توجيهات الأم لابنتها في بداية بلوغها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا لدي بنت عمرها عشر سنوات، وقد أتت عليها العادة، فهل تعتبر مكلفة؟ وإذا كان نعم فكيف لي أن أجعلها تصوم الفرض وخاصة أنها في سن العاشرة وقد لا تتحمل ذلك؟
وكذلك لا زالت في حركاتها صغيرة جداً، فكيف لي أن أشعرها أنها أصبحت كبيرة؟ وكيف أجعلها تخبرني أو تخبر أمها عن كل صغيرة وكبيرة سواء كان العمل صحيحا أم خطأ؟، بمعنى آخر كيف أجعلها تثق بنا؟ وألا تخاف منا في حال حدوث خطأ ما؟
الإجابــة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
بخصوص ما ورد برسالتك، فنعم إن علامات البلوغ بالنسبة للنساء أربعة، أهمها وعلى رأسها العادة – أي دم الحيض – وما دام الحيض قد أصاب الفتاة فإنها تُصبح بذلك امرأة مكلفة شرعاً.
أمنا السيدة عائشة – رضي الله تعالى عنها – حاضت ولها تسع سنين في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وكثير من الفتيات خاصة في منطقتنا العربية هذه نتيجة وفرة الطعام والشراب والأمن والأمان والاستقرار والخدمات تأتيها العادة مبكرة؛ ولذلك هذا شيء طبيعي – بارك الله فيك – وينبغي على أمها أن تجلس معها، وأن تُبين لها هذا الأمر، وأن تُذهب خوفها، وأن تُخبرها بأن هذا أمر كتبه الله على كل النساء، وتقول لها: حتى أنا جاءتني هذه الدورة وأنا صغيرة، وهو أمر عادي جدّاً، وأنت الآن أصبحت عروسة.
تكلمها الكلام الذي يشجعها والذي يُشعرها بأنها ليست مذنبة ولا مخطئة؛ لأن بعض الفتيات قد تحار عندما ترى هذا الدم، وتخاف أن يكون قد حدث لها مكروه، ولكن الواجب – بارك الله فيك – على زوجتك أم ابنتك أن تكلمها برفق ولين، وأن تحبب إليها هذا الأمر، وأن تُشعر بأنها خرجت من عالم إلى عالم آخر، وأنها الآن أصبحت عروسة كاملة، وأن الواجب عليها أن تهتم بنفسها، وأنها الآن – ما شاء الله – في طريقها إلى أن تنمو وتكبر وتصبح كأمها جميلة قوية – إلى غير ذلك من هذا الكلام الطيب – وأنه – إن شاء الله تعالى – في المستقبل سيكرمك الله عز وجل بشاب صالح مستقيم يتزوجك بشرع الله تعالى وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ونعمل لك فرح كبير كفرح فلانة وفلانة وفلانة.
هذا الكلام يقال لها من باب إشعارها بأن الأمر طبيعي وأن الأمر جيد، ولكن ينبغي أيضاً مع ذلك: أنت الآن أصبحت كبيرة فلا تتكلمي مع أي شاب أجنبي إلا بالتنسيق مع أمك، إذا أراد أحد أن يتكلم معك لابد أن تراجعي أمك في هذه المسألة حتى يكون هناك نوع من الرابط ما بينها وبين أمها، تلجأ إليها عندما يكلمها أحد، لأنها الآن كما تعلم ما دامت قد أصبحت مكلفة أو جاءتها عادة فسيحدث عندها تغير كبير في جسدها، وسيحصل عندها نوع من الامتلاء في بعض أعضاء الجسد، ونوع من السعة والتضخم في بعض الأعضاء الأخرى، يحدث هناك تغيير في خريطتها لأنها الآن في طريقها إلى أن تُصبح فتاة شابة تتمتع بالصحة والجمال والحيوية التي خلق الله النساء عليها.
هذه التغيرات تحتاج إلى أن نبينها أولاً بأول، وألا تخفي عن أمها شيئاً عن طريق هذا الكلام من الآن، حوار وأخبارك وأحوالك، وتتبع معها هذه الدورة وتسألها دائماً متى جاءت وما هي مواصفاتها، وتشعرها بأن هذا شيء طبيعي وهذه علاماتها، وتعلمها كيفية النظافة في هذا المكان؛ لأنك تعلم أن هذه الفتاة صغيرة مسكينة قد لا تحسن التنظف وتصاب بالالتهابات وقد تأتيها فطريات وأمراض جلدية، ولكن ينبغي على الأم أن تبين لها هذا الأمر أولاً بأول، وأن تعلمها كيف تغسل نفسها غسيلاً جيداً بالصابون أو بغيره، حتى لا تكون رائحتها كريهة، وألا تكلم أحداً في هذا الموضوع؛ لأن بعض الفتيات أحياناً يتكلمن في المدارس؛ لأن هذه البنت الآن كأنها مازالت في الصف الرابع مثلاً، فإذن قد تتكلم مع الفتيات زميلاتها وهي لا تعرف، ولكن ينبغي أن تعلم أن هذه أسرار لا ينبغي أن يعلم بها أحد ولا يطلع عليها أحد إلا الأم؛ لأن هذه مسائل خاصة وأنه ينبغي ألا تكلمي فيها أحد، حتى لا يحسدها أحد أو يحقد عليها أحد، أو ينال أحد منها مكروهاً.
ولذلك – بارك الله فيك – نكون قد انتهينا من هذا الأمر.
أما بالنسبة للصيام، فإذا كانت قد بلغت في رمضان فإن عليها بعض الأيام، فنستطيع أن نقسم هذه الأيام – بارك الله فيك – بعد بلوغها على السنة، فتستطيع ولو في كل شهر تصوم يوماً أو يومين، ولتصم أمها معها، وتقول لها: ما رأيك نصوم أنا وأنت – إن شاء الله تعالى – القضاء الذي علينا، وتبدأ أمها تصوم معها وتحاول، إذا استطاعت استطاعت، وإذا لم تستطع كأن تكون ضعيفة بدنياً فتؤجل هذا الصيام إلى المستقبل لا حرج عليها – بإذن الله تعالى.
وطبعاً ينبغي عليها – بارك الله فيك – أن تحافظ على لبس الحجاب الشرعي، لأنها الآن أصبحت مكلفة، وأن تحافظ على الصلاة في أوقاتها، وأن تُعلموها واجب وحب الله تبارك وتعالى عليها حتى لا تقع في شيء من التقصير أو المخالفة أو التجاوز، فتسألون أنتم عن ذلك لأنكم ما علمتموها.
نسأل الله أن يبارك فيها وأن يجعلها من الصالحات القانتات، وأن يحفظهما من كل مكروه وسوء، كما نسأله أن يعينكم على الأخذ بيدها وإشعارها بأن الأمور طبيعية وأنها الآن أحسن، وأنها الآن أفضل، وأنها في طريقها إلى الحياة الطيبة المستقرة – بإذن الله تعالى – .
هذا وبالله التوفيق.
المصدر: موقع إسلام ويب