أفلام الكرتون والإثارة الجنسية

أبطال النينجا، الشاطر حسن، كابتن ماجد.. يعرفهم الأطفال.. إنهم أبطال مغامرات بوليسية واجتماعية هادفة.. لكن أشرار الإنترنت حوّلوهم إلى أبطال مغامرات جنسية رخيصة، وبثوها على الشبكة دون رقيب أو حسيب! أخبار الحوادث تفتح ملف هذه القضية وتلفت نظر الجهات الرقابية والأسرة المصرية للحد من هذه الظاهرة المرعبة، كذلك تطرح السؤال المهم على رجال الدين وأساتذة علم النفس والاجتماع: كيف السبيل لإنقاذ أطفالنا من هذه الهجمة الشرسة التي تدمر مستقبلهم وتحولهم إلى مدمنين للسلوكيات الخارجية والأفعال الفاضحة؟

جريمة بشعة يرتكبها الإنترنت في حق الأطفال، تجارة رخيصة للقضاء على براءتهم وتعليمهم الفاحشة، ويصبحون أسرى لإدمان السلوكيات الخارجة؛ مواقع جنسية للأطفال.. تستهدف أطفالنا الذين تقل أعمارهم عن العاشرة عن طريق عرض أفلام جنس كارتونية ورسوم متحركة ومشاهد مقززة تشرح للطفل ما يحدث أثناء التقاء الرجل بالمرأة؛ ولأن كل بيت أصبح لا يخلو من جهاز كمبيوتر وموصل بالشبكة العنكبوتية (الإنترنت).. وأصبح الأطفال قبل الكبار يدخلون إليها، ينتقلون بين صفحاتها، لكن هناك جماعة هدفها الوحيد هو التربح من خلال تجارة رخيصة ضد الأطفال يستغلون تعلق الأطفال بالإنترنت، وبدءوا يبثون لهم تلك الأفلام الإباحية الخارجة على كل أعرافنا وتقاليدنا، ومن السهل تحميل هذه المواد الإباحية!

كارتون سلاحف النينجا المثير أن هذه المواقع التي تحاول قتل أطفالنا فكريًّا تعتمد على اجتذاب الطفل من خلال فلاشات في غاية الإثارة.. تدعو الطفل إلى المشاهدة والتصفح على الموقع ليجد ما هو أكثر إثارة، ويرى ما لم تعتد عيناه على مشاهدته.. مستغلين حب الاستطلاع لدى الطفل والذي يتحول أحيانا إلى محاكاة وتقليد الشيء الذي شاهده دون أن يعلم ماذا يفعل؟!

تقوم هذه المواقع بعرض أفلام كارتونية ورسومات متحركة لشخصيات مشهورة في عالم الكارتون والرسوم المتحركة أمثال أبطال النينجا وكابتن ماجد والشاطر حسن.. كل ذلك من أجل اجتذاب أكبر قدر ممكن من الأطفال لرؤية ومشاهدة الفيلم الذي يفاجأ بأنه فعلاً للشخصية التي يحبها، لكنه يؤدي دورًا مختلفًا عما اعتاد مشاهدته عليه.

أسئلة حائرة!

المثير في الأمر أن القائمين على هذه المواقع لم يكتفوا بوضع صور ورسومات إباحية لمشاهدتها فقط بل وضعوا صورًا ورسومات كارتونية تشرح للأطفال طرق الاغتصاب، وكيفية ارتكاب هذه الجريمة، فهي تعلمهم وتحفزهم على الجريمة بكل الوسائل من خلال الإجابة على أسئلة عديدة تدور في عقل الطفل المشاهد منها.. كيف يتم الاغتصاب، وما الوسائل التي يمكن أن يعتمد عليها الطفل لارتكاب جريمته كُلٌّ حسب ظروفه المختلفة.

في النهاية يظل السؤال الذي يفرض نفسه ويحتاج إلى إجابة سريعة كيف نحمي أطفالنا من هذه التجارة الرخيصة والتي يدفعون ثمنها دون وعي منهم؟! فهل الأسرة وحدها هي التي تحميهم من هذا الخطر؟!

وإذا حدث ذلك وقامت الأسرة بدورها فماذا سيفعل الآباء والأمهات تجاه مقاهي الإنترنت والإباحية التي انتشرت وأصبح أطفالنا يجلسون فيها معظم الوقت وخاصة خلال الإجازات الصيفية والعطلات الدراسية؟ وما دور الدولة لإحكام السيطرة والرقابة على مثل هذه المواقع الإباحية؟!

ولمواجهة هذا الخطر قمنا بطرح الأسئلة على علماء الاجتماع والنفس ورجال الدين لمواجهة مثل هذه المواقع، وحماية أطفالنا منها وتوعية الأسر بخطورتها.

في البداية تقول الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن اخطر المراحل التي يتأثر بها الإنسان طوال حياته هي مرحلة الطفولة، والتي من المفترض أن ينشأ فيها الطفل على أخلاقيات وقيم وسلوكيات أصيلة؛ لأنه يكون في طور التشكيل العقلي والفكري، وهي أخطر من مرحلة الشباب لأن ما يتم غرسه في مرحلة الطفولة من مكتسبات خارجية ومدخلات إليه يظل مترسبًا مدى الحياة؛ لذلك نقول دائمًا: إن التربية الصحيحة تكون في سن الطفولة، ولهذا السبب فإن هذه المواقع تشكل خطرًا كبيرًا على أطفالنا؛ لأنها تغرس سلوكيات جنسية بدلاً من القيم والأخلاقيات والسلوكيات الحميدة في نفس الطفل، والذي ستظل مقترنة به حتى نهاية العمر.

