إستشارات عديدة لمن وقع في الزنا

فتاوى لكل ما يتعلق بجريمة الزنـــا

توبة الزاني كيف تتحقق؟

السؤال : لي صديق متزوّج أخبرني بأنّه قد استمتع بامرأة بالحرام دون إيلاج،  فهل عليه الرّجم وكيف يتوب؟

الجواب- الحمد لله

ما قام به صاحبك جريمة عظيمة وذنب كبير يجب عليه أن يتوب إلى الله منه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالرِّجْلانِ تَزْنِيَانِ وَالْفَرْجُ يَزْنِي ” . رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع 4150

وأخبر صاحبك أنّ عليه أن يُكثر من الحسنات لعلّ الله أن يُكفّر عنه بها سيئاته كما روى عَبْد اللَّهِ بن مسعود قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَبَاشَرْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا , قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) ، قَالَ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً فَقَالَ : ” بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً . ” رواه الإمام أحمد

وأمّا عن سؤالك هل يعتبر ما اقترفه زنا حدّه الرّجم؟ فالجواب أنّ الرّجم للزاني المحصن اي الذي سبق له الزواج ولو مرة واحدة في حياته، والجلد لغير المحصن أي الأعزب الذي لم يسبق له الزواج أبداً، والزنا لا يكون إلا بإيلاج ذكر الزاني في فرج الزانية، وما سوى ذلك يستحق عليه عقوبة أخرى بحسب درجة الحرام الذي اقترفه، ولا يجب عليه الاعتراف عند القاضي بما فعل بل تكفيه التوبة فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ وهو التوّاب الرحيم

نسأل الله أن يتوب علينا وعليه وعلى سائر المسلمين . والله أعلم

المفتي الشيخ محمد صالح المنجد

*****************

قبول الأعمال الصالحة ممن يرتكب الزنا

هل يقبل الله صلاة وصيام من يقوم بالزنى؟ وهل إذا تاب يتوب الله عليه؟

الحمد لله نعم انّ الله عز وجل يقبل منه ما عمل من الصالحات من صلاة وصيام وصدقة وغير ذلك ان هو أقلع عن هذه الجريمة النكراء، ويقبل توبته أيضا شريطة ان يتوب الى الله تعالى توبة نصوحاً، والتوبة النصوح لها شروط ثلاث اذا تعلقت بحق الله تعالى, وأربعة شروط ان تعلق بها حق من حقوق العباد, وهي الثلاثة التي تتعلق بحق الله عزوجل, والرابع أن يتسامح مع صاحب الحق فيعفو عنه,  كما قال عز وجلّ في سورة الشورى 25 :

وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون

وكما ذكرت بشرط أن تكون التوبة صحيحة , فهل ندم هذا الشّخص حقّا على ما فات ؟ وهل عزم فعلا على عدم العودة الى الزنا؟  وهل يا ترى قد تخلّص من كلّ شيء يؤدّي به إلى المعصية من علاقة أو عنوان أو رقم هاتف أو اقتراب من مكان حرام أو صديق سوء أو فيلم أو صورة ونحو ذلك؟  الذي نظنّه أنّ هذا الشّخص لو تاب حقا فسيقلع عن هذه المعصية.

ثمّ إنّ الزنا فاحشة من أكبر الفواحش على الاطلاق كما قال الله تعالى في سورة الاسراء 32 :  ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا

ولعظم هذه الجريمة النكراء فقد كان لزاما على الزانية والزاني المحصنان بالزواج ان يُعاقبان بأشنع عقوبة وأشدها وهي رجمهما بالحجارة حتى الموت ليذوقا وبال أمرهما , وليتألم كل جزء من جسديهما كما استمتعا به في الحرام مع وجود ما يُغني بالحلال ، والزاني والزانية اللذّيْن لم يسبق لهما الوطء في نكاح صحيح يُجلدان بأكثر عدد في الجلد ورد في الحدود الشرعية وهو مائة جلدة مع ما يحصل له أو لها من الفضيحة بشهادة طائفة من المؤمنين لعذابهما والخزي بإبعادهما عن بلدهما وتغريبهما عن مكان الجريمة عاما كاملا .

