ابنتي مسترجلة، تمارس السحاق
أنا أم لثمانية أطفال وموظفة، ابنتي الكبرى ذات ثماني عشرة سنة، في الصف الثالث الثانوي.
مشكلتي معها هي: إنها غامضة جدا؛ فهي عندي تبدو بريئة، ولكن مجتمع المدرسة يقولون: إنها مسترجلة! الطالبات يحبونها بشكل يثير الدهشة والشكوك! المهم: إني أراقبها دائماً وأوجهها دائماً، وكذالك الإخصائيات والمدرسات، والمشكلة أنها تبدو مؤدبة، يعني أنها لا تقل أدبها على أحد، ولكنها لا تسمع الكلام أبداً ولا النصيحة؛ بل يزيدها ذلك عناداً، كما أن المدرسات يشكون أنها تمارس السحاق مع البنات، وذات ليلة اكتشفت أنها تدخن، والله أعلم إنها هذه المرة كانت أول محاولة، والمشكلة الأدهى والأمر: أن لها أختين أصغر منها، ولكنهما تتستران عليها، والصغرى تقلدها، ثم إني إذا اكتشفت أي مشكلة فلا أعرف كيف أتصرف معهم فأخاف أن أقسو عليهن؛ فيتمردوا علي أكثر! أو أن أفضح أمرهم؟ أو أن أخبر والدهن؟ وهو إنسان غير متعلم؛ فلا يستطيع حل المشكلة الحل المناسب، وكذلك أخشى أن يكرههن فتتمزق الأسرة. أرجوكم ساعدوني فما عدت أعرف ماذا أفعل؟
الإجابة
المستشار: هدى محمد نبيه
سؤالك هذا آلمني كثيراً، وأنا أقلب فيه النظر، فثمة انحرافات جنسية عديدة بدأت الحضارة الغربية بتصديرها إلينا من خلال وسائل الإعلام وأدوات الثقافة والأفلام وعشرات الجسور الأخرى، وما لم ننشئ أطفالنا وشبابنا في الوطن العربي بتنشئة دينية سليمة فإن العاقبة ستكون وخيمة.
أختي الفاضلة: الأصل هو الميل الفطري بين الجنسين، والقرآن ذكر أن الكون قائم على الزوجية وليس على المِثلية، وقاعدة الزوجية قاعدة كونية ( سبْحَانَ الَذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ ومِنْ أَنفُسِهِمْ ومِمَّا لا يَعْلَمُونَ )، (ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ) فكل ما يضاد الفطرة ليس من ورائه مصلحة لا للإنسان ولا لغيره من الأحياء، وهو ضد مصلحة الإنسان وضد مستقبله، ولا يمكن أن يكون الانحراف شيئاً فطرياً؛ كما لا يمكن أن يُحرِّم الله على الناس شيئا يحتاجون إليه، هذه قاعدة معلومة ، والحاجة تنزل منزلة الضرورة فلا يمكن أن يحتاج الإنسان إلى الانحراف الجنسي، وليس كل ما يميل إليه الإنسان يكون حلالاً، وإلا فما فائدة الإرادة البشرية التي يجب أن تبعد الإنسان عن الفواحش والمحرمات، وكل ما ترفضه الفطرة الإنسانية السوية.
الانحرافات الجنسية هي سلوك متعلم من البيئة والمجتمع والأسرة والمدرسة، والمحيط، ولو أحسن المربون عمليات التنشئة السليمة والتي يكون قوامها التربية الدينية، وتقوم على حب الله واتباع تعاليمه، واجتناب نواهيه؛ لكان بإمكانهم أن يتداركوا هذه النوعيات من التصدع والزلل والانزلاق في مهاوي الرذيلة الأخلاقية.
والسحاقية نوع من أنواع الشذوذ الجنسي، وهو مصطلح يشير إلى المرأة التي تمارس العلاقة الجنسية العاطفية بشكل أساسي مع امرأة أخرى (اشتهاء المماثل بين الإناث).
حبيبتي: إن السحاق مثل غيره من أوجه الشذوذ الجنسي؛ بحاجة إلى معالجة نفسية دؤوبة وطويلة؛ بهدف مساعدة ابنتك على التخلص منه، كما قد يكون السحاق ظاهرة طبيعية لحد كبير حتى مرحلة معينة من العمر مثله كممارسة العادة السرية عند الشباب، إن ما حدث لابنتك ربما كان نتيجة إهمال لها بوجه خفي، مثل أن تكوني مشغولة عنها النهار كله وجزءاً من الليل، فلا تدرين أين تذهب؟ ومن تصاحب؟ وربما تركتها مع بعض أقربائها، أو أصدقاء الدراسة، وفيهم صديقات سوء، يندسسن بينهن كالحية الرقطاء، يعلمهن الفتن، ويروضهن على تقبل المهانة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والخطورة هنا تكمن في شوق من يتعود عليه إليه، وحسن فعلت أنك لم تقومي بتعنيفها والقسوة عليها حتى لا تعند، وحتى لا تعلم أخواتها بما تفعله أختهم الكبيرة، ولكِ منى بعض النصائح والإرشادات الهامة فحاولي اتباعها مع ابنتك شفاها الله مما ابتليت به:
1ـ ازدادي تقرباً إلى الله بأداء الفرائض في وقتها، والمحافظة على النوافل، والبعد عما يغضب الله من الأقوال والأعمال صغيرها وكبيرها، وعليك بالصدقة، فإن ذلك كله مما يُستجلب به رضا الله ورحمته وعليكِ بمصاحبتها في ذهابك وإيابك لتتعلم منكِ وذلك بالترغيب لا الترهيب.
