أصدقاء السوء شياطين ترافق أبناءنا

كتبت – سحر معن :

تؤكد الدراسات الاجتماعية تصدر “رفاق السوء” لأسباب الانحراف السلوكي للأبناء في فترة المراهقة والشباب ، نتيجة لتشجيعهم على ارتكاب بعض السلوكيات وأحيانا الجرائم .

وتشير الدراسات أن أصدقاء السوء مسؤولون عن تشجيع أصدقائهم عن الهروب من المدرسة والتدخين وتعاطي المخدرات ، وهو ما يدق ناقوس الخطر حول كيفية حماية أبنائنا من هؤلاء ، وتقويم سلوكيات النشء عبر الحوار والتواصل المستمر والمتابعة من أولياء الأمور والمؤسسات التعليمية والتربوية.

ويؤكد المختصون في علم الاجتماع أن الكذب والتدخين والسلوكيات المتهورة التي تشمل القيادة المتهورة والتحفيص تعكس خللا في شخصية الأبناء ، وشعورا بالنقص والفراغ ، وإن العلاج يكمن في النصح والإرشاد وتشجيع الأبناء على ممارسة هوايات مفيدة تستثمر أوقات فراغهم.

وأشاروا الى أهمية تفهم فترة المراهقة بالنسبة للأبناء كونها تشمل تمردا على الواقع ورغبة في تقليد الآخرين وحب الظهور ، وتعلم كيفية إدارة حوار بناء مع الأبناء لتوجيههم واحترام خصوصيتهم ومساعدتهم في اكتشاف ذاتهم.. فما هي طرق التعامل المثالية مع الأبناء المتمردين لحمايتهم من أصدقاء السوء؟.

في البداية تشير السيدة نعيمة الأنصاري الى أن عناد ابنها المراهق وتصرفاته العدوانية تجاه أقرانه لم تعد تحتمل ، كما أن سياسة العقاب التقليدية بحرمانه من بعض الأشياء التي تسعده لم تعد كافية لتقويم سلوكياته.

وتقول : بدا واضحا تأثير أصدقاء السوء على ابني والمتمثلة في العناد وعدم الاكتراث بالتحصيل العلمي والتفوق كما كان في الماضي ، ولذلك كان لابد من تدخل الأب الذي نجح من خلال الحوارفي تفهم أسباب هذا التغير في السلوكيات والتصرفات ، وتوجيه الابن بأن أصدقاء السوء وبال على أصحابهم لأنهم يريدون كل من حولهم فاشلين مثلهم حتى لا يشعرون بالنقص .. ومع الوقت تغيرت سلوكيات ابننا الى الأفضل.

ويروي أحمد الهتمي قصته مع ابنه الذي لم يتجاوز (16) عاما، حينما اكتشف أَّنه يدخن، مؤكدا أن تدخين الأبناء في فترة الثانوية لا يعكس فقط تغير خطير في السلوكيات ولكن أيضا يعكس خطرا كبيرا على صحة الأبناء في مرحلة مهمة في حياتهم .

وقال : شعرت بالصدمة وقمت بتعنيفه بشدة ، وتعريفه بأن التدخين ليس مظهرا من مظاهر الرجولة والاستقلال ، وأنه مضر بصحته ويفتح الباب لانحرافات سلوكية أكبر .

وأضاف: الحوار مع الأبناء في تلك الحالة وإقناعهم ومعاملتهم كأشخاص ناضجين أسلوب ناجح في تغيير سلوكياتهم بدلا من العنف اللفظي والجسدي كوسيلة للعقاب.

وأشار إلى أن العديد من المراهقين يعتقدون أن التدخين دليل على الرجولة والحرية والاستقلالية، لافتا الى أن جزءا كبيراً من المسؤولية يقع على عاتق وسائل الإعلام، خاصة بعض القنوات الفضائية،التي تضع صورة المدخن في موضع البطولة والتميز.

