صديقتي مارست السحاق، كيف أنصحها ؟

صديقتي التي أحبها اعترفت لي بشيء جعلني أتوقف وأبتعد عنها، ولكن بعد تفكير قلت في نفسي لا بد لي أن أساعدها.

اعترفت لي بأنها كانت تمارس السحاق، وأنها تحب البنات وتحب منهن أكثر شيء القبلة، وأنها أيضاً مارست الجنس معهن.

لم تعجبني طريقتها، أخبرتني الآن أنها نادمة وأنها تريد الابتعاد عنها، ولكنها لم تعرف ماذا تفعل ليغفر الله لها؟ الآن أريد منك يا دكتور مخاطبتها وإعطائها النصائح التي تجعلها أن تبتعد عن السحاق، وماهي مخاطر من يفعلها؟ أريد منك مخاطبتها ونصحها.

الإجابــة

بداية نرحب بك – ابنتنا الفاضلة – في موقعك، ونشكر لك الثناء على الموقع، واختيار الموقع، ونهنئك على هذا الحرص على الخير، ويُسعدنا ويشرفنا أن نكون في خدمة بناتنا وفتياتنا وأبنائنا الذين هم أمل هذه الأمة بعد توفيق الله تبارك وتعالى، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة التي حملتك على كتابة الاستشارة نصحًا لهذه الصديقة، التي ننصحك ونرجوك ألا تتركيها وحدها، فإنها عائدة إلى الله تبارك وتعالى، وبُشرى لك ولها، فلأن يهدي الله بك امرأة واحدة – أو رجلاً واحدًا – خير لك من حمر النعم، وبُشرى لها بهذه الرغبة في الخير، فإن هذا دليل على أنها لا تزال على الخير، والتوبة تجُبُّ ما قبلها، والتائبة من الذنب كمن لا ذنب لها، شريطة أن تصدق في توبتها، وتخلص في رجوعها إلى الله تبارك وتعالى، فإن الله سبحانه وتعالى الرحيم ما سمّى نفسه تواب إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفور إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وقد دعانا إلى التوبة فقال: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } النور الآية 31، وقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } التحريم الآية 8.

ومهما كان الخطأ الذي يقع فيه الإنسان فإن التوبة النصوح وصدق العودة إلى الله تبارك وتعالى كفيل محو كل السيئات التي يفعلها الإنسان.

فهنيئًا لها بهذه الرغبة، وشكرًا لك على هذا التواصل، وننصحها بالإسراع بترك هذه المخالفة الخطيرة التي حصلت مع قوم لوط، حيث اكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، فكان أن أنزل الله عليهم عقوبة لم تتكرر على أمة من الأمم، لأن قوم لوط اجتمعت فيهم أربع عقوبات: مسخ، وصيحة، طمس لأعينهم، وقلْبٌ لأرضهم، ورجم لهم بالحجارة، في جريمة لم تعرف البشرية لها مثيل، لأنها جريمة يمكن أن توقف مسيرة الحياة، ولذلك هذه من الكبائر ومن الذنوب الخطيرة جدًّا، والحمد لله الذي وفقها فاعترفتْ لك، ووفقك فكتبتِ من أجل أن نبذل لها هذه النصيحة.

ننصحها – وهي في مقام البنت عندنا – بأن تعود إلى الله تبارك وتعالى وتبتعد عن هذا العمل، لأن الاستمرار فيه له عواقب خطيرة جدًّا، أول وأخطر هذه العواقب أنها ستفشل في حياتها كزوجة، وستدمر مستقبلها بنفسها، لأنها إذا استمرت على هذه المخالفة لن تجد بعد ذلك متعة ولا راحة إلا في هذه الممارسة الخاطئة – عياذًا بالله تبارك وتعالى –، والأخطر من ذلك أن أمرها سيفتضح، فإن العظيم يستر على الإنسان ويستر عليه، فإذا تمادى في المعصية ولبس للمعصية لبوسها، وبارز الله بالعصيان هتك ستره وفضح أمره وخذله في دنياه وأخراه.

