قصص عن الاغتصاب

قصص مأساوية حول جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي

حبلت “زينب” نتيجة اغتصابها من صاحب شقيقها.. عانت الأمرّين قبل أن يرضخ للأمر الواقع ويتزوجها للستر عليها خوفاً من الفضيحة، وبالتالي قيام أهلها بقتلها!!

هناك الكثير من هذه القصص، والقصص الأخرى التي لا تقل مأساوية في مجتمع لا يرحم الضحية، ولا يضرب على يد الجاني!! فالاغتصاب جريمة شنيعة وتعدٍّ على حرمة جسد وحصانته، ويؤدي بكل الأحوال إلى الإضرار بشكل جسيم بالصحة النفسية والجسدية والعقلية… وقد تقلل من فرص الزواج أو تمس بالاستقرار العائلي في المجتمع، كما أنها قد تفرض أمومة غير شرعية فتلحق أضراراً مادية ومعنوية على السواء؛ فهي إذاً جريمة تمسّ بأمن المجتمع.

والاغتصاب بحسب فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد: “جريمة قبيحة محرمة في كافة الشرائع، وعند جميع العقلاء وأصحاب الفطَر السوية، وجميع النظم والقوانين الأرضية تقبح هذه الفعلة وتوقع عليها أشد العقوبات، باستثناء بعض الدول التي ترفع العقوبة عن المغتصب إذا تزوج من ضحيته! وهو يدل على انتكاس الفطرة واختلال العقل فضلاً عن قلة الدين أو انعدامه عند هؤلاء الذي ضادوا الله تعالى في التشريع، ولا ندري أي مودة ورحمة ستكون بين الجلاد وضحيته، وخاصة أن ألم الاغتصاب لا تزيله الأيام ولا يمحوه الزمن – كما يقال – ولذا حاولتْ كثيرات من المغتَصبات الانتحار وحصل من عدد كثير منهن ما أردن، وقد ثبت فشل هذه الزيجات، ولم يصاحبها إلا الذل والهوان للمرأة”.

ويتساءل البعض: هل أن وسائل الاعلام أحد عوامل التي تساعد أو تشجع على عملية الاغتصاب، سيما أن دراسة برازيلية قد نشرت حديثاً مفادها أن “المرأة المثيرة تستحق الاغتصاب!”.

فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته الحكومة البرازيلية مؤخرا أن غالبية مواطنيها يعتبرون أن المرأة ذات الملابس المثيرة “تستحق” أن تتعرض للاغتصاب، ما أثار تنديد الناشطين الحقوقيين ورئيسة البلاد ديلما روسيف.

ووفقاً لهذا الاستطلاع الذي أجراه مركز التحقيقات الاقتصادية التابع للحكومة، فإن 65% من الأشخاص المستطلعين، والبالغ عددهم 3810، من الرجال والنساء، اعتبروا أن “المرأة التي ترتدي ثيابا تظهر جسمها تستحق أن تغتصب”.

ورأى 58.5% من المشاركين في الاستطلاع أن “تصرف النساء برصانة يقلل من حالات الاغتصاب”.

من جانب آخر، أثارت نتائج هذا الاستطلاع موجة تنديد في صفوف الناشطين، وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي باستنكار تحميل النساء مسؤولية العنف الجنسي.

هذا ونددت الرئيسة ديلما روسيف بهذه النتيجة، وقالت على حسابها على موقع تويتر: “ما زال أمام المجتمع البرازيلي الكثير من التقدم الذي ينبغي تحقيقه، وعلى الحكومة والمجتمع العمل معا لمواجهة العنف ضد النساء”..

وفي العام 2013، أقرت روسيف قانونا يرمي إلى حماية النساء من العنف، ووجه برفض الكنيسة الكاثوليكية التي اعتبرته خطوة أولى لتشريع الإجهاض.