وعذاب الزناة والزواني في البرزخ شديد جدا , وهو كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة :  أنهم يكونون في تنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نار يكونون فيه عراة فإذا أوقدت عليهم النار صاحوا وارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا أخمدت رجعوا فيها وهكذا يفعل بهم إلى قيام الساعة . فاذا كان هذا عذابهم في قبورهم , فكيف سيكون عذابهم في نار جهنم ؟

نسأل الله أن لا يُمقتنا وأن يتوب علينا وأن يُوفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات إنه سميع قريب.

المفتي الشيخ محمد صالح المنجد

**************************

حكم ولد الزنا

هل يدخل ولد الزنا الجنة إن أطاع الله؟ وهل عليه أثم أو لا؟

الحمد لله

ولد الزنا لا يلحقه إثم من جراء زنا والديه وما ارتكبا من جريمة الزنا، لأن ذلك ليس من كسبه ، بل إثمهما على أنفسهما ، لقوله تعالى : (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) وقوله عز وجل : (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وشأنه في مصيره شأن غيره ، فإن أطاع الله وعمل الصالحات ومات على الإسلام فله الجنة، وإن عصى الله ومات على الكفر فهو من أهل النار ، وإن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً ومات مسلماً فأمره إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عاقبه ومآله إلى الجنة بفضل من الله ورحمته، وأما الحديث الوارد في أنه لا يدخل الجنة ولد زنا فهو حديث موضوع ( أي مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ) ، والله أعلم .

فتاوى إسلامية للجنة الدائمة 5/22

*************************

اعترف له والداه أنه من الزنا فكيف ينتسب؟

والداي يعتقدان بأني من الزنى، فاسم من أحمل ومن هم أهلي ؟.

الحمد لله

توجهنا بهذا السؤال إلى فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فكتب إلينا ما يلي :

الصحيح أن ولد الزنى ليس عليه إثم من جناية أبويه حيث أنه لم يحدث منه معصية في هذا الأمر، وإنما الإثم على والديه، وعلى هذا فله أن ينتسب إلى أبيه الذي اعترف بأنه منه حتى يحصل على الانتماء إلى دولته (بالوثائق الرسمية)، وله أن ينتسب إلى أمه التي ولدته فإنها هي عَصَبته، ثم ينتسب إلى قبيلتها ودولتها، وعليه أن يُصلح عمله ويستقيم في سلوكه وديانته الإسلامية ولا يضره ما حصل من أبويه فإن من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه ، والله أعلم .

المفتي الشيخ عبد الله بن جبرين

**************************

كيف يثبت الزنى؟

السؤال: نعلم أنه لإثبات الزنى على شخص ما فإنه لا بد من توفر 4 شهود، فهل يجوز في هذا العصر إثبات الزنى على هذا الشخص بالفحص العلمي وفحص الحمض النووي بدلاً من 4 شهود؟

الجواب – الحمد لله

لا يثبت الزنى في الشريعة الإسلامية إلا بالبيّنة، وهي شهادة أربعة ثقات عدول يرونه حقيقة، أو بالاعتراف، أو بظهور حمل الزانية، ولا يقوم فحص الحمض النووي ولا كاميرة التصوير أو الفيديو مقام الأمور السابقة المذكورة. والله أعلم

المفتي – الشيخ محمد صالح المنجد

***************************

هل يجوز للزاني الزواج من مؤمنة؟

أرجو أن تخبرني ما إذا كان يجوز لي أن أتزوج بمؤمنة إن أنا مارست الجنس مع امرأة غير مسلمة في الماضي؟

الحمد لله

إذا تاب الزاني توبة نصوحاً، فإن الله يتوب عليه، لأن الله تعالى قال في سورة الفرقان 68 – 71 ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*   إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا*  وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً)

فإذا تاب وصحّت توبته فله أن يتزوج بمؤمنة، وينبغي على الزاني إذا تاب أن يستر على نفسه، ولا ينشر ذلك. والله أعلم.

المفتي- الشيخ محمد صالح المنجد

********************************

هل يحرم الزاني من الحور العين؟ وما حكم حديث “من زنى زني به.. “؟

هل إذا زنى الرجل وتاب يحرم من الحور في الآخرة، وما معنى ” يزنى به ولو في جدار داره ” وإذا كان المعنى أي من محارمه فما ذنبهم؟.

الجواب- الحمد لله

الزاني وغيره من أهل المعاصي إذا تابوا إلى الله توبة صادقة تاب الله عليهم، وكفر سيئاتهم، كما دلت على ذلك الأدلة المتكاثرة في الكتاب والسنة ومنها قوله تعالى في سورة الزمر 53 : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ).