 

ولا يخفى – عليك أو عليها أو على الجميع – أن الفتاة مثل الثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس، وعليها أن تتجنب كل ما يوصل لكل هذه المخالفة، فتمتنع عن الخلوة بالفتيات، وتمتنع عن السلام عليهنَّ بهذه الطريقة، فإن قبلة الفم لا تجوز إلا بين الزوجين، لا تجوز بين أي إنسان من البشر، مهما كانت الصلة، ومهما كانت الصداقة، إلا بين الزوجين، لأنها سبب للإثارة، وسبب لانحرافات كثيرة وخطيرة جدًّا.

وعليها كذلك أن تحشر نفسها في زمرة الصالحات، وأن تجتهد في أن تكون مع من يتقين الله تبارك وتعالى، وتجتهد في أن تشغل نفسها بتلاوة كتاب الله، الالتحاق بمراكز العلم والمعرفة، لأن هذه الممارسة لا بد من وقفة عاجلة فيها، لا تنفع فيها أنصاف الحلول، وستبلغ العافية – بإذن الله تبارك وتعالى – إذا علم الله منها صدق التوبة، وصدق الرجوع إليه تبارك وتعالى.

عليها كذلك أيضًا أن تحرص على أن تشغل نفسها بالمفيد، وأن تشغل نفسها بطاعة ربنا المجيد سبحانه وتعالى، وأرجو أن تقتربي منها، وتبالغي في نصحها، ولا تُدبري عنها، فإنك سفينة إنقاذ بالنسبة لها، لأن بُعدك عنها سيجعلها ترتمي في أحضان مَن لا يُبالي بمثل هذه المعاصي وبمثل هذه المخالفات، ولذلك نتمنى أن تأخذي بيدها، وتحتبسي الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى.

عليها كذلك أن تستر على نفسها، وأرجو أن تستري عليها، حتى لا تدنس سمعتها، فإن الناس إذا عرفوا مثل هذا الأمر سيكون في ذلك آثار خطيرة عليها، والإنسان مطالب بأن يستر على نفسه، والمسلمة تستر على نفسها وتستر على أخواتها، مهما كانت المخالفة التي وقعن فيها، والشريعة دعوة إلى الستر، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (من أصاب شيئًا من هذه القاذورات فأبدى لنا صفحته لنقيم عليه حد الله، ومن ستر على نفسه فأمره إلى الله) أو كما قال – عليه الصلاة والسلام -.

فالإسلام دعوة إلى الستر، إذن عليها أن تستر على نفسها، وعليك أن تستري عليها، وعليها أن تعجل بالتوبة، وأن تكون هذه التوبة نصوح، عليها أن تتخلص من كل آثار المعصية، وصديقات المعصية، وذكريات المعصية، وإيمالات المعصية، عليها أن تبحث عن رفقة صالحة، أن تهجر البيئة التي وقعت فيها هذه المخالفات، عليها كذلك أن تجتهد في الحسنات الماحية {إن الحسنات يُذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}.

عليها قبل ذلك وبعد ذلك أن تُخلص في توبتها، وأن تصدق في أوبتها، فإن توبة الكذابين هي أن يقول الإنسان بلسانه (تبت إليك يا رب) ويظل القلب متعلق بالمعصية، متشوق لأيامها وذكرياتها، وإذا علم الله تبارك وتعالى منها الصدق ثبتها وسددها وألهمها رشدها والصواب.

أيضًا ندعوها كذلك إلى أن تجتهد في أن تحشر نفسها مع الرفقة الصالحة كما قلنا، لأن الرفقة الصالحة خير عون للإنسان على كل أمر يُرضي الله تبارك وتعالى، وعليها أن تتجنب الخلوة بالفتيات خاصة من فيهنَّ جمال زائد – أو كذا – يلفتن نظرها عليهنَّ، عليها أن تتعوذ بالله من الشيطان، وتبتعد عن الجلوس إليهنَّ، لأن في هذه الحالة تُمنع من الخلوة بمثل هؤلاء النسوة.

وعليها كذلك أيضًا أن تحرص على كثرة الاستغفار، واللجوء إلى ربنا الغفار، الذي يجيب المضطر إذا دعاه سبحانه وتعالى. ونبشرها إذا تابت بأن تعود إلى العافية، وأن تُصبح إنسانة سوية، ونسأل الله أن يسهل لها الزوج الطيب الطاهر، الذي يعينها على الخير وتعينه على العفاف، ونسأل الله لك ولها التوفيق والسداد.

المصدر: موقع إسلام ويب