كلما تبت من العادة السرية رجعت، كيف أقلع تماماً ؟
السؤال
عمري 15 سنة، وفي كل مرة أذنب ثم أتوب، وأتوب توبة صحيحة، لكني أرجع للذنب بعد أسبوع من التوبة، ولا أعرف كيف أعمل! ومستمر على هذا الحال، وذنبي هو ممارسة العادة السرية، ولما أتوب أكون خائفًا من الرجوع للذنب من جديد!
في الأمس أذنبت، وأعلنت توبتي إلى الله، وبكيت أثناء التوبة، وندمت، وعزمت على عدم العودة للذنب، ولكني أشعر -بل شبه متأكد- أن توبتي لم تُقبل، منذ أمس وحتى اليوم؛ كل ساعة أو ساعتين أعلن توبتي، ولا أشعر أنها قُبلت.
أنا خائف جدًا، ومتضايق ومرعوب من أن يكون الله لم يقبل توبتي، وخائف ألا يرضى عني ولا يدخلني الجنة، وأحس أن حياتي الآن ما لها طعم؛ لأني أحس أن الله غير راضٍ عني، ولم يقبل توبتي، على الرغم أني أصلي الصلوات الخمس في مواعيدها، وأختم القرآن مرة كل شهر، وأقوم الليل، وأغض بصري، وأصوم، وأستغفر ربي كثيرًا، وأصلي على الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا -بفضل ربنا-.
أرجوكم طمئنوني هل ربنا راضٍ عني وقبل توبتي وسيهديني ويبعدني عن ذنبي؟ وهل هو يحبني؟ وهل إيماني قوي؟ وهل أنا أحب الله؟
شكرًا لكم، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يتقبل توبتك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.
بخصوص ما ورد برسالتك -ولدي يوسف-، فأنا حقيقةً فخور بك، وبدخولك لهذا الموقع، وحرصك على أن تجد من يعينك على أن يطمئن قلبك بالإيمان وأن يُبشرك برضا الرحمن ومغفرة ذنبك وقبول توبتك، وهذه كلها عوامل إيجابية تُحسب لصالحك عند الله -تبارك وتعالى-، وأنك حاولت أن تتغيَّر إلى الأحسن، عملاً بقوله -تعالى-: {إن الله لا يُغيِّر ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}، ولكن يبدو أن هناك أشياء لم تنتبه لها حتى تكون توبتك جادة وصادقة:
الأمر الأول: أن نيتك لعلها لم تكن بنسبة مائة بالمائة، فأنت تحتاج إلى توبة جديدة، تجعل نيتك فيها مئة بالمئة، بمعنى أن تُصِرّ أن تترك جميع الذنوب، ليس هذا الذنب وحده، وإنما جميع الذنوب والمعاصي التي تفعلها، وأن تعقد العزم الأكيد على أنك لن ترجع إليها مهما كانت الظروف والدواعي، هذا أول شيء.
الأمر الثاني: أن تبحث عن العوامل التي تؤدي إلى ضعفك، بمعنى: كيف ومتى تمارس هذه المعصية؟ إذا كنت في غرفتك وحدك فحاول ألا تكون وحدك بعد ذلك، إذا كان الباب مغلقًا وأنت تفعلها اجعل باب غرفتك مفتوحًا ولا تُغلقه أبدًا، إذا كنت تفعلها في الفراش قبل النوم أو بعده لا تدخل فراشك إلَّا عندما تشعر بالحاجة الشديدة إلى النوم، بمعنى أن تضع رأسك فتنام، كذلك أول ما تستيقظ من النوم تقوم فورًا من الفراش ولا تظل جالسًا تعبث بجسدك حتى يُزيِّن الشيطان لك، إذا كنت تفعلها في دورة المياه حاول ألا تدخل دورة المياه إلَّا عند الحاجة الشديدة، وإن استطعت أن تترك باب دورة المياه مفتوحًا قليلاً فافعل، حتى تستطيع أن تنتصر على شيطانك -لعنه الله-؛ لأن الشيطان لا يأتي إلَّا في الخلوات، يأتيك ويأتي لغيرك في الخلوات، فإذًا حاول أن تُضيّق هذه المداخل وتُغلق هذه النوافذ حتى تستطيع أن تنجو من العودة؛ لأنك ستعود إذا لم تكن توبتك جادة صادقة.
اعلم أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، والأمر ليس صعبًا، تحتاج فقط إلى إرادة وعزيمة.
ثم عليك بالدعاء والإلحاح على الله -تعالى- كما تفعل، خاصة وأن لديك فرصة عظيمة، فأنت رجل من أهل الصلاة ومن أهل القيام وأهل القرآن والأذكار، فإذًا ربنا -سبحانه وتعالى- أقرب إليك من غيرك.
هل الله يُحبك؟ أنا أقول لك: إذا كنت تُغضب أباك مثلاً ولا تسمع كلامه، هل هو يُحبك أو لا يُحبك؟ يُحبك ولكنه يزعل منك، الله -تبارك وتعالى- يُحبك؛ لأن فيك خيرًا عظيمًا، ولكنك تُغضب الله -تعالى- بالوقوع في معصيته؛ لأنك لا تستحي منه، فلا ينبغي عليك أن تجمع بين المتناقضين -يا ولدي-، وأنت قادر على ذلك، صدقني ليس الأمر صعبًا ولا مستحيلاً، هذه ليست كالإدمان للمخدرات أو الخمور وغيرها، وإنما هذا ذنب بسيط بالنسبة للتوبة، والتوبة منه سهلة، تحتاج إلى قرار فقط.
ابحث عن العوامل التي تؤدي إلى ضعفك وتخلص منها، إذا كنت ترى أشياء مثلاً أو صورًا أو مناظر تُثيرك فلا تنظر، وإذا كنت تتكلم مع بعض الفتيات مثلاً وأحيانًا تحدُث عندك إثارة فلا تتكلم، سهل عليك ذلك أن تقضي على العوامل التي تؤدي إلى ضعفك.
الله -تبارك وتعالى- ما دام قد فتح لك باب التوبة فاعلم أنه يُحبك، وأنه تائب عليك، وأنه يريد أن يتوب عليك، كما قال -تعالى-: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيمًا * يريد الله أن يُخفف عنكم}، ولكن أنت عليك أن تواظب على التوبة وأن تجتهد بكل ما أوتيت من قوة ألا تتراجع، واعلم أنك قادر على ذلك -بإذن الله تعالى-.
المعصية التي تفعلها تدل على أن إيمانك ليس قويًّا بالنسبة المطلوبة؛ فلو أن إيمانك قوي لقلت كما قال يوسف -عليه السلام-: {معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي}، وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في السبعة الذين يُظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلَّا ظله: {ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله}، أي لا تفعل المعصية، هذا معنى قوة الإيمان، أنك لا تفعل المعصية، وإن فعلتها مرة وتبت لا ترجع إليها مرة أخرى، أما أنت فتقول بأنك ترجع للمعصية، وتذهب وتتوب، فإذًا أنت تحتاج إلى مقويات الإيمان، مع البرنامج الذي تفعله، وعليك أن تزيد جرعة الاستغفار، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر، والدعاء، وأن تطلب من والديك الدعاء لك.
وبالله التوفيق.
المصدر : إسلام ويب