أنا مغترب للدراسة وأخشى الشذوذ
السؤال
أنا شاب في العشرينات من عمري، أعيش في أمريكا، والله قبل مجيئي إلى هنا كنت أخلص الناس عبادة وطاعة، كان عندي شعور انجذاب لجنس الشباب لكنه شعور وكنت مسيطراً لهذا الشعور، وكنت طبيعياً جداً، لكن في السنوات الخمس الأخيرة بدأت حياتي تتغير للأسوأ، أعيش وحدي في مجمع سكني للطلاب في أمريكا، نضطر أحياناً إلى الاستحمام الجماعي، شعوري بدأ يزيد يوماً بعد يوم، صرت مدمناً على الأفلام الخليعة، أشاهدها تقريباً يومياً، مع استنماء بعدها.
لم أمارس الجنس مع أي شاب، لكن ألاحظ أنني كلما اقترب مني شباب -أصحابي- يتملكني شعور غريب مع انتصاب، وملامح وجهي تحمر.
أرجوكم أنا في مرحلة خطرة ساعدوني لو وقعت في الحرام مرة أنا متأكد أن لا رجعة فيه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Adel ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله – تبارك وتعالى – أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يقوي عزيمتك وأن يشد من أزرك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعينك على السيطرة على هذا الشعور الشاذ، وأن يجعلك من المتقين الأطهار الأخيار الذين يحبون الله ورسوله، ويخشون الله في السر والعلانية.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – فإن الغريزة الجنسية طاقة موجودة في كل الناس أوجدها الله تبارك وتعالى فينا جميعاً لتؤدي وظيفة هامة في الحياة، ألا وهي التكاثر وعمران الأرض، ولكي يحدث هذا التواجد وهذا الانسجام أحاط الله تعالى الغريزة الجنسية بأحاسيس سارة ولذيذة، ولذلك يشعر الإنسان فيها نوع من النشوة ونوع من الارتياح ونوع من الارتقاء، هذا كله أوجده الله تبارك وتعالى حتى يدفع الناس لتحقيق أهداف كبرى، وهي التكاثر وعمارة الكون، وكذلك يدفعهم إلى تحمل مسئوليات بناء الأسرة وتربية الأبناء.
إلا أنه أحياناً نتيجة ظروف تربوية معينة في فترة الطفولة تتجه هذه الطاقة الجنسية اتجاهات مخالفة للمألوف، وهذا الاتجاهات اعتبرها الشرع شاذة وكذلك اعتبرتها الأعراف والعقلاء من بني البشر سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين، اعتبروا ذلك سلوكاً شإذن، لماذا؟ لأنه لا يساهم في عمران الحياة فضلاً عن أنه يقوم على تقويض مسيرة الحياة النفسية والاجتماعية والخلقية، وما من مجتمع تفشت فيه حالات الشذوذ هذه إلا أصبح معرضاً للانهيار وللضياع، كما ورد في قوم لوط – عليه السلام – ولعلك تقرأ القرآن الكريم وتتعرف على ما فعل الله تبارك وتعالى بهم، ثم قال في نهاية عذابه لهم: ((وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ))[هود:83]، أي أن الله تبارك وتعالى لا يُستبعد أبداً أن يعاقب كل شاذ في أي زمان وفي أي مكان، كما عاقب قوم لوط – كما تعلم – كما ذكر في القرآن الكريم.
لعلاج هذه الظاهرة – يا ولدي – لابد أن تستشعر أن هذا محرم، وأن الله تبارك وتعالى حرم هذا الأمر، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لعن الله من عمل عملَ قوم لوط)، وأنه قال صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملَ قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به)، وأن الله تبارك وتعالى عاقبهم عقاباً شديداً كما ذكر في القرآن الكريم، وأن هؤلاء ملعونون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
دائماً أتمنى أن تستشعر هذا الشعور الإيماني الذي ينفرك من هذا العمل، ويجعلك لا تفكر فيه، ولا تُقدم عليه، فإن هذا الجانب هو أهم جانب حقيقة في العلاج – وفقك الله – .
