أعاني التهيج الجنسي
أنا شاب عمري 23 سنة، وأعاني من كثرة الشهوة، وهذا الموضوع يسبب لي ضعفاً شديداً، وأنا مشكلتي عندما أرى اي بنت جميلة أختلي بنفسي وأفعل العادة السرية، وهذا الموضوع يتكرر أكثر من مرة في اليوم الواحد، مما أدى إلى ضعف جسدي ومعنوي، وأرجو منك أن تنصحني بأي شيء يبعدني عن هذه الأشياء، لأنني تعبت من كل المحاولات.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: لا شك أن هذه العادة السيئة قد ابتلي بها بعض شباب المسلمين، ولكن قلة هم الذين يسعون جاهدين إلى التخلص من هذه العادة لان الشيطان يملي لهم ويسول لهم، والله أسأل أن يعينك فيما قصدت، وأن يوفقك إلى ما يحب ويرضى.
ثانيا: أسباب هذه العادة:
معرفة الأسباب معينة على التخلص من هذه العادة، واليك بعض أسباب هذه العادة السيئة التي تغضب الله سبحانه، فعليك أخي الحبيب تجنب هذه الأسباب، والعمل على التحصن بالتقوى ما استطعت، واعلم أنه:
إذا لم يكن من الله عون للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده.
1.النظر إلى محارم الله من صور محرمة، وفضائيات فاضحة، ومواقع الكترونية، فهذه كلها تذكي الشهوة، وتزيد الرغبة، ثم بعد ذلك يحاول الإنسان كسر شهوته بهذه العادة، ولا يعلم أن هذا الشهوة تخبو مؤقتا، لأن الشهوات كالنار كلما ألقمتها حطبا زادت اشتعالا.
2.عدم حفظ النظر، وغض البصر، فرسول الله صلى الله عليه وسلم، أمرنا إذا وقع نظر الإنسان على محرم أمر بصرف النظر مباشرة كما في الحديث الصحيح عند مسلم جرير بن عبد الله قال: {سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري}، ولأجل ذلك نبه الله سبحانه على غض البصر طريقا لحفظ الفروج فقال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (30) سورة النــور.
3.الفراغ، وملئ الوقت بالمعصية، فالفراغ مع شيوع المعاصي، وانتشار التبرج، وشيوع ما يعرف بالفيديو كليب والمجلات والمواقع الالكترونية، والقنوات الفضائية، يجعل الشاب يملؤه بالنظر إلى هذه المحرمات، والشيطان يسول ويوسوس، والإنسان يستجيب ويقبل، ثم تكون نتيجة ذلك الاستدراج إلى محرمات أخرى، فاصرف بصرك، ثم اعمر أوقاتك بطاعة الله من قراءة قران، وصلاة نافلة، وداوم على ذكر الله، واختر صحبة صالحة ترافقها في فراغك، وحاول أن تعمر أوقاتك بطلب العلم الشرعي، و اعلم أنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وأن الوقت نعمة ينبغي المحافظة عليها لقوله عليه السلام في الحديث الصحيح عند البخاري، { نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ}.
ثالثا: الأسباب المعينة على ترك هذه العادة
1.عدم النوم مباشرة عند الذهاب إلى الفراش، فلا تذهب إلى الفراش إلا وأنت متعب مستعد للنوم مباشرة، واحرص على الأذكار وأن تنام على طهارة، وان رأيت من نفسك نشاطا فصل قيام الليل، لا تنسى أن تلح على الله في الدعاء أن يشافيك من هذه العادة، فالدعاء مفتاح المغاليق. أخرج الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي من حديث ابن عمر، قال : لم يكن رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – يَدَعُ هؤلاء الدَّعوات حين يُمسي وحين يُصبح : ” اللهمّ إني أسألُكَ العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنِّي أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهمَّ استُر عورتي، وآمن روعتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذُ بعظمتك أنْ أُغتَالَ من تحتي” وهو حديث صحيح .
2.احرص على صلاة الفجر، واتفق مع بعض إخوتك أو أصدقائك على أن يوقظوك إلى الصلاة، وأن تصليها في جماعة، فربما تتحرج من الاغتسال المتكرر، ومن التأخر عن الصلاة.
إليك هذه القصة التي ذكرها الإمام ابن رجب الحنبلي في كتابه جامع العلوم والحكم – (2 / 9)
كان بعض العلماء – يقال إنه الإمام أبو الطاهر الطبري رحمه الله – قد جاوز المائة سنة وهو ممتَّعٌ بقوَّتِه وعقله، فوثب يوماً وثبةً شديدةً، فعُوتِبَ في ذلك، فقال: هذه جوارحُ حفظناها عَنِ المعاصي في الصِّغر، فحفظها الله علينا في الكبر.
قال ابن رجب معلقا: “وعكس هذا أنَّ بعض السَّلف رأى شيخاً يسأل الناسَ، فقال: إنَّ هذا ضيَّع الله في صغره، فضيَّعه الله في كبره”.
فمَنْ حفظ الله في صباه وقوَّته، حفظه الله في حال كبَره وضعفِ قوّته، ومتَّعه بسمعه وبصره وحولِه وقوَّته وعقله.
3.العلم بأن من أسباب دخول الجنة حفظ الفرج فعند البخاري عن سهل بن سعد: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة).
4.تجنب الأطعمة الحارة التي تحوي البهارات والفلفل، وكذلك الأشربة المهيجة كالزنجبيل، والإكثار من المنبهات كالقهوة والشاي.
5.العلم بان الشهوة كالنار تزداد لكما مارستها، ولا تدع الشيطان يتحايل عليك فيقول لك هذه آخر مرة.
6.مجاهدة النفس، فالعادات جميعا تحتاج إلى مجاهدة، وأظنك تحمل هذه النفس، فيصعب الأمر في أول محاولات ثم ما يلبث أن تعتاد على ترك هذه العادة، كما قال الشاعر:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وان تفطمه ينفطم
7.الإكثار من الدعاء لنفسك، وطلب الدعاء من الآخرين، ولكن لا تذكر الأمر تفصيلا فقل لهم مثلا ادعو لي فإنني أعاني من شيء أسأل الله أن يذهبه عني، أو نحو ذلك. وإن شاء الله ندعو لك في ظاهر الغيب.
أخيرا، اعلم أخي الحبيب إن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وأنك إن أحسنت فيما بقي يغفر لك ما قد سلف، بل يبدل الله لك سيئاتك حسنات، قال تعالى {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا، إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا، وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} سورة الفرقان : ٦٨ – ٧١
فبادر أخي الحبيب بالتوبة، واستعن بالله ولا تعجز، واستحضر عظم ما لقيت من هذا الذنب، وتذكر قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (124) سورة طـه.
أبعد الله عنك الضنك، وأسعدك بالطاعة، واستعملك فيما يحب ويرضى، وأراحك مما تجد، وغفر لك، وأعانك، وأقول لك “اشتغل عن لذاتك بإعمار ذاتك”.
يمكنك أن تقرأ كتاب الجواب الكافي لابن قيم الجوزية، وكتاب الفوائد له، فإنها كتب تزيد الإيمان، وتشحذ الهمة. وآخر دعوانا أن الحمد لله برب العالمين.
المصدر: http://bit.ly/2j3l0nD