وأضاف : كثير من الأعمال الدرامية والأفلام تشجع الشباب على التدخين بعرض صورة البطل كمدخن شره عندما يخطط ويفكر ، حتى ارتبط التدخين في خيال العديد من المراهقين بالرجولة والتميز.

صداقة الأبناء

تشتكي الربيعة من عناد ابنها طالب الثانوية وإهماله في دراسته بسبب أصدقاء السوء الذين يهملون في دراستهم ولا يبالون بالنجاح والتركيز داخل الصف ، ولذلك كان لا بد من وقفة معه بتعريفه بعواقب الاستمرار في ركب أصدقاء السوء ، وما ينتظره من مستقبل باهر لو انتظم في دراسته وحرص على التركيز داخل الصف والمراجعه أولا بأول والإصرار على التفوق .

وتؤكد أن دور الأب يتجاوز بكثير دور الأم في تقويم سلوكيات الأبناء في فترة المراهقة ، لأن نجاح الأب في أن يكون صديق لابنه ونجاح الأم في أن تكون صديقة لابنتها في تلك المرحلة يجنب الأبناء الوقوع في براثن أصدقاء السوء.

ممارسة الرياضية

السيده وفاء الخلف تقول : لم أترك طريقة إلا واتبعتها مع عناد ابني الذي يبلغ الرابعة عشرة من العمر فلا شيء يرضيه وأصبح مصروفه عبئا ماديا على البيت وعندما لم أستجب للمبلغ الذي طلبه مني استدان من صديقه وأخبرني بعد أن أنفق المال أي أنه وضعني تحت الأمر الواقع ويعلم أنني أعيد المبلغ إلى صاحبه .

وأضافت: لم أتحمل تصرفات ابني وكنت على شجار دائم معه إلى أن حاولت أن أستوعب بأن مرحلة المراهقه بحاجة لترو وهدوء وبحاجة لان أتفهم وضعه لذلك قررت أن أضعه في ناد رياضي يمارس به نشاطه المفضل كي لا يشغل نفسه بأمور أخرى وكي لا يتعرف على أصدقاء سوء ويجرونه للخطأ .

الثواب والعقاب

أم فيصل تشير الى أنها تعتمد مبدأ الثواب والعقاب مع أبنائها المراهقين لتحفيزهم على فعل الخير ، ولتأصيل القيم والمبادئ الصحيحة في نفوسهم، فتكافئهم عندما يقومون بالفعل الحسن ، لافتة الى أن المراهق بحاجة الى التقدير فهو يحب من يقدره ويشجعه، كما أن المراهق يتحسن سلوكه إذا وجد التشجيع من والديه، ويحاول أن يكون أداؤه أفضل.

وأشارت الى أنها تكافئ أبناءها على حسب السلوك الذي قاموا به، إما من خلال شراء هدية لهم يقومون باختيارها، أو من خلال اصطحابهم الى مكان يحبونه، أو بالمدح في بعض الأحيان، وفي حين ارتكب المراهق خطأ ما تقوم بتحذيره أولا، وفي حالة عدم الاستجابة تلجأ الى حرمانه من شيء يحبه، لافتة الى أنها قد تلجأ للضرب كوسيلة للعقاب اذا فشلت في تقويم سلوكه بكافة وسائل التربية الأخرى، ولكن بالضرب الخفيف، فالأصل في معاملة المراهق هو اللين والرحمة .

وتؤكد الأخصائية النفسية حصة الهيل أن لكل مرحلة من حياة الإنسان سلوكيات خاصة بها، ومن أبرز سلوكيات المراهق العواطف الحساسة، حب المغامرة، والعناد، والتمرد، والمزاجية المتقلبة، والتصرفات المزعجة، منوهة بأن المراهق يحتاج في هذه الفترة إلى التوجيه والإرشاد بعد فهم ووعي سلوكياته، من أجل ضبط عواطفه، وتعديل سلوكه، حتى تتم المحافظة عليه من الانسياق المتطرف وراء رغباته.

