لا أقدر على ترك الكلام مع البنات

أنا طالب لا أقدر أن أتوب، أعاني من الشهوة في النساء، وعمري20سنة، وأخاف من الله، وكل مشكلتي أني أكلم البنات وأخاف أن الشيطان يوسوس لي وأزني بهن، فقلت: أتزوج لكني لا زلت صغيراً، ومستوى الأسرة يعتمد علي أنا، ولا أقدر أن أترك الكلام مع البنت، فأنا أحبها وتحبني، لكن ما يخيفني أن الكلام الذي بيننا لا يرضي الله.

المستشار: د.أحمد المحمدي

جزاك الله خيراً يا أخي ولعل الله أراد بك الخير يا أخي حين أيقظ ضميرك في وقت خطير، أيقظ ضميرك قبل أن تقع في مصيبة جلية وعظيمة، مصيبة ترتج لها السموات والأرض، نسأل الله أن يعافيك منها للأبد يا أخانا.

أخي:  لقد أخطأت حين سمحت لنفسك بالانسياق خلف شهوتك، أخطأت حين ظنت أن الكلام المحرم لن يبقي أثره في قلبك، ولعل الشيطان وسوس لك أنك قادر على العودة في منتصف الطريق وهذا وهم؛ طريقك يا أخانا الذي تسير فيه هو طريق الهلاك والفضيحة والزنا، فاحذر أن يجرك الشيطان إلى ما تبقى عليه العمر نادماً.

أخي، أنت لا يخفاك أن الزنا من الكبائر باتفاق العلماء ما قمت به، فقد قال تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) وقال: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)  وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإيمان يحول بين الرجل والزنا فقال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن). ويوضح هذا المعنى حديث آخر يقول فيه صلى الله عليه وسلم: (إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان على رأسه كالظلة، فإذا أقلع رجع إليه). وبين النبي فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: (أن تجعل لله نداً وهو خلقك) قلت: ثم أي؟ قال: (أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك) قلت: ثم أي؟ قال: (أن تزاني بحليلة جارك). متفق عليه.

لقد غيبت الشهوة عنك قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والزنا فإن فيه أربع خصال: يذهب البهاء عن الوجه، ويقطع الرزق، ويسخط الرحمن، ويسبب الخلود في النار) وما تذكرت عقوبة الزنا لمن وقع فيه، وهي عقوبة ممتدة في الدنيا إلى الآخرة حتى في القبر، كما جاء هذا في حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم التي رأى فيها صوراً من عذاب القبر، فقد ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: (فانطلقنا فأتينا على مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع، فيه لغط وأصوات، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا –أي: صاحوا من شدة حره- فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء هم الزناة والزواني –يعني: من الرجال والنساء- فهذا عذابهم في القبر إلى يوم القيامة). هذا أخي بعض ما ينتظر الزناة يوم القيامة، فاحذر أن تضيع الدنيا والآخرة من أجل غفلة ساعة.

أخي، قد ستر الله عليك في حديثك المحرم مع الفتاة، ولو أراد الله فضحكما لكان مصاباً عظيماً لك ولمن تعول، فلا يغرنك يا أخانا حلم الله بك، احذر أن ينزع الله ستره عليك، وساعتها تسقط من عين الله قبل أعين الناس أجمعين.

– إننا ندعوك يا أخي إلى توبة صادقة بينك وبين الله، واعلم أن الله يقبل التوبة عن عباده، بل يفرح بها، فعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة) متفق عليه. وفي رواية لمسلم: (لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح) وهذا يثبت لك -أخي- سعة رحمة الله بنا، فأمل في الله خيرًا، واعلم أن الله كريم غفور رحيم.

وهو القائل -جل شأنه-: (‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) والتعبير بقوله جل شأنه: (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) يدل على سعة رحمة الله وعدم يأس المؤمن من رحمة الله -جل وعز-، فاستقم على أمر الله، وأقبل على ربك، ولا تيأس من رحمة الله ما دامت صادقاً في طلب رضاه.

– ابدأ أخي الحبيب بمسح أرقام التواصل معها وغير هاتفك، فما دمت غير قادر على الزواج فاحذر أن تنساق خلف الشيطان، فإن من حام حول الحمى يسقط فيه، واعلم -أخي- أن الشيطان لن يسلمك هكذا، ولن يتركك ترحل إلى الله بأمان، حتمًا سينغص عليك هذا الطريق، ويذكرك بما كان بينكما من حديث ليدفعك إلى اليأس من الصلاح، احذر أن يصور لك الشيطان ذلك، أو أن ييأسك من رحمة الله.

– إننا ننصحك أخي بعدة نصائح ما دمت غير قادر على الزواج، فإن أخذت بها سلمت وربحت:

1- التخلية يا أخانا قبل التحلية، وتبدأ التخلية بعد التوبة بقطع أسباب التواصل مع الفتاة بالكلية؛ لأن الله يغضب منك حين تنتهك حرمات الله جل وعز.

2- اجتهد في زيادة التدين عن طريق الصلاة (الفرائض والنوافل) والأذكار، وصلاة الليل، وكثرة التذلل لله -عز وجل- واعلم أن الشهوة لا تقوى إلا في غياب المحافظة على الصلاة، قال الله: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} فكل من اتبع الشهوة يعلم قطعًا أنه ابتعد عن الصلاة كما ينبغي، وبالعكس كل من اتبع الصلاة وحافظ عليها وأدّها كما أمره الله أعانه الله على شهوته.

3- ما أنت فيه من فترة مراهقة آلاف الشباب فيه، بعضهم انجرف وضل وضاع، ويراسلنا بعضهم والحزن والندم ينغصان عليه حياته، حتى إن بعضهم يتمنى الموت، والبعض الآخر علم أن هذه مرحلة وأنها تحتاج إلى صبر، وأخذ بتعاليم النبي صلى الله عليه وسلم فنجا، فاحذر أخي أن تكون من الصنف الأول، وأكثر من الصيام كلما اشتدت عليك الشهوة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).

4- ابتعد عن الفراغ تمامًا، وذلك عن طريق شغل كل أوقاتك بالعلم أو المذاكرة أو ممارسة نوع من أنواع الرياضة أو الاشتراك في عدد من المواقع الإسلامية، وأن تكون مديرًا لها، وتخيل الفضل في ذلك حين تنام ويقرأ الناس ما في الموقع لتأخذ مثل حسناتهم، المهم أن تشغل أوقاتك حتى لا تسلم نفسك للفراغ؛ فإنه جسر إبليس إليك.

5- ننصحك باختيار الأصدقاء بعناية تامة؛ فإن المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، فاجتهد في التعرف على إخوة صالحين، واجتهد أن تقضي معهم أوقاتًا أكثر في الطاعة والعبادة والعمل المجتمعي.

6- كثرة الدعاء أن يصرف الله عنك الشر، وأن يقوي إيمانك، وأن يحفظك ويحفظ أهلك من كل مكروه والله المستعان.

هذا هو الطريق يا أخانا، والطريق الآخر فيه إغضاب الله عز وجل، ولا طاقة لنا بذلك، نسأل الله أن يتوب عليك، وأن يثبتك على الحق حتى تلقاه، وأن يزوجك المرأة الصالحة البرة التقية، والله الموفق.

 

المصدر: موقع مستشارك الخاص