بل إذا حسنت توبته قد تبدل سيئاته إلى حسنات بسعة فضل الله ورحمته، أما من أصر على الزنى ولم يتب منه فقد ثبت في حقه أنواع من العقوبات في الدنيا، وفي القبر، وفي الآخرة، ولم نجد نصاً يدل على منعه من الحور العين، لكن قاسه بعض العلماء على ما ثبت من الوعيد في حق من مات ولم يتب من شرب الخمر أنه لا يشربها في الآخرة، ووعيد من لم يتب من لبس الحرير في الدنيا بأنه لا يلبسه في الآخرة.

قال ابن القيم رحمه الله وهو يعدد العقوبات التي تقع على الزاني إذا لم يتب :

” ومنها أنه يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن والله سبحانه وتعالى إذا كان قد عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسه يوم القيامة وشارب الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة ، فكذلك من تمتع بالصور المحرمة في الدنيا . بل كل ما ناله العبد في الدنيا من حرام فاته نظيره يوم القيامة ” روضة المحبين لابن القيم ( 365 – 368 )

وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” من زنى زني به ولو بحيطان داره ” فهو حديث موضوع كما حكم عليه السيوطي وابن عراق والألباني في السلسلة الضعيفة ( 2/155 )

وعليه فلا وجه للاعتراض بما ذكر، على أن الحديث لو صح فيمكن حمله على معنى صحيح وهو: أن الرجل الذي يقع في الزنا ويصر عليه يكون من أهل الفسق والفساد، فيسري هذا الفساد إلى أهله، لأن المخالطة تؤثر، وإذا كان رب البيت مضيعاً لنفسه فمن باب أولى أن يضيع أهله، ولا يربيهم على ما يصلح دينهم، فلا يبعد عند ذلك وقوعهم فيما يقع فيه من المعاصي لضعف إيمانهم، وفي الواقع قصص كثيرة تدل على حدوث مثل هذا، وهو من العقوبات الدنيوية العاجلة التي يعاقب الله بها أمثال هؤلاء الذين يهتكون عورات المسلمين ، فيهتك الله عوراتهم جزاء وفاقاً، والله سبحانه يفعل ما يشاء على وفق الحكمة البالغة، والعدل التام، لا يظلم أحدا ، ولا يُسأل عما يفعل وهو الحكيم العليم .

***********************************

كفارة الزنى بالمرأة المتزوجة

ما هي كفارة من زنى بمتزِوجة؟

الجواب- الحمد لله

الزنا كله شر وبلاء، لكنه مع المتزوجة أعظم إثماً ، لما فيه من الاعتداء على الزوج بانتهاك عرضه . قال الله تعالى في شأن الزنا في سورة الاسراء 53:  (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً )، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:  “إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة فإذا انقطع رجع إليه الإيمان” رواه أبو داود (4690) والترمذي (2625) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

قال ابن حجر الهيتمي في ” الزواجر عن اقتراف الكبائر ” (2/138) : ( وعُلم من ذلك أيضا أن الزنا له مراتب : فهو بأجنبية لا زوج لها عظيم ، وأعظم منه بأجنبية لها زوج ، وأعظم منه بمحرم ، وزنا الثيب أقبح من البكر بدليل اختلاف حديهما ، وزنا الشيخ لكمال عقله أقبح من زنا الشاب ، وزنا الحر والعالم لكمالهما أقبح من القن ( العبد ) والجاهل ) انتهى .

وكفارة الزنا مع المتزوجة وغيرها : هي التوبة الصادقة المشتملة على شروطها ، من الإقلاع عن هذه الجريمة إقلاعاً تاماً ، والندم على ما فات ، والعزم على عدم العودة إليها مطلقا . من فعل ذلك فقد تاب إلى الله تعالى ، ومن تاب تاب الله عليه ، وقبله ، وبدل سيئاته حسنات ، كما قال سبحانه في سورة التوبة 104 : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) فمن وقع في الزنا فليبادر بالتوبة إلى تعالى ، وليستتر بستره ، فلا يفضح نفسه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألم فليستتر بستر الله عز وجل” رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة – 663

وروى مسلم (2590) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة

والله أعلم

***********************

المصدر: موقع سنابل الخير