لابد أيضاً أن تعلم أن هذه المقاومة وأن هذا الثبات وهذه العفة والفضيلة والطهارة والنقاء أمور تُؤجر عليها، وكل ما تبذله من جهد ومقاومة فأنت مأجور عليه أجراً كبيراً، كما بيَّن الله تبارك وتعالى في قصة يوسف – على نبينا وعليه الصلاة والسلام – .
فإذن – بارك الله فيك – دائماً لا يفوتك هذا الأمر، فكلما فكرت بأن تفعل شيئاً من هذا أو جال بخاطرك ففكر في العقاب الذي أعده الله لهؤلاء، واعلم أن الله بمقدوره أن ينزله بك – عيإذن بالله تعالى – كما أنزله بغيرك.
ثانياً: عليك أن تعلم أن هذا السلوك شاذ أيضاً من الناحية الدينية والأخلاقية والاجتماعية، وأن هذا السلوك ضد المسار الطبيعي للحياة النظيفة والسليمة، فتصور أنت – بارك الله فيك – عندما ترى إنساناً يغمس نفسه في بالوعة مجاري فيها من القاذورات والروائح الكريهة ما فيها، هل هذا التصرف سيكون طبيعياً؟ قطعاً أنت معي ستقول لي لا وألف لا، كذلك أيضاً عندما يجامع الرجل رجلاً أين يضع عورته؟ إنه يضعها في مكان الخبث، يضعها في مكان القاذورات والنجاسات، فهو لا يختلف عن الذي طرح نفسه في بالوعة مجاري أيضاً.
ثالثاً: هل سمعت في عمرك أو في حياتك كلباً ذكراً يركب كلباً ذكراً؟ ما شهدت الإنسانية حالة واحدة من هذه، وإنما الكلب الذكر يبحث عن الكلبة الأنثى، أما أن يركب الكلب الذكر ذكراً مثله فهذا لم يحدث أبداً، فهل يعقل أن يكون الكلب أحسن مني؟! هل من المعقول أن يكون الكلب أفضل من الإنسان، هذا الحيوان النجس لا يفكر في هذا ولا يفعله فهل أفكر أنا فيه وأفعله وأنا مسلم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟!
إن هذا السلوك لا يمكن تغييره إلا ببذل جهد كبير حتى تعود إلى الطريق الصحيح – وأنا معك – ولكن لابد أن تجتهد حتى تعافى من ذلك.
رابعاً: لابد لك من التعرف على عوامل الإثارة التي تثيرك، فالذي يثيرك مثلاً رؤية الشباب وهم عراة أو يلبسون ملابس ضيقة أو غير ذلك، فلابد أن تتعرف أولاً وتقوم بحصر دقيق لعوامل الإثارة ثم تتفاداها تماماً فلا تنظر إلى الشباب نظرة متفحصة متدققة، ولا تقتحم مع الشباب في الاستحمام الجماعي، وابتعد قدر الاستطاعة عن الاحتكاك الجسدي بأي إنسان، أو أن تضع يدك على كتف أو رأس أي شاب من الشباب ولو كان على سبيل المداعبة، فإن هذه عوامل تؤدي إلى الإثارة.
أذكرك مرة أخرى بقضية ضرورة أن تنظر بأن الذي يفعل ذلك إنما يضع نفسه في بالوعة المجاري، وهذا أمر مقزز، أمر منفر، فدائماً كلما راودتك نفسك قل لها: (هل يعقل أن أضع نفسي في بالوعة المجاري وأن أكون أحقر من الكلب والخنزير؟!).
