أدمنت العادة السرية، أريد الإقلاع؟
أنا الذكر الوحيد في العائلة، فإخواني كلهم إناث، مشكلتي في البداية هي الوحدة، ثم يأتي بعدها ما يشكو منه الكثير من الشباب، ألا وهو العادة السرية، فأنا شبه مدمن لهذه العادة الخبيثة؛ والسبب في البداية كان الهاتف الجوال، حيث تعرفت على صديق في الصف الثاني الإعدادي، فعرفني على مواقع وكلمات وأشياء لم أكن أعلم عنها من قبل، ألا وهي الجنس (sex) والأفلام الجنسية، وعرفني بمواقع على الهاتف الجوال والكمبيوتر، وتماديت في ذلك، حتى علمت بما يسمى بالعادة السرية، فقمت بفعلها للأسف، وأخذت أتمادى في فعلها كل يوم مع مشاهدة الأفلام الجنسية، حتى وصلت إلى الصف الثالث الثانوي الأزهري، ووصلت في فعل هذه العادة الخبيثة إلى الإدمان، وإدمان المواقع الإباحية، ووصلت إلى أني لا أستطيع النوم حتى أقوم بمشاهدة أحد الأفلام الجنسية وفعل العادة السرية. أنا الآن أعلم الآيات والأحاديث التي تحرم هذه العادة، ولكني لا أستطيع التوقف عنها، والتي بتوقفي عن مشاهدة الأفلام الجنسية سأتوقف عنها، ولكن كيف؟! العادة السرية جعلتني أفطر أربعة أيام من رمضان، فما حكم ذلك؟ علماً أني حتى الآن لم أتحدث مع أي فتاة، سواءً عبر الجوال أو النت، ولقد قمت بالتوبة كثيراً، ولكني أعود إلى ما كنت عليه وأشد. أرجو الرد على استشارتي، وجزاكم الله خيراً.
المستشار: أ.هاشم الأهدل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أسأل الله أن يشفيك من هذه المعصية والعادة السيئة، ويرزقك التوبة الصادقة النصوح.
لقد طلبت مني بأن أركز في الإجابة على الوسائل والطرق المعينة على العلاج وحل المشكلة؛ لأن الحكم الشرعي معروف لديك، ولكني أوصيك بأن تتأمل الآيات والأحاديث التي تتحدث عن التوبة والعفة، ومراقبة الله بين الفينة والأخرى؛ لأننا للأسف نكتفي بحفظها ومعرفتها دون الإيمان بها بشكل تام وصادق.
أخي الحبيب، لقد خلق الله سبحانه وتعالى في الإنسان الفطرة والشهوة الجنسية، وجعل لها مصرفاً شرعياً مباحاً وحلالاً، وخلقنا قادرين على الصبر والتحمل، وعدم الوقوع في ممارسات محرمة متعلقة بالغريزة الجنسية، ولكنه حذرنا من أن نفتح أبواباً مغلقة من وسائل المحرمات؛ حتى لا نبتلى بالإدمان عليها ويصعب علينا تركها، حتى لو كنا صادقين في ذلك، ومن هذه الأبواب: النظر، والاختلاط، وتبادل الحب، وممارسة العادة السرية، وغيرها من الأشياء التي نظنها في البداية بسيطة، ولكنها تفضي إلى تعلق بالحرام وصعوبة في الإقلاع عنه.
ولا شك أخي الحبيب بأن ما تمر به من الإدمان على مشاهدة المواقع المحرمة والعادة السرية، هي نتاج تفريطك في البداية في النظر المحرم عبر الجوال، حتى وصلت لأمرٍ عظيم وكبيرة من الكبائر، وهي الإفطار في نهار رمضان لمدة أربعة أيام، وهذا يدل على تمكن هذه المعصية من قلبك -ولا حول ولا قوة إلا بالله – ويدل كذلك على استسلامك لها، وضعف صبرك وعزيمتك أمامها.
ولست هنا أخي أقنطك من رحمة الله ومن العلاج، ولكني أوضح لك حجم المشكلة، ومدى ضررها عليك وعلى علاقتك بالله عز وجل ومراقبتك له.
هل العلاج ممكن؟ وهل تستطيع أن تتوب توبة نصوحاً؟
الجواب: نعم تستطيع ولكن بشرط أن تحقق شروط التوبة النصوح، وأرجو أن تتأمل فيها وتحرص على توفرها في نفسك، وهي:
1 – الإقلاع عن المعصية -أي تركها نهائياً- والمبادرة في ذلك، وعدم التأجيل أو التسويف.