وأضافت أنه من الضروري تبني برنامج يتسم بالهدوء والشفافية، بعيداً عن القسوة في التعامل، حيث إن الصمود في التعاطي مع المراهق من أصعب التحديات، منوهة بأهمية التعرف على مشكلة المراهق، من خلال التعرف على اهتماماته، وأن يكون المربي على دراية كاملة بما يشغل اهتمام ابنه، عن طريق استقطاع الوقت لذلك، إلى جانب تعليمه مهارات الحياة وتشجيعه على النشاطات المنزلية، مبينة أن المراهقين يميلون للخروج من البيت إلى أماكن مختلفة مع أصدقائهم، لا يهم أين، مشددة بضرورة أن يتم تهيئة البيت ليكون بيئة مناسبة للمراهق، تساعد على الحد من خروجه.

صراعات داخلية

وأوضحت أن المراهق بحاجة إلى عملية تثقيف وإقناع بالدين فهو صمام الأمان من الانزلاق في متاهات الرذيلة والانحراف، إلى جانب التربية المتوازنة، حيث إن لكل موقف طريقته في التعامل، فليس مطلوباً الحزم بصورة مطلقة وليس اللين بصورة مطلقة، مبينة أن المراهق يحتاج إلى اهتمام شامل وله متطلبات خاصة، ومن الخطأ أن نهتم بجانب دون آخر، ولابد من الاهتمام بكل ما يتعلق بشخصيته، حيث إنه حينما يجد أن شخصيته محترمة ينمو فيه روح الاحترام، لافتة إلى أنه من الضروري مراقبة ومتابعة المراهق من قبل الوالدين؛ كي يضمنا سيره في الاتجاه الصحيح، بعيداً عن كل ما من شأنه أن يأخذ بيده إلى الاتجاه الآخر، مشيرة إلى أن الأبناء مهما كبروا يظلون بحاجة إلى حنان وعطف آبائهم، البعيد عن أي مصلحة ومنفعة .

وقالت: المراهق يعاني من صراعات داخلية، كصراع الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين طموحاته الزائدة وبين تقصيره الواضح في التزاماته، إضافة الى الاغتراب والتمرد، حين يشكو من أن والديه لا يفهمانه؛ لذلك يحاول الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات الوالدين، كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرده وتمايزه، وهذا يستلزم معارضة سلطة الأهل؛ لأنه يعد أي سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهريا لقدرات الراشد، واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة، وفقا لمقاييس المنطق.

أخصائية اجتماعيه

أوضحت الأخصائية الاجتماعيه سوزان حسين أن الإنسان يكون أشد حرصا على الانضمام لمجموعة أصدقاء في مرحلة المراهقة لأنه يبدأ بتكوين ذاته ويشعر أنه انسلخ عن الصغار ، فيسعى لبناء شخصية مستقلة ذات آراء ومعتقدات خاصة .

وأشارت إلى أن صديق السوء يقترب من المراهق السوي إما طمعاً في مادياته، أو غيرة منه، أو أنه يريد أن يجعل منه فاشلا مثله فيعلمه السرقة والانحراف الأخلاقي والسلوكي .

وأضافت: من العلامات على وجود صديق سيئ التي لابد للأم أن تتنبه لها وهي تجد ابنها يكذب ويتمرد ثم يضعف مستواه الدراسي، ولا يطيع والديه، إلى جانب هروبه من الحصص المدرسية، وكثرة استخدام الجوال بصوت منخفض، وإغلاق الباب على نفسه والجلوس بمفرده لفترات طويلة على الحاسوب، والخوف من أن يأتي نظره بنظر أحد والديه فينكشف سره، وتأخر العودة إلى البيت وتسويغ ذلك بأسباب غير مقنعة، والتواصل مع شخص معين دون أن يبدي أسباب هذه العلاقة، وعدم رغبته في التواصل بين الأهل والمدرسة، وغيرها .

المصدر : جريدة الراية