وتضيف الدكتورة عزة بأن الرسوم الكارتونية تساهم في تربية الطفل وتشكيل سلوكه، والأكثر من ذلك أن الطفل يتأثر بالكارتون أكثر مما يتأثر بالدراما العادية والأشخاص العادية؛ لأنها تجذب انتباه الطفل مما يؤكد مدى خطورتها.

في النهاية وجهت رسالة لكل المحيطين بالأطفال والمسئولين عنهم من أجل التحكم فيما يحصله الطفل من سلوكيات خارجية قد تدمر أخلاق أطفالنا وشبابنا، وبالتالي تدمير المستقبل القادم بأكمله، والرقابة الحاسمة عليهم للحد من المدخلات السلبية إلى أطفالنا، والتي تعتبر سياسة مضادة وموجَّهة ضد المجتمعات العربية بأكملها لإفساد سلوك أطفالنا ومستقبل البلد بأكمله؛ لذلك لا بد من الحذر من هذه المواقع المدمرة فلا بد من إيقافها بأي صورة من الصور وبأسرع مما يمكن؛ لأن التكنولوجيا الحديثة أصبحت شيئًا مهمًّا وضروريًّا بالنسبة لأطفالنا، ولا يمكن السيطرة عليه؛ لذا يجب على الدولة منع بث مثل هذه المواقع والتشويش عليها حماية لأطفالنا.

مواقع تشجع على الجريمة!

أما علم الاجتماع فكان له رأي آخر.. أكده ما قاله الدكتور رشاد عبد اللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية ونائب رئيس جامعة حلوان للشئون التعليم والطلاب، أن مثل هذه المواقع الإباحية التي تعرض الرذيلة بشكل سافر على صفحاتها على هيئة رسومات كارتونية موجهة للأطفال تعتبر تدخلاً سافرًا في الحياة الشخصية للأسرة؛ مما يؤدي إلى اكتشاف مبكر لبعض الأمور التي تحتاج إلى صياغة من الأسرة. كما أنها تشجع الجرائم الخبيثة والتحرش الجنسي؛ مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الجريمة في المجتمع.. وهنا يجب أن تكون هناك رقابة من قبل الأسرة لكن دون أن يشعر الأطفال، لأنهم غالبًا ما يلجئون إلى هذه السلوكيات في غياب رقابة الأهل.

أضاف أن التنشئة الاجتماعية يقع عليها دور كبير في الحد من مشاهدة هذه المواقع؛ لأنه يجب تنظيم الوقت في الجلوس على النت، ومعرفة السبب للدخول؛ فالأسرة تقع عليها المسئولية في تنظيم وقت الأطفال لأنه غالبًا ما تتحول إلى إدمان؛ نظرًا لكثرة الجلوس أمام الإنترنت.

في النهاية كما يقول الدكتور رشاد: إن الأسرة والدولة كلاهما يقع على عاتقه دور كبير للحد من مشاهدة هذه المواقع التي تثبت الرذيلة لأطفالنا مستقبل الوطن.

مسئولية الجميع!

المسئولية هنا لا تقع على عاتق جهة واحدة لكن على كثير من الأطراف، منها الأسرة التي تعتبر المسئول الأول لحماية الأطفال من هذه المواقع من خلال توجيه ونصح الأولاد وتوعيتهم، هكذا بدأ الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية وهيئة فقهاء الشريعة بأمريكا كلامه بأن هذه المواقع والرسوم الكارتونية التي تعرض عليها تتنافى مع أخلاقنا وما يوجبه الدين علينا من التمسك بالأخلاق الفاضلة، ولا بد للوالدين من ملاحظة الأطفال. أما الطرف الثاني الذي يقع عليه مسئولية كبيرة أيضًا في منع هذه المواقع من الدخول لمجتمعنا والتشويش عليها من خلال التقنية الحديثة، فتتمثل في الدولة والجهات الرقابية التي تستطيع التحكم في مثل هذه المواقع الآثمة وما تبثه من سلوكيات وقيم سلبية لأطفالنا تعود بالسلب على مجتمعنا وتطوره؛ لأن مثل هذه المواقع عبارة عن نبت نغرسه داخل أطفالنا ليثمر ثمارًا مُرًّا في الكبر.

وأضاف: إن الدين يوضح مسئولية الوالدين تجاه أولادهما ومسئولية الحاكم تجاه أفراد المجتمع في الحديث الشريف عن الرسول r: “كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”[1].

إذن فالأسرة – خاصة الوالدين – مسئولة عن أولادهم ورعايتهم وصونهم بمنعهم من التعرض لمثل هذه المواقع التي تؤثر في سلوكهم، وكذلك الدولة بما فيها من إمكانيات علمية إذا كان بإمكانها التشويش على مثل هذه المواقع؛ لأنها تؤثر في سلوك أطفالنا، والتأثير على المجتمع من خلال هذه المواقع الإباحية.

 

وأنهى كلامه بأنه إذا كان القائمون على هذه المواقع من المسلمين فإنهم يرتكبون إثما، وإذا كانوا من داخل الدولة يجب الوصول إليهم ومحاسبتهم، أما إذا كانوا خارج الدولة وغير مسلمين فيجب حجب المواقع؛ لأنهم بذلك يريدون انحلال مجتمعنا وضرب قيمه وعاداته الأصيلة.

المصدر: موقع قصة إسلام