2 – العزم على أن لا يعود لمثلها -أي أن يعزم في قلبه على أن لا يعود لمثل المعصية التي يريد أن يتوب منها- ومما يدل على صدق العزم على عدم العودة أن يتخلص من جميع متعلقات المعاصي، من مقاطع، أو صور، أو صحبة، وغيرها.
3- والندم على ما صدر منه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (الندم توبة) وهي الشعور بتأنيب الضمير، والرغبة الصادقة في الإقلاع عن المعصية .
أخي الحبيب، لا بد أن تتأمل في الأسباب التي تجعلك تقع في هذه العادة؛ لأن الأسباب كثيرة جداً، وأنت أكثر من يستطيع التعرف على نقاط ضعفك حيال هذه الشهوة، فمن الأسباب على سبيل المثال:
– مشاهدة الأفلام والمقاطع والصور التي تُثير هذه الغريزة، وتلجئك لممارسة هذه العادة.
– قراءة روايات أو قصص مثيرة.
– الجلوس مع بعض من يتكلم في هذه الأمور المثيرة.
– مخالطة البنات، والتبسط معهم في الحديث والنظر.
– استخدام الجوال وغيره من الأجهزة التي تسهل الوصول لهذه الصور والمقاطع المحرمة.
-الفراغ، وعدم إشغال الوقت.
-كثرة التفكير في هذه الأمور المثيرة خاصةً قبل النوم، أو في لحظات الاسترخاء.
– لمس الأعضاء الخاصة بدون حاجة، والمبالغة في الاستحمام، وغير ذلك من الأسباب.
وحتى تتخلص من هذه المعصية، عليك أن تعلم بأن الموضوع يحتاج إلى مجاهدة وصبر، وأنت مأجورٌ على ذلك بإذن الله، وعليك بهذه الخطوات:
1- حافظ على الفرائض خاصةً الصلوات الخمس، وأكثر من الطاعات والنوافل، واشغل وقتك بما يفيد من المباحات.
2- أكثر من ذكر الله عز وجل، ومن الدعاء والاستغفار، خاصةً في وقت السحر وأوقات الإجابة.
3- احرص على مصاحبة أهل الخير والصلاح من الجيران، أو حلقات التحفيظ وطلبة العلم، وغيرها.
4- ابتعد عن كل ما يُثير في نفسك هذه الغريزة قدر استطاعتك، وإذا شعرت بالضعف فاشغل نفسك بأشياء أخرى، واحذر من الاختلاط بالنساء أو مشاهدة المثيرات، واحرص على تجنبها والابتعاد عنها.
5- احذر من التفكير والتخيلات الجنسية؛ لأنها أكثر ما يسبب الوقوع في هذه العادة، فقاوم هذه الأفكار وادفعها ولا تستلم لها.
6- حاول أن تتوضأ قبل الذهاب إلى النوم وتصلي ركعتين، وإذا أويت إلى فراشك فاقرأ الأوراد النبوية، ولا تفكر في أمور الشهوة بل ادفعها وقاومها (ولا تلمس أعضاءك الخاصة) واحذر من حيل الشيطان، ومع المجاهدة على هذا سيخفف بإذن الله عليك هذه العادة إلى أن تزول.
7- إذا وقعت في هذه العادة حال غلبة الشهوة والغفلة، فبادر إلى التوبة والاستغفار، وتوضأ وصل ركعتين توبة لله عز وجل، ولا تستلم وتقنط من التوبة حتى ولو تكرر الذنب، فاجتهد وابذل الأسباب، فإذا وقعت في الخطأ -لا قدر الله- فالتوبة والاستغفار هي الحل الوحيد ولا حل آخر غير ذلك، واحذر أن يقنطك الشيطان من التوبة بسبب كثرة الوقوع في الخطأ، وتأمل هذا الحديث:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : “أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ ، فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، ثُمَّ عَادَ ، فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ ، قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى : لَا أَدْرِي ، أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ “.
فالمؤمن في هذه الحياة في جهادٍ واجتهاد وصبر في سيره إلى الله، وكلما أخطأ أو قصر بادر بالتوبة والندم،
ولا شك بأنه يجب عليك الاجتهاد، وبذل الأسباب في البعد عن المعاصي المتكررة منك، وأماكنها وأسباب وقوعك فيها، وإذا صدقت في ذلك فسيعينك الله، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}. العنكبوت الآية 69.
أما الأربعة أيام التي أفطرتها في رمضان فعليك قضاؤها وليس عليها كفارة ..
والله يوفقنا وإياك لكل خير
المصدر: موقع راق مستشارك الخاص