كيف تحمي ابنك من المحادثات الجنسية؟

تنتشر منذ فترة في العالم الغربي وبصفة خاصة في الولايات المتحدة ظاهرة جديدة لافتة للانتباه والدراسة، وهي ظاهرة ما يُسمى بالـ sexting، والكلمة عبارة عن كلمتين مدموجتين “النصوص – الجنس” أي إرسال واستقبال النصوص الجنسية أو المشاركة في المحادثات الرقمية الجنسية التي تنتشر عبر الهاتف المحمول.

ويرجع علماء الاجتماع الظاهرة إلى انتشار فكرة تدوين النشاط الحياتي اليومي على وسائل التواصل الاجتماعي والقدرة الفائقة على توصيل الرسائل والتواصل مع الأقران عبر التقنيات الحديثة، ولكن بالإضافة إلى ذلك ينبه العلماء أن “للثقافة المجتمعية” دوراً كبيراً في انتشار أو تحجيم هذه الظاهرة، ففي المجتمعات التي تتاح فيها الحرية المطلقة للمراهقين لاتخاذ قرارات مصيرية تكثر مثل هذه الظاهرة. ففي مثل هذه الثقافات تنبع الظاهرة من رغبة المراهق لإقامة علاقة مع طرف ثانٍ ويستغل هذه الوسيلة (ولا سيما وسيلة إرسال الصور الإباحية والفاضحة) لبناء هذه العلاقة أو لتوطيدها.

هل نحن بمأمن من هذه الظاهرة؟

ليس هناك في عالم العولمة والقنوات المفتوحة على مصراعيها التي تتزامن مع تراجع الدور الأسري والرقابة المجتمعية ما يمكن أن يُسمى مأمن، التطورات التقنية سريعة وقد أثبتت العقود الثلاثة الماضية أننا كعرب لم نكن على قدر التحديات التي نواجهها بسبب الانفتاح الإعلامي والرقمي غير المتوقع والذي افتقرنا القدرة على مجابهته بأساليب تربوية ناجعة ووسائل “دفاعية” مناسبة، فكانت النتيجة هي ما نراه من “رضوخ” لمعايير الغرب في غالبية مناحي حياتنا اليومية من ملبس ومأكل من فن لسياسة من اقتصاد لمناهج تعليمية.

لماذا تم اعتبار الأمر ظاهرة؟

تم اعتبار سلوكيات المراهقين الخاصة بالتواصل الرقمي باستخدام نصوص أو صور أو إيحاءات جنسية ظاهرة، بعد أن تم الكشف عن الإحصاءات التي نتجت عن مجموعة من الدراسات التي كانت في الأصل تستهدف اكتشاف ظاهرة أخرى ألا وهي ظاهرة “الحمل المبكر للمراهقات” فكانت نسبة البنات اللائي اعترفن أنهن قمن بإرسال صور عارية 22%، ونسبة المراهقين الذكور 20%، وقد اعترف 22% من الجنسين أن التكنولوجيا فتحت لهم المجال لإقامة علاقات أكثر انفتاحاً.

لكن الجدير بالذكر أن الغالبية التي لم تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي وقامت باستخدام الميل الخاص أو المحادثات الخاصة، سرعان ما اكتشفوا أن محادثاتهم وصورهم انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وغني عن الذكر ما لهذا الأمر من آثار مدمرة على شخصية المراهق وسمعته الحالية والمستقبلية.

بدأت المجتمعات الغربية في الانتباه لتلك المشكلة الكبيرة في صيف 2008 عندما قامت “جييسي لوجان” بالانتحار بعدما انتشرت صورها العارية على وسائل التواصل الاجتماعي ونتجت عنه معايرة مستمرة من قبل أقرانها، فأقدمت على الانتحار.

توالت من بعدها أخبار الانتحار ودخول عدد كبير من المراهقين دائرة الاكتئاب بسبب هذا الأمر، فتحرك المجتمع على ناحيتين:

1- تغليظ الإجراءات القانونية.

2- إنشاء المراكز الداعمة للمراهقين ومواقع الاستشارات النفسية والاجتماعية.

كيف نقي أبناءنا من الوقوع في هذا السلوك؟

لا تنتظر وقوع الكارثة لتبدأ في فتح حوار مع أبنائك حول الظاهرة والمشكلات التي يمكن أن تنتج عنها، ومن المهم أن يكون الحديث في هذا الأمر بصورة تدريجية ومناسبة لسن الابن أو الابنة ووفق القواعد التربوية.

  • قم بلفت انتباه الأبناء أن الإنترنت هو فضاء مفتوح، وأن الصور التي يتم نشرها يمكن أن تصل إلى أيدٍ غير أمينة، وما يتم نشره لا يمكن أن يتم استرجاعه، ولا يمكن السيطرة على مساره، وقم بسؤالهم ماذا سوف يكون شعورهم لو وقعت الصور في أيدي أحد الأقارب أو المعلمين بالمدرسة.
  • أكد لهم تفهمك الكامل للضغوطات التي يمكن أن يقعوا تحتها بسبب كلام وتلميحات الأقران وربطهم مثل هذه السلوكيات بالنضج والرجولة، واطلب منهم مقارنة بين الضغط اللحظي لمثل هذه التلميحات من صديق أو رفيق هنا أو هناك وبين الآثار بعيدة المدى التي تتعرض لها سمعتهم من جراء مثل هذا السلوك.
  • عرّفهم كيف يتصرفون عندما تصلهم مثل هذه النصوص أو الصور، الأمر بسيط “الحذف”، على المستوى الديني (حرمانية الاطلاع على عورات الآخرين)، وعلى المستوى الأخلاقي (ليس من الأخلاق نشر الفاحشة والعون على هذا)، وعلى الجانب النفسي (الإحساس بأن ما تقوم أنت به اليوم من تمرير مثل هذه الأمور قد يحدث لك أنت يوماً من الأيام، إضافة إلى شعور التعب والإرهاق وإحساس تأنيب الضمير لرؤية مثل هذه الصور أو الاطلاع على مثل هذه المقاطع)، وعلى المستوى القانوني (لأن هذه الأمور يمكن أن تقع تحت طائلة نشر الفاحشة في المجتمع وهناك عشرات البنود القانونية الخاصة بها).
  • كن حازماً في (مرحلة ما قبل المراهقة) في وضع القواعد الأسرية ومن بينها قانون: استخدام التقنيات فيما يفيد ويكون من المعروف والمتفق عليه مسبقاً أن أي خرق لمثل هذا القانون قد يؤدي لسحب الأداة (المحمول -الحاسب الآلي-التابلت…).

وختاماً، فإن البعض قد يظن أن الأمر برمته فيه بعض التهويل وهو مما لا يعنينا، ولكننا لم نكن مستعدين بصورة كافية عندما اقتحم الإنترنت عوالمنا، لم نكن مسلحين بالأساليب التربوية السليمة عندما سيطرت وسائل الإعلام الحديثة على الأساليب الترفيهية لأسرنا، لم نكن على دراية بكيفية التعامل مع ظهور إدمان الإنترنت وإدمان الألعاب الإلكترونية، لذا وجب علينا الاطلاع مبكراً على الظواهر المحيطة بنا والتعرف على الطرق السليمة لمجابهتها.

المصدر: موقع العربي الجديد