كلما تبت من المعصية عدت إليها ، فماالداعي ؟
السلام عليكم
أنا أحمد وقد لجأت إليكم وأنا أعلم أنكم -بعد الله- سوف تساعدونني في محنتي التي طال زمنها, وأصبحت تمثل هاجساً بالنسبة لي, ألا وهو حب الفتيات والميل والرغبة فيهن.
كان همي منذ السنة الثالثة ثانوي الفتيات والأنس بهن, وكنت أكْثرُ من استعمال العادة القبيحة, وأشاهد الأفلام القبيحة, ولكن بعد مرور فترة من الزمن أنزل الله الهداية على قلبي, ولكني بهذه الهداية أصبحت أقلل من هذه الأفعال التي أعرف أنها خطأ, وكنت أحس بالذنب عند فعلها, وأصبحت من فترة إلى فترة أفعل مثل هذه الأعمال القبيحة.
أنا الآن في المستوى الخامس الجامعي, ولا زلت من فترة إلى فترة أفعل هذه الأفعال القبيحة, وأريد تركها ولا أقدر, وأيضاً يكون همي في الانترنت التعرف على البنات والتغزل بهن, ويكون هذا كله همي, علماً بأني بعد فترة من الزمن بعد تعرفي على البنت مثلاً في الانترنت أقول لها لن أواصل معك؛ لأن هذا الذي نعمله حرام, وأتوب وأستغفر الله, وآتي بعد أسبوع وأفعل مثل هذا العمل مرة أخرى.
أريد أن أوقف هذه الفتنة, وأنسى الاهتمام بالفتيات, وأريد أن أركز في ديني ومستقبلي وحياتي.
أرجوكم أفيدوني، وشكرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقك لتوبة صادقة نصوح لا رجعة بعدها للمعاصي أبدًا، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل أحمد– فإنه ومما لا شك فيه أن العودة إلى الذنب مرة أخرى أمر يُزعج كل إنسان صادق يُحب الله ورسوله، لأن العودة إلى الذنب معناها انتكاسة، ويُصبح حال الإنسان كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا، بعد أن قامت بغزل ثوبها وأصبح جاهزًا لكي يكون شيئًا مقبولاً ورائعًا، ويتم بيعه بثمن غالٍ وثمين؛ إذ بها تنقضه مرة أخرى ليتحول إلى غزل كما لو لم يتم نسجه من قبل.
كذلك المعصية حتى وإن تاب العبد منها وقبل الله توبته، إلا أن عودته إلى المعصية بعد التوبة يكون أقسى على النفس من المرة الأولى، لأنه يشعر بأنه ضعيف، وأنه خائر القوى، وأنه غير وفي وغير صادق، وتظل هذه المعصية تنغص عليه حياته وتكدر عليه صفوه، خاصة بعد أن تاب، والأصل في التوبة إنما هي الإقلاع عن الذنب فورًا، وعدم العود إليه مطلقًا.
ولذلك هذا الذي تعاني منه إنما بسبب العودة، لعلك تبت إلى الله تبارك وتعالى في المرة السابقة توبة نصوحا فغفر الله لك وتاب عليك، أما عودتك الآن الألم فيها نفسي أكثر من كونه شرعي، ولذلك اعلم أن الحل في يدك أنت وحدك (أخِي أحمد) وليس في يد أي جهة أخرى.
أنت الذي وقعت في المعاصي أول الأمر، وها أنت قد انتفضت على نفسك وقمت بثورة عارمة عليها، وقلت لها (كفى يا نفسي عصيانًا وبُعدًا عن الله تعالى) فأقلعت عن المعاصي وتوقفت عنها، وذقت حلاوة الطهارة والنقاء والعفاف والبعد عن المعصية، ولكنّك ما فتئت حتى رجعت إليها مرة أخرى.
فأقول لك: اعلم –أخي أحمد– أن أحمد هو ذاته القادر على ترك المعصية، والدليل على ذلك أنك قد تركتها وما زلت تركتها فترة وإن كانت قليلة، فهذا كأنك تقيم به الدليل على نفسك –ولدي أحمد– أنك قادر على تركها، ولذلك أنصحك بالمحاولة مرة أخرى وعدم الاستسلام مهما كانت الظروف ومهما كانت التحديات.
فما دمت قد تركتها فترة وأصبحت الآن لا تفعلها إلا في فترات متباعدة، فاعلم أنك تقيم الدليل على نفسك بأنك قادر أن تتركها بالكليّة، ولكن عليك -بارك الله فيك– بالبحث عن الأسباب التي تؤدي إلى ضعفك، فأنت تعرف متى تكون ضعيفًا، وتعرف متى يزين لك الشيطان، فاجتهد في القضاء على هذه الأسباب نهائيًا.
فإذا كانت الخلوة هي التي تُسبب ذلك فإياك والخلوة، وإذا كان إغلاق الباب على نفسك هو الذي يزين لك ذلك فإياك وإغلاق الباب، وإذا كان الليل هو الذي يحدث فيه ذلك فإياك وأن تكون وحدك بالليل، وإنما عليك أن تبذل كل سبيل لكي لا يختلي بك الشيطان فيُفسد عليك حياتك، وإذا كان دخولك إلى الإنترنت بدون ضابط أو قيد فعليك ألا تدخل إلى النت إلا لحاجة ضرورية ماسة تُحدد الهدف الذي تريده قبل أن تدخل، فإذا ما انتهيت من الهدف الذي تريده خرجت فورًا مُسرعًا.
وهكذا يجب عليك أن تفعل ذلك، لأن الأخذ بالأسباب ضرورة حتمية وليس أمامك من خيار فيها، وقد أمرنا أن لا نتبع خطوات الشيطان حيث قال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر} ولن يُنقذ أحمد من المعصية إلا أحمد.
ثم عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يعينك الله على التخلص من هذه المعصية, كذلك عليك باستغلال أوقات الفراغ التي قد يضحك الشيطان عليك فيها في القيام بأعمال طيبة أو أعمال مفيدة، وذلك كممارسة الرياضة أو مجالسة الصالحين أو طلب بعض العلم الشرعي، أو الاجتهاد في الدراسة والحرص على أن تكون من أوائل الطلبة في عامك هذا، كذلك أيضًا الإكثار من النوافل والإكثار من صيام أيام الاثنين والخميس (من السُّنَّة) كذلك أيضًا قيام الليل.
اجتهد أن تكون دائمًا على طهارة، حافظ على الصلوات في أوقاتها، حافظ على أذكار الصلوات، حافظ على أذكار الصباح والمساء، إذا كانت لديك فرصة للصدقة ولو بـ (جنيه واحد) في اليوم فلا تقصر، واعلم أنك بذلك -إن شاء الله تعالى– سوف تتغلب على هذه المعصية.
وختامًا أقول لك: لن يُنقذ أحمد من هذه إلا أحمد، وأرى أن لديك فرصة؛ لأنك أقمت الدليل على أنك قادر، فينبغي عليك أن تستغل هذه النعمة ولا تضيعها.
أسأل الله أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.
المصدر : إسلام ويب