخالطتي الجو الغريب اكتشفت أشياء كثيرة جعلتني أفتح قلبي بشكل أكبر وأفكر في الارتباط بالجنس الآخر، حتى أحببت شخصا من عائلتي حبا عفيفا طاهرا غرضه الزواج، ولكنه صدمني صدمة حياتي واكتشفت أنه لا يحبني! ومازلت أعاني حتى الآن من أثر هذه الصدمة لدرجة جعلتني أفعل أشياء لم أتصور أن أنزل بمستواي وأفعلها، فقد كلمت شابا بالهاتف، وكنت كالمجنونة لا أعرف لماذا حتى الآن ولا كيف فعلتها؟! كأنني أبحث عن قلب آخر يخرجني من الصدمة الأولى فوجدته.. وليتني لم أجده فقد أحبني بجنون، ولكني أيضا صدمت فيه أكثر من الصدمة الأولى واكتشفت أنه أكبر كاذب بالكون، وهكذا..!

ولكنني والحمد لله تبت واستغفرت ربي.. ولا أقول إنني بريئة مما فعلت، ولكن الظروف التي أحاطت بي ساعدتني على ذلك؛ تجاهل والدي لي وعدم مبالاته لدرجة أنني حجزت نفسي في غرفتي لمدة أسبوع ووالدي لا يدري عني شيئا، يعتقد أني نائمة في الخارج، وإخوتي لا يسألون عني أو يكترثون لحالي، وان حاولت الاحتكاك أو أحاول أن أفتح قلبي لوالدي يرمي لي بالنقود اعتقادا منه أنها ستحل مشكلاتي!

إنني أحس بفراغ كبير وقاتل، وأريد الزواج برجل متدين، ووالدي يمنعني من الزواج ويشترط كثيرا؛ لدرجة أنه لا يتجرأ أحد الآن لخطبتي!

أحاول كسر الفراغ بـ “الإنترنت” والآن تعرفت على شخص طيب ومؤدب ويشدني نحوه كثيرا، وأنا لا أرغب في الارتباط.. ولكن يوجد شيء يجذبني نحوه!! والآن منذ ما يقارب السنة أكلمه بالإنترنت فقط.. ولم يحاول أنا يكلمني بالهاتف أو بالـ “مايك” أو حتى يرسل لي صورته، فهو يرفض هذا المبدأ رفضا باتا، وأنا كذلك، ولا أعرف إذا كان يميل إلي أم لا؟! وأخاف أن أحبه، وأرغب في مصارحته؛ لأنني أشعر بأنه يميل لي، وقد صرح لي أكثر من مرة بأنه يرغب في الزواج ولا يريد الاستمرار بالإنترنت.. ولكن بطرق غير مباشرة!!

لا أريد التسرع ولكن أريده أن يشعر بي ويصارحني بمشاعره.

أحس بالحيرة التشتت؛ فأنا أرغب في الزواج بسرعة ولا أريد أن أنحرف أو أفعل شيئا يغضب الله، ولا يرغب أحد في الزواج مني لأني لست جميلة ولا جذابة! فماذا أفعل؟! أتمنى لو كانت أمي حية وألجأ إليها ولم أفعل ما فعلت. أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابة
أعجبني رد المستشار لم يعجبني رد المستشار
المستشار:عواطف العبيد

ابنتي الحبيبة: جورية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

كثير من الناس يفقدون أمهاتهم أو آباءهم وهم صغار، بل إنني أعرف من فقدت كامل عائلتها في حادث سير، ولكن كان ذلك دافعاً لها للنجاح وتعويض ما فقدت بإثبات الذات.
اعلم أن الحوادث المحزنة قد تؤثر على الفرد، ولكن ما لحظته ـ ابنتي ـ أن طفولتك مرت طبيعية، وكذلك مراهقتك، دائماً الاختلاف يظهر بالجامعة، وهذا يعود ـ في نظري ـ إلى الانفتاح، والظاهر لي أنك لم تعتادي هذا الجو ولذلك انغمست فيه.. فاحمدي الله أنك كنتِ قادرة على اتخاذ القرار المناسب حينما وجدت أن هذا الشخص غير مناسب؛ لأن الفتاة عادة إذا كانت في مجتمع منفتح وجديد عليها فإنها تُقدم وبتهور بحثاً عن علاقة مع الجنس الآخر، وهذه نعمة أنك لم تفعلي ذلك. ورغم أن تصرفك ظهر بمنتهى العقلانية إلا أنها جانبتك في باقي تصرفاتك فكيف تقعين في هذا الخطأ مرة أخرى؟!