تعريف جريمة الإغتصاب

عرّف فقهاء القانون الاغتصاب بأنه اتصال رجل بامرأة اتصالاً جنسياً كاملاً من دون رضاء صحيح منها. كما عرّفه الاجتهاد اللبناني بأنه الإكراه بالتهديد والعنف على الجماع. وأورد نادر شافي في مجلة “الجيش” أن المادة 503 من قانون العقوبات اللبناني اعتبرت أن الاغتصاب هو إكراه غير الزوج بالعنف والتهديد على الجماع. ويعتبر الفقهاء المصريون أن الاغتصاب هو المواقعة غير المشروعة التي تُجبر الأنثى عليها، والاغتصاب بهذا المفهوم لا يقع إلا من رجل على امرأة، أما إذا أكرهت أنثى رجلاً على مواقعتها فلا تعتبر أنها اغتصبته، إنما هتكت عرضه، أي ارتكبت عملاً منافياً للحشمة. وعرّفت المادة 267 من قانون العقوبات المصري جريمة الاغتصاب بأنها مواقعة أنثى بغير رضاها. أما القانون الفرنسي فقد عرّف الاغتصاب بأنه كل فعل إيلاج جنسي مهما كانت طبيعته يرتكب بحق شخص الغير عن طريق العنف أو الإكراه أو المفاجأة. وبالتالي يمكن أن يقع الاغتصاب بمفهوم القانون الفرنسي على الرجال والنساء على حد سواء، لأن لفظة شخص هي لفظة شاملة.

عناصر جريمة الاغتصاب وآثارها

وتقوم جريمة الاغتصاب بحسب شافي على ثلاثة عناصر هي: أولاً، الفعل المادي المتمثل بالجماع، ثانياً، الإكراه بالعنف والتهديد، وثالثاً، القصد الجرمي.

الآثار: التعرض للجروح والإصابات، الحمل، العجز الجنسي، انتقال الأمراض الجنسية بما فيها الإيدز، الاكتئاب، اضطرابات القلق، صعوبات النوم، اضطراب ما بعد الصدمة، السلوك الانتحاري، التعرض للاغتصاب مرة أخرى، التعرض للقتل في جرائم الشرف، الانتحار.

ضحايا لا يبلغون عن اغتصابهم

ضحية الاغتصاب قد لا تبلغ أحدا عن الحادثة لأنها تخشى ألا يتم تصديقها، أو أن يتم اتهامها بأن الأمر كان بموافقتها أو أنها تستحقه، مما قد يعرضها للانتقام من العائلة فيما يسمى “جرائم الشرف”.

ووفقا لأحدث دراسة حول العنف الجنسي – الذي يُعد الاغتصاب أحد أنواعه- نشرت بمجلة لانسيت البريطانية في فبراير/ شباط 2014 وشاركت فيها منظمة الصحة العالمية، فإن امرأة واحدة من بين 14 على وجه الأرض قد تعرضت للعنف الجنسي. ولكن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى بكثير لأن هنالك الكثير من الحالات التي لا يتم الإبلاغ عنها أبدا، كما نقل موقع “الجزيرة نت”.

ووفقاً للمكتبة الوطنية للصحة بالولايات المتحدة فإن ما بين 80% و90% من حالات الاغتصاب لا يتم الإبلاغ عنها الشرطة، وتضيف أن امرأة أميركية واحدة من بين كل ثلاث سوف تتعرض للاعتداء الجنسي خلال مرحلة معينة في حياتها.

“لا توجد بيانات واضحة حول الاغتصاب والعنف الجنسي في الدول العربية، وهذا مؤشر ليس عدم وجود المشكلة بل على تجاهلها، مما يعني أن الأرقام قد تكون مرتفعة للغاية”.

أما في عالمنا العربي، فإن وضع الاغتصاب والعنف الجنسي غير واضح وبالتالي قاتم، وينجم ذلك من عدة عوامل أهمها:

– لا توجد بيانات واضحة حول الاغتصاب والعنف الجنسي بالدول العربية، وهذا مؤشر ليس عدم وجود المشكلة بل على تجاهلها، مما يعني أن الأرقام قد تكون مرتفعة للغاية.