اجتهد في استغلال أوقات فراغك، في الأعمال الصالحة، في قراءة القرآن، في ذكر الله تعالى، في الاستغفار، في قراءة بعض الكتب الشرعية، وإياك ثم إياك أن تدخل على المواقع الإباحية، مواقع الشواذ هذه لا تزيد إلا ناراً واشتعالاً، ولذلك التعرف على الأسباب المؤدية إلى هذه الثورة لابد لك أولاً أن تُقلع عن ذلك وعن مشاهدة الأفلام الخليعة للشواذ، لأنك إن فعلت ذلك فأنت تحرق نفسك، فمن أهم العوامل في التخلص من ذلك عدم دخولك هذه المواقع، وعدم الاحتكاك الجسدي بأي شاب من الشباب حتى لا تحدث عندك الإثارة.
أيضاً – بارك الله فيك – اجتهد أن تتزوج، أن تبحث لك عن زوجة صالحة لتعدل المسار، لكي تتجه هذه الطاقة الجنسية في الطريق الذي أعده الله تبارك وتعالى لها، إنك الآن قد حفرت للطاقة الجنسية طريقاً مظلماً مخالفاً للفطرة، فحاول أن تردها إلى الطريق الذي فطرها الله تبارك وتعالى عليها، ألا وهو الزواج الطيب، فاجتهد على أن تتزوج مبكراً حتى تعفَّ نفسك.
قد تقول بأني لا أشتهي النساء، أقول لك – بارك الله فيك -: مع طول العشرة وحسن المعاملة سوف تميل إليها لأن هذه فطرة الله تعالى، وعلى قدر بعدك عن النساء يكون ميلك إلى الشباب، فإن قربت من النساء قلَّ ميلك إلى الشباب وبذلك تتخلص من الشذوذ، ولذلك اجتهد في أن تتزوج بسرعة إذا كانت ظروفك تسمح بذلك حتى تتخلص من هذه الآفة.
ابحث – بارك الله فيك – عن صحبة الشباب الصالح الذين يذكِّرونك بالله تعالى وتقلَّ معهم عمليات الإثارة أو الحديث عن الشهوة الجنسية أو الشذوذ أو الجنس عموماً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي).
أيضاً هناك سلاحٌ مهم جدّاً ألا وهو سلاح الدعاء، فاجتهد في الدعاء لنفسك بأن يعافيك الله تبارك وتعالى من ذلك، واطلب من الوالدين أن يدعوا لك، واطلب من كل عبد صالح تتوسم فيه الخير أن يدعو لك أن يثبتك الله وأن يطهرك وأن يعافيك – جل جلاله – من هذا الكرب العظيم.
فأنت على قدر تركك لهذا الأمر وتخلصك منه ذهنياً وفكرياً – قبل أن يكون سلوكاً – وإخراجه من رأسك تماماً وإلغاء هذه الفكرة بالمرة سوف تجد – بإذن الله تعالى – في نفسك ميلاً إلى الجنس الآخر الذي هو مكمل لرسالتك في الحياة.
أتمنى – بارك الله فيك – أن تأخذ بيد نفسك؛ لأنه لن ينقذ عادلا إلا عادل، وإذا لم تأخذ خطوة جادة وأن تقنع نفسك بأن هذا الأمر شاذ، فلا يمكن بحال من الأحوال أن تظل مسلماً أبيّاً عفيفاً فاضلاً وأنت تريد أن تظلَّ شإذن حتى وإن كنت لا تمارس الشذوذ، وإنما الواجب عليك أن تتخلص من هذه الفكرة نهائياً.
فتضرع إلى الله أن يعافيك منها، وسل الله تبارك وتعالى أن يعافيك وأن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وحاول تغيير البيئة، وابتعد عن كل من تميل إليه، وتضرع إلى الله أن يشفيك، واسأل الوالدة والوالد أن يساعداك بالدعاء، وأنا واثق من أنك ستستعيد رجولتك في أقصر وقت من الزمن وستكون رجلاً سوياً، وغداً نلقاك – بإذن الله تعالى – في رياض الله الواسعة.
أسأل الله أن يوفقك إلى كل خير وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يطهر قلبك وأن يحصن فرجك وأن يجعلك من عباده الصالحين.
هذا وبالله التوفيق.
المصدر : إسلام ويب