ابنتي.. الوالد عادة قد لا يعرف احتياجات ابنته؛ لأن والدك أيضاً له احتياجات أخرى لم تلب له أيضاً، فأنت ـ ابنتي ـ لا تعتبي على والدك فهو يريد أن يوفر لك كل ما تريدين ضمن حدوده، أما ما لا يستطيع فأرجو أن تلتمسي العذر له.

وتأكدي حينما يتقدم لك الرجل الصالح فلن يمانع والدك بل سيرحب، ولكن كما أن المرأة لا تعرفها بحق إلا امرأة مثلها.. كذلك الرجال يعرفون بعضهم بعضا، ومن هنا فوالدك له نظرة فيمن يتقدمون لك، وحينما يتقدم الكفء تأكدي أنه سيوافق.

مشكلتك ـ ابنتي ـ ليست ظروفك وليست والدك بقدر ما هي أنت! قد أكون قاسية معك ولكن لأني أحبك كابنة أخاف عليها من الفراغ والصحة، وهذه هي المشكلة! تحاولين أن تكسري الفراغ وتشغلي وقتك.. ولا شك أن الإنترنت يبدو أفضل طريقة.. ولكنها أسرع طريقة للوقوع في الفساد وفي براثن الشباب المنحرف، وأعتقد أن من تعرفت عليه واحد منهم، فهؤلاء يجعلون الفتاة تثق بهم ثقة عمياء وتطمئن إليهم ولا يصرح لها بأي طلب.. فتندفع أمام هذه الرجولة الكاذبة تحدثه وتتعلق به، بل وقد تستخدم الكاميرا في الاتصال.. ثم صورا وخطابات؛ فإذا امتلك ذلك كشر عن أنيابه وظهرت نواياه السيئة، وحينها تجد الفتاة أنها تواصل معه خوفاً مما لديه وإن كانت غير راغبة.. وهنا الخطر.. فاحذري ابنتي!

الرجل الشريف الرجل المكتمل الرجولة لا يعرف إلا طريقا واحدا للتعبير عن حبه وهو أن يطرق الباب ويخطب، لا أن يتسلسل كالمجرمين واللصوص، وهذا الرجل لص خطير، بل خطير جداً، ويتعامل معك بدهاء وذكاء شديد، فابتعدي واقطعي أي صلة به واعلمي أنك لا تحبينه أبداً، ولم ألمس ذلك في مشاعرك، بل على العكس أنت تريدين رجلا يتزوجك ليشغل الفراغ داخلك ويشعرك بحبه، أي يشعرك بما ينقصك، سواء هذا الرجل أو غيره؛ فلا تتعجلي الأمور وثقي بأن الرجل إذا أراد يبني بيتا صالحا وأما فاضلة لأولاده فإنه لا يختار الجمال أولاً بقدر ما يختار الصلاح والدين والخلق في الفتاة.
أبعدي عن تفكيرك نظرتك السلبية عن ذاتك، فلا توجد امرأة غير جميلة ولا غير جذابة، والجمال نسبي، وانظري حولك أَكُل المتزوجات جميلات؟ بالطبع لا!

ابنتي:

أنت في سن تجاوز طيش الشباب والمراهقة، فأنت في مرحلة نضج واكتمال، فاحرصي على تنمية ذاتك بالعلم الشرعي وبالثقافة النافعة، واشغلي وقتك بالطاعة تجدي أمورك جميعها ميسرة، فمن كان همها الله كفاها الله هم نفسها.. أسأل الله أن يعمر قلبك بالطاعة ومحبته، وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه ويريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه.. والله يحفظك.

المصدر : لها أون لاين