– في كثير من الحالات لا يتم التبليغ عن الاغتصاب خاصة عندما يكون من أحد أفراد العائلة المقربين.

– المرأة قد تكون ضحية مرتين، المرة الأولى عندما يتم اغتصابها، والثانية عندما يتم إجبارها على الزواج من مغتصبها.

حقائق حول ضحية الاغتصاب:

عادة ما تكون ضحية الاغتصاب امرأة في الفئة العمرية من 16 إلى 24 عاما.

الضحية أيضا قد تكون امرأة أو رجلا، طفلا أو بالغا في أية مرحلة عمرية.

في معظم الحالات فإن الضحية تعرف المغتصب مسبقا.

الأشخاص الذين لديهم إعاقات جسدية أو عقلية، أو مهارات لغوية محدودة أكثر عرضة للاغتصاب، لأنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم أو إخبار المحيطين بما حدث.

أكثر من نصف حالات الاغتصاب تحدث في منزل الضحية.

النساء العاملات في الدعارة أكثر عرضة للاغتصاب.

حقائق حول المعتدي:

في معظم الحالات فإن المغتصب هو ذكر بالمرحلة العمرية من 25 عاما إلى 44 عاما.

عادة ما يقوم المعتدي بالتخطيط لاعتدائه، أي أنه لا يقوم به مصادفة.

المعتدي غالبا يختار ضحية من نفس العرق.

قد يحمل المعتدي أمراضا جنسية ينقلها للضحية، كما قد يؤدي الاغتصاب إلى الحمل.

ما حكم جريمة الاغتصاب شرعاً؟

يورد فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد رأي الشرع حول جريمة الاغتصاب فيكتب: أما عقوبة الاغتصاب في الشرع: فعلى المغتصب حد الزنا، وهو الرجم إن كان محصناً، وجلد مائة وتغريب عام إن كان غير محصن. ويوجب عليه بعض العلماء أن يدفع مهر المرأة.

قال الإمام مالك رحمه الله: “الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكراً كانت أو ثيبا: أنها إن كانت حرة: فعليه صداق مثلها، وإن كانت أمَة: فعليه ما نقص من ثمنها، والعقوبة في ذلك على المغتصب، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله” انتهى “الموطأ” ( 2 / 734 ).

قال الشيخ سليمان الباجي رحمه الله: “المستكرَهة؛ إن كانت حرة: فلها صداق مثلها على من استكرهها، وعليه الحد، وبهذا قال الشافعي، وهو مذهب الليث، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقال أبو حنيفة والثوري: عليه الحد دون الصداق.

والدليل على ما نقوله : أن الحد والصداق حقان: أحدهما لله، والثاني للمخلوق، فجاز أن يجتمعا كالقطع في السرقة وردها” انتهى “المنتقى شرح الموطأ” ( 5 / 268 ، 269 )..

وقال ابن عبد البر رحمه الله: “وقد أجمع العلماء على أن على المستكرِه المغتصِب الحدَّ إن شهدت البينة عليه بما يوجب الحد، أو أقر بذلك، فإن لم يكن: فعليه العقوبة (يعني: إذا لم يثبت عليه حد الزنا لعدم اعترافه، وعدم وجود أربعة شهود، فإن الحاكم يعاقبه ويعزره العقوبة التي تردعه وأمثاله) ولا عقوبة عليها إذا صح أنه استكرهها وغلبها على نفسها، وذلك يعلم بصراخها، واستغاثتها، وصياحها” انتهى. “الاستذكار” (7 / 146).

وكون المغتصب عليه حد الزنا، هذا ما لم يكن اغتصابه بتهديد السلاح، فإن كان بتهديد السلاح فإنه يكون محارباً، وينطبق عليه الحد المذكور في قوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة/33.

فيختار الحاكم من هذه العقوبات الأربعة المذكورة في الآية الكريمة ما يراه مناسباً، ومحققاً للمصلحة وهي شيوع الأمن والأمان في المجتمع، ورد المعتدين المفسدين.