2- إعادة الثقة إلى نفسها، وإشعارها بأنكِ تقبليها مهما فعلت، دون أن ترضى عن عملها المشين.
3ـ لا تدعي ابنتك فريسة لأهل السوء، كوني قريبة منها، افتحي لها قلبك، استقبليها بابتسامة، أشعريها بمحبتك لها، أفيضي عليها من عاطفة الأمومة، لتكوني ملاذها بعد الله إذا أحسَّت بالضيق، اكسبي ودها بالهدية، والكلمة الجميلة، والقبلة البريئة، والاحتضان وأشعريها بحنانك مهما كبرت في السن فأنت أمها.
4ـ اهديها أشرطة دينية لكي تؤثر في قلبها، وادعيها لكي تستمعا لها سويا فهناك كتيبات وأشرطة تتحدث عن نعيم الجنة وعذاب النار، فتوفير مثل ذلك سيجعلها هي وأخواتها يستشعرن هذه الحياة على حقيقتها وأهمية الاستعداد للآخرة وعدم الانخداع بالدنيا، ولا يعني ذلك الزهد بكل ما في هذه الدنيا، بل الاستمتاع بجميع المباحات من مأكولات ومشروبات وملابس وإكسسوارات .. ولكن (( التحفظ الكبير)) هو عن الانسياق في الإثم .
5ـ ادخلي في دائرة اهتمامها بعض الأمور الجادة ( فمن لم يشغل نفسه بالطاعة شغلته بالمعصية )؛ مثل قراءة ورد يومي من القرآن الكريم، ولو يسيراً ، المحافظة على صلاة الضحى، وصلاة الوتر ، أذكار الصباح والمساء ، زيارة الأقارب أو بعض الصويحبات المخلصات الطيبات، التعاون مع بعض الجهات الخيرية القريبة من مقر سكنكم ، حمليها مسؤوليات في المنزل وتجاه أخواتها وساعديها على القيام بها ؛ لتنشغل بها ، حاولي أن تعوديها على القراءة ، وممارسة الرياضة البسيطة ، وحاولي أن تشاركيها فيما تهتم به .
6ـ لا تجعلي خوفها منكِ، بل من الله تعالى، وكان أحد السلف يقول لولده إذا رآه على معصية أو تقصير: إن الله يراك، ووضحي لها أن هذه الأعمال تغضب الجبار تبارك وتعالى، وأشيري إلى أثر مصاحبتها للمسترجلات وأهل الشرور على تحصيلها العلمي، وعلى صحتها، وعلى حياتها الزوجية مستقبلاً، واتفقي معها على خطوات ثلاث مهمات: (الانتقال السريع من هذه المدرسة سيئة السمعة، وقطع جميع العلاقات مع الفتيات المسترجلات، أو أي شخصية غير صالحة، مع التعرف على أهل الخير والصلاح ومصاحبتهن والتواصل معهن).
7ـ أكثري من الدعاء في خلواتك وصلواتك وفي الثلث الأخير من الليل . . ابتهلي إليه سبحانه بأن يهدي قلب ابنتك، وأن يبصرها بعواقب أعمالها، وأن يصرف عنها شياطين الإنس والجن، سليه أن يؤلف بين قلبها وقلبك على الخير، سليه أن يُنير قلبها، سليه أن يزيد إيمانها ، ويخسأ شيطانها ، سليه أن يُباعد بينها وبين الفتيات المسترجلات ؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : ” إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء ” ، ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك “صحيح مسلم.
حاولي التقرب إلى بناتك كلهن، حتى لا تفاجئين بما لا يحمد عقباه، وأشعريهن باهتمامك، وكوني لهم الصديقة المقربة، والأم الحنون المحبة المتفهمة لمشكلاتهن وما يشغلهن، ولو كان عملك يشغلك عنهن فأنصحك بتركه ولو مؤقتاً للاهتمام بأبنائك، فهن رأس مالك ومسؤوليتك وستجدي فيهن بإذن الله تعالي الخير الكثير.
وأخيرا أسأل الله عز وجل أن يطهر بلادنا وسائر بلاد المسلمين من هده الفواحش، ويهدى الله أولادنا ويصلح لنا ذرياتنا ويجعلهم قرة عين لنا في الدنيا والآخرة، والحمد لله رب العالمين.
المصدر: موقع لها أون لاين