العفة في الأجواء الجامعية

شابٌّ في المرحلة الجامعية، حوله كثيرٌ مِن الفِتَن، يسأل: ماذا أفعل مع ضعف الإمكانات المادية لأهلي؟ وكيف أقنع والدي بضرورة التقدُّم للخطبة حتى أعفَّ نفسي؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
شكرًا لك أخانا الكريم على الثِّقة الطيبة والتواصُل المستمر، ونحن سُعداء بخدمتك وأمثالك، سائلين الله التوفيق للجميع.
نتَّفق معك حول ما تُعاني منه، ففتنةُ النِّساء ليستْ بالهيِّنة؛ يقول رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تَركتُ بَعدي فِتنَةً أضرَّ على الرِّجالِ منَ النساءِ))؛ ولذلك حذَّر منها وقال: ((فاتَّقوا الدنيا، واتَّقوا النِّساء؛ فإنَّ أول فتنة بني إسرائيل كانتْ في النِّساء)).
وهنيئًا لك نعمة الخوف مِن الله، فذلك دليلُ إيمانك ومراقبتك وقُربك من الله، والندَم هو أحدُ شروط التوبة التي طالَبَ اللهُ بها عباده؛ فقال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، والتوبةُ سبيلٌ إلى الخير والسعادة ومَحو السيئات، بل وتبديلها إلى حسنات؛ كما قال تعالى : ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70]، فأبشرْ أخي الكريم، واعلمْ بأن الله يفرَح بتوبة التائبين.
وهنيئًا لك عدم وُقُوعك في معصية الزِّنا، ونسأل الله لك الثبات على طاعته، والبُعد عن معصيته.
ولا شكَّ أنَّ الزواج وسيلةٌ عظيمةٌ للوِقاية من الحَرام، وقد حثَّ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وخاصَّة الشباب؛ فقال: ((يا معشرَ الشبابِ، مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصومِ فإنه له وجاءٌ))، فحاول أن تقنعَ والديك بالموافقة، وغير صحيح أن الزواج يُعَرْقِل الدِّراسة أو التَّحصيل العلمي، بل العكس هو الصحيح، فاللهُ ما شرَع شيئًا لعباده إلا فيه المَنْفَعة لهم والصلاح لحالهم.
وشيء طيبٌ أن تُصارحَ والديك بظُرُوفك ورغبتك في الزواج وحاجتك إليه، وخطَر الفِتَن التي حولك، وتشرح لهم واقع الفتيات في الجامعة، ومدى مُعاناتك وليس في ذلك عيبٌ، بل أنت تسعى للحلال الطَّيِّب، والزواج عبادة يُؤجَر عليها المسلمُ.
والمالُ ليس عائقًا أخي الكريم كما ذكرتَ أنت، والله يُيَسِّر أمورَ عباده؛ كما أخبر الرسولُ صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونهم: المجاهدُ في سبيلِ اللهِ، والمُكَاتَبُ الذي يريدُ الأداءَ، والناكحُ الذي يُرِيدُ العفافَ))، فالذي يريد العفاف بالزواج يُعينه الله.
ومما نُوصيك به إضافة لما سبق:
- كثرة اللُّجوء إلى الله، والحِرص على العبادات والطاعات، وخاصَّة الصلاة على وقتها وفي جماعة.
- صُحبة الصالحين، والجُلُوس مع العُلماء والدُّعاة واستشارتهم.
- البُعد والحذَر مِن الصُّحْبة السَّيِّئة، فهم شرٌّ وضررٌ ودعاة باطل.
- البُعد عن النِّساء، وعدم الاختِلاط بهنَّ أو الخُرُوج معهنَّ، وعليك بسُلوك طريق الدعوة إلى الله.
- مُداوَمة الذِّكر لله، وتلاوة القرآن، وأذكار الصباح والمساء، فالذِّكرُ سلاحٌ وغذاءٌ وعونٌ – بإذن الله تعالى.
وفي الخِتام نسأل الله لك زواجًا سعيدًا، وحياةً طيبةً هنيئةً، والله يحفَظك ويرعاك
المصدر: الألوكة الفتاوى والاستشارات