… ورأي القانون

تقول المحامية في الإستئناف نورما ملحم، وهي عضو مؤسس في الشبكة النسائية اللبنانية وعدة جمعيات وهيئات وطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، في حديث صحفي “الإغتصاب جريمة يعاقب عليها القانون” وتضيف: أن “قانون العقوبات يعاقب هذه الجريمة في الباب السابع تحت عنوان: “في الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة”، والعقوبة هي الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات على الأقل، وتشدد العقوبة في حال تم الإعتداء على قاصر”. وتشير ملحم الى أنه في حال تم الإغتصاب من قبل عدة أشخاص يتناوبون على الضحية، يحكم بالعقوبة نفسها على جميع الذين شاركوا في الجريمة الشنعاء، وفي حال إقترن إغتصاب الضحية بقتلها، كما هي الحال احيانا، تتجاوز عقوبة المجرم تلك التي حددها القانون للإغتصاب لتصل إلى عقوبة القتل، وهي الأشغال الشاقة المؤبدة التي تشدد إلى الإعدام إذا كان هناك إعداد وتخطيط مسبق للجريمة، حسب المادة 549 من قانون العقوبات اللبناني”.

بالنسبة الى اغتصاب الزوج زوجته، تقول ملحم أن قانون العقوبات الحالي لا يعاقب هذا النوع من الاغتصاب، وهنالك اقتراح، تؤيده شخصياً، بتعديل المادتين 503 و 504 من قانون العقوبات لتشملا معاقبة اغتصاب الزوجة.

عن المادة 522 التي تقضي بوقف الملاحقة ضد المجرم المغتصب إذا عقد زواجا صحيحا مع الضحية، ترى ملحم أن هذه المادة مفاعيلها أشد خطورة ويجب إلغاؤها، “إذ إنها من جهة تكافىء المغتصب، وتشجع على الاعتداء وتعاقب ضحية الاغتصاب مرتين، ومن جهة أخرى يقوم زواج غير صحيح إذ إنه ينتج من جرم وينعقد تحت الإكراه!

القانون لا يميز على صعيد العقوبة شخص المغتصب، فالاغتصاب وسفاح القربى عقوبتهما واحدة، ولا يميز أيضا في المغتصب، فاغتصاب الذكور والإناث عقوبتهما واحدة، لكنه يميز عمر المغتصب فيشدد العقوبة في حال تم الاعتداء على قاصر.

وأخيراً

إن التأمل في كتاب “الاغتصاب”، لمؤلفته “ماري أوديل فارجيه”، تجعل المرء يدرك أن الإسلام بشريعته؛ خير من يحمي المرأة من أبشع جريمة بحقها: جريمة الاغتصاب. شملت الدراسة التي قام عليها الكتاب 1468 حالة اغتصاب حددت المؤلفة من خلالها أهم ملامح المغتصب، فذكرت أنه عادة يكون إنساناً بالغاً، واعياً، أعزب- وقد يكون متزوجاً ولكنه في الأغلب دون أولاد- وعادة ما يكون قد اتهم في جرائم أخرى. وقد يقع الاغتصاب تحت تأثير المخدرات، أو الخمور.

ويورد الكاتب محمد رشيد العويد في كتابه “إنهم يتفرجون” نصيحة من الباحثة الفرنسية ألا تترك الفتاة الصغيرة وحدها سواء في البيت أو الشارع، فهي في وحدتها فرصة للمغتصب.. تماماً كما ينقض الذئب على الحمل الذي يبتعد عن القطيع .

إن المؤلفة الفرنسية غير المسلمة تنصح بألا تترك الفتاة وحدها، فهل تقبلون نصيحتها لأنها فرنسية أوروبية وترفضون منهج الإسلام الذي يكفل للمرأة حماية كاملة شاملة؟!!

المصدر: موقع مساواة مركز